بلدية أخرى تنضمّ إلى قائمة السلطات المحلية التي تتّخذ إجراءات تمييزية بحق اللاجئين السوريين، تطبيقاً لقرار وزير الداخلية الداعي للقيام بإحصاء الوجود السوري على الأراضي اللبنانية وتنظيمه. هذه المرة يأتي دور بلدية بيصور لتقدّم سلسلة من القرارات الإدارية المقنّعة التي، تحت حجة تنظيم شؤون السكان ضمن النطاق البلدي، تعمل فعلياً على عزل اللاجئين السوريين، ودفعهم لترك البلدة.
ففي أواخر شهر أيلول جال عناصر من بلدية بيصور على بيوت المنطقة وطلبوا معلومات شخصية من بعض السكان، وبلّغوهم أن لديهم مهلة اسبوع واحد كي يسدّدوا مبلغ ٤ مليون ليرة لبنانية يُستحق سنوياً، لقاء الخدمات التي تقدّمها البلدية، مدّعين أن القرار سارٍ على جميع سكان البلدة دون استثناء، ليتضح لاحقاً أن الرسوم المفروضة طالت المقيمين السوريين دون غيرهم، تحت التهديد بالترحيل في حال التخلّف عن الدفع.
نتناول في هذا المقال الظروف والأحداث التي تزامنت مع صدور قرار البلدية، كما نفصّل المخالفات القانونية العديدة التي ارتكبت أثناء صدوره وتبليغه وتنفيذه، ونبحث في الدوافع الحقيقية التي كانت وراء اتخاذ بلدية بيصور لمثل هذا القرار.
الخلفية: حملة تمييزية منذ 2022
تزايدت خلال العام الماضي تصريحات مسؤولين لبنانيين تؤكّد انتهاء النزاع المسلح في سوريا، داعية اللاجئين السوريين إلى الخضوع لخطة “العودة الطوعية” التي اقترحتها الحكومة اللبنانية بنهاية عام 2022، في غياب أي مشاركة رسمية من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ودون أي اعتبار لتقييم الأمم المتحدة أو أي منظمة دولية لواقع الوضع في سوريا ولحاجات اللاجئات\ين. وقد ترافق هذا التوجه مع سياسات وممارسات للضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم، مما زاد من انعدام الأمن القانوني لديهم في لبنان. فمنذ نيسان/ 2023، شهدنا تصاعداً في الحملات الأمنية التعسفية ومداهمات أماكن إقامة اللاجئين السوريين في مناطق لبنانية متعدّدة، ممّا أدّى إلى الاعتقال التعسفي والترحيل القسري للعديد من اللاجئين. فقد اعتقلت السلطات اللبنانية تعسفياً ما لا يقل عن 808 لاجئ، كما تم ترحيل ما لا يقل عن 336 لاجئاً محتجزاً، بشكل قسري.1المصدر: تقرير “انتهاكات لبنان لحقوق الإنسان من خلال الترحيل القسري للاجئين”، أيار 2023
وكان في صلب هذه الحملة، التعميم الذي وجّهه وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي، بتاريخ ٢ أيار ٢٠٢٣، إلى المحافظين والقائمقامين والبلديات والمخاتير، في القرى والمدن التي يتواجد فيها لاجئات\ون سوريون، بهدف إطلاق حملة مسح وطنية لتعدادهم وتسجيلهم. فتحت ذريعة «الظروف الراهنة التي يمرُّ بها لبنان»، وبحجة «الحرص على المصلحة الوطنية العليا»، يدعو الكتاب المعنيين للقيام بتسجيل كافة اللاجئات\ين المقيمين ضمن نطاق كلّ من البلدات ومنحهم إفادات بذلك، وطلب عدم تنظيم أي معاملة أو إفادة وعدم تأجير أي عقار لأي لاجئ سوري قبل التثبّت من تسجيله لدى البلدية وحيازته على إقامة شرعية في لبنان، إضافةً إلى إجراء مسح ميداني لكافة المؤسسات وأصحاب المهن الحرة التي يديرها اللاجئون السوريون والتثبّت من حيازتها التراخيص القانونية.
