انطلق في العام الفائت نقاش واسع حول فيلم المخرج زياد دويري “قضية رقم 23″، خصوصاً مع ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار 2018 عن فئة أفضل فيلم أجنبي، وهي المرة الأولى التي يصل فيها فيلم لبناني للمنافسات النهائية للأوسكار.
يبدأ الفيلم في دقائقه الأولى برغبة زوجة طوني في العودة إلى الدامور، قائلة بأنه تم ترميم الكنيسة هناك، ليردّ عليها زوجها بحزم رافضاً العودة. بعدها، يُبعد دويري المُشاهدَ عن الدامور لفترة، يُدخله في قصة قضية رقمها 23، وتعود بالمُشاهد أخيراً إلى الأساس الذي بدأ عليه الفيلم: مجزرة الدامور.
اعتبر الكثيرون أن أطروحة الفيلم انعزاليّة وتتلاعب بالمجازر وتعزل الأحداث التاريخيّة المؤلمة عن بعضها1حازم الأمين، المسيحيون أحبوا فيلم دويري، جريدة الحياة، 15 تشرين الأول 2017. سليم البيك، قضية رقم 23 أو كيف تُكرّه بالفلسطينيين، جريدة القدس العربي، 3 شباط 2018.. مقابل وجهة النظر هذه، تطرح علينا مجريات العرض الخاص الذي أُقيم للفيلم في سينما “أمبير الشويفات” بحضور أهالي بلدة الدامور نواحي أكثر تعقيداً.
بحسب تغطية الصحف، فقد تفاعَل جمهور البلدة بتأثر كبير مع مجريات الفيلم، رافقه تصفيق جماعي، وصرّح رئيس بلدية الدامور شارل غفري: “الفيلم يعني الكثير لأهالي الدامور (…) ويعطي الدامور حقها”. أما دويري فقال: “هذا اللقاء مع أهالي الدامور مهم جداً لي وللممثلين، فالقصة في النهاية هي قصة هؤلاء الأهالي وقصة هذه البلدة الصغيرة”.
في واقع الأمر، وجدنا كلتا وجهتي النظر المذكورتين أعلاه ناقصة لأن الفيلم لا يقدم سياقا كافيا للوصول إلى أي منهما، ولكن الفراغ المتمثل في عدم وضع الدامور في سياقها ملأته المخرجة اللبنانية رين متري بفيلمها “لي قبورٌ في هذه الأرض”. فعلى نقيض فيلم دويري، يعمل فيلم رين -الذي منع وزير الداخلية عرضه في لبنان2لي قبور في هذه الأرض ممنوع!، جريدة المدن، 17 حزيران 2015.ل– على تقليص الفجوة بين مآسي الحرب الأهلية من جهة، وكيفية تعامل السلطات (المحلية والوطنية) معها ما بعد الحرب. مثل آخرين كثيرين، تبيع رين بيتها الصيفي الواقع في إحدى القرى المسيحية لمشترٍ مسلم. تتحدث في فيلمها مع لبنانيين عاصروا الحرب وبشاعتها، يروون قصصا عن العمليات المستمرة في بيع الأراضي والخوف من الآخرين. تتقاطع هذه الأحاديث مع مواد أرشيفية معبرة وصور لتحوّلات عمرانية تتعرض لها قرى وبلدات ساحل الشوف وإقليم الخروب.
بالفعل، أدّت هذه التحوّلات السريعة للبيئة الريفية – على الرغم من أن سببها يعود إلى قوى السوق – إلى تغذية المخاوف الطائفية من تغيير هوية ونسيج المنطقة الاجتماعي، وهو الخوف الذي زرعه وعزّزه تاريخ العنف الطائفي والمجازر.
نطرح في هذا المقال موضوع التهجير والعودة والخوف في بلدة الدامور في سياق التطوّرات العمرانية التي تعرّضت لها منذ تسعينات القرن الماضي حتى اليوم، والتصاميم التوجيهية التي ساهمت في حالة اللاعودة إليها.
