عن واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان

فصولٌ من الإقصاء والعزل

بحث وكتابة: كريستينا أبو روفايل
مساهمات من: ريان علاء الدين ومايا سبع أعين
تحرير: جنى نخال

لسنين مضت، تستخدم السلطة في لبنان عملية قضم الحقوق المكانية للاجئات\ين الفلسطينيين في لبنان، كأسلوبٍ ممنهج لـ “تطفيشهم”، علّ حياةً غير عادلةٍ أو مريحةٍ في لبنان تجعلهن\م يهاجرون. والهجرة هنا لا تعني العودة لفلسطين، لا لنقص في الإرادة بل في الإمكانية، بل تعني تغريبة جديدة لا هوادة فيها. وبما أن الأبواب التي كانت غير مغلقة تماماً إلى أوروبا، أصبحت الآن صمّاء أمام محاولات الفلسطينيين للهجرة، فممارسات السلطة اللبنانية المستمرة، بالإضافة إلى قوانينها العنصرية ضدهن\م، صارت تعني خنقهن\م حرفياً في مخيمات تتهاوى عليهن\م، وتفقد شيئاً فشيئاً، دورها الاجتماعي السياسي كملجأ ومأوى ومسكن في بلاد الشتات.

لفهم الواقع الاجتماعي السياسي العمراني للمخيمات الفلسطينية اليوم، من الضروري قراءة تاريخ تشكيلها والسياسات التي حكمت اللجوء الفلسطيني في لبنان. لهذه الغاية قمنا برصد القوانين والمراسيم والقرارات1استناداً إلى موقع الجريدة الرسمية الالكتروني الذي يحتوي على جميع أعداد الجريدة (www.jo.pcm.gov.lb). في بحثنا، تمّ استخدام كلمة “فلسطين”، “لاجئ”، “مخيّم” في خانة العنوان للبحث عن القوانين والمراسيم والقرارات التي طالت اللاجئين الفلسطينيين. من هنا، هناك إمكانية وجود معلومات منقوصة، في حال وجود بعض القوانين أو المراسيم أو القرارات غير الموّثقة والتي لم يرد في عنوانها الكلمات المستعملة أعلاه. التي طالت الفلسطينيين في لبنان منذ النكبة عام ١٩٤٨ حتّى اليوم، كذلك، لجأنا إلى مراجع منشورة أخرى من أبحاث ومقالات صحافية لمحاولة تغطية جوانب أخرى من الموضوع وفهمها، خصوصاً تلك المتعلّقة بكيفية نشوء المخيمات والأحداث التاريخية التي بصمت واقع المخيمات، كما والمظاهر العسكرية المحيطة بها. وقد قمنا بتحليل هذه المواد وتقسيمها إلى خمس حقبات تاريخية، وتصنيفها من ناحية المضمون إلى ثلاثة جداول زمنية مرتبطة بنشوء المخيمات وتطورها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين في لبنان والمظاهر العسكرية المحيطة بالمخيمات الفلسطينية، إلى جانب التركيز على تاريخ مخيم نهر البارد وواقعه الحالي.
حال المخيمات الفلسطينية اليوم هو نتيجة تراكمات سنين من القمع والعزل والإهمال. تعرّض الفلسطينيون في لبنان، ولا زالوا يتعرضون، إلى أشكال عدة من التهميش، بدأت بعد عام ١٩٥١، وتفاقمت منذ انتهاء الحرب الأهلية عبر سياسات ممنهجة قائمة على الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والمكاني. تقوم هذه السياسات على الإهمال العمراني للمخيمات بحجّة أنّها ليست من مسؤولية الدولة، وعلى الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي الذي يفرض قيوداً صارمة على حقّ الفلسطينيين في التملك، العمل والضمان الاجتماعي. تلاشت المقاربة القائمة على الحقوق، واستبدلت هذه الأخيرة بحلولٍ أمنية وإنسانية، ومن ضمنها التعامل الأمني الصرف مع المخيمات والمحاصرة المكانية لها، حيث تمّ السيطرة على الحركة منها وإليها، وحُصِرَت مداخلها ومخارجها بالترافق مع بناء أسوار إسمنتية حولها أو جدار عازل مطعّم بأبراج مراقبة مشابه لـ “جدار الفصل العنصري” الذي أقامه الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين2https://thepublicsource.org/ar/palestinian-camps-marginalization.
وقد مُنع اللاجئون الفلسطينيون من التملّك، فأُجبر معظمهم على البقاء داخل المخيمات ما ساهم في تنامي الكثافة السكانية فيها بشكلٍ سريع. حُوصرت هذه المخيمات ضمن مساحة جغرافية محدّدة لم تتغيّر في الغالب منذ انشائها، تستأجرها الأونروا ولا تتدخّل الدولة في تنظيمها عمرانياً ولا تساهم في تحسين بنيتها التحتية المتهالكة ولا تزوّدها بالخدمات. ترافق ذلك مع التوسع العمودي للمساكن لاستيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين. تشكّل المخيمات الفلسطينية اليوم بالنسبة للسلطات اللبنانية “بؤراً” يسيطر الجيش عليها بطرق مختلفة ويملك القدرة على محاصرتها والتحكم بشؤونها، متسبّباً بتردّي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبيئية وحتى الأمنية فيها.
مرّ الوجود الفلسطيني في لبنان بمراحل تاريخية متفاوتة، وكان لأحداث داخلية تارةً وخارجية تارة أخرى تأثيراً مباشراً عليها، كما كان لها انعكاس جلي على البيئة العمرانية للمخيمات. وقد اخترنا التوسع في توصيف المرحلة الأولى لأنّه عملياً، تمّ رسم معالم المسار الذي مازال سارياً إزاء اللاجئين الفلسطينيين خلالها.