بالاستناد إلى توجيهات هذا الكتاب، أصدرت عدّة بلديات قرارات تقيّد حركة اللاجئين السوريين في نطاقها، وتمنعهن\م من استكمال حياتهن\م بشكل طبيعي. فعلى سبيل المثال، أصدرت بلديّة بزبدين (قضاء بعبدا) قراراً يلزم السوريّين المقيمين في البلدة الحصول على بطاقة تعريف خاصة – بمعزل عن سند الإقامة القانوني – تُصدرها البلدية للسماح لهم بالاستمرار بالإقامة في البلدة، وهو ما يتعارض مع حق الإنسان في اختيار مكان سكنه\ا. كما منعت البلدية استعمال الدراجات النارية في أوقات محدّدة، مع العلم أنّها الوسيلة الأبرز التي يعتمد عليها اللاجئون للتنقّل كونها البديل الأرخص، في انتهاك واضح لحريّتهن/م بالتنقل.
وقد أصدرت بلدية فرن الشباك – عين الرمانة – تحويطة الغدير قراراً مشابهاً، منعت فيه تجوّل الدراجات النارية في أوقات محدّدة وطلبت فيه من كافة المالكين تزويد البلدية بنسخة عن كافة أوراق المستأجرين السوريين، والتبليغ عن مكان عملهم، وعدم القيام بأي عمليات تأجير جديدة قبل إعلام البلدية، ممّا يعزّز البيروقراطية التي تؤدي إلى صعوبة وصول هذه الفئات المهمّشة إلى السكن أو تأخير وصولها إليه، ويعزّز سلطة مراكز القرار المهيمنة ويجعلها مبنية على العلاقات الشخصية وتفشّي المحسوبيّات والزبائنية. ويُعيد قرار البلدية هذا – والذي يميّز على أساس الجنسية – إلى الأذهان ممارسات تمييزية مشابهة كانت تنتهجها بعض البلديات كمنع البعض من السكن ضمن نطاقها على أساس مذهبي أو طائفي أو طبقي، ولو كانوا من اللبنانيين.
على الأرض، أدّت هذه القرارات إلى مداهمات عنيفة نفّذتها شرطة البلدية وجهات أمنية بوكالة من سلطات الدولة، في أكثر من منطقة، لبيوت أو مخيمات يسكنها اللاجئات\ون، وطردهن\م منها، أو تهديدهن/م بإخلائها.
في تفاصيل ممارسات بلدية بيصور
في أواخر شهر أيلول، وبعد تلقينا بلاغاً على مرصد السكن بأن بلدية بيصور تفرض على المستأجرين السوريين تسديد رسم سكن سنوي يبلغ قدره ٤ مليون ليرة لبنانية، تواصلنا مع البلدية.
أخبرنا أحد موظفي البلدية، بأن الرسوم فُرضت تطبيقاً للقرار الصادر عن وزير الداخلية والبلديات وهي رسوم تشمل أعمال التنظيف وصيانة الأرصفة والمجاري، وهي رسوم “أصبح يتحمّل أعباءها المستأجر بعدما ارتفعت تكلفتها، والبلدية غير قادرة على تحميلها للمؤجّر”. كما أصرّ على أن الرسم يتم استيفاؤه من جميع المقيمين، بما فيهم المستأجرين اللبنانيين.
بَيد أن البحث الميداني في البلدة يُظهر غياب أي طلب من أي مستأجر لبناني لدفع رسوم أو مبالغ إضافية للبلدية، مقابل تكليف جميع المستأجرين السوريين، دون استثناء، بتسديد مبلغ ال٤ مليون ل.ل.، بمعزل عن أي تفصيل يتعلق بوحدة السكنية سواء بمساحتها أو وضعها أوعدد السكان فيها، أو قيمة الإيجار المطلوبة.
وفي الواقع، كان موظفو البلدية الذين تولّوا هذه المهمة، يطرقون أبواب السكان للاستفسار عن جنسيتهم، ويطلبون من السوريين منهم التوجّه إلى مبنى البلدية خلال مهلة أسبوع واحد لتسديد المبلغ، تحت طائلة الترحيل من بلدة بيصور في حال التخلّف عن الدفع.
