وسط الانهيار الاقتصادي في لبنان وتبعاته الاجتماعية على السكان والأزمات الأخرى المتتالية، تُطرح قضية “المُلكية” كقضية محورية في بلدٍ يعيق فيه “الريع العقاري” نموه الاقتصادي، وكمسألة جوهرية في نسج نظام العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، تؤطّرها الدولة عبر القوانين ممّا يضعها في صلب الصراعات الاجتماعية والعلاقة بين المجتمع والدولة1سمير العيطة، مراجعة كتاب/تقرير “الدولة، بين ملك أفراد وقضايا مجتمع”، 2022، متاح على: مراجعة كتاب/تقرير « الدولة، بين ملك أفراد وقضايا مجتمع » – مواطنون ومواطنات في دولة. من هذا المنظور، بدأنا بين عامي 2021 و2022 بحثاً معمّقاً عن أملاك الدولة العقارية التي تشكلّ جزءاً يسيراً من الأراضي اللبنانية، وذلك في ظلّ تكاثر المقترحات التي تهدفُ إلى خصخَصة الأملاك العامة بحجّة إنقاذ الدولة من الإفلاس. فكان البحث في أملاك الدولة التي تكوّن بيئتنا الطبيعية ومصدر رزق لشريحة واسعة من الناس، لإظهار القيمة الاجتماعية لهذه الأملاك ومواجهة محاولات خصخصتها. وكان لا بدّ لنا أن نستكمل هذا البحث بالنظر إلى أراضي الأوقاف الدينية التي لا يوجد أيّ مسحٍ لها ولا تخضع لأيّة ضريبة، رغم ضخامة حجمها ضمن مجمل الملكيّات، ورغم أنّ الحصول على معلومات متعلّقة بأملاك، عائدات وأرباح الطوائف والأشخاص المعنويين التابعين لها (خاصّة الطوائف المسيحية) كان أمراً “محرّماً اجتماعيّاً”2جورج عازر الحداد، الطائفية المالية والضريبية في لبنان، 2015، متاح على: الطائفية المالية والضريبية في لبنان | Legal Agenda.
لدى الأحزاب والمجموعات التقدميّة في جميع أنحاء العالم تاريخ طويل في تحدي الامتيازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للسلطات الدينية، خاصةً بعد الأزمات السياسية أو الاقتصادية. في اليونان، عقب الأزمة الاقتصادية لعام 2009، تحدّت الأحزاب اليسارية الامتيازات المالية للكنيسة الأرثوذكسية وطالبت بزيادة الضرائب عليها. أمّا في لبنان، وبالرغم من مرور أكثر من 5 سنوات على الانهيار الاقتصادي، ما زالت السلطات الدينية محيَّدة عن النقاش حول توزيع الخسائر، على الرغم من كونها من أكبر مالكي الأراضي وتتمتّع بإعفاءات ضريبية وامتيازات مالية.
في الوقت الحالي، تسيطر السلطات الدينية في لبنان على أراضي وقف شاسعة وتدير مؤسسات تعليمية وصحية بارزة بقليل من الرقابة من قبل السلطات العامة، وهي بذلك تجسّد مؤسّسات رئيسة خدمية متنوّعة وعقارية وتجارية مُكرّسة قانوناً، وتشكّل جزءاً مُكوّناً من مكوّنات رأس المال والاقتصاد عموماً في لبنان3جاك قبانجي، الطوائف واقتصاد السوق، 2023، متاح على: الطوائف واقتصاد السوق | صفر. وقد بدت الرأسمالية اللبنانية عاملاً مُشجِّعاً ومُسهِّلاً لتحوّل الطوائف إلى فاعل اقتصادي: ففي حين تدعم المؤسّسات الطائفية الأبرز الرأسمال الكبير4رأس الكنيسة المارونية يدعم الرأسمال الكبير التقليدي في معركة حماية الوكالات التجارية، بينما تقف دار الإفتاء إلى جانب سوليدير ضدّ أصحاب الحقوق في وسط بيروت التجاري مقابل زيادة حصّة الوقف السني. لتعزيز مواقعه الاحتكارية في السوق، يدعم الرأسمال، بدوره، مؤسّسات الطوائف5تسهيلات مصرفية، مزايا خاصّة لملكيّات الطوائف تبرز بالأخص من خلال ما يمكن تسميته «الريع الناشئ عن الامتياز الديني» كما حصل في صيانة الوضع الخاص للوقف الديني ضمن سوليدير، إلخ. في تعزيز مواقعها الاقتصادية6المرجع نفسه.. وعلى الرغم من تزايد الانتقادات التي تطال الإيرادات المفرطة للمؤسسات الدينية، نادراً ما يتم التطرق إلى تنظيم أوقافها. وفي الوقت الذي يُتوقع فيه استخدام أراضي الوقف الديني هذه لأغراض تنمية المجتمع، مثل الإسكان الاجتماعي والمساحات والمرافق المجتمعية، يتم استخدام هذه الأراضي في الكثير من الأحيان لأغراض تجارية. وخير مثالٍ على ذلك كان قيام مطرانية الروم الأرثوذكس في بيروت بتأجير أراضي الوقف في منطقة الأشرفية لمشاريع تجارية وسكنية فاخرة. وقد أثرّت هذه المشاريع سلباً على سكان الأشرفية والشركات الصغيرة والمتوسطة، وساهمت في زيادة أسعار الإيجارات. يعكس هذا السلوك أيضاً الطريقة التي تعاملت فيها المؤسسات الدينية مثل المدارس، التي يتلّقى أغلبها دعماً من الدولة، والمستشفيات، مع الناس في السنوات الماضية، حيث فرض العديد منها رسوماً باهظة، مع القليل من الشفافية والتبرير.
