برج حمود بين التحريض الإعلامي وبيان البلدية وشهادات السكان

نتذكر جميعاً الفيديو الذي انتشر منذ حوالي الشهرين الذي يظهر مجموعة من اللبنانيين على دراجاتهم النارية، يوجّهون عبر مكبر صوت، “مهلة إنذار” للسوريين بإخلاء منطقة برج حمود، وهو ما انتشر بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويظهر المقطع رجلاً يحمل مكبّر صوت وسط شارع في برج حمود، مهدداً: “إلى جميع السوريين في برج حمود، إخلاء جميع المحلات والمنازل قبل يوم الجمعة، وقد أعذر من أنذر”.

وكان الفيديو جزءاً من حملات التمييز تجاه اللاجئين/ات السوريين/ات والتهديد بالطرد من قبل البلديات والقوى الأمنية، إلى جانب الحملات التحريضية السياسية والإعلامية المستمرة، بعد مقتل منسّق حزب «القوات اللبنانية» في جبيل باسكال سليمان.

وعلا صوت بعض وسائل الإعلام في هذا الصدد، والتي قبلت الفيديو على أنه تمثيل\تعبير عن واقع المنطقة وعن موقف سكانها من اللاجئين السوريين، لا سيّما الأرمن منهم الذين “يعانون اليوم الأمرّين من فورة الوجود السوري في منطقة برج حمود.” فيما لم تقم أي مؤسسة إعلامية بالتحقيق في تداعيات هذا الفيديو أو في التحقيق في مدى تنفيذ هذه التهديدات.

على هذا النحو، تهدف هذه المقالة إلى تقديم فهم أوضح لمنطقة برج حمود، وتتبع تداعيات هذا الفيديو في السياق المحلي، وذلك استناداً إلى عمل ميداني أجريناه في الحيّ بعد يومين من الحادثة. ونناقش في المقال أنه في سياق برج حمود – حيث أصدرت البلدية بياناً أدانت فيه الحادثة – وفيما الفيديو نجح في خلق أجواء من الرعب، لم يتبعه إجراءات لتنفيذ هذا التهديد. يوضح البحث الميداني أن بعض السوريين تركوا منازلهم أو أحياءهم نتيجة الخوف، وليس نتيجة تنفيذ عمليات الإخلاء المباشر. وفي هذا الصدد، يُظهر البحث أيضًا تعاطفاً من جانب العديد من السكان الذين تمت مقابلتهم تجاه السوريين.

برج حمود وبيان بلديّتها

منذ مقتل باسكال سليمان، كان أبرز ما شهدناه في الحملة الواسعة ضد اللاجئين السوريين هو إصدار سلطات محلية عديدة – من بينها بلديات واتحادات بلديات ومحافظين – تعاميم تمييزية تطلب فيها من المواطنين/ات الإبلاغ عن الأفراد السوريين القاطنين في نطاقها للتأكد من أوراقهم الثبوتية والتهديد بطردهم. كما تضع ضوابط على حركة السوريات\ين وتنقّلهم وسكنهم وعملهم، يقع بعضها خارج صلاحيات السلطات المحلية. إنما خلافاً لهذا العقاب الجماعي لفئة من المقيمين وتغذيته التحريض على السوريين/ات بدون رادع، أصدرت بلدية برج حمود بياناً بتاريخ 11/4/2024 أعطى السكان السوريين شيئاً من الحماية، كما تشير لاحقاً شهادات السكان. بدأ تعميم البلدية بوصف ما شهده لبنان في الأيام الأخيرة من “سلسلة من الجرائم” بموازاة ما يجري في الجنوب. وذكر أنّ مجموعة من الشبان قامت بتحرّكات بإسم أهالي وشباب برج حمّود، منها أعمال شغب وتوجيه إنذارات وإخلاءات، مع تضليل وتحريض على مواقع التواصل الاجتماعي. ثمّ وضّح البيان موقف بلدية برج حمّود كالتالي:

  • إدانة أهالي برج حمّود لما حصل والمطالبة بكشف الحقائق ومعاقبة الفاعلين.
  • التأكيد على صلاحية البلدية وحدها تنظيم إقامة وعمل السوريين والأجانب، مع نفي حق أي أحد آخر استعمال صلاحيات الدولة.
  • الاعتراف بحصول تراخي في تطبيق القوانين والأنظمة المتعلّقة بالإقامة والعمل في السنوات الأخيرة، ولكن ذلك لا يبرّر التهديد والتعدّي.
  • مطالبة الأجهزة الرسمية والأمن والقضاء بوضع حدّ للاستيلاء على صلاحيات السلطات. 
  • التأكيد أن برج حمّود نموذج للعيش المشترك والتنوّع، واستهجان التمييز على أساس الانتماء الديني أو العنصري أو الجنسية.

بالفعل، يشهد التطور العمراني والديموغرافي لبرج حمود على مدى أكثر من قرن على أنها لطالما شكّلت ملاذاً وملجأً للفئات المضطهدة والمتنوعة الجنسيات عبر التاريخ، حيث تحوّلت، في عشرينيات القرن الماضي، من أراض وحقول زراعيّة خصبة إلى مزيج من المناطق الحضرية شديدة الكثافة والأزقة الضيقة والمناطق الحرفية والصناعية والتجارية في يومنا هذا. فهي شهدت أوّل موجة من النمو الديموغرافي عام 1915، حيث لجأ إليها الأرمن عندما هُجّروا هرباً من الإبادة التركية ومجازرها، حيث تم منحهم حق بناء الأكواخ على الضفاف الشرقية لنهر بيروت1أي برج حموّد عندما كانت تتكون من مستنقعات في ذلك الوقت.، ثم سُمح لهم بتشييد المنازل والمباني التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا. ,استقبلت فيما بعدها موجة من الجنوبيين بعد الاعتداء الصهيوني على الجنوب اللبناني ونكبة فلسطين عام 1948، بالإضافة إلى ما شكّلته العاصمة في منتصف الخمسينات من عامل جذب للنزوح من الأرياف باتّجاهها. ثمّ لاحقاً، وإبّان الحرب الأهلية اللبنانية ومع الإجتياح الإسرائيلي (1975-2006) شهدت برج حمود تهجيراً لمعظم السكان الشيعة، ومع بداية إعادة الإعمار، استقطبت فئة جديدة من المهاجرين وهم العمّال الأجانب من مختلف الجنسيات الآسيوية والإفريقية. ثمّ مؤخّراً وفي عام 2011 مع اندلاع الحرب السورية، شهدت برج حمود وبالأخص منطقة النبعة وفود العديد من السوريين/ات الباحثين/ات عن ملجأ، ولا يزال الحي إلى اليوم يأوي الوافدين الجدد من خلفيات عرقية ودينية وطائفية متنوّعة وخصوصاً من ذوي الدخل المحدود. لقد أثّرت هذه التدفّقات على مرّ السنين على التنوع السكّاني في برج حمود، ممّا ساهم في تنوّع التقاليد الاجتماعية والثقافية واللغات والمستويات التعليمية والانتماءات السياسية. كما نجم عن هذه التدفّقات في هذا الحيّز الجغرافي الضيّق الكثير من التحدّيات والأزمات على عدّة مستويات، تتمثّل على سبيل المثال بالتحديات السكنية، ولعلّ أبرزها تدهور صلاحية المساكن، وبالأخص جنوب شارع الإستقلال باتجاه النبعة، حيث تسكن نسبة كبيرة من السّكان في وحدات لا يدخلها النور والهواء وتعاني من الرطوبة والنش والعفن، كما وأنّ نسبة من هذه الوحدات غير مخصّصة للسكن، كأسفل الدرج أو فوق السطح2مرصد السكن|التقرير الدوري حزيران-كانون الأول 2023: الإخلاء الجماعي: النمط الأبرز في بلاغات مرصد السكن. وتؤثّر هذه المشاكل بشكل أكبر على ذوي الدخل المنخفض وغير الثابت. فبحسب الحالات المبلّغة إلى مرصد السكن من النبعة بين حزيران وكانون الأوّل من العام الفائت، استطعنا الحصول على بعضٍ المؤشرات السكنيّة لـ 17 حالة، تبيّن أنّهم كلّهم من ذوي الدخل المنخفض وغير الثابت، يدفعون بأغلبهم 50% أو أكثر من قيمة مدخولهم على الإيجار3مرصد السكن|التقرير الدوري حزيران-كانون الأول 2023: الإخلاء الجماعي: النمط الأبرز في بلاغات مرصد السكن، ممّا يجعل من الصعب عليهم العثور على ظروف سكنيّة جيدة مستقرة وآمنة وبأسعار معقولة. إنّ التصدي لهكذا تحديّات يتطلّب وضع سياسات محليّة ووطنيّة وتخطيطات حضرية شاملة تحترم التنوّع الديموغرافي للسّكان وتضمن الشمولية وانصهار كافّة فئات المجتمع المحلّي في حيّز جغرافي واحد، بالأخص بالنسبة للفئات المهمشة والمفقّرة وتضمن حقها بالعيش الكريم عبر تأمين متطلبات السكن بشكل عادل ومتكافئ.