دامور، من أنتِ3ميشال فريد غريّب، دامور من أنت؟ أو مأساة الدامور، طبع على نفقة روز غريّب، 2000.؟
نحن الآن نتجوّل بين أشجار التوت في سهل الدامور (…) ربيع الساحل الداموري الناعم (…). عجيبة هذه البيوت المنتشرة في كل فسحة ما بين التوت. إنها بيوت من قصب مرتفعة على ركائز خشبية يسمونها “خِصاص” نستكشف في داخلها سرّاً مذهلاً من أسرار الطبيعة (…) عندما يدنو موسم القطاف، يتوافد العمال من القرى المجاورة لمساعدة الداموريين على قطف الشرانق (…) لا أحد في الدامور يسأل العامل عن هويته
بهذه الكلمات يصف المؤلف ميشال غريّب بلدته الدامور في كتاب “دامور من أنتِ؟”. قرية ساحلية احتلت في بداية القرن العشرين المرتبة الأولى بين القرى المنتجة لشرانق الحرير في لبنان. وفي سنة 1905، كان في الدامور خمسة معامل لإنتاج الحرير4مصدر الأرقام عن كتاب “دامور من أنتِ” و “دليل لبنان” لمؤلفه ابراهيم الأسود، الطبعة الثانية بعبدا سنة 1906.. خلال الانتداب الفرنسي، شهد موسم الحرير في الدامور ركودا غير عادي وزيادة ضرائب، مما أدى الى أزمة كبيرة تمثلت في إفلاس العديد من تجار الشرانق وأصحاب المصانع فيها5لم تتدخل الدولة المنتدبة لحماية الصناعة الوطنية ولإنشاء مصرف لتسليف الصناعيين.. خلال سنوات قليلة، تحوّل سهل الدامور إلى زراعة الموز والليمون، وقد تحوّلت تبعا لذلك العادات وأساليب العيش. اجتازت الدامور نكبة الحرير وتضاعف فيها عدد البيوت والمتاجر وأصبح عدد السكان حوالي عشرين ألفاً بحلول العام ١٩٧٥. تكاثُر عدد السكان وقرب المسافة من العاصمة وسهولة المواصلات معها جعل من الدامور خلال سنوات السبعينيات شبه ضاحية ريفية من بيروت الكبرى.
يعود أول تصميم توجيهي لمنطقة الدامور إلى العام ١٩٦٨. وقد أتى تجسيدًا لواقع البلدة في ذلك الحين من ناحية القوى والأولويات والتوّجهات السائدة. بموجبه، تم تقسيم النطاق البلدي إلى ست مناطق: منطقتين مختلطتين للتجارة والسكن، منطقة سكنية، سهل زراعي، منطقة صناعية ومنطقة سياحية. وكان للبلدة القديمة أعلى معدلات الاستثمار في الأرض، وذلك تشجيعاً للبناء فيها وللحدّ من الانفلاش العمراني على الأراضي الزراعية والمناطق الطبيعية. بموازاة السهل الزراعي وعلى امتداد الشاطئ، وُجدت منطقة مخصصة للسياحة والبيوت الخاصة الفاخرة. على هذا النحو، كانت الدامور لا تزال قرية زراعية بامتياز. إلا أن التصميم التوجيهي أطلق رؤية لجذب النشاطات السياحية على الشاطئ وإقامة فيلات للعائلات المتموّلة. تجدر الإشارة هنا إلى أن الرئيس شمعون بنى قصراً له على ساحل السعديات في الجزء الجنوبي من الدامور.
مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية، وفي إثر مجزرة مؤلمة، شهدت الدامور تحوّلات سريعة وتهجيراً مفاجئاً لسكانها، حيث هُدم حوالي 620 مبنى، وهُجر السهل الزراعي، وعانى الشاطئ الداموريّ من عمليات شفط الرمال بحيث تقلص حوالي 25 متراً6 UN Environment Programme, Mediterranean Action Plan, Ministry of Environment, “Coastal Area Management Program” report, July 2004..
أحداث الحرب غيّرت ديموغرافية المنطقة بشكل كبير. ولم تعُد سوى نسبة صغيرة من السكان المسيحيين إلى ديارهم عند انتهاء الحرب الأهلية، وذلك بعدما تكيّفت مع الحياة في أماكن أخرى من لبنان. خلال مرحلة إعادة الإعمار، خضعت الدامور لبرنامج محدد يتعلق بعودة المهجرين، كما وصدر في العام 1994 القانون 322 الذي سمح للمهجر بالبناء ضمن عقار لا يستوفي الشروط القانونية للبناء. في العام 1996، تم إحصاء 662 مبنى في الدامور وقُدر عدد السكان الدائمين بألف شخص7الإحصاء المركزي..