وفي الوقت الذي يتحمل فيه المجتمع وحده، ولا سيما الفئات المهمّشة، عبء الأزمة الاقتصادية، تبرز الحاجة اليوم إلى مساءلة السلطات الدينية حول الثروة المجتمعية (مصدرها، حجمها، استخداماتها، إلخ) التي تديرها من خلال أراضي الأوقاف. فما هو حجم أراضي الأوقاف وأين تتركّز؟ ماذا يكشف تحليل توزيعها الجغرافي عن تاريخ الملكية في لبنان؟ مصلحة من تخدم أراضي الأوقاف الدينية؟ ما الذي يبرّر الإعفاءات الضريبية والمزايا التي تحظى بها؟ ما هو الإسهام العادل الذي يجب أن تقدّمه السلطات الدينية في مواجهة الأزمة الحالية؟ وما هو مستقبل هذه الأراضي كأصول مشتركة؟
انطلاقاً من هذه الأسئلة، بدأنا من استرجاع البيانات المتعلّقة بأراضي الأوقاف الدينية من السجلات العقارية، ثم حصرنا بحثنا بأوقاف الطائفة المارونية في قضاءَي كسروان وبعبدا، والطائفة الأرثوذكسية7عندما نقول “الطائفة الأرثوذكسية” في سياق هذا المقال، نقصد بذلك طائفة الروم الأرثوذكس. والطائفة السنية في محافظتي بيروت وجبل لبنان. كذلك، اعتمدنا في بحثنا على مراجعة مجموعة واسعة من البحوث والنصوص القانونية والمؤلفات والمقالات والأخبار الصحفية المتعلّقة بموضوع الأوقاف الدينية.
في الجزء الأوّل من هذا المقال، نتناول أراضي الأوقاف في القانون اللبناني، مبيّنات تطوّر مفهوم الوقف عبر التاريخ وتعريفه القانوني، باختلافه عن الأوقاف الذرّية، كما ونوّضح الإعفاءات الضريبية التي يتمتّع بها وأسبابها. لنعرض ثانياً أراضي الأوقاف في بيانات مديرية الشؤون العقارية، والإشكاليات المتعلّقة بأسماء مالكي أراضي الأوقاف الدينية وبكيفية الوصول إلى هذه البيانات وتحليلها. أمّا الجزء الثاني من هذا المقال، فيتناول قراءة للثروة العقارية لثلاث طوائف ضمن نطاق بيروت الكبرى الجغرافي، ويقدّم لمحةً مختصرة عن استعمالات هذه الأراضي، ليركّز أخيراً على دور أراضي الأوقاف الدينية المفقود في تأمين السكن خلال الأزمات، لا سيّما أثناء النزوح خلال الحرب الإسرائيلية وتفجير 4 آب، في ظل الانهيار الاقتصادي.
يسعى هذا البحث إلى زيادة الوعي حول القيمة الاجتماعية لأراضي الوقف الديني، وإلى إظهار الدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه أراضي الأوقاف المسيحية والإسلامية إذا أُعيد النظر في دورها من أجل توظيفها بصورة أكمل في تطوير الاقتصاد وتنمية المجتمع، وإلى صياغة سردية عامة حول الامتيازات المالية للسلطات الدينية، ووضعها في صلب النقاش الأوسع حول الانهيار الاقتصادي وتقاسم الخسائر، كما وتسليط الضوء على الحاجة إلى تنظيم الأراضي الدينية وأصولها وفرض الضرائب عليها، وجعل البيانات المتعلقة بها متاحة كمصدر معلومات مفتوح لأي مناصرة ومساءلة مستقبلية.
أراضي الأوقاف في القانون اللبناني
تطوّر مفهوم الوقف من الناحية القانونية والاجتماعية عبر التاريخ. في زمن السلطنة العثمانية، كان الواقف ينقل ملكه لله ويتصدق بالمنفعة لعائلته أو للفقراء أو للجامع أو غيره، فالوقف عبادة ومعاملة. ولكونه معاملة كان يمكن للمسيحيين8كانت نصف الأوقاف تقريباً في المحكمة الشرعية في بيروت للمسيحيين (الأرثوذوكس وللموارنة)، ووقف واحد لليهود. القيام به9سامر غمرون، رين إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار، مقابلة مع ندى ممتاز حول كتابها “ملك الله. الإسلام، الإحسان والدولة الحديثة” (2021)، 2023، متاح على: الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار | Legal Agenda. كما نصّت الشريعة الإسلامية على أن من الشروط الأساسية لأوقاف المسيحيين تخصيصها للفقراء10Suad Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period, 2007.. وكانت فكرة الوقف في زمن العثمانيين عملاً فردياً، وكان الواقف يقوم بالوقف للتبرع لجهة خير، ويعيّن متولّياً11يمثّل المتولّي حقيقة الواقف المالية وهي النفع العام، فهو لا يمثّل المستحقين فيه إنما هو ملزم حيالهم بتنفيذ شروط الواقف وتوزيع الريع عليهم وفقاً لهذه الشروط. ومحاسبته هي محاسبة أمين على ريع الوقف الذي استحقّه المستحقون فضلاً عن أنه أمين على عين الوقف وحسن إدارتها. يدير الوقف.

المصدر: Suad Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period, 2007.