وتمكّن رئيس البلدية من شرح القرار بشكل أفضل، فأوضح بأن الرسم المفروض هو رسم القيمة التأجيرية الذي يتمّ استيفاؤه عن عام 2023، من المستأجرين الذين لم يسجّلوا عقود إيجارهم في البلدية. ولم يذكر رئيس البلدية دور كتاب وزير الخارجية في دفعه لإتخاذ القرار، إنما أكّد على أهميّة دفع رسم القيمة التأجيرية لتغذية موارد البلدية، نظراً لعدم قدرة الأخيرة في الظروف الحالية على تحمّل التكاليف الزائدة التي تتكبّدها لتقديم الخدمات لأهالي البلدة، وخاصة تكاليف جمع النفايات. واشتكى أنّ البلدية غير قادرة على دفع رواتب موظفيها حتى. وأشار إلى أن البلدية لم تفرض منذ بدء أزمة اللجوء إلى حينه، أي رسم على السوريين المقيمين في نطاقها، رغم وجود ما يفوق ال500 بيت يسكنه سوريين حالياً.
بالمقابل، ها هو اليوم يحمّل السكّان السوريين وحدهم عبء الأزمة الاقتصادية وتدهور العملة الوطنية.
الاستغناء عن الشروط القانونية بحجة عدم توفّر الموارد البشرية
في حين أن قرار البلدية بفرض رسم القيمة التأجيرية على المستأجرين الذين لم تُسجّل عقودهم في البلدية قانوني بالمبدأ، إلا أنّه من اللافت أن البلدية تجاهلت معظم الإجراءات القانونية اللازمة لإصدار مثل هذا القرار.
فعمدت إلى تكليف جميع السكان السوريين بدفع القيمة نفسها بالتساوي بغضّ النظر عن حجم الشقة أو وضعها، بحجة عدم توفر الموارد البشرية اللازمة لتشكيل لجان التخمين المكلّفة قانوناً باحتساب القيم التأجيريّة2 قانون الرسوم والعلاوات البلدية رقم 60/88، المادة 7. بالمقابل، لم تُفصح البلدية عن كيفيّة توصّلها لاحتساب مبلغ ال 4 مليون ل.ل. يضاف إلى ذلك عدم صدور جداول تكليف بالرسوم الجديدة، وعدم تعليقها على باب البلدية عملاً بنص القانون3 المادة 104 من القانون عينه: “يجري تحصيل الرسوم على أساس جداول تكليف او اوامر قبض ينشر الإعلان عن وضع جداول التكليف الأساسية موضع التحصيل في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين على الأقل, ويذاع بالراديو على مرتين متتاليتين على أن يتضمن عندئذ تاريخ النشر في الجريدة الرسمية. يمكن الاستغناء عن النشر في صحيفتين يوميتين وعن الإذاعة بالنسبة للبلديات غير الخاضعة لقانون المحاسبة العمومية والاستعاضة عن ذلك بالإعلان على باب مركز البلدية وعلى لوحات مخصصة لهذه الغاية ضمن النطاق البلدي.”، باعتبار أنه تمّ تبليغ جميع المكلّفين بالصفة الشخصية عبر إرسال الجابي إلى بيوتهم. وفي حين أن القانون يجيز التبليغ بالصفة الشخصية عندما يكون المعنيين بالقرار ذو عدد محدد، إلّا أنّ تجوال موظفي البلدية على البيوت والطرق على ما يتجاوز ال500 بيت لإجبارهم على دفع بعض الرسوم، يُمكن أن يعتبر نوعاً من الترهيب، خاصةً عندما يرافقه التهديد بالترحيل.
يضاف إلى ذلك أنه حتى في حالات التبليغ بالصفة الشخصية، يقتضي أن يقوم موظف البلدية بتسليم المواطن نسخة من القرار المراد تبليغه، وطلب توقيعه على إشعار بالتبليغ لإثبات أنه تم تبليغه قانوناً وأصولاً. وهو ما لم يحدث في هذه الحالة على الإطلاق.
والأغرب هو أنّنا لم نتمكّن من الحصول على أي وثيقة قانونية مكتوبة تشير إلى هذا القرار ومحتواه، سوى شهادات السكان وكلمة رئيس البلدية.
لجهة المهلة المعطاة للدفع، أظهر الحديث مع السكان أن الغالبية، إن لم يكن الجميع، قد أُمهلوا مدّة أسبوع للدفع. في حين تصرّ البلدية بالمقابل على إعطاء المكلّفين مهلة شهر لتسديد الرسم، وتم تمديدها لشهر إضافي. علماً أنّ القانون أصلاً يحدد مهلة شهرين للدفع من تاريخ تبليغ المكلّف بالصورة الشخصية4 مادة 106 من القانون عينه..