بعد سنتين، واستناداً إلى الصور الجوية، تم إحصاء 752 مبنى، أي ما يعادل زيادة بنسبة 13.5٪. بالرغم من هذا الازدياد، بقيت نسبة العودة قليلة، وانحصرت إما عبر إعادة بناء بعض البيوت في البلدة القديمة من قبل أهلها؛ أو عبر مشاريع كبرى خاصة على تلال الدامور، على شكل gated community ، تحديداً مشروع المشرف الذي انطلق بعد العام 1994.
كما يصف غريّب في كتابه، “الدامور الجديدة، حُلم في رؤوس أبنائها وبناتها”، فأهلها يتأرجحون ما بين صورة مشرقة للماضي والحياة الدافقة، وصورة الخراب المفجعة. الصورتان تتناوبان، لكن تقابلهما صورة ثالثة لدامور اليوم، هي من نسج الخيال لأن “عودة المهجرين إلى ديارهم (…) لم تُنتج سوى عدد من المنازل المتفرقة”8ميشال فريد غريّب، دامور من أنت؟ أو مأساة الدامور، طبع على نفقة روز غريّب، 2000..
اليوم، عدد الأشخاص المسجلّين رسمياً في الدامور يقارب 30 ألف شخص، فيما يصل عدد القاطنين إلى 5000 عائلة9UN Environment Programme, Mediterranean Action Plan, Ministry of Environment, “Coastal Area Management Program” report, July 2004.. ويظهر انقسام حادّ بين الدامور المسيحية والسعديات (التي تقع ضمن نطاق الدامور البلدي) المسلمة السنيّة، في ظلّ مطالبات أهالي السعديات (المعروفين بعرب السعديات والذين تواجدوا فيها ما قبل الحرب الأهلية) للانفصال عن الدامور10 UNDP, An urban suburb with the capacities of a village: The social stability context in the coastal Chouf area, Beirut, 2017..
كما وانتقل – في موازاة ذلك – سكان من فئات اجتماعية متنوّعة (في غالبيتهم من المسلمين) إلى الدامور والقرى المحيطة، وذلك هرباً من ارتفاع تكاليف السكن في بيروت. في ظل هذه الظروف، تفاقم التوّتر المجتمعي الطائفي وخطاب التخويف. فماذا عملت السلطات المحلية للتعامل مع هواجس الماضي ومتطلبات الحاضر؟
السهل الزراعي حافظ على تصنيفه الزراعي وخفض عوامل الإستثمار كالتالي:
١٥ سطحي و ٠.٣ للإستثمار العام سنة ١٩٦٨
٥ سطحي و ٠.٠٥ للعام ٢٠٠٨
الخط الساحلي الملاصق للبحر بقي تصنيفه سياحياً مع التعديلات التالية:
ـ رفع الإستثمار السطحي فيه
ـ تغيير تصنيف الخط الساحلي جنوب الدامور لجهة السعديات من منطقة إمتداد أولى إلى منطقة سياحية ونلاحظ خفض الاستثمار فيه.
المنطقة الصناعية تم إلغاؤها واستبدالها بمنطقة مصنفة سكناً خاصاً.
الأراضي الملاصقة للاوتوستراد لجهة الشرق، خفض فيها عامل الاستثمار بشكل كبير:
ففي حين كان الإستثمار السطحي 60 والعام 1,8، أصبح الإستثمار السطحي 30 والعام 0,6.
التجمع السكني الأساسي كان مصنفاً بكامله B في العام 1968. تم تقسيمه في العام 2008 إلى A ، BوC وهي مناطق سكن متوسط ومناطق سكن وتجارة.
ونلاحظ بوضوح خفض الاستثمار:
من 50 سطحي و 1,5 عام في تصنيف B في 1968
إلى 25 سطحي و 0,4 عام في تصنيف S في 2008
40 سطحي و 1,6 عام في تصنيف A
40 سطحي و 1,2 عام في تصنيف B
استحداث تصنيفات سكنية جديدة
ـ منطقة سكن خاص G
ـ منطقة سكن لعائلة واحدة MA1 ومنطقة سكن MA2
التي تضم جزءاً من «مشروع المطل»
ـ منطقة إمتداد مستقبلي H استثمارها منخفض
رؤية طبقية ومصالح اقتصادية بغطاء طائفي
بعد انقضاء أربعين عاماً على التصميم التوجيهي الأول، صدر في العام ٢٠٠٨ تصميم جديد لمنطقة الدامور. يشرح أحد أعضاء البلدية:
“أوجدنا التصميم الجديد لما فيه من مصلحة الدامور وأبنائها من ناحية تخفيض الاستثمار وتوسيع مساحة الشقق السكنية لتتماشى مع رؤيتنا للبلدة. كان هناك في التصميم القديم منطقة صناعية تمّ إلغاؤها، وأوجدنا منطقة تصنيفها سياحي على طول الخط الساحلي والتي تقع فيها حالياً المنتجعات السياحية. وهكذا أصبحت بلدية الدامور مبنية على نظام توجيهي سياحي- بيئي.”
