غابت الدولة عن الأحياء المتضررة منذ لحظة التفجير، وخلق غياب المعلومات وتضاربها والتجارب القديمة السيئة مع مشاريع إعادة الإعمار، قلقاً لدى السكان وريبةً من كل الجهات العاملة في هذه الأحياء. اليوم، تُطلق الUN-Habitat والUNESCO مشروع ترميم عددٍ من المباني في الأحياء المتضرّرة. وفي ظلّ استغلال أصحاب المُلك للعديد من الممارسات والقوانين، كما في ظلّ تسبُّب أغلب مشاريع الترميم بتهجير السكان، رأينا من الضروري أن نقدّم دليلاً قصيراً لتعريف السكان على هذا المشروع، أهدافه، أدواته وكيف من الممكن الحفاظ على حقوقهم وحماية بقاءهم في بيوتهم.
سمح استهتار الجهات العامة وتلكؤها في إدارة عملية إعادة تأهيل هذه المناطق بدخول عدد كبير من الجمعيات والمنظّمات المانحة إلى المنطقة المنكوبة، تقاسمت المنطقة جغرافياً فيما بينها وأنتجت بالتالي خريطة لتوّزعها على الأحياء. بذا، نقلت مؤسسات الدولة المسؤولية عن كاهلها إلى منظمات دولية ومحلية وجمعيات أهلية بعضها تابع للأحزاب السياسية الطائفية أو جهاتٍ دينية، ممّا أنتج مجموعة من المشاريع المتفرقة وغياب شبه تام للتنسيقٍ حقيقي بين الأطراف التي عملت على إعادة التأهيل. وقد برزت في هذا الإطار، بعض المحاولات التي لم تودّي إلى النتيجة المرجوة، وهو ما ساهم في ظهور إشكاليات عديدة منها: بروز عمليات ترميم غير متقنة في ظلّ غياب معايير واضحة وموحّدة؛ تقاسم المناطق على أساس طائفيّ وتوفير بعض الخدمات الاجتماعية بواسطة المنظّمات الخاصة التي يعمل بعضها على أساس الانتماء الطائفي والهوية؛ تغييب السكان عن إعادة تأهيل أحيائهم وخلق توتّر غير معلنٍ ما بين جيران تشاركوا المبنى أو الحيّ على مدى عقود، أو بين سكان في أحياء مجاورة ضمن المنطقة نفسها، إلخ. كذلك بقيت العائلات غير المرتبطة بأحزاب أو جمعيات أو لها أقرباء مقتدرين، الحلقة الأضعف ووجدت صعوبةً كبيرة في ترميم منازلها، مما أدّى إلى انتهاك حقوق السكان وإلغاء أي إمكانية لتعافي المنطقة. هكذا، بقي عددٌ من المباني، منها ما هو مسكون ومنها ما هو مهجور، دون ترميم فعليّ، ولم تستطع بعض العائلات العودة إلى منازلها وأحيائها، بينما يعيش بعضٌ من السكان في مبانٍ غير مرممة، من الممكن أن يشكلّ بعضها خطراً على حياتهم.
يأتي اليوم مشروع “إعادة إعمار الأبنية في بيروت وإحياء الصناعات الإبداعية الثقافية” موضوع هذا المقال، ليطرح مخططاً لإعادة ترميم حوالي 30 مبنى تراثي سكني في المناطق المتضررة.
مشروع جديد يطرق باب المناطق المتضررة
وصلنا تبليغ من منال (اسم مستعار) وهي مستأجرة قديمة في أحد المباني التراثية في مار مخايل في المناطق المتضررة من تفجير 4 آب، لمسنا فيه قلقها حول مشروع ترميم قد يطال المبنى الذي تسكن فيه، وقد يستوجب إخلاءها خلال فترة المباشرة بأعمال الترميم. وقد جاء في هذا التبليغ: “تلفنولي من الأمم المتحدّة، لأنو عم يجو يبرمو على البنايات. حكيو معي مشان قصة البناية عنّا: بدون يجو يرمموا. عم يحكو بدن يانا نترك البيوت، وطالبين كل واحد، شخص بشخصو بدن يحكوا معو. بس حبيت اطرح عليكن موضوعي، شو فيكن تنصحوني لإقدر أعمل، لأنو أنا بهل أمور ما بعرف.”