أمّا أكثر ما كان فاضحاً في هذا القرار، فهو استخدام البلدية التهديد بالترحيل لحثّ السكان السوريين على المسارعة لدفع مستحقاتهم، علماً بأنّ أقصى تدبير يمكن للسلطات العامة اتّخاذه في حال التخلّف عن دفع الرسوم والعلاوات البلدية هو الحجز على ممتلكات المكلّف.
وبالحديث مع السكان، تبيّن أن معظمهم قاموا بالتوجّه إلى البلدية والدفع فوراً خوفاً من الترحيل. وهناك حالة واحدة استطعنا الوصول إليها لم تتمكّن من الدفع، وتم تهديدها بالطرد من البلدة خلال مدة أسبوع، إنما لم يُنفّذ قرار الترحيل حتى اليوم، أي بعد حوالي شهر تقريباً من الحادثة.
بالمقابل، نكرت البلدية التهديد بالترحيل في حال عدم الدفع، وصرّحت بأن هناك حوالي 20 بيتاً بلّغوا الجابي عدم قدرتهم على الدفع بسبب وضعهم المعيشي أو الصحي، ولليوم لم يتمّ ترحيل أياً منهم أو حتى إرسال الإنذارات لهم.
لكن المغزى ليس بمدى جديّة التهديد بالترحيل أو عدمه، بل بكيفية اعتماد البلدية وسائل ترهيبيّة لإجبار السكان على الالتزام بقرارات لم تلتزم هي بالإجراءات القانونية اللازمة لإصدارها.
المزيد من القرارات الهادفة إلى إقصاء السوريين
وعندما ننظر في السياق الأوسع لكيفية تعامل بلدية بيصور مع سكانها اللاجئين، يتّضح أن القرار المذكور ليس كما يبدو للوهلة الأولى، أو كما تحاول البلدية تسويقه كقرارٍ إداريٍ يهدف لتنظيم شؤون السكان، بل هو محاولة متعمّدة لعزل السوريين وإقصائهم، ودفعهم إلى ترك البلدة.
ففي تاريخ 8 تشرين الأول وقع إشكال كبير في بيصور بين أبناء البلدة والمقيمين سوريين. تختلف روايات الحادث بين المصادر، إذ يحكي البعض عن خلاف وقع على أثر محاولة مالك منزل من أبناء البلدة إخلاء مستأجرين لديه من النازحين السوريين، تطوّر الخلاف وتوسّعت رقعته بعد إصابة شابين من البلدة بجروح بالغة جراء تعرضهم للضرب بآلات حادة، “ما رفع منسوب التوتّر وتسبّب بحصول ردود فعل عصبية آنية أسفرت عن وقوع عدد من الإصابات البسيطة بين النازحين”5خبر نُشر على موقع الوكالة الوطنية للإعلام بعنوان “بلدية بيصور ناشدت وسائل الإعلام التحقق من المعلومات قبل نشرها: الإشكال في البلدة فردي بين مالك ومستأجر سوري“. .
في حين يروي البعض الآخر عن الإشكال فردي بدأ بين أحد شبّان المنطقة الذي انزعج عند رؤيته شابين سوريين يرميان كيس النفايات خارج المستوعب المخصّص لهذه الغاية، فلفت نظرهما إلى ذلك وحصل تلاسن بينهم. وتطوّر الإشكال عند هروب الشابين وإقدام بعض شباب المنطقة على ملاحقتهم والتفتيش عنهم في المنازل، متسببّين بالأذية نتيجة الضرب والتكسير داخل منازل النازحين6 خبر نُشر على موقع القناة الثالثة والعشرون بعنوان “خلاف بين أهالي بيصور ونازحين …سكاكين وقطع إصبع!“.
بكافة الأحوال، استغلّت البلدية الإشكال لإقرار سلسلة من التدابير والإجراءات العقابية طالت كافة السكّان السوريين، نذكر منها:
- إقفال المحال التجارية التي يشغلها السكان السوريين إلى حين تسوية أوضاعهم القانونية،
- فرض حظر التجوال على الدراجات النارية ليلاً، ومصادرة غير القانونية منها
- منع عمال خدمة التوصيل غير الحائزين على تصاريح إقامات قانونية وآليات شرعية من العمل ضمن نطاق البلدة،
- عدم السماح بسكن الأفراد الأجانب داخل الأحياء السكنية القديمة في البلدة وعدم تجاوز عدد الأفراد المقيمين أكثر من أربع أشخاص في الوحدة السكنية الواحدة،
- منع سكن أكثر من عائلة واحدة داخل الوحدة السكنية الواحدة،
- الطلب من جميع المقيمين الأجانب في البلدة المسارعة إلى تسوية أوضاعهم القانونية والاستحصال على تصاريح الإقامات اللازمة من المديرية العامة للأمن العام اللبناني وفقاً للأصول وضمن المهلة القانونية المعلن عنها والتي تنتهي بتاريخ 31/12/2023 وذلك تحت طائلة توقيف المخالفين.