من الناحية القانونية، كانت إدارة الأراضي العثمانية مبنية على الشريعة والفقه. وكانت الأراضي مقسّمة إلى ثلاث فئات حسب ملكيتها واستخداماتها وهي الأراضي التابعة للدولة، الأراضي الملك والأراضي الوقف. وفي سياق سياسات الدولة العثمانية الأوسع والتي سعت لإعادة تقوية السلطة المركزية، صدر قانون الأراضي العثماني عام 1858 ضمن التنظيمات بهدف زيادة مدخول الدولة من الضرائب وإعادة إرساء ملكية الدولة لأراضيها من خلال إطار مدني12بترا سماحة، بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (1): قانون الأراضي العثماني 1858، 2023، متاح على: بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (1): قانون الأراضي العثماني 1858 | Legal Agenda. يقسّم القانون الأراضي الكائنة في “ممالك الدولة العليّة” إلى خمسة أقسام: المتروكة، والموات والأميرية، وهي جميعها من أراضي الدولة، بالإضافة إلى الأراضي المملوكة، والموقوفة. بما يخصّ الوقف، لم يرَ المشرّع ضرورة تعريفه، ولكنّه حدّد أنّه كان من المفروض أن يجري الوقف فقط على الأراضي المملوكة لكي يكون صحيحاً فيتبع أحكام الفقه. إنّما كانت الحال أنّ الكثير من السلاطين أوقفوا أراضي أميرية فسمّاها القانون أوقافاً غير صحيحة وأبقاها برعاية أحكام قانون الأراضي نفسه. يذكر القانون أن أكثرية الأوقاف هي من النوع غير الصحيح أي محكومة بهذا القانون. لكن منع أن توقف مجدّداً الأرض الأميرية ما لم تصبح خاصة13المرجع نفسه..

المصدر: بترا سماحة، بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (1): قانون الأراضي العثماني 1858، 2023، متاح على: بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (1): قانون الأراضي العثماني 1858 | Legal Agenda
لم تتحقّق أهداف الدولة العثمانية من هذا القانون، لا بل مهّد القانون لأول عمليات خصخصة لأراضٍ في المنطقة، وأتى الفرنسيون ليكرّسوا ذلك، حيث تحوّل مفهوم الأرض إلى “ملكية عقارية”14بدأت علاقات الأشخاص بالملكية تتغيّر عبر تأسيس سجلّ عقاري حديث في لبنان وسوريا وإلغاء الأراضي المشاع (غريّب 2000) وتفويض فرَق المسح بدخول القرى وتحديث سندات الملكية كافّة بدءً من العام 1921 (موندي 2007). بالنتيجة، ظهرت اختلافات عميقة في مفاهيم مثل مفهوم “المشترك” أو المشاع الذي فُسّر بشكل مختلف في الإطار الفرنسي عمّا هو في الإطار العثماني، حيث لم يفهم في إطار مخالف للمفهوم “الخاص”. وفيما كانت التنظيمات العثمانية قد أعلنت بالفعل خصخصة الأراضي، إلّا أنّه لم يجرِ التخلّي عن المشاعات ولم تُطبَّق بشكلٍ كامل خصخصة الأراضي – التي أعيد اعتبارها كضمانة تستخدَم لتأمين الربح المالي – إلّا تحت رعاية السجلّ العقاري في ظلّ الانتداب الفرنسي. للمزيد: https://publicworksstudio.com/observatory/land-policies/ . فصّل الفرنسيون قانون الأراضي إلى ثلاثة قوانين مختلفة: قانون الأملاك العامة (أملاك الدولة العمومية)، قانون أملاك الدولة (أملاك الدولة الخصوصية)، وقانون الملكية العقارية، الذي يرعى ويفصّل ملكية الأراضي وأنواعها، والذي صدر بعنوان “نظام الملكية العقارية والحقوق العينية غير المنقولة” رقم 3339 عام 1930 وما زال نافذاً15بترا سماحة، بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (2): “إنجازات” الفرنسيين، أساسات هشّة، 2023، متاح على: بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (2): “إنجازات” الفرنسيين، أساسات هشّة | Legal Agenda. لا يرد الوقف كنوع ملكية أو أرض أو عقار، بحيث أصبح مع الفرنسيين حقّاً عينيّاً على العقار الملك وليس “نوع عقار” بذاته16المرجع نفسه.. وقد ساهمت طريقة تطبيق هذا القانون ومسح وتسجيل الأراضي لاحقاً، أي أعمال التحديد والتحرير من قبل سلطات الاستعمار وبعد ذلك من قبل الدولة اللبنانية، بتثبيت حقوق الأقوى على الأرض، وأدّت طبيعة هذه العملية إلى تدخّل العديد من ذوي المصالح داخل الحكومة (القضاء والجيش) ومختلف الجهات الفاعلة في القطاع الخاص من السكان وملاك الأراضي، وفي بعض الحالات الجماعات الدينية أو الريفية17إيريك فرداي، غالب فاعور، سيباستيان فيلو، الفصل الأول: بناء الدولة الوطنية والسياسات الجغرافية الإقليمية”، أطلس لبنان: الأرض والمجتمع، بيروت، لبنان: المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، 2012، متاح على: أطلس لبنان – الفصل الاول: بناء الدولة الوطنية والسياسات الجغرافية الإقليمية – Presses de l’Ifpo (openedition.org).. كذلك، وبموجب المرسوم رقم 753 عام 1921، أصبح للوقف شخصية معنوية18بذلك، يمكن للوقف أن يملك عقارًا أو يفتح حسابًا مصرفيًا، فأصبح يشبه الجمعية، ولكنّه يتبّع للمحاكم الشرعية/ مديرية الأوقاف. وعرّفت الأوقاف بمثابة ملك المسلمين الديني، وهكذا أصبح الناس يفهمون الأوقاف وكأنها أملاك الطائفة. بالتالي، تغيّرت المقاربة للوقف خلال فترة الاستعمار الفرنسي عندما حصلت عملية تطييف الوقف الذي أصبح مربوطاً بملكية الطائفة19غمرون ، إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار.. وبالإضافة إلى الوقف الخيري الإسلامي، اعتمدت الطوائف المسيحية أيضاً مفهوماً مشابهاً للوقف ينظّمه القانون الخاص بكل طائفة20Marwan SAKR, THE LEGAL REGIME OF WAQF IN LEBANON: AN OVERVIEW, Retrieved from: the-place-that-remains-proceedings-essay-23.pdf.