إنّ خصوصية برج حمّود هذه كحي شامل واحتوائي للعديد من الفئات المجتمعيّة أكّدت عليها إفادات بعض سكّان برج حمود في الزيارة الميدانيّة التي قمنا بها، حيث أشاروا أيضا إلى بيان البلدية الذي يبدو أنه لعب دور حماية، لا سيّما في ظل الأحداث والديناميكيات السياسية الراهنة وخاصة بعد حادثة مقتل باسكال سليمان والحملة العنصرية القائمة بوجه السوريين/ات.

شهادات السكان وتحليلها مكانياً

في الزيارة الميدانيّة لنا في برج حمّود، تشابهت روايات بعض السكّان حول ما حدث في الحيّ بعد حادثة مقتل باسكال سليمان، لكنّها تضاربت جزئيّاً مع ما تمّ تظهيره على الإعلام على إثر هذه الحادثة. فمن أوتوستراد الدورة شمالاً مروراً بشارع السّكة وصولاً إلى حي النبعة جنوباً، أجمعت إفادات هؤلاء السكّان، من سوريين/ات ولبنانيين/ات على حدّ سواء ومن مختلف الفئات العمرية، على أنّ ما تم إظهاره في الإعلام مضخّم جداً، حيث لم تحصل إخلاءات وتعدّيات مباشرة على منازل السوريين/ات كما صرّحت بعض الوسائل الاعلامية. لا نقلّل من شأن الاعتداءات الجسدية التي تمّت، من عنف وضرب للسوريين عند الالتقاء بهم في الشوارع، إلا أنّ شهادات السكان تدل على أنّها حصلت فقط في المنطقة الجغرافية التي تقع شمال جسر الاستقلال باتجاه الدورة، إنمّا لم تحدث أي من هذه الاعتداءات في المنطقة الواقعة جنوب الجسر باتجاه النّبعة. ولعلّ السبب هو الخاصيّة الديموغرافية والسياسيّة لكلّ من المنطقتين، فبحسب بحثنا حول تعاميم البلديات الصادرة بحق السوريين/ات، تبيّن أنّ معظم الانتهاكات حدثت في مناطق تسيطر عليها أحزاب سياسية طائفية محدّدة، نذكر منها حزب القوات اللبنانية. فنظراً إلى أنّ غالبية سكّان أحياء الجزء الجنوبي، بالأخص حي النبعة، هم من الفئات العمّالية الوافدة الى برج حمود خلال الفترات الزمنية المتتالية ومن الجنسيات غير اللبنانية بالأخص السورية منها، على عكس الجزء الشمالي حيث تعلو نسبة اللبنانيين وتسيطر أحزاب الكتائب والقوات اللبنانية، تحدث وتتكرّر الإشكالات والأحداث بين اللبنانيين والسوريين. فلطلما شهد حي الدورة مثلاً على إشكالات بين السوريين واللبنانيين، لا سيّما الإشكال الذي اندلع في تشرين الأوّل العام الماضي بين سكان منطقة الدورة وبين اللاجئين السوريين4المصدر: مقتل باسكال سليمان يعتق فزّاعات الكراهية ضدّ السوريّين في لبنان، بالإضافة إلى حالات التهديد الجماعي التي تعرض لها السوريين/ات، حيث بلّغوا مرصد السكن عن 7 حالات تهديد بالإخلاء الجماعي على صعيد مبنى بين حزيران وكانون الأول من العام الفائت تحديدا بين حيَّي الدّورة ومرعش، نَظَراً للحملات التحريضية العنصرية التي تعرّضوا/ن لها خلال تلك الفترة الزمنية (قبل وبعد الإشكال)، والمستمرّة ليومنا هذا5مرصد السكن|التقرير الدوري حزيران-كانون الأول 2023: الإخلاء الجماعي: النمط الأبرز في بلاغات مرصد السكن.