جدول زمني لنشوء المخيمات الفلسطينـة في لبنان
جدول زمني للحقوق الإجتماعية والإقتصادية للفلسطينيين
جدول زمني لعسكرة المخيمات
جدول زمني لمخيم نهر البارد

مرحلة القمع والتهميش ١٩٤٨ – ١٩٦٩

تميّزت بداية هذه المرحلة بترحيب لبناني رسمي وشعبي باللجوء الفلسطيني. سرعان ما تحوّل هذا الترحيب مع حلول العام ١٩٥١ إلى شعور بالقلق حول بقاء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في ظل عدم ظهور بوادر دولية للحل، ومع استمرار “إسرائيل” في احتلال الأراضي ومنع العودة، رغم صدور القرار ١٩٤ عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٤٨ والمتعلّق بحقّ العودة. وكانت السلطات اللبنانية تخشى النتائج السياسية والأمنية والاقتصادية للقضية الفلسطينية، ما دفعها إلى التعاطي الأمني مع المخيمات، حيث باتت الأجهزة الأمنية هي المكلّّفة بمتابعة قضية اللاجئين، وأصبحت هذه الأجهزة تفرض الرقابة على المخيمات وتُعنى برصد الأنشطة السياسية. ظلّت هذه الأجهزة مسؤولة عن السجلات الشخصية للاجئين حتى تمّ تأسيس إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين. وقد اتُخذ بدايةً قرار إجلاء الفلسطينيين القاطنين في القرى الجنوبية ونقلهم إلى مخيمات، كطريقة لكبح أي محاولة مقاومة على الحدود، ومن أجل الحؤول دون دمج اللاجئين الفلسطينيين بالمجتمع اللبناني في القرى الحدودية. توالت بعدها الإجراءات التي ضيّقت على اللاجئين، واتخذت محاولات تنظيم الوجود الفلسطيني وضبطه طابع التهميش والقمع من خلال حظر النشاطات السياسية والإعلامية والنقابية في المخيمات، حيث تواجدت ثكنات الجيش ومخافر الدرك ومكاتب المخابرات إلى جانب كلّ مخيّم. نُفّذت اعتقالات بحقّ اللاجئين من قبل عناصر المخابرات لأي سبب يرونه مناسباً، كذلك قُيّدت حرية تنقّل اللاجئين الفلسطينيين، بحيث مُنع تبادل الزيارات بين المخيمات إلّا بموجب تصاريح معقّدة، ومُنع فلسطينيو لبنان من زيارة سوريا، إلى جانب تدابير قمعية أخرى مُورست إزاءهم. أبعدُ من ذلك، اتُّخِذَ عددٌ من القرارات الجائرة التي ما زالت سارية المفعول، والتي مستّ بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للاجئين ولعل أبرزها وضع اللاجئين الفلسطينيين في فئة الأجانب.
بعدما أنشأت الدولة اللبنانية اللجنة المركزية لشؤون اللاجئين عام ١٩٤٨، وعقدت اتفاقية مع الأونروا عام ١٩٥٦ رفعت من خلالها مسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، أنشأت عام ١٩٥٩ إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في وزارة الداخلية، ومهمّتها إصدار بطاقات الهوية والأوراق الثبوتية وجوازات السفر وتحديد أماكن سكن اللاجئين الفلسطينيين، كما والاتصال بالأونروا وتحديد أماكن المخيمات. ثمّ أنشأت الهيئة العليا للشؤون الفلسطينية ذات الطابع السياسي -الأمني تحت اشراف وزير الخارجية والمغتربين، واختصاصها “جميع ما يتعلق بالمشكلة الفلسطينية من مختلف نواحيها السياسية والعسكرية والاقتصادية ومراقبة تطوراتها وإعداد الحلول الإنشائية لمواجهتها” وذلك دون أن تتشابك والصلاحيات المعطاة لإدارة شؤون اللاجئين.
وقد كان لكلّ هذا انعكاس مباشر على الواقع العمراني للمخيمات والتجمّعات الفلسطينية، خاصةّ وأنّ كافة المخيمات الفلسطينية أُنشئت خلال هذه الحقبة.
في البداية، وُزّعت الخيم على اللاجئين لإيوائهم وتم إنشاء حمّامات مشتركة ومراكز رئيسية لمياه الشرب والغسيل يستفيد منها جميع اللاجئين. استمرّ هذا الوضع حتى الاهتراء الكامل للخيم، فبدأ الأهالي باستبدال الخيم التي كانت تأويهم والتي تقتلعها الرياح وتخترقها الأمطار، بحجارة من الباطون، سراً وبعيداً عن أعين رجال الأمن اللبنانيين. بعدها سمحت السلطات اللبنانية بإنشاء منازل صغيرة جدرانها من الطين على أن يكون سقفها من الصفيح “الزينكو” وليس من الأسمنت. ولم يكن باستطاعة اللاجئ\ة الفلسطيني\ة توسعة منزله\ا أو ترميمه دون الحصول على موافقة إدارة شؤون اللاجئين الفلسطينيين وبالتعاون مع قوى الأمن الداخلي. في الستينات، أُعيد خلط أوراق اللاجئين الفلسطينيين، فتمّ نقل عددٍ منهم إلى المخيّمات الجديدة التي تقع بمعظمها على تخوم المدن. هكذا نُقل فلسطينيون من بيروت وجبل لبنان إلى مخيم تل الزعتر، ونُقل فلسطينيون من البقاع إلى مخيم الرشيدية. انتهت هذه المرحلة بما سمي بـ “انتفاضة المخيمات” ضد إجراءات القمع العسكري التي فرضها جهاز أمن تابع للجيش اللبناني، وضد تدهور الواقع العمراني داخل المخيمات، وبتوقيع اتفاقية القاهرة.