يجدر الإشارة هنا إلى أنّ الوقف نوعان، خيري وذري، وفقاً للقانون رقم 0 عام 1947 الذي يتناول الوقف الذري. فالوقف الخيري، هو الوقف الذي وقف على جهات الخير من حين إنشائه كالوقف على المساجد والمستشفيات، والملاجئ والفقراء، وهو موضوع بحثنا هذا. أمّا الوقف الذري، هو الذي وقف على الواقف نفسه وذريته كالأحفاد والأقارب، أو على من أراد نفعهم من الناس ثم جعل مآله إلى جهات الخير أو غيرهم بشروط يحدّدها الواقف21يمكن أن يكون الوقف نفسه بعضه خيرياً وبعضه ذرياً، أي مشتركاً..
بالتالي، بحسب قانون الملكية العقارية الساري، تحدّد المادة 10 منه الحقوق العينية التي تجري على العقارات من ضمنها الوقف، ويُفصّل الباب السادس المواد (المادة 174 حتى المادة 203) المتعلّقة بـ “الوقف والإجارتين والإجارة الطويلة”. بحسب هذا القانون، يُعتبر الوقف حقاً عينياً على العقار، وتُعتَبر الإجارتين والإجارة الطويلة نوعان من أنواع الانتفاع بالعقار الوقفي عن طريق التأجير. ويحدِّد هذا القانون أيضاً أنّه “لا يجوز بيع العقار الموقوف ولا يجوز التفرّغ عنه لا مجاناً ولا ببدل ولا انتقاله بطريق الإرث، ولا يجوز رهنه أو عقد تأمين عليه، غير أنّه يمكن استبداله وإجراء الإجارتين والمقاطعة عليه”. وحدّدت المادة 179 أنّ “القواعد المتعلّقة بإنشاء الأوقاف وبصحتها وغايتها وقسمتها وتأجيرها واستبدالها معيّنة في أحكام القوانين الخاصة بذلك”.
بالنسبة للامتيازات الماليّة والقانونية الممنوحة للأوقاف، فقد كرّس المسار التشريعي إعفاءات ضريبية للطوائف، بدأت مع السلطنة العثمانية، وكان قانون 210/2000 آخر فصولها. فقد كانت وزارة الأوقاف من وزارات الدولة العثمانية، وكانت الأوقاف تُعامل معاملة أملاك الدولة22المرجع نفسه.، ما يفسّر إعفاءها من الضرائب. ومع مجيء الاستعمار الفرنسي، اعتبرت أوقاف الطوائف الإسلامية والأشخاص المعنويّين التابعين لها مؤسسات عامة تؤمّن منفعة عامة، منذ عام 1921 بموجب القرار 753، وبالتالي هي معفيّة بشكلٍ كاملٍ من التكليف المالي بحكم ذلك23المفكرة القانونية، اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة، 2023، متاح على: اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة | Legal Agenda. وقد اعتبر الفرنسيون أنّ الوقف يساعدهم، لأنّه يؤمّن الطبابة والتعليم للكثيرين، فيخفّف عن كاهل الدولة24غمرون، إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار.. أمّا الطوائف المسيحية فقد استفادت حتى قبل وصول الاحتلال من إعفاءات سرعان ما اتّسع نطاقها مع وصول الاستعمار ثم الاستقلال تحت حجة المساواة بين الطوائف. وبلغت أوسع نطاق لها مع إقرار القانون25المفكرة القانونية، اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة. 210/2000 الذي يقضي بإعفاء كل طائفة معترف بها في لبنان والأشخاص المعنويين التابعين لها من ضرائب ورسوم. بمعنى آخر، فجميع العقارات العائدة للطوائف المختلفة وللأشخاص المعنويين التابعين لها، والتي تشكّل جزءاً من أموالها المنقولة وغير المنقولة، هي غير خاضعة للضرائب كضريبة الأملاك المبنيّة أو الرسم على القيمة التأجيريّة أو غيرها، أو حتى لمساءلة الدور الذي تقوم به بصفتها مؤسسة “من نوع خاص”، وفاعل اقتصادي رأسمالي مباشر ولو على شاكلة رأسمال ريعي26قبانجي، الطوائف واقتصاد السوق..
أراضي الأوقاف في بيانات مديرية الشؤون العقارية
يتناول هذا الجزء من المقال المنهجية المعتمدة في هذه الدراسة بما في ذلك الأدوات والإجراءات المستخدمة لجمع البيانات وتحليلها، مع التركيز على منطق تأطير هذا البحث بما هو أبعد من التفاصيل التقنية.
بدايةً، كان لا بدّ من حصر البحث ضمن منطقة جغرافية وعلى صعيد طوائف محددّة، وذلك لعلمنا أنّ أراضي الأوقاف تشكلّ عدداً ملحوظاً من الأراضي، وأنّ مسح هذه الأراضي على صعيد لبنان يتخّطى نطاق هذا البحث والموارد المتاحة له. وقد حتّم علينا ذلك القيام ببحثٍ أوّلي لتحديد الطوائف التي ستشملها الدراسة وأسماء المالكين التابعين لها.