أما من ناحية التهديدات الأخيرة بالإخلاء – أي بعد مقتل باسكال والفيديو – أفادت امرأة من المنطقة، (الموقع رقم 1) بأنّ الإعلام ضخّم الحادثة ولم تحدث إخلاءات كما صوّر وأكّدت أن السكان ملتزمون بقرارات البلدية، وأن الاعتداءات وقعت فقط يوم الحادثة، من ضرب وتهديد بالإخلاء عبر مكبرات الصوت. من جهة أخرى، أشار رجل لبناني صاحب فرن ويعمل لديه سوريون (الموقع رقم 1)، إلى أنه أقفل محله لبضعة أيام لحماية العاملين، مؤكدًا عدم وقوع إخلاءات أو تعديات على المنازل، رغم وقوع إشكالات يوم الحادثة وأفاد أيضا أن السّكان ملتزمون بقرارات البلدية. تحدّثت امرأة لبنانية أخرى من سكان برج حمود (الموقع رقم 2)، عن اعتداءات جسدية وتهديدات يوم الحادثة وعلى الخوف الذي ساد في المنطقة يومها، ولكنها لا تعلم إذا ما حصل اعتداءات مباشرة على المنازل، حيث اضطر بعض اللاجئين السوريين للفرار نحو الدورة، خصوصاً العمّال منهم حيث قالت: “جنود الرب نزلوا يهدّدوا السوريين، ويضربوهن، في عمال سوريين فلوا خصوصي صوب الدورة.” بينما رجل سوري (الموقع رقم 3) مقيم في برج حمود منذ 25 سنة، بالقرب من مبنى الكتائب وال big scale، أكّد أنّ الإعلام يضخّم الأمور كثيرا وأن معظم المعلومات الإعلامية التي تبث غير صحيحة. كما أفاد وبحسب تقديره أنّ هناك عدد من السوريين تركوا نهائياً برج حمّود ولم يعودوا نتيجة الخوف من التهديدات وليس بسبب تهديدات مباشرة وأنّ عدد آخر أخلوا يوم الحادثة لأياّم قليلة وثمّ عادوا. وأفاد أيضا أنّ السكان ملتزمين بقرارات البلدية.