- منع تأجير أي وافد جديد قبل إحضاره إلى البلدية للتأكّد من أوراقه الثبوتية وتنظيم عقد إيجار تحت طائلة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق المالك.
أمّا أبرز ما صدر عن البلدية، فهو إشراكها لسكّان البلدة في عملية التضييق على السوريين من خلال تكليفهم بمراقبة جيرانهم الأجانب، والتبليغ عن أي مستأجر لم يسوّي أوراقه بعد، أو “لدى الاشتباه بأي حال مشبوهة أو غريبة” أو أي إشكال يحصل بين السكّان، وإطلاقها خطوط هاتف للطوارئ لهذا الغرض.
القانون أداة لتعزيز موازين القوى
يُعَدّ قرار بلدية بيصور مثالاً آخر على كيفية استغلال السلطات العامة للقانون والأدوات القانونية لتعزيز موقع السياسيين اللبنانيين في محاولتهم التخلّص من وجود اللاجئات\ين السوريين في لبنان، والاستمرار في العنصرية والتمييز الذين تميّزت بهما إدارة الدولة اللبنانية لهذا الملف. ففي حين أن القرار له أساس قانوني ويلتزم عموماً بالشكل والصياغة المطلوبين، إلا أن طريقة تبليغه وتطبيقه تُظهر انتقائية البلدية باتباع الإجراءات القانونية اللازمة، في محاولة جديّة لتمييز سكّان عن آخرين وتكليفهم بتحمّل مصاريف والتقيّد بتدابير دون غيرهم، بهدف التضييق على حرياتهم واقصائهم عن حياة البلدة. وهذا ليس بتفصيل. فأساس القانون هو اتّباعه بشكل لا يتمّ فيه التمييز بين الأفراد والمجموعات، وبذلك لا يتمّ تطبيقه لتعزيز موازين القوى وتثبيت الاستضعاف والاستغلال القائمين. والأهم من ذلك، أنّ هذا القرار وقرار وزارة الداخلية والبلديات، هما في صلب الحملات الأمنية والسياسية والإعلامية التي ركّزت على المبالغة في تصوير التأثيرات السلبية للاجئين السوريين على لبنان، وحمّلتهم مسؤولية الانهيار الاقتصادي والأزمات التي طالت قطاعات مختلفة مثل الكهرباء والإسكان والمياه وإدارة النفايات وغيرها.
المراجع
- 1المصدر: تقرير “انتهاكات لبنان لحقوق الإنسان من خلال الترحيل القسري للاجئين”، أيار 2023
- 2قانون الرسوم والعلاوات البلدية رقم 60/88، المادة 7
- 3المادة 104 من القانون عينه: “يجري تحصيل الرسوم على أساس جداول تكليف او اوامر قبض ينشر الإعلان عن وضع جداول التكليف الأساسية موضع التحصيل في الجريدة الرسمية وفي صحيفتين يوميتين على الأقل, ويذاع بالراديو على مرتين متتاليتين على أن يتضمن عندئذ تاريخ النشر في الجريدة الرسمية. يمكن الاستغناء عن النشر في صحيفتين يوميتين وعن الإذاعة بالنسبة للبلديات غير الخاضعة لقانون المحاسبة العمومية والاستعاضة عن ذلك بالإعلان على باب مركز البلدية وعلى لوحات مخصصة لهذه الغاية ضمن النطاق البلدي.”
- 4مادة 106 من القانون عينه.
- 5خبر نُشر على موقع الوكالة الوطنية للإعلام بعنوان “بلدية بيصور ناشدت وسائل الإعلام التحقق من المعلومات قبل نشرها: الإشكال في البلدة فردي بين مالك ومستأجر سوري“.
- 6خبر نُشر على موقع القناة الثالثة والعشرون بعنوان “خلاف بين أهالي بيصور ونازحين …سكاكين وقطع إصبع!“