بذا، تمّ حصر البحث ضمن بيروت الكبرى، بما يعني بيروت الإدارية ومحيطها في محافظة جبل لبنان بما يشمل أيضاً محافظة كسروان جبيل، وهو ما يمكّننا من تقديم قراءة شاملة ضمن منطقة جغرافية موحدة. أمّا على صعيد اختيار الطوائف، فقد كان ذلك مرتبطاً بالتاريخ الاقتصادي – السياسي في لبنان بشكلٍ عام، وضمن المنطقة التي تركّز عليها البحث بشكلٍ خاص. دون الدخول بالتفاصيل في العوامل التاريخية التي أنتجت التوّزع الجغرافي لأراضي الأوقاف الدينية، وساهمت في اتخاذ خياراتنا في سياق هذا البحث، يجدر الإشارة إلى أنّه، وفي بدايات العهد العثماني ومع فرض القيود على الممارسات الدينية الخارجية في المدن، شجّعت هذه الأوضاع على تأسيس الأوقاف الرهبانية. وبرزت الأوقاف، التي دعمتها تغييرات القرن الثامن عشر، في إدارة مساحات هامة من الأراضي الزراعية. فقد كانت الأراضي الأميرية غير مستخدمة، وتحوّلت الأراضي الأميرية إلى أراضي أوقاف، بحيث كان الأمراء الدروز في جبل لبنان يهبون الأراضي الأميرية أو يؤجّرونها أو يشترونها لتسليمها للأديار المسيحية بغية استثمارها، لأنها إن لم تُستثمر فلن تُدفع الضريبة. وقد كان تأثير تدابير الإصلاحات العثمانية على أوقاف المسيحيين حاسماً فيما يتعلق بتأسيسها وتوسّعها واستخدامها. كما قامت هذه السلطات باتخاذ مواقف مؤيدة لتكريس سيطرة الأوقاف على ممتلكاتها وإجراء المعاملات وإصدار الأحكام لمصلحة المؤسسات الدينية في الدعاوى التي تقام ضدها أو في تقسيم الأراضي والمقايضة عليها. وقد لعبت الأوقاف الرهبانية دوراً كبيراً في مركزية الإنتاج وتوزيع العمل، وكانت وسيطاً بين السوق الدولي والاقتصاد المحلي. وأصبحت الأديرة هي الأولى في لعب دور البنوك في جبل لبنان27Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period..
خلال الفترة العثمانية، كان للأوقاف السنّية علاقة خاصّة بالدولة العثمانية، ووضعها كان يختلف عن الطوائف الأخرى، لأنّ الإسلام كان أصلًا (والحنفية بالأخص) دين الدولة28غمرون، إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار.. كذلك، كان الأورثوذكس المجتمع المسيحي الأكثر تفضيلًا في جميع أنحاء الإمبراطورية. وكان تواجدهم في لبنان محدودًا في المدن التجارية، والموانئ، وبعض المناطق الريفية القريبة من هذه المدن. أمّأ في جبل لبنان، فقد كان الموارنة الأكثر عدداً. وكان معروفاً أنّ جميع الفلاحين في المناطق الريفية كانوا من الطائفة المارونية، وكان غالبية الأعيان من الدروز؛ أمّا في المدن، فكانت الطائفة السنية تشكلّ أساساً لطبقة الحرفيين والتجار الصغار، بينما كان الأورثوذكس يعملون في التجارة29Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period..
من هنا، ونظراً للتواجد التاريخي للطائفة السنية والطائفة الأرثوذكسية ضمن المدن وأبرزها بيروت، ونظراً لكون الطائفة المارونية هي الأكبر عدداً ضمن محافظة جبل لبنان، كما أنّه من المتعارف أنّها من أكبر الطوائف من حيث عدد الأملاك الوقفية بالأخصّ ضمن محافظة جبل لبنان، كان لا بدّ من انتقاء الأملاك الوقفية لهذه الطوائف لتكون جزءاً من هذا البحث. مع العلم أنّه من المهمّ استكمال البحث ليطال الأراضي اللبنانية والأوقاف الدينية كافةً.
بعد حصر البحث ضمن بيروت الكبرى وعلى صعيد الطائفة المارونية، الأوثودوكسية والسنية، كان لا بدّ من مراجعة مصادر مختلفة تبيّن أسماء الأوقاف لكلّ طائفة وبالتالي أسماء المالكين فيها.
بالنسبة للطائفة السنية، صدر عام 1997 قرار بتوحيد تسمية أملاك الأوقاف الإسلامية على كافة الأراضي اللبنانية، “بناءً على مقتضيات المصلحة الإسلامية والوقفية”، وذلك النحو الآتي: المديرية العامة للأوقاف الإسلامية – وقف الطائفة الإسلامية السنية؛ دائرة أوقاف طرابلس – وقف الطائفة الإسلامية السنية؛ دائرة أوقاف صيدا – وقف الطائفة الإسلامية السنية؛ دائرة أوقاف البقاع – وقف الطائفة الإسلامية السنية؛ دائرة أوقاف جبل لبنان – وقف الطائفة الإسلامية السنية؛ دائرة أوقاف عكار – وقف الطائفة الإسلامية السنية؛ ودائرة أوقاف صور – وقف الطائفة الإسلامية السنية. وكان واضحاً أنّ ذلك لم يتحقق فعلياً، إذ صدر قرار ثانٍ عام 2003 لتشكيل لجان لمساعدة الإدارات الوقفية على تنفيذ قرار 1997. على هذا الأساس حضرنا الجدول أدناه، واتباعنا الخطوات اللازمة30وهي التالية: تقديم طلب مفصّل لدى المديرية العامة للشؤون العقارية يتضمّن الأسماء المحدّدة لكل جهة وقفية داخل الطائفة المعنية التي نرغب في الحصول على عقاراتها داخل محافظة معيّنة؛ الانتظار للحصول على الموافقة (عادةً تستغرق أسبوعًا)، وتأتي مرفقة بإيصال للدفع، غالبًا يتم الدفع خارج المديرية عبر OMT أو Wish Money، حيث إن صندوق المديرية لا يستلم مبالغ كبيرة (الحد الأقصى كان 60 أو 80 مليون ليرة لبنانية)؛ بعد الدفع، يُسلّم الإيصال إلى المديرية العامة؛ بعد مرور أسبوع، يمكن استلام البيانات التي تُقدّم عادةً مطبوعة على أوراق. للحصول على إفادة نفي ملكية31إفادة نفي الملكية هي وثيقة رسمية تصدر عن الدائرة العقارية تبين العقارات التي يملكها أي شخص في لبنان والقانون شرع لأي مواطن الحق بالحصول عليها والاطلاع على ملكية الغير عملاً بمبدأ علنية السجل العقاري. للأسماء المذكورة في الجدول أدناه. بذلك حصلنا على بيانات الأوقاف الإسلامية السنية في 19 حزيران 2024.