نزولاً في شارع السكّة التجاري، هناك نسبة من المحلات يملكها سوريون بشكل مباشر، وأخرى يتمّ افتتاحها بإسم اللبنانيين بينما أصحابها في الواقع سوريّون، مثلما أفاد أحد سكان المنطقة (الموقع رقم 5). وقد أكّد بدوره هو ووالده (وهو من المستأجرين القدامى في برج حمود)، على أنّ كل المحلات التجارية أقفلت يوم الحادثة، وأفادوا أنّه لم يتمّ إخلاء أحد في الحي عندهم (من الموقع 5 الى الموقع 6)، فيما لا تزال كل الأبنية مسكونة من السوريين هناك كما أكّدوا على أنّ السكان ملتزمون بقرارات البلدية ولا يوجد تجاوزات وأن ما يتم نقله على الإعلام مبالغ فيه. وأعربت امرأة لبنانية وحماتها السورية (الموقع رقم 4)، عن خوف السوريين في المنطقة، مشيرة إلى حوادث اعتداءات، لكنها غير متأكدة من حصول اعتداءات مباشرة على المنازل كما أشاع الإعلام ووصفت المشهد كالتالي: “الوضع مريب، لحد هلق العالم خايفة، الدورة فاضية ما فيها حدا، فلّتوا كلب على حدا وعضّوه بفخذه، ضربوا نسوان وولاد، مش حرام؟ شو ذنبن؟”. في حين امرأة لبنانية أخرى صاحبة دكان خضار (الموقع رقم 6)، لاحظت أن بعض السوريين حملوا أغراضهم وغادروا بعد الحادثة، مما أثر سلباً على مبيعاتها لأنّ أغلب زبائنها من السوريين، وتصفهم “بالأمناء وولاد الحلال”، وتقول “شو ذنبهم هودي الناس؟”

بعد الانتهاء من شارع السكة وصولا إلى الجهة الجنوبية لشارع الاستقلال، حيث الكثافة السكانية والاكتظاظ السكاني والأزقة الضيقة تميّز هذه المنطقة، إلّا أنّ كل الإفادات تؤكّد عدم حصول أي اعتداءات على السوريين كما حصل في المنطقة الشمالية من برج حمود. إذ يفيد رجل مسنّ صاحب دكان صغير (الموقع رقم 7)، وهو نازح من صور إلى برج حمود منذ زمن، ويعاني من بعض الأمراض المزمنة، أنّه عندما حصلت الحادثة، أقفل الدكان وذهب هو وعائلته الى صور لبضعة أيام ثم عادوا الى برج حمود وأعاد فتح الدكان وقال: “اذا كم واحد أزعر عمل هيك مش يعني كل الناس زعران، ونحنا منضل عايشين مع بعضنا وما في مجال بلبنان غير انو الفريقين يعيشوا مع بعض بسلام.” كما تفيد امرأة سورية من سكان النبعة بأنّ الأمور كانت هادئة في النبعة، بينما في الدكوانة لم يُسمح للأطفال بالذهاب إلى المدارس. ثم يؤكّد رجل أرمني صاحب محل تجاري (الموقع رقم 8) على أنّ الإعلام ضخم الأمور، وأن الأرمن يعيشون بسلام مع الجميع. وأوضح أن الإشكالات حدثت في المنطقة الواقعة فوق شارع الاستقلال باتجاه الدورة، تماما مثلما أكّدت امرأة سورية (زوجها لبناني) (الموقع رقم 9)، وامرأتان سوريتان (الموقع رقم 10) من سكان برج حمود، على أنّ الأحداث وقعت في المنطقة الواقعة فوق شارع الاستقلال، بينما كانت الأوضاع هادئة في النبعة وتحت جسر الاستقلال، وأفادوا بأن الناس انتابها الخوف بدون شك والتزمت منازلها وأقفلت محالها التجارية لبضعة أيام للحيطة والحذر، لكن لم تحدث إخلاءات مباشرة كما أشيع.

اجتمعت شهادات السكان إذاً على أنّ التهديدات والاعتداءات على السوريين/ات طالت فقط الجزء الشمالي من برج حمّود أي شمال شارع الاستقلال باتجاه الدورة، نظراً لارتباط هذه الاعتداءات في المناطق التي تعلو فيها نسبة اللبنانيين وتجوب أجواءها بعض الأحزاب الطائفية اليمينية كحزب القوات اللبنانية، بينما ساد الخوف والحذر في الجزء الجنوبي باتجاه والنبعة لكن من دون اعتداءات حيث تأثير هذه الأحزاب في هذه المنطقة يكاد يكون محدوداً.