منال وعائلتها وغيرها من العائلات يقطنون في المباني “التراثية” المنوي ترميمها ضمن مشروع “إعادة إعمار الأبنية في بيروت وإحياء الصناعات الإبداعية الثقافية”1Beirut Housing Rehabilitation And Cultural Creative Industries Recovery, “BERYT” الذي ينفّذه كل من برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان (UN-Habitat) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO).
عقد فريق عمل المشروع اجتماعاً مع سكان المبنى الذي تسكن فيه منال في تشرين الأوّل 2022، تمّ خلاله شرح المشروع بشكلٍ سريع دون الدخول في التفاصيل، كما طُرحت على السكان بعض الأسئلة المتعلّقة بطريقة وصولهم إلى السكن، عقود الإيجار وقيمتها وأسئلة أوّلية أخرى. بالطبع لم يُطلب منهم المغادرة، لكن بسبب عدم معرفة السكان بتفاصيل المشروع، إلى جانب القلق الذي يرافق المستأجرين بشكلٍ عام، والمستأجرين القدامى بشكلٍ خاص نتيجة تجارب سيئة سابقة أو الثقافة العامة حول ضعف حقوق المستأجرين، رُبط موضوع الترميم مباشرةً بتخوّف هؤلاء من إخلاء المبنى الذي يقطنون فيه دون ضمان حقهم في العودة إلى منازلهم بعد الترميم – أو حتى حقهم في معرفة كافة التفاصيل التي سوف تؤثر على مجرى حياتهم.
من هذا المنطلق، يقدّم هذا المقال تعريفاً للمشروع استناداً إلى المعلومات المتوفرة. في التفاصيل، نظّم الطرفان لقاءَين إعلاميين حتى اليوم حول هذا المشروع2الخميس في 16 حزيران 2022 والأربعاء في 12 تشرين الثاني 2022، في مار مخايل في مرآب مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، المدور، بيروت.، وقد كانت الدعوة إلى هذه اللقاءات عامة، عُرض خلالها شرحاً عاماً حول المشروع وسياقه، إضافةً إلى شرح حول مكوناته الأساسية. وقد حضر هذه اللقاءات محافظ بيروت ونقيب المهندسين في بيروت ورئيسة فرع المعماريين، إلى جانب عدد من الجمعيات المعنية بالعمل في إعادة تأهيل المناطق المتضررة والجمعيات المعنية بالأبنية التراثية، كما وعدد قليل من سكان المناطق المتضررة، منهم من هو من المالكين للعقارات التي تحوي أبنية تراثية ومشمولة في المشروع المطروح.
عن المشروع
يُعتبر هذا المشروع جزءاً من المشاريع المقترحة في إطار مبادرة البنك الدولي مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (3rf) والتي تُعنى بالاستجابة الشاملة للتفجير، والتي تمّ تصميمها كعملية تعاونية تقوم على مشاركة الحكومة والمجتمع المدني (المنظمات غير الحكومية) والقطاع الخاص وكذلك شركاء التنمية، بتمويل من صندوق تمويل خاص بلبنان (LFF – Lebanon Financing Facility) وهو صندوق ائتماني متعدد المانحين. وقد ساهمت اللجنة الاستشارية الفنية3مهمة هذه اللجنة استشارية فقط وليست إشرافية. (Technical Advisory Committee – TAC) في النقاشات الاستراتيجية حول المشروع وفي وضع التوصيات حول قطاعات الإسكان والصناعات الثقافية والإبداعية. تتألّف هذه اللجنة من ممثلين عن بعض الجهات الرسمية4محافظ وبلدية بيروت، المديرية العامة للآثار ووزارة الثقافة، المؤسسة العامة للإسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية، غرفة الطوارئ المتقدمة لمدينة بيروت (FER) والجيش اللبناني. والمنظمات الدولية5برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان (UN-Habitat) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO). وبعض منظمات المجتمع المدني (CSOs)6كمبادرة بيروت للتراث (BHI).، إلى جانب نقابة المهندسين في بيروت (OEA). علماً أنّ هذا الإطار تقوده بشكلٍ أساسي المنظمات الدولية والجهات المانحة، مُغيِّبةً بالتالي المؤسسات العامة، أصحاب الحقوق والمتضررين والسكان والفئات الأكثر هشاشة عن النقاش حول إعادة تأهيل أحيائهم وعن مواضيع عديدة تتعلّق بحياتهم.