فعلياً، وبعد الحصول على البيانات، تبيّن لنا أنّه لم يتمّ توحيد أسماء المالكين، بحيث تثبت وجود 79 اسم مالك لدى الطائفة السنية. وبعد رقمنتها ومحاولة تنظيفها وتوحيدها، انحسرت إلى 44 اسم، تضمنّ بعضها اسم المنطقة العقارية التي تقع فيها أو المسجد والمقام الذي يقع على أرض الوقف. وقد بلغ عدد العقارات ضمن نفي الملكية بعد عملية تنظيف البيانات 189 عقاراً.
بالنسبة للأوقاف المسيحية، تبيّن وجود 4 رهبانيات لدى الطائفة المارونية وهي الرهبانية اللبنانية (Baladites) وتضمّ 68 وقف، الرهبانية المريمية (Mariamites) وتضمّ 14 وقفاً، الرهبانية الأنطونية (Antonins) وتضمّ 27 وقفاً وجمعية المرسلين اللبنانيين الموارنة (Kréimistes) وتضمّ 6 أوقاف بالإضافة إلى 21 أبرشية. بشكلٍ عام، تكون أملاك الأديرة تابعة للرهبانيات، وأملاك الكنائس في المناطق تابعة للأبرشيات التي تقع ضمنها32بحسب قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية، إنّ ولي الأوقاف العام الأعلى في الكنيسة بأسرها هو الحبر الروماني الأعظم؛ البطريرك في كلّ طائفة هو الولي العام على أوقاف طائفية وأموالها الكنسية في جميع أنحاء البطريركية؛ الأسقف أو الرئيس الكنسي المحلي هو أيضا ولي عام على أوقاف طائفته وأموالها الكنسية ضمن حدود أبرشية أو مكان ولايته؛ والرئيس العام في الرهبانية هو الولي العام على أوقاف رهبانيته وممتلكاتها وأديارها وأموالها.. مع العلم أنّه لا يمكن التنازل عن أراضي الوقف دون أن إجازة من سلطة الولاية أي البطريركيّة المارونيّة وبموجب إذن من الفاتيكان. أمّا بالنسبة للروم الأرثوذكس، فقد تبيّن وجود 22 وقفاً33 Issam Khalifé, Les Wakfs Chrétiens au Liban: Situation actuelle et aspiration à la réforme, 2012..

المصدر: Issam Khalifé, Les Wakfs Chrétiens au Liban: Situation actuelle et aspiration à la réforme, 2012.

نظراً لارتفاع عدد الأراضي التابعة لهذه الأوقاف وبالتالي ارتفاع عدد أسماء المالكين، ونقص الموارد البشرية والتقنية ضمن المديرية العامة للشؤون العقارية، لم يكن من الممكن اتباع الخطوات نفسها للحصول على بيانات الطائفة الأرثوذكسية وبالأخصّ المارونية. وتطلّب ذلك خطوات مختلفة34يجدر الإشارة هنا إلى التالي: استغرق الأمر وقتًا أطول، وتعرّض الطلب للعرقلة أكثر من مرة. كما تمّ التحقيق معنا من قِبل عدة أشخاص داخل المديرية لفهم الهدف من الطلب. لاحقًا، لم تقبل المديرية أن يتمّ التفتيش عن الأسماء المحدّدة لكل جهة وقفية كما كان يتمّ الأمر في الطلبات الأولى لأنها كثيرة، وتمّ تحويلنا إلى قسم آخر داخل المديرية فتغيّرت آلية تقديم الطلب والدفع، حيث أصبح الطلب يقتصر على الحصول على عدد عقارات طائفة معينة دون تحديد أسماء الجهات الوقفية المندرجة تحتها (نفي ملكية للطائفة)، والدفع يتمّ لكلّ عقار (سعر العقار الواحد ما يقارب الـ0.55$) ممّا أدى ارتفاع تكلفة الحصول على المعلومات. بفضل مساعدة مدير قسم المعلوماتية، تمكّنا من معرفة عدد عقارات الطائفة المعنية في كلّ محافظة جبل لبنان والكلفة قبل الحصول على الموافقة. (وهي آلية لا تحصل عادةً بل كانت استثناء بسبب كمية العقارات الهائلة والكلفة) واستطعنا تقسيم العقارات بناءً على الأقضية، ما سهّل العملية، وخفّض الكلفة إذ ارتأينا اختيار أقضية معيّنة.. في النهاية، تمكّنا من الحصول على بيانات الطائفة الأرثوذكسية في محافظتي بيروت وجبل لبنان في 2 تموز 2024 والطائفة المارونية في قضاءي كسروان وبعبدا في 15 آب 2024. وبعد محاولة تنظيف البيانات وتوحيدها، انحسر عدد اسماء المالكين من 386 إلى 162 اسم لدى الطائفة الأرثوذكسية، و956 إلى 308 اسم لدى الطائفة المارونية. وكان عدد العقارات ضمن نفي الملكية بعد عملية تنظيف البيانات 5180 عقار للطائفة المارونية، و1276 للطائفة الأرثوذكسية.