بالنظر إلى خريطة التصميم التوجيهي الجديد وجدول التغيّرات المرافق له، نجد أن المناطق تتميّز إجمالاً بمعدلات استثمار منخفضة بالنسبة إلى معدلات الاستثمار السابقة. وهذا الأمر ملفت مقارنةً مع جميع البلدات المحيطة وبلدات الساحل اللبناني عموماً. عندما سألنا عضو البلدية عن السبب، قال:
“نحن نريد أن تكون الدامور مرتبة وتجذب الناس من الخارج. تخيلي لو أننا نسمح ببناء مبان فيها ٢ أو ٣ أو ٤ شقق في الطابق الواحد. تصبح المنطقة عندها شعبية وهذه ليست رؤيتنا. في التصميم التوجيهي خفضنا الإستثمار لهذا السبب، جعلنا مساحات العقارات أكبر والشقق كبيرة بحدود ٢٠٠ متراً مربعاً. وأضفنا الحجر للواجهات والقرميد. تعرفين أن الدامور تدمرت وتهجر أهلها، مع العودة صار هناك إعمار بطريقة عشوائية وصار هناك تلاصق… ولكن حللنا الموضوع في التصميم الجديد.”
بهذه الكلمات، تتضح رؤية البلدية لمستقبل الدامور المبنية على أساس طبقي ذات مصالح إقتصادية. فالسكان غير المرغوب فيهم هم أولئك غير القادرين على تحمّل تكاليف شراء بيت والسكن في الدامور “الجديدة”. لا سيما عندما تكون غالبية السكان الذين ينتقلون إلى الدامور هم من المسلمين الذين تم تهجيرهم من بيروت.
في مقابلة أجريناها مع متعهد بناء يعمل في الدبية والدامور، قال:
“المتعهدون (المسلمون) عم بيعمرّوا بالإقليم وساحل الشوف، وبيجيبوا معارفهم يسكنوا. بس الدامور منسميها صحراء الدامور، لأنهم مانعين تسجيل الأشغال والبناء لغير المسيحيين ليمنعوهم من تجارة البناء… باستثناء السعديات، التي تقع في الجزء الجنوبي من الدامور وهي ذات غالبية سكان مسلمة”.
في موازاة هذا “التضييق” على عمليات البناء تحت شعار الحفاظ على أملاك المسيحيين، تبرز المنتجعات الشاطئية (قد وصل عددها اليوم إلى 17 منتجعاً على ساحل الدامور) والمجمعات السكنية الحصرية التي يشجع التصميم التوجيهي الجديد على إنشائها. بالنظر إلى خريطة ملكية الأراضي، نجد أنّ نسبة عالية من ملكية العقارات حيث المنتجعات وأماكن السكن الفاخرة تابعة لمستثمرين أو شركات عقارية، مما يتناقض مع خطاب الحفاظ على الدامور لأهلها. كما وتبرز قضية مشروع “المطل” العقاري الذي اعتُبِر في عدد من المقالات الصحفية أنه الدافع المباشر لإصدار التصميم التوجيهي 2008.
ومن خلال شراكة سياسية ما بين رئيس البلدية شارل غفري والنائب إيلي عون (عضو كتلة النائب وليد جنبلاط)، استطاعت «شركة الاستثمار والتطوير العقاري» لصاحبيها السعودي طارق الرسن والنائب إيلي عون، أن تتملّك أراضي في الدامور، وتبدأ في بناء مجموعة مشاريع سكنية عملاقة تضمّ مباني عديدة تحت اسم مشروع «المطل»11فراس الشوفي، سوليدير صغيرة في الدامور، جريدة الأخبار، 24 تشرين الثاني.. كان تصنيف هذه الأراضي لا يسمح بالبناء عليها، ولكن قام تصميم الـ 2008 بتغيير تصنيف العقارات التابعة للمشروع إلى «MA2» وهو تصنيف للسكن الخاص. المشروع ولّد غضباً لدى أهالي الدامور: لماذا تُباع أراضينا ويقام عليها مشاريع لا نسكن فيها؟ جاء الجواب من أصحاب مشروع المطل، فصدر قرار مفاده أنك إذا كنت «داموريّاً» أصيلاً، تحصل على خصم 30% لشراء شقة في المشروع. تجدر الإشارة هنا، أنّ البلدية أصدرت قراراً مشابهاً فيما يتعلق بالمنتجعات الشاطئية، حيث يستطيع الداموريون “الأصليين” الدخول مجاناً إلى بعض المنتجعات في بعض أيام الأسبوع.