مرحلة الانخراط السياسي ١٩٦٩ – ١٩٨٢

في هذه المرحلة، تغيّر الواقع المذري الذي كان مفروضاً على الفلسطينيين واستطاعوا التمتّع بهامش نسبي من الحرية. فمع تزايد قوّة منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، عُقدت اتفاقية القاهرة، وصارت بموجبها إدارة المخيمات ذاتية في يد المنظمة، بعد سنوات من سيطرة المكتب الثاني التابع لمخابرات الجيش عليها وممارساته القمعية تجاه سكانها. نتيجة ذلك، استطاع الفلسطينيون إنشاء مساكن إسمنتية وبرزت ظاهرة الطوابق المتعددة. ومع ازدياد الكثافة السكانية، شهدت بعض المخيمات، كمخيّم نهر البارد، توسّعاً خارج حدود الأرض التي توافقت الدولة والأونروا عليها كنطاق جغرافي للمخيم، ليشمل أراضٍ تقع على أطرافه. بالرغم من أن اتفاقية القاهرة كانت في جوهرها اتفاقية أمنية-عسكرية شرّعت الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان، لكنها وفّرت للفلسطينيين أيضاً حرية ممارسة النشاط السياسي والتنظيمي، فضلاً عن حرية تشكيل الاتحادات المهنية وإنشاء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. بالتالي، تمتّع اللاجئون الفلسطينيون، بحكم الأمر الواقع وليس بحكم القانون، بمظلة أوسع من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، فضلاً عما وفّرته مؤسسات منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية من فرص عمل وتعليم وخدمات صحية واجتماعية وثقافية. كما كان بإمكان اللاجئين الفلسطينيين تملّك عقارات، إنما بمساحات محدودة، وبعد إجراءات تسجيل معقّدة يتعذّر أحياناً إتمامها. لكن لم تكن هذه الحقبة، حقبة ازدهار وحسب، فقد شهدت أيضاً اندلاع الحرب الأهلية والتي كانت نتيجتها مجازر وتدمير كامل لعدد من المخيمات وحركة نزوح واسعة بين المخيمات المدمّرة والأخرى الأكثر أماناً. فقد تعرّض مخيّم النبطية للقصف بالطيران والمدفعية الإسرائيلية أكثر من مرة إلى أن دُمّر بالكامل، كذلك دُمر مخيّم تلّ الزعتر وجسر الباشا على يد الكتائب اللبنانية والميليشيات المتعاونة بعد حصار دام ٥٢ يوماً، وتعرّضت مخيّمات عديدة للهجمات الإسرائيلية أو لمعارك نشبت مع أحزاب اليمين اللبناني، كما حصل في مخيّمي الرشيدية والضبيّة. انتهت هذه المرحلة بشن العدو الإسرائيلي أوّل عدوان كبير له في الجنوب اللبناني، ما أجبر منظمة التحرير الفلسطينية وغيرها من الفصائل الفلسطينية على مغادرة المنطقة.