يتكوّن المشروع المطروح من مكوّنين أساسيين: المكوّن الأوّل يتعلّق بترميم أبنية سكنية ذات طابع تراثي في المنطقة المتضررة من بيروت7تمّ توقيع عقد المحور الأوّل رسمياً في شهر آذار 2022.، أمّا المكون الثاني فيتعلّق بدعم النشاطات الثقافية والإبداعية وتعافي الصناعات في المنطقة8تمّ توقيع عقد المحور الثاني رسمياً في شهر تموز 2022.. ومن المفترض أن يُنجز هذا المشروع عام 2024، وتبلغ القيمة المرصودة له 12،75 مليون دولار أمريكي، تقسّم بشكلٍ تقريبي بين 10 ملايين للمكوّن الأوّل والمبلغ المتبقي يكون من حصة المكوّن الثاني.
ضمن اللقاء الأوّل الذي عُقد في حزيران 2022 في مرآب مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك في مار مخايل، تمّ شرح المحور المتعلّق بترميم الأبنية السكنية ذو الطابع التراثي، وقد كان هذا المحور في مراحله الأوّلية. يهدف هذا المحور إلى تعزيز عودة الأسر التي كانت تعيش قبل التفجير في المنطقة المتضررة، وتقديم المساعدة التقنية أو الفنية لدعم الإيجار (المستأجرين والمالكين) من خلال ترميم 31 مبنى تراثي موّزع ضمن أربع مناطق (zones). وقد عُرضت المعايير التي جرى على أساسها اختيار المباني المستهدفة، وأبرزها: درجة الضرر اللاحق بالمبنى على إثر التفجير (ضرر إنشائي)، الوضع الاجتماعي الاقتصادي للمستفيدين، أن يكون موقع العقار الجغرافي ضمن نطاق 2 كم من موقع التفجير، وأن يكون المبنى ذو طابع تراثي (قبل عام 1975)، يُضاف إلى ذلك بعض المعايير الأخرى كوجوب أن يكون المبنى سكنيّ وغير مسكون حالياً، كذلك أن يكون المبنى غير مهجور من قبل التفجير. استند اختيار المباني على مسح أجرته عدد من المنظمات وعلى استشارات مع الجيش اللبناني الذي مسح الأضرار بعد التفجير. وقد كان العدد الأوّلي للمباني 65 مبنى، تمّ بعدها استبعاد تلك التي كانت شاغرة قبل التفجير، المباني غير السكنية والمباني التي رُممت كلياً أو جزئياً، فانخفض العدد من 65 إلى 59 ثمّ 31. يُذكر هنا، وبحسب القيّمين على المشروع، أنّ المعلومات المتعلّقة بالمباني التي حصلوا عليها من الجهات المختلفة، حملت عدداً من التناقضات والمغالطات ومعلومات غير دقيقة ومتضاربة.
تغيّرت المعطيات المتعلّقة بهذا المحور خلال اللقاء الثاني، وذلك بعد البدء بالعمل الجدّي على المشروع، حيث ظهر عددٌ من الإشكاليات والعقبات غير المرتقبة. في هذه المرحلة أيضاً، اكتمل فريق عمل المشروع9يضمّ فريق عمل الـ Un-Habitat، مهندسة مرممة: ناتالي شاهين، شريك منفّذ: (Implementing Partner) جمعية المقاصد، مكتب المحاماة: لِغاليس – كرم وشركاه (LEGALIS)، ومكتب الهندسة: عبد الواحد شهاب. وحُددت آلية العمل التي تتألف من الخطوات والمراحل التالية: اللقاء مع مالكي المباني أو مستأجريها، جمع البيانات (وثائق قانونية، إفادات عقارية، إلخ)، المسح الاجتماعي والاقتصادي10سيتمّ العمل على جزء من المسح الاجتماعي والاقتصادي من خلال استشارة مفاتيح المنطقة كالمخاتير.، تطوير التصاميم والخرائط الهندسية لترميم المباني وتقدير كلفة الترميم، إبرام اتفاقية بين المستفيدين والجهة المموّلة (مالك، مستأجر وUN-Habitat)، وأخيراً مرحلة التنفيذ والمراقبة والتقييم.
