عقد “استديو أشغال عامة”، يوم الأربعاء 20 كانون الأول، ندوة بعنوان “الإبادة البيئية في فلسطين وجنوب لبنان” في مبنى جريدة السفير في الحمرا، شارك فيها وزير البيئة ناصر ياسين وأستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت ساري حنفي والباحثة ريان علاء الدين من “استديو أشغال عامة”، سيّرها سيرج حرفوش من جمعية “بذورنا جذورنا”.
ناقشت الندوة، وهي السابعة من سلسلة “حوار – مدينة – ناس”، كيف تشكّل الإبادة البيئية التي تمارسها “إسرائيل” اشتقاقاً للمشروع الصهيوني والاحتلال والاستعمار الاستيطاني، وتأطير الإبادة البيئية كجريمة دولية.
بدايةً، عرضت الباحثة ريان علاء الدين خريطة الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان، والتي خطّها “استديو أشغال عامة” بناءً على رصد يومي للمعلومات والبيانات المتعلّقة بالاعتداءات من وسائل الإعلام المحلية، حيث تم تكوين قاعدة بيانات تحدّد بشكل يومي، أشكال القصف ونوعية الأهداف وعدد الشهداء المدنيات/ين.
بحسب الخرائط، تخطّى عدد المناطق اللبنانية المستهدفة حتى منتصف كانون الأول 74 منطقة عقارية في محافظتَي الجنوب والنبطية. وفي هذا السياق، ذكرت علاء الدين أن “العدو الإسرائيلي تقصّد، في الشهر الثاني من الحرب، تكثيف استهداف المدنيات/ين ومنازلهم، في استكمال للإبادة الجماعية والمكانية الذي يمارسها في غزة”، مشيرةً إلى “ارتفاع عدد الشهداء المدنيات/ين إلى 14 مدنياً/ة، بالإضافة إلى 3 صحافيات/ين وعنصر في الجيش اللبناني”.
وقالت علاء الدين إن “العدو استخدم قنابل الفسفور الأبيض في 23 بلدة، في إبادة بيئية متعمّدة للإخلال بتوازن الطبيعة والقضاء على مقوّمات العيش المحلية البيئية والثقافية والزراعية”، مشددةً على “التأثير الحتمي للاعتداءات على المواسم الزراعية ومصدر عيش المزارعات/ين وسكان المناطق، سواء عبر تدمير المحاصيل وتلويث التربة أو عبر منع المزارعات/ين من الوصول إلى أراضيهم ومحاصيلهم”.
ولفتت علاء الدين إلى أن الخرائط المعروضة “تبيّن بشكل مباشر أن الجنوب اليوم هو ميدان الحرب الوحيد ضد إسرائيل في لبنان”، مشددةً على “أهمية التوثيق خلال هذه المرحلة، لقدرته على إظهار الحقيقة للرأي العام العالمي، ورسم خطط الاستجابة وتحديد المسؤوليات، بالإضافة إلى كونه أداة مواجهة”.
وقالت ختامًا: “يمكن للدولة اللبنانية استخدام كل هذه الموارد البحثية التي يوفّرها “استديو أشغال عامة” أو غيره لمحاسبة العدو في المحافل الدولية من خلال الشكاوى التي تتقدّم بها”، مشيرةً إلى “أهمية التوثيق لحفظ التاريخ ودحض سرديات العدو ورواياته”.
بعدها، أكّد وزير البيئة ناصر ياسين أن “ثمة حرباً حقيقية تحصل في الجنوب، حيث شهدنا نزوح أكثر من 60 ألف شخص، ما يشكّل أكثر من نصف سكان القرى الحدودية”، مشيراً إلى أن “جيش الاحتلال حرق خلال شهر ما يتخطّى 90% من نسبة المساحة المحترقة خلال موسم الحرائق السابق، في تعمّد لخنق كل أساليب الحياة والعيش”.
وأعلن ياسين أن “الحكومة تقدّمت بشكوى إلى مجلس الأمن عن الاعتداءات، بناءً على توثيق عبر 4 طرق، وهي: المساحات المحترقة أولاً، وفحص عينات التربة لتوثيق استخدام الفسفور الأبيض الذي ينفي العدو الإسرائيلي استخدامه ثانياً، وعينات من السلاح المستخدم ثالثاً، وتقارير الجيش اللبناني رابعاً، في انتظار تقرير اليونيفيل أيضاً”.
وذكّر بأن “المسار نفسه اعتمدته وزارة البيئة خلال عدوان 2006 بعد الضرب المتعمّد لخزان الفيول في الجيّة، ما تسبّب بتسرّب نفطي في البحر، ووصلت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إقرار تعويضات، رغم أنها لم تُدفَع بعد”.
ونذكُر بأن أحد الحاضرين، وهو من كفركلا، أثنى على توثيق الدولة اللبنانية لما يجري، وتقدُّمها بالشكوى إلى مجلس الأمن، لكنّه أوضح، في المقابل، أن الدولة ذاتها لا تستجيب لحاجات أهل الجنوب اليوم في معاناتهم اليومية خلال الحرب الدائرة، خاصة فيما يتعلّق بالقطاع الزراعي وحرمان الناس من أراضيها وحيواناتها ومحاصيلها.
من جهته، أكّد الأستاذ الجامعي ساري حنفي أن “المشروع الرئيسي للصهيونية يتعلّق بالأرض وهو مشروع استعماري بامتياز”، مشيراً إلى أن “ثمة كماً كبيراً من التصريحات الإسرائيلية أو الداعمة للإسرائيلي تدعم الإبادة الجماعية ضد أهل غزة”.
ورأى حنفي أن “الغرب لم يستشرس يوماً على معركة المفاهيم كما يفعل اليوم”، مشيراً إلى ورقة أصدرها تُرجمت إلى أكثر من 5 لغات ولكنها لم تصدر بعد بالإنكليزية، ما يثبت منع صدور أي ورقة تُثبت حصول إبادة جماعية. وعليه، شدد على أهمية “الحفر المفاهيمي لأنه يبقى للتاريخ وهو ضروري جداً لاسترجاع بعض قوانا”.
وذكر حنفي أن “إسرائيل صمّمت القانون بطريقة تستطيع من خلالها استخدام الاستثناء لإلغاء القانون بالقانون، ما يسمح لها باحتلال مزيد من الأراضي والسماح للمستوطنين بالاستيلاء على مزيد من الأراضي”.
لمشاهدة الندوة التي تمّ بثها، اضغط/ي هنا