مرحلة الإنحسار ١٩٨٢ – ١٩٩٢

بدأت هذه المرحلة بخروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إثر الاجتياح الإسرائيلي، فانهارت بالتالي مؤسسات المنظمة التشغيلية وتراجعت الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية التي كانت توفّرها، ممّا زاد من حدّة الأزمة المعيشية لسكان المخيمات، وحرمهم من جديد من بعض الحقوق التي اكتسبوها سابقاً. وكان ذلك واضحاً خاصةّ فيما يتعلّق بحقّ العمل، حيث صدر أوّل مرسوم لجعل عددٍ من المهن محصورةً باللبنانيين دون سواهم، ما منع اللاجئات\ين الفلسطينيات\ين من ممارسة مروحة واسعة من المهن، مع استثناء المقيمين في لبنان منذ الولادة، والمتأهّلين من لبنانية منذ أكثر من سنة. لذلك اتّسم واقع عمل الفلسطينيات\ين بالطابع الحرَفي والتجارة البسيطة والأعمال الزراعية والبناء ووظائف في نطاق الأونروا وبعض المؤسسات الإنسانية المتواجدة ضمن المخيمات. وتراجع نتيجةً لذلك الواقع العمراني والبيئي داخل المخيمات، ليبدأ بعدها الإهمال المتعمَّد لها ومعه محاولة محاصرتها والسيطرة عليها مع نهاية الحرب الأهلية، بالرغم من بقائها تحت إدارة الفلسطينيين دون أن تدخلها القوى الأمنية اللبنانية. عملياً، سيطرت على المخيمات قوى منقسمة بين موالٍ للنظام السوري (إمّا من خلال الجيش السوري أو من خلال الفصائل الفلسطينية المتحالفة معه) وبين موالٍ لمنظمة التحرير. شهدت هذه المرحلة أيضاً أحداثاً مأساويةً طاولت أغلب المخيمات -بدايةً من مجزرة صبرا وشاتيلا حتى حصار المخيمات- والذي كان نتيجتها تدمير أقسام واسعة من المخيمات وقتل المئات من سكانها، وتهجير القسم الآخر.


مرحلة الإهمال المتعمّد ١٩٩٢ – ٢٠١١

شهدت هذه المرحلة تراجعاً ملحوظاً في الحقوق الممنوحة للفلسطينيين، وتقويضاً لحرياتهم وذلك بعد نهاية الحرب الأهلية في لبنان. فقد قابل مساعي منظمة التحرير الفلسطينية لتحسين أوضاع الفلسطينيين الاقتصادية والاجتماعية، من خلال الحوار القائم بينها وبين الدولة اللبنانية، غياب إرادة سياسية عند الطرف اللبناني لمعالجة الملف. لا بل أصدرت الدولة اللبنانية سلسلة من القوانين والمراسيم التي أدّت إلى فرض قيود أقسى على حقوق الفلسطينيين في السكن والعمل والتملكّ. كما دفعت بعض الأحداث الأمنية، خصوصاً حرب نهر البارد، الجيش اللبناني إلى تطويق المخيمات الفلسطينية، ما حوّلها إلى غيتوهات موصومة وشبه معزولة عن محيطها، وظيفتها احتواء اللاجئين بوصفهم مصدر خطر وتهديد محتمل للمجتمع المضيف. فكانت النتيجة تدهوراً ملحوظاً في الأوضاع المعيشية للفلسطينيين، إذ سُجّل إرتفاعٌ مطردٌ في معدلات البطالة والفقر، وتدهور في البيئة العمرانية في المخيمات بسبب هشاشة البنى التحتية وبفعل الاكتظاظ السكاني المتزايد، والذي فاقم من حدّته الحظر الذي فرضه الجيش اللبناني على دخول مواد البناء اللازمة لتحسين شروط المساكن أو توسيعها، وفي ظل حرمان الفلسطينيين من حقّ التملك. كما سُجّل تراجعٌ كبيرٌ في مستويات التعليم وارتفاع نسب التسرّب المدرسي، فضلاً عن تقلّص فرص التعليم الجامعي، في ظل استمرار العجز في موازنة الأونروا السنوية وتراجع مختلف خدماتها. فعلى سبيل المثال، خفّضت الأونروا المبلغ الشهري الذي وفّرته كبدل إيجار للعائلات المهجرة من مخيّم نهر البارد، رغم تأخّر عملية إعادة بناء المخيّم، ثمّ ألغته.
بيد أنّ مساعي وجهود المجتمع الأهلي الفلسطيني واللبناني ومنظمات حقوق الإنسان للمطالبة بالحقوق الأساسية للفلسطينيين والضغط على الدولة اللبنانية من أجل تأمينها لم تتوقّف. ونذكر هنا، مسيرة ١٧ حزيران ٢٠١٠ لدعم حقوق الفلسطينيين، التي توجّهت إلى البرلمان اللبناني من جميع المخيمات والتجمعات الفلسطينية. فقد أقرّ البرلمان اللبناني بعدها، تعديل قانون العمل اللبناني والضمان الاجتماعي الذي أعفى الفلسطينيين من شروط المعاملة بالمثل، لكن التعديلات جاءت ملتبسة، ولم تدخل حيّز التنفيذ، وتبيّن أنّها لم تقدم تسهيلات لحصول الفلسطينيين على حقهم في العمل والضمان الاجتماعي. كما أُجّل النقاش في حق التملك إلى أجلٍ غير مسمى لارتباطه بنظر البعض، بملف التوطين.