بعد اللقاء الأوّل، تمّ إلحاق 27 مبنى إضافيّاً على اللائحة الأولية للمباني. وبدأت عملية جمع قاعدة بيانات متعلّقة بهذه المباني وتحليلها. توزّعت المباني على عدّة مناطق عقارية على الشكل التالي: 11 مبنى في المدوّر، 33 مبنى في الرميل، 5 مباني في الأشرفية، و13 مبنى في الصيفي. ترافق البدء بالمسح التفصيلي لهذه المباني بظهور تعقيدات قانونية متعلّقة بملكية المباني وبكون بعض هذه المباني مسكونة أو بصعوبة الوصول إلى المعلومات المتعلّقة بالسكان خصوصاً الذين غادروا بعد التفجير. وبالتالي، تمّ تقسيم هذه المباني بين 17 مبنى مؤهل (مباني أصبحت خالية بعد التفجير)، 39 مبنى غير مؤهل (مباني مسكونة حالياً أو مهجورة قبل التفجير أو غير سكنيّة)، و6 مبانٍ لا تتوّفر المعلومات بشأنها.
بالنسبة للمباني المؤهلة، هناك 7 منها لا مشاكل حولها، وبالتالي سيتمّ إعداد الدراسة الاجتماعية/الاقتصادية المتعلّقة بها، وإعداد الخرائط الهندسية، لتبدأ بعدها أعمال الترميم في أقرب وقت ممكن. فيما خصّ سكان هذه المباني، فبعضهم مالكين، بعضهم مستأجرين قدامى، والبعض الآخر من المستأجرين الجدد. يتواصل فريق عمل المشروع مع هؤلاء جميعاً، بهدف التأكد من رغبتهم في العودة. بشكلٍ عام، أبدى المستأجرون الجدد عدم رغبتهم في العودة، إذ أنّهم انتقلوا منذ أكثر من سنتين للعيش في مكانٍ آخر واستقرّوا فيه، والمبلغ الذي سيترتّب عليهم دفعه كبدل إيجار في حال عودتهم، هو نفسه مقارنةً بسكنهم الحالي، خصوصاً أنّ سير عملية الترميم قد يتطلب وقتاً. وهذا ما يشكلّ الفرق الأساسي بين المستأجرين الجدد والمستأجرين القدامى، وهو ما يضيف إلى القلق المستمرّ الذي يلاحق الأخيرين حول مستقبل سكنهم. في المقابل، لم يلقَ المشروع تجاوباً لدى الكثير من مالكي المباني11يقع بعضها على شارع أرمينيا (مار مخايل). التي تتوفّر فيها شروط التأهيل، حيث يجد العديد من المالكين القدامى في الهدم أو البيع ربحاً ماليّاً يضمن شيخوختهم، في ظلّ غياب أيّ ضماناتٍ أخرى خاصة في ظلّ الأزمة الاقتصادية الحالية؛ إلى جانب ضرورة موافقة كافة المالكين على أعمال الترميم، وهو ما يمكن أن يشكّل عائقاً إضافياً في ظلّ وجود عدد كبير من الملكيات المشتركة في المنطقة. بيد أنّ عدم استخدام السلطات المعنية -والتي تشكلّ جزءاً من اللجنة الاستشارية الفنية على المشروع- قدرتها على فرض الترميم من خلال أدوات التنظيم المديني، يطرح أسئلة عديدة حول عمل هذه السلطات وحقيقة اهتمامها بمصالح السكان.