التحريض والواقع

في النهاية، لعب البيان الصادر عن بلدية برج حمود دوراً (ولو رمزياً) في حماية السوريين ودحض الحملات التحريضية. فعلى الرغم من تداول الفيديو التحريضي، إلّا أنّ البيان والتزام السكان به أثبت مدى قدرة البلديات على حمايتهم والحفاظ على الطابع الشمولي والإحتوائي للحي. كما أنّ شهادات السكان أكّدت على أنّ ما تم تداوله في الإعلام من دون تحقيقات حوله، كان من شأنه زيادة التحريض على السوريين/ات، وأنّ برج حمود هي حي ذو طابع شامل يحتضن الجميع، إذ يعكس هذا الطابع المصلحة المتبادلة بين السكان، حيث يعتمد الكثير منهم على بعضهم البعض لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. أحد الأمثلة على ذلك هو ما ذكرته إحدى اللبنانيات بأنّ جميع زبائن الدكان هم من السوريين، ممّا يبرز الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين مختلف فئات المجتمع. عليه، إنّ بلديّة واحدة كبلدية برج حمود كفيلة بالوقوف في وجه الحملات التحريضية وحماية كافّة السكان على اختلاف جنسياتهم وفئاتهم عبر إصدار بيانات وتعاميم عادلة، على خلاف عشرات البلديات الأخرى التي حرّضت ضد اللاجئين السوريين، حيث استهدف أكثر من 100 إجراء بلدي السوريين في شهر واحد، من بينها 12 بلدية في شمال لبنان والتي نفّذت خلال الشهر الماضي توجيهات محافظ الشمال، أبرزها إشعارات إخلاء في غياب قرارات قضائية6 المصدر: Sifrmag: أكثر من 100 إجراء بلدي يستهدف سوريين في شهر واحد.

المراجع:

السكن برج حمود قضاء المتن لبنان محافظة جبل لبنان
 
 
 

السلطات المحليّة تعمّم اللاشرعية

رصد 15 تعميماً بخصوص السوريين بين 9 و24 نيسان 2024

بعد طلب الرئيس القبرصي من رئيسة المفوضية الأوروبية التوسط لدى السلطات اللبنانية كي توقف قوارب اللاجئين السوريين المتوجهة إلى قبرص، زارت أورسولا فون در لاين، رئيسة الإتحاد الأوروبي، بيروت الأسبوع الماضي برفقة الرئيس …

أوضاع سكن السوريات/ين في لبنان: تقاطع السلطة والأمننة والهشاشة القانونية

رصد ودراسة حالة بين حزيران 2022 وتشرين الأول 2023

منذ نيسان 2023، شهدنا تصاعداً في الحملات الأمنية التعسفية ومداهمات أماكن إقامة اللاجئين السوريين في مناطق لبنانية متعدّدة، ممّا أدّى إلى الاعتقال التعسفي والترحيل القسري للعديد من اللاجئين. في هذا السياق، قام ستوديو …

إخلاء أكثر من ألف شخص من مجمّع الواحة في ددّة: 

عن مأساة سكن السوريين في لبنان

بين 19 و20 أيار 2024، انتشر خبر إخلاء مجمّع الواحة في ددّة (قضاء الكورة – شمال لبنان) من سكّانه، والذي كان يضم حوالي ألفي لاجئ\ة سوري\ة استقرّوا فيه منذ سنوات. وانتشرت فيديوهات من …

اقتراح القوات اللبنانية ضدّ اللاجئين والمهاجرات: منع التأجير أداة جديدة ضمن الحملة التحريضية

مع تصاعد الحملة الميليشياوية الواسعة التي تشنّها الدولة وأحزابها منذ فترة، لتهجير اللاجئات\ين السوريات\ين، بعد تجريمهم ورمي كل الاتهامات الممكنة عليهن\م، وفي 23 أيار 2024، تقدّم النائب ملحم رياشي، عضو تكتل الجمهورية القوية، …