المشهد الحالي بعد ٢٠١١

على إثر اللجوء السوري إلى لبنان، إنصبّ تركيز السلطات اللبنانية، كما والجهات المانحة والمنظمات الدولية على هذه الأزمة المستجدة وترافق كلّ ذلك مع تقليصات مستمرّة في الخدمات الأساسية التي تقدّمها الأونروا. مع هذا، لم تمتنع السلطات اللبنانية من تشديد قبضتها على المخيمات وتشييد جدران إسمنتية مرتفعة وتركيب بوابات إلكترونية على مداخل بعضها، حيث تشهد سبعة مخيمات فلسطينية حالياً، حصاراً أمنياً وتقييداً على حرية التنقل، إذ تُحاط مداخلها بالكتل الإسمنتية والأسلاك الشائكة، وتتمركز نقاط تفتيش للجيش اللبناني عند تخومها. اجتمعت هذه الظروف معاً، إلى جانب سنين من التهميش والإهمال، وكان لها تجليّاتٍ ملحوظة على الواقع العمراني والبيئي في المخيمات والتجمعات الفلسطينية. فقد تنامت الكثافة السكانية بشكلٍ ملحوظ، بعد أن استقبلت المخيمات المكتظّة أساساً، أعداداً من اللاجئين من فلسطينيي سوريا ومن السوريين، وتنامى معها الطلب على مساحات جديدة للسكن، في ظلّ استمرار الحظر الذي فرضه الجيش اللبناني على دخول مواد البناء إلى المخيمات، ما أدّى إلى احتكارها من قبل الفصائل الفلسطينية وبيعها بأسعار عالية جداً نتيجة خضوعها لعمليات السمسرة والإستغلال والمحسوبيات. من جهة أخرى، أُقرّت خطة مكافحة العمال الأجانب غير الشرعيين في لبنان، فصُرف على إثرها العديد من العمال الفلسطينيين، وأقفلت شركات يديرها فلسطينيون واندلعت هبّة شعبية في المخيمات الفلسطينية استمرت نحو ثلاثة أشهر، رغم أنّ اللاجئين الفلسطينيين لم يكونوا وحدهم المستهدفين من خلال هذه الخطّة التي صُوبت في العلن على اللاجئين السوريين. ولعل آخر الإجراءات التي طالت اللاجئين الفلسطينيين كما والسوريين كانت منع الدخول والخروج إلى المخيمات مع بداية جائحة كورونا وفرض منع التجوّل عليهم على اثر الانتخابات النيابية في لبنان لعام ٢٠٢٢ لمدّة يومين.
عملت السلطة السياسية في لبنان إذاً، وبشكل مباشر وفاعل، على تحييد الفلسطينيات\ين عن العمل السياسي، مقلّصةً من حقوقهن\م الاقتصادية والمكانية، ممّا كان له نتيجة مدمّرة على البيئة المبنية للمخيم كتشكيل اجتماعي عمراني. غيّبت السلطات اللبنانية المخيمات عن أجندتها، وافترضت أنّه كلما كان المخيم أكثر بؤساً، كانت حظوظ الناس بالبقاء أقل، رغم عدم وجود تناقض بين إعادة تأهيل مكان سكن اللاجئين ورغبتهم في العودة. لكن الدولة اللبنانية تتشاطر مسؤولية الوضع المتردّي الذي تعيشه المخيمات الفلسطينية اليوم، مع الأونروا كوكالة تابعة للأمم المتحدة، والتي تراجعت تقديماتها وقدرتها على التوظيف والتشغيل وتدنّت مستويات خدماتها بفعل سوء الإدارة والفساد وتراجع التمويل؛ ومع منظمة التحرير الفلسطينية، التي تراجعت تقديماتها، وتردّت خدماتها داخل المخيمات وذلك بعد تخلّيها بشكل كبير عن مسؤوليتها تجاه اللاجئين منذ توقيع اتفاق أوسلو عام ١٩٩٣ وتشكيل السلطة الفلسطينية.