بالنسبة للمباني غير المؤهلة لتكون جزء من المشروع12لا تستوفي الشروط الموضوعة من قبل البنك الدولي بخصوص المشروع.، فهي مؤلفة من فئتين أساسيتين: المباني المسكونة حالياً، وتلك المهجورة منذ ما قبل التفجير والتي بلغ عددها حوالي 33 مبنى (ما يشكلّ جزءاً كبيراً من عدد المباني الموضوعة على اللائحة الأولية للترميم)، علماً أنّ هذه المباني قد تصبح مؤهلة ضمن شروطٍ معيّنة. يتألّف السكان في المباني المسكونة حالياً (حوالي 8 مبانٍ) من مستأجرين قدامى، بالإضافة إلى شخص واحد يمتلك شقته. بدأ فريق عمل المشروع بالتواصل مع هؤلاء، من ثمّ سيتمّ التواصل مع المالكين13يتمّ التواصل مع كافة المالكين للوصول إلى 2400 سهم (في الملكيات المشتركة)، علماً أنّ العديد من المالكين هم خارج البلاد ويتمّ أحياناً التعاطي مع المحامين الموكلين عن المالكين. كما يتمّ جمع كافة الأوراق القانونية المتعلّقة بالمباني ما يمكّنهم من معرفة ما إذا كان هناك مشاكل قانونية متعلّقة بالمبنى (دعاوى قضائية).. يقوم بعض المالكين بإعطاء معلومات غير دقيقة، كما يحاولون استغلال موضوع الترميم لنشر الخوف بين المستأجرين حول إمكانية إخلائهم. في حالة المباني المسكونة، سيتمّ تأمين السكن البديل أو إعطاء بدل إيجار للسكان14سيحدَّد بدل الإيجار بحسب مؤشر البدل الذي حُدد من قبل الـ UN بعد التفجير، مع احتساب عوامل التضخّم والتغيير بسعر الصرف الذي طرأ منذ تلك الفترة. (وهو الاحتمال الأرجح) خلال فترة الترميم في حال إخلائهم. هناك احتمال، حيث تسمح الظروف، أن يتمّ ترميم المبنى بوجود السكان بعد فرض شروط أكثر صرامةً من حيث السلامة على متعهّد المشروع، لكنّ الأمر يبقى غير محبذ، نظراً للمخاطرة التي من الممكن أن تنتج عنه.
في الحالات أعلاه، وعلى اعتبار أنّ هذا المكوّن يهدف لتحقيق عقود إيجار مستدامة بعد إعادة التأهيل (عقد طويل الأجل، وتحديد سقف لبدلات الإيجار)، وتنمية قدرات المستأجرين من أجل الدفاع عن حقوقهم وتقليل مخاطر الإخلاء15ستشمل هذه العملية تحديد القضايا القانونية المتعلقة بحقوق الملكية في المباني المختارة، والتأكد من أن المستأجرين لديهم عقود إيجارات مناسبة والتأكد من فهم الطرفين للاتفاقيات القانونية، ومراجعة الحلول القانونية المتعلقة بالمستأجرين بناءً على القوانين والأنظمة اللبنانية. كذلك، سيتّم وضع اتفاقيات مع المالكين لمنع المضاربة العقارية.، من المفترض توقيع اتفاقية بين المالك والمستأجر لضمان إعادة السكان بالشروط نفسها16سوف تأخذ الاتفاقية بعين الاعتبار بعض الثغرات القانونية التي من الممكن أن تستخدم ضدّ المستأجر، على سبيل المثال، قانونياً يسقط حقّ المستأجر القديم في المنزل إذا ترك المنزل لمدة سنة بلا دفع بدل الإيجار أو ستة أشهر مع دفع بدل الإيجار.. كذلك، من المفترض إعادة المباني المرمَّمة للحالة التي كانت عليها قبل التفجير، مع توفّر هامش لبعض التغييرات بحسب رغبة السكان، حيث سيتمّ إطلاعهم على التصاميم.