استمر الحديث عن مشروع المطل حتى الانتخابات البلدية في العام 2016 التي كانت أبرز عناوينها “أن أرض الدامور ليست للبيع” و “الدامور للدوامرة” و”سهل الدامور ليس للبيع”. كان خصوم رئيس البلدية شارل غفري يستخدمون “مشروع المطل” ليؤكدوا أنه يضم 300 شقة سكنية مما سيؤدي إلى خلل ديموغرافي في الدامور، في حين يرد الغفري “بأن المشروع عبارة عن 50 فيللا فخمة، تدخل ضمن نطاق مشروع المشرف، وتالياً لا يمكن أن يؤثر في الديموغرافيا في المنطقة نظراً إلى كلفته المرتفعة جداً”.
شعارات ملكية الأرض وأصالتها باتت عناوين لمعارك انتخابية وخطابات تأجيجية، في حين أنّ جوهر الأمر يكمن في المصالح الاقتصادية والرؤية الطبقية لمستقبل الدامور التي تستثني منها من لا يستطيع تحمّل تكلفتها. حماية وتعزيز الموارد المحلية أساسيّ في أيّ عملية تنظيم مُدني، ولا يمكن اختصارها في الحدّ من الاستثمار على أسس طبقية وطائفية. المساحات الخضراء المفتوحة تشكل اليوم 55% من أراضي الدامور، ولكنها في ضوء التصميم التوجيهي الحالي تجسيدٌ لعلاقات الملكية السائدة وتكراراً لأوجه اللامساواة.
كان من الممكن إرساء إنماء عادل لو وُضع تصميم توجيهي يعالج هواجس الماضي ويشرك السكان (أصليين وقاطنين) في أولوياتهم واحتياجاتهم. وربما كان من الممكن أن يطلق ذلك مساراً حقيقياً لعودة من تهجّر ورغب في العودة.
المراجع:
- 1حازم الأمين، المسيحيون أحبوا فيلم دويري، جريدة الحياة، 15 تشرين الأول 2017. سليم البيك، قضية رقم 23 أو كيف تُكرّه بالفلسطينيين، جريدة القدس العربي، 3 شباط 2018.
- 2لي قبور في هذه الأرض ممنوع!، جريدة المدن، 17 حزيران 2015.ل
- 3ميشال فريد غريّب، دامور من أنت؟ أو مأساة الدامور، طبع على نفقة روز غريّب، 2000.
- 4مصدر الأرقام عن كتاب “دامور من أنتِ” و “دليل لبنان” لمؤلفه ابراهيم الأسود، الطبعة الثانية بعبدا سنة 1906.
- 5لم تتدخل الدولة المنتدبة لحماية الصناعة الوطنية ولإنشاء مصرف لتسليف الصناعيين.
- 6UN Environment Programme, Mediterranean Action Plan, Ministry of Environment, “Coastal Area Management Program” report, July 2004.
- 7الإحصاء المركزي.
- 8ميشال فريد غريّب، دامور من أنت؟ أو مأساة الدامور، طبع على نفقة روز غريّب، 2000.
- 9UN Environment Programme, Mediterranean Action Plan, Ministry of Environment, “Coastal Area Management Program” report, July 2004.
- 10UNDP, An urban suburb with the capacities of a village: The social stability context in the coastal Chouf area, Beirut, 2017.
- 11فراس الشوفي، سوليدير صغيرة في الدامور، جريدة الأخبار، 24 تشرين الثاني.
النائب أنيس نصّار يكرر إقتراح قانون إعفاءات للمُهجّرين: حلٌّ نحو العودة أو هـُروب من الحلّ؟
اقتراح قانون إعفاء المهجّرين من رسم الإنشاءات
أحيل إلى لجان المال والموازنة، الادارة والعدل وشؤون المهجرين إلا أنه لم يدرس فيها لغاية الآن.