المخيم كفضاء اجتماعي اليوم

للمخيمات الفلسطينية قيمة اجتماعية لسكانها وللمدن والقرى التي تحيط بها، لا بدّ من فهمها. تاريخياً، كان نشوء المخيمات الفلسطينية منظَّماً على أساس الروابط الأسرية الممتدة. فقد وصل اللاجئون في مجموعات ذات صلة قرابة وتجمّعوا مكانياً وفقاً للعلاقات العائلية والقرى التاريخية الأصلية التي تهجرّوا منها في فلسطين. لم يكن المخيم مكان الإقامة أو السكن فحسب، بل كان ولا يزال يمثّل البيئة الفلسطينية والروابط العائلية والتجمّع القروي. وكما هو شائع في التجمّعات غير الرسمية الأخرى في لبنان، فقد تطوّر نشاط البناء في المخيمات من خلال التفاوض بين العائلات وكان انعكاساً لموازين القوى الموجودة داخلها، خصوصاً مع توسّع المخيمات ووصول سكان من مناطق أخرى، بسبب النزوح الداخلي الناجم عن الحرب أو للحصول على مساكن ميسورة التكلفة. وأصبحت المخيمات مجتمعةً اليوم تضمّ مجموعة واسعة من الجماعات المختلفة من اللاجئين الفلسطينيين كالفارّين من مخيمات أخرى في لبنان، “النَوَرْ”، العائلات اللبنانية المفقرة، واللاجئين السوريين، بالإضافة إلى جماعات أخرى متنوعة.
تنظر المنظمات الدولية والحكومة اللبنانية حالياً إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان على أنّها مساحات “غير رسمية”، ما يعني أن إدارتها وسلطتها لا تستجيب لسلطة الدولة اللبنانية وأن خدماتها لا تخضع للقانون، وبالتالي أنّها ليست من مسؤولية السلطات اللبنانية المحلية (البلديات) أو الوطنية. نتيجة لذلك، تمّت إدارة المخيمات وخدمتها من خلال مجموعة من الترتيبات بين مجموعات المجتمع المحلي. وتحوّلت الفصائل إلى تحالفات في الأحياء، وكذلك الأونروا. كما توسّعت المخيمات باتجاه المناطق المحيطة التي تقع ضمن سلطة البلديات المعنية، وبالتالي خارج نطاق اختصاص وكالة اللاجئين. ومع ذلك، فإن هذه البلديات في معظم الحالات تنظر إلى سكان هذه الأحياء المستجدّة على أنهم دخلاء وقد امتنعت إلى حد كبير عن تزويدهم بأي خدمات، تماشياً مع اعتبار اللاجئين الفلسطينيين سكاناً مؤقتين في البلاد، وتجريدهم من حقوقهم المدنية الأساسية، وتماشياً مع التمييز والاستهداف والعنصرية التي تطال الشباب الفلسطيني بشكل خاص كما والتشكيك في شرعيتهم. وقد تفاقمت هذه الظروف منذ عام ٢٠٠١ عندما جعلت الحكومة الوطنية وصول الفلسطينيين إلى الممتلكات غير قانوني. نتيجةً لذلك، راحت آفاق قيام اللاجئين الفلسطينيين بتأسيس عمل تجاري تضيق يوماً بعد يوم، وكذلك قدرتهن\م على المطالبة بالإقامة وغيرها من النشاطات السياسية أو الاقتصادية.
وقد تمظهر العنف المكاني تجاه المخيمات عبر السنين من خلال تدهور أوضاعها على مستويات عدة، ومن خلال علاقتها بمحيطها، كما ومن خلال حياة الناس فيها. فالوضع السكني في أي مخيم فلسطيني يبدأ من وحداتٍ سكنية لا تدخلها أشعة الشمس وتعاني ضعفاً التهوئة، ولا ينتهي في مساكن مبنية على الشاطئ، تطوف موسمياً حين يجتاحها البحر، وتضرب الأمواج جدرانها الهشة وتدمّرها كل حين. المخيّمات الفلسطينية في لبنان هي اختبار حقيقي للسكن في بيئة عمرانية ذات بنى تحتية متهالكة، حيث قدرة شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء لا تتناسب مع الكثافة السكانية ولا تكفي لسد حاجة الناس ولا تراعي التزايد المستمر للسكان؛ حيث تفتقد الشبكات للصيانة وتمتدّ قنوات المياه قديمة مهترئة ومكشوفة، وحيث تتداخل مياه الصرف الصحي بمياه الشفة والاستعمال المنزلي، ما يجعلها ملوّثة وغير صالحة للاستخدام بسبب سوء تنفيذ الشبكات؛ حيث تتدّلى أسلاك الكهرباء القديمة والمهترئة وتتداخل مع شبكة توزيع المياه، مسببةً الوفيات والإصابات والحرائق في المنازل.
في ضوء ما سبق، تقلّصت اليوم إلى حدّها الأدنى، إمكانية انخراط اللاجئيات\ن الفلسطينيات\ين في حركة سياسية فاعلة لاستعادة حقوقهن\م الاجتماعية والاقتصادية ومن ضمنها الحقّ في المدينة، فتمّ تحييد المجتمع الفلسطيني ككل والحركة الفلسطينية السياسية بالذات عن الحياة السياسية في لبنان. إن وضع المخيمات الحالي هو نتيجة مباشرة لموقف السلطة اللبنانية من اللجوء الفلسطيني، وتخلّي الأونروا عن مسؤولياتها، وانسحاب السلطة الفلسطينية من دورها التمثيلي للفلسطينيات\ين ومصلحتهم، وهو نتيجةٌ حتمية لتآكل حقوق سكان المخيمات. فالإقصاء السياسي الاقتصادي يتمظهر مكانياً، والمكان يُظهر للعلن من تَملِك الحقوق ومن لا تملكها، والمخيم يشير إلى من حرم سكّانه حياةً أفضل.

المراجع

من موقع الجريدة الرسمية، رابط الموقع: pcm.gov.lb
من موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، رابط الموقع: refugeesps.net
من موقع موسوعة المخيمات الفلسطينية، رابط الموقع: palcamps.net
دائرة شؤون اللاجئين – حماس – بيروت، (١٣/١/٢٠٢٠)، 23 عامًا على قرار لبنان حظر إدخال مواد البناء للمخيمات الفلسطينية، رابط الموقع: drah.ps
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، (٨/١٠/٢٠١٥)، إلى متى يستمر منع مواد البناء عن المخيمات الفلسطينية في لبنان، رابط الموقع: felastini.com
زينب عثمان، (٢٠/٩/٢٠٢٠)، عن سجن كبير اسمه “المخيّمات الفلسطينية” في لبنان، رابط الموقع: raseef22.net
ساري حنفي، (١٣/٨/٢٠٠٧)، المخيّمات الفلسطينيّة في لبنان: «فضاء الاستثناء»، رابط الموقع: al-akhbar.com
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، (٢٧/١٢/٢٠٠٩)، قراءة في القانون اللبناني رقم 296 الذي يحرم الفلسطيني التملك من الناحية القانونية والإنسانية، رابط الموقع: pahrw.org
انتصار الدنان، (٧/١٠/٢٠١٦)، القانون اللبناني يحرم اللاجئين الفلسطينيين من حق العمل، رابط الموقع: refugeesps.net
جابر سليمان، (٩/٥/٢٠١٣)، اللاجئون الفلسطينيون في لبنان بين الماضي والحاضر الواقع القانوني والمعيشي، رابط الموقع: palestine-studies.org
ربيع مصطفى، (٢٣/٤/٢٠٢١)، الدولة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية: أنماط التهميش والعزل والسيطرة على الحيز، رابط الموقع: thepublicsource.org
نصري حجاج، (٢٩/٧/٢٠١٩)، أن تكون فلسطينياً… في لبنان، رابط الموقع: Daraj
المفكرة القانونية، (٢٠/٤/٢٠١١)، فلسطينيو 1967 والاقامة غير المشروعة، رابط الموقع: legal-agenda.com
إبراهيم خليل شرارة، (١٤/٥/٢٠١٥)، هل قلت “ضمان اجتماعي للاجئين الفلسطينيين”؟، رابط الموقع: legal-agenda.com
سعدى علوه، (٢/١/٢٠١٣)، “إعتراف لبنان بدولة فلسطين لا يغير في القضية”…وتحضير لرفع دعاوى قضائية : إطلاق حملة حقوق الملكية العقارية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، رابط الموقع: legal-agenda.com
سعدى علوه، (١٠/١٢/٢٠٢١)، قرار وزير العمل باستثناء الفلسطينيين بين الإدانة والترحيب: الحلّ بمقاربة شاملة، رابط الموقع: legal-agenda.com
الهام برجس، (٢٧/١١/٢٠١٥)، اليد العاملة الفلسطينية: عديمة الجنسية، عاجزة عن تحقيق المعاملة بالمثل وغير منافسة، رابط الموقع: legal-agenda.com
نزار صاغية ، كريم نمّور، (٢٤/٢/٢٠٢٢)، فزاعة التوطين تهدّد حقّ الفلسطينيين في العمل، رابط الموقع: legal-agenda.com
رنا حسن، (١٠/٨/٢٠١٨)، التنظيمات الإقصائية والتمدين غير الرسمي: حالة المجتمع الفلسطيني في نهر البارد، رابط الموقع: legal-agenda.com
سعدى علوه، (٢٣/٧/٢٠١٩)، عين الحلوة تُشهر شعار “الكرامة الإنسانية للفلسطينيين”: داوِ الحصار بالحصار، رابط الموقع: legal-agenda.com
المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد)، (٢٨/٦/٢٠١٢)، قراءة قانونية بقاء الحالة العسكرية في مخيم نهر البارد إجراء غير دستوري وهو يشكل مخالفة صريحة، رابط الموقع: pahrw.org
المفكرة القانونية، اللاجئون الفلسطينيون في لبنان: أيّ استراتيجيات لتحسين حقوقهم من خلال القضاء، 2017
مركز التنمية الانسانية، الفلسطينيون وتعديلات قانون العمل والضمان الاجتماعي، دراسة قانونية، 2010
رافت مرة – مركز العودة الفلسطيني – لندن، دليل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الواقع الإنساني والقانوني تعريف بالمخيمات والمؤسسات الأهلية، ٢٠٠٥
Lebanon Limitations on Rights of Palestinian Refugee Children, Briefing to the Committee on the Rights of the Child, 2006
Sherifa Shafie, Palestinian Refugees in Lebanon, 2006
UNHCR, The Situation of Palestinian Refugees in Lebanon, 2016
Palestinian Refugee Rights in Lebanon, 2020