فيما خصّ المباني المهجورة قبل التفجير، أطلقت إدارة المشروع دعوة (Expression of Interest) لمالكي هذه المباني بهدف معرفة من منهم يبدي اهتماماً ورغبة بترميم المبنى الذي يملكه، ضمن شروط معيّنة والتي قد تشمل منع الهدم أو البيع، فرض استخدام عام أو سكن ميسّر على المبنى بعد الترميم وغيرها من الشروط17يمكن فرض هذه الشروط، حتّى في حال تغيّرت ملكية العقارات المستهدفة (بيع العقار أو في حال وفاة المالك وانتقال ملكية العقار إلى الورثة) من خلال تعهّد يمكن امضائه أمام كاتب عدل وتسجيل الإشارة في الدوائر العقارية. التي سيتمّ مناقشتها بشكلٍ أوسع مع بعض الجهات المعنيّة (مدير المؤسسة العامة للإسكان، والجهات أو الجمعيات العاملة على هذا السكن) لتطوير تصوّر لما يمكن فعله بهذه المباني.
حتّى الآن، تتغيّر لائحة المباني المستهدفة بعملية الترميم بشكلٍ مستمرّ. وفي حال عدم التوصّل إلى اتفاقيات بين كلّ الجهات (مالك/ مستأجر والجهة المانحة) لن يتمّ ترميم المبنى. ووفقاً لكلّ المعطيات والمعايير18بحسب المستند الذي رفعه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان (UN-Habitat) إلى البنك الدولي حول المشروع في 17 كانون الأوّل 2021، تجدونه على الرابط التالي: p176577_esmf_lmp-un-habitat_final_.pdf (unhabitat.org) السابقة (معايير اجتماعية اقتصادية19 إعطاء الأولوية للأسر الأشد فقراً والأكثر تضرراً من التفجير، على أنّ تراعى معايير الهشاشة الاجتماعية (وجود كبار السن، الأسر التي تعيلها نساء، الأشخاص ذوي الإعاقة، واللاجئين/ات، والمباني الواقعة في منطقة ذات ضعف اجتماعي) والضعف الاقتصادي (الأسر التي تتلقى دعم الإيجار، مستوى الدخل). سيعطي المشروع الأولوية للمباني التي يشغلها المستأجرون في الغالب.، ملكية المباني20سيتمّ استثناء المباني المملوكة من القطاع العام، والمباني المستأجرة من القطاع العام، كما سيتمّ استثناء المباني ذات المشاكل المتعلّقة بحيازة وملكية العقار، والتي هناك مشاريع لبيعها، نقل ملكيتها، هدمها…، الشغور21سيعطي المشروع الأولوية للمباني الشاغرة وهي بالتالي الأكثر تضررًا التي باعتبارها غير آمنة للسكن. والمقصود هنا بالتحديد، المباني التي أصبحت شاغرة بعد التفجير.، وغيرها) سيتمّ إختيار المباني النهائية التي سيتمّ ترميمها ضمن هذا المشروع (والتي من المفترض أن يكون عددها 31 مبنى، ليطال المشروع حوالي 560 شخصاً، لكن من المتوقّع أن يكون عدد المباني المرمَّمة 20 مبنى، بشرط الوصول إلى العدد المستهدف من العائلات). ويبقى ذلك كلّه رهن القيمة المرصودة للمشروع بكليته. كذلك، سوف تبدأ أعمال الترميم بشكلٍ تدريجيّ ولن يتمّ انتظار اكتمال لائحة المباني النهائية في المشروع لبدء أعمال الترميم.
بالنسبة للمكوّن الثاني، فهو تحت إشراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO)، ويقوم على تقديم منح للمؤسسات الثقافية، منها 65 منحة لمنظمّة لا تبغي الربح و85 منحة لأفراد، وسيتمّ في وقتٍ لاحق إطلاق طلبات تقديم العروض (request of proposal). أمّا الشروط الواجب توّفرها في الراغبين من الاستفادة من هذه المنح فهي: أن يكون ضمن نطاق 5 كم من محيط التفجير وأن يقدّم دراسة تقنيّة حول مشروعه على أن يكون مجال عملها مرتبط بالفنون التشكيلية والحرف، الفنون الاستعراضية، التراث الثقافي غير المادي، الأدب والصحافة، السياحة الثقافية والإعلام المرئي والمسموع والتفاعلي.
كيف نضمن حقوق سكان الأبنية المستهدفة بمشاريع الترميم
طُرحت خلال هذه اللقاءات آلية للتواصل وقنوات لتقديم الشكاوى المتعلّق بالمشروع، حيث سيتمّ تنظيم