خاتمة
بعد أن قدّمنا في هذا الجزء من المقال لمحة عامة عن أراضي الأوقاف في لبنان، بما في ذلك مفهوم الأوقاف في القانون، وفي بيانات مديرية الشؤون العقارية، يتّضح أنّ الوقف شهد تطورات قانونية واجتماعية هامة عبر التاريخ، بدءًا من العهد العثماني وصولاً إلى الاستعمار الفرنسي ومن ثم الدولة اللبنانية الحديثة. بينما كان الوقف في الأصل عملاً فردياً علمانياً، تحوّل ليصبح جزءًا من نظام الملكية العقارية والطائفية، مع منح امتيازات مالية وقانونية كبيرة للطوائف. وأصبحت الأوقاف أداة لتقوية نفوذ الطوائف والمؤسسات الدينية، دون مساءلة عن الدور الاقتصادي والاجتماعي الذي تلعبه. تشكلّ بيانات مديرية الشؤون العقارية حول أراضي الأوقاف الدينية، بعد رقمنتها، تنظيفها، تصنيفها، وتحليلها كمياً، أساساً لتسليط الضوء على الأوقاف الدينية وتحليل دورها، وهو ما سنعرضه في الجزء الثاني من هذا المقال الذي يقدّم أبرز الاستنتاجات التي قمنا بها حول بيانات أراضي الأوقاف ضمن بيروت الكبرى، وتوزيعها الجغرافي، حجمها واستعمالاتها، بالتركيز على تأمين السكن، لاسيما خلال الأزمات.
المراجع:
- 1سمير العيطة، مراجعة كتاب/تقرير “الدولة، بين ملك أفراد وقضايا مجتمع”، 2022، متاح على: مراجعة كتاب/تقرير « الدولة، بين ملك أفراد وقضايا مجتمع » – مواطنون ومواطنات في دولة
- 2جورج عازر الحداد، الطائفية المالية والضريبية في لبنان، 2015، متاح على: الطائفية المالية والضريبية في لبنان | Legal Agenda
- 3جاك قبانجي، الطوائف واقتصاد السوق، 2023، متاح على: الطوائف واقتصاد السوق | صفر
- 4رأس الكنيسة المارونية يدعم الرأسمال الكبير التقليدي في معركة حماية الوكالات التجارية، بينما تقف دار الإفتاء إلى جانب سوليدير ضدّ أصحاب الحقوق في وسط بيروت التجاري مقابل زيادة حصّة الوقف السني.
- 5تسهيلات مصرفية، مزايا خاصّة لملكيّات الطوائف تبرز بالأخص من خلال ما يمكن تسميته «الريع الناشئ عن الامتياز الديني» كما حصل في صيانة الوضع الخاص للوقف الديني ضمن سوليدير، إلخ.
- 6المرجع نفسه.
- 7عندما نقول “الطائفة الأرثوذكسية” في سياق هذا المقال، نقصد بذلك طائفة الروم الأرثوذكس.
- 8كانت نصف الأوقاف تقريباً في المحكمة الشرعية في بيروت للمسيحيين (الأرثوذوكس وللموارنة)، ووقف واحد لليهود.
- 9سامر غمرون، رين إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار، مقابلة مع ندى ممتاز حول كتابها “ملك الله. الإسلام، الإحسان والدولة الحديثة” (2021)، 2023، متاح على: الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار | Legal Agenda
- 10Suad Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period, 2007.
- 11يمثّل المتولّي حقيقة الواقف المالية وهي النفع العام، فهو لا يمثّل المستحقين فيه إنما هو ملزم حيالهم بتنفيذ شروط الواقف وتوزيع الريع عليهم وفقاً لهذه الشروط. ومحاسبته هي محاسبة أمين على ريع الوقف الذي استحقّه المستحقون فضلاً عن أنه أمين على عين الوقف وحسن إدارتها.
- 12بترا سماحة، بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (1): قانون الأراضي العثماني 1858، 2023، متاح على: بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (1): قانون الأراضي العثماني 1858 | Legal Agenda
- 13المرجع نفسه.
- 14بدأت علاقات الأشخاص بالملكية تتغيّر عبر تأسيس سجلّ عقاري حديث في لبنان وسوريا وإلغاء الأراضي المشاع (غريّب 2000) وتفويض فرَق المسح بدخول القرى وتحديث سندات الملكية كافّة بدءً من العام 1921 (موندي 2007). بالنتيجة، ظهرت اختلافات عميقة في مفاهيم مثل مفهوم “المشترك” أو المشاع الذي فُسّر بشكل مختلف في الإطار الفرنسي عمّا هو في الإطار العثماني، حيث لم يفهم في إطار مخالف للمفهوم “الخاص”. وفيما كانت التنظيمات العثمانية قد أعلنت بالفعل خصخصة الأراضي، إلّا أنّه لم يجرِ التخلّي عن المشاعات ولم تُطبَّق بشكلٍ كامل خصخصة الأراضي – التي أعيد اعتبارها كضمانة تستخدَم لتأمين الربح المالي – إلّا تحت رعاية السجلّ العقاري في ظلّ الانتداب الفرنسي. للمزيد: https://publicworksstudio.com/observatory/land-policies/
- 15بترا سماحة، بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (2): “إنجازات” الفرنسيين، أساسات هشّة، 2023، متاح على: بحثًا عن العام في لبنان بين الأرض وملكيّتها (2): “إنجازات” الفرنسيين، أساسات هشّة | Legal Agenda
- 16المرجع نفسه.