  • 1
    استناداً إلى موقع الجريدة الرسمية الالكتروني الذي يحتوي على جميع أعداد الجريدة (www.jo.pcm.gov.lb). في بحثنا، تمّ استخدام كلمة “فلسطين”، “لاجئ”، “مخيّم” في خانة العنوان للبحث عن القوانين والمراسيم والقرارات التي طالت اللاجئين الفلسطينيين. من هنا، هناك إمكانية وجود معلومات منقوصة، في حال وجود بعض القوانين أو المراسيم أو القرارات غير الموّثقة والتي لم يرد في عنوانها الكلمات المستعملة أعلاه.
  • 2
 

كريستينا أبو روفايل

باحثة

كريستينا، معماريّة وباحثة حضريّة، حاصلة على ماجستير في الهندسة المعمارية (2015) وفي التخطيط المديني (2017) من الجامعة اللبنانية، كلية العمارة والفنون الجميلة. تعمل حالياً على مشاريع بحثية متنوعة مرتبطة بالقضايا العمرانية، الأملاك العامة وغيرها من المواضيع المتعلّقة بالحقّ في المدينة.

 

ريان علاء الدين

باحثة

ريان مهندسة مدنية حاصلة على ماجستير أشغال عامة وتخطيط طرقات من الجامعة اللبنانية (2019)، وماجستير في الهندسة الجيوتقنية عبر برنامج مزدوج بين جامعة ليل في فرنسا والجامعة اللبنانية (2021).
باستخدام أدوات بحثية وميدانية متنوعة، تهتم بالتعرّف على ديناميكيات البيئة المدينية، وتفاعل هذهالبيئة مع الناس. كما يشمل عملها رصد تطوّر المتغيّرات والعوامل المدينية المختلفة ومراقبتها.

 

مايا سبع أعين

باحثة قانونية ومتابعة لحالات الإخلاء

حازت مايا على شهادتها في القانون من الفرع الفرنسي لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. وبدأت مسيرتها مع استديو أشغال عامة كمتطوّعة في مشروع مرصد السكن، حيث كانت تساعد في البحث القانوني. وهي اليوم تشغل موقع باحثة قانونية، ويركّز بحثها على دراسة القوانين اللبنانية المرتبطة بالسكن للتأكّد من توافق الإطار القانوني المحلي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، أو تعارضه معه. تلعب مايا أيضاً دور صلة الوصل بين مرصد السكن ولجنة المحامين للدفاع عن الحق بالسكن، بحيث تتولّى الإحالات القانونية، وتهتمّ بمتابعة المداخلات القانونية وتوثيقها ونتائجها.