- 17إيريك فرداي، غالب فاعور، سيباستيان فيلو، الفصل الأول: بناء الدولة الوطنية والسياسات الجغرافية الإقليمية”، أطلس لبنان: الأرض والمجتمع، بيروت، لبنان: المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، 2012، متاح على: أطلس لبنان – الفصل الاول: بناء الدولة الوطنية والسياسات الجغرافية الإقليمية – Presses de l’Ifpo (openedition.org).
- 18بذلك، يمكن للوقف أن يملك عقارًا أو يفتح حسابًا مصرفيًا، فأصبح يشبه الجمعية، ولكنّه يتبّع للمحاكم الشرعية/ مديرية الأوقاف.
- 19غمرون ، إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار.
- 20Marwan SAKR, THE LEGAL REGIME OF WAQF IN LEBANON: AN OVERVIEW, Retrieved from: the-place-that-remains-proceedings-essay-23.pdf
- 21يمكن أن يكون الوقف نفسه بعضه خيرياً وبعضه ذرياً، أي مشتركاً.
- 22المرجع نفسه.
- 23المفكرة القانونية، اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة، 2023، متاح على: اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة | Legal Agenda
- 24غمرون، إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار.
- 25المفكرة القانونية، اقتراح بإخضاع الطوائف للضرائب: من أجل أن تشارك الطوائف في الأعباء العامة.
- 26قبانجي، الطوائف واقتصاد السوق.
- 27Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period.
- 28غمرون، إبراهيم، الصراع على الأوقاف الإسلامية في لبنان: الدين، القانون والاقتصاد في ظلّ الاستعمار.
- 29Abou el-Rousse Slim, The Greek Orthodox Waqf in Lebanon during the Ottoman Period.
- 30وهي التالية: تقديم طلب مفصّل لدى المديرية العامة للشؤون العقارية يتضمّن الأسماء المحدّدة لكل جهة وقفية داخل الطائفة المعنية التي نرغب في الحصول على عقاراتها داخل محافظة معيّنة؛ الانتظار للحصول على الموافقة (عادةً تستغرق أسبوعًا)، وتأتي مرفقة بإيصال للدفع، غالبًا يتم الدفع خارج المديرية عبر OMT أو Wish Money، حيث إن صندوق المديرية لا يستلم مبالغ كبيرة (الحد الأقصى كان 60 أو 80 مليون ليرة لبنانية)؛ بعد الدفع، يُسلّم الإيصال إلى المديرية العامة؛ بعد مرور أسبوع، يمكن استلام البيانات التي تُقدّم عادةً مطبوعة على أوراق.
- 31إفادة نفي الملكية هي وثيقة رسمية تصدر عن الدائرة العقارية تبين العقارات التي يملكها أي شخص في لبنان والقانون شرع لأي مواطن الحق بالحصول عليها والاطلاع على ملكية الغير عملاً بمبدأ علنية السجل العقاري.
- 32بحسب قانون الأحوال الشخصية للطوائف الكاثوليكية، إنّ ولي الأوقاف العام الأعلى في الكنيسة بأسرها هو الحبر الروماني الأعظم؛ البطريرك في كلّ طائفة هو الولي العام على أوقاف طائفية وأموالها الكنسية في جميع أنحاء البطريركية؛ الأسقف أو الرئيس الكنسي المحلي هو أيضا ولي عام على أوقاف طائفته وأموالها الكنسية ضمن حدود أبرشية أو مكان ولايته؛ والرئيس العام في الرهبانية هو الولي العام على أوقاف رهبانيته وممتلكاتها وأديارها وأموالها.
- 33Issam Khalifé, Les Wakfs Chrétiens au Liban: Situation actuelle et aspiration à la réforme, 2012.
- 34يجدر الإشارة هنا إلى التالي: استغرق الأمر وقتًا أطول، وتعرّض الطلب للعرقلة أكثر من مرة. كما تمّ التحقيق معنا من قِبل عدة أشخاص داخل المديرية لفهم الهدف من الطلب. لاحقًا، لم تقبل المديرية أن يتمّ التفتيش عن الأسماء المحدّدة لكل جهة وقفية كما كان يتمّ الأمر في الطلبات الأولى لأنها كثيرة، وتمّ تحويلنا إلى قسم آخر داخل المديرية فتغيّرت آلية تقديم الطلب والدفع، حيث أصبح الطلب يقتصر على الحصول على عدد عقارات طائفة معينة دون تحديد أسماء الجهات الوقفية المندرجة تحتها (نفي ملكية للطائفة)، والدفع يتمّ لكلّ عقار (سعر العقار الواحد ما يقارب الـ0.55$) ممّا أدى ارتفاع تكلفة الحصول على المعلومات. بفضل مساعدة مدير قسم المعلوماتية، تمكّنا من معرفة عدد عقارات الطائفة المعنية في كلّ محافظة جبل لبنان والكلفة قبل الحصول على الموافقة. (وهي آلية لا تحصل عادةً بل كانت استثناء بسبب كمية العقارات الهائلة والكلفة) واستطعنا تقسيم العقارات بناءً على الأقضية، ما سهّل العملية، وخفّض الكلفة إذ ارتأينا اختيار أقضية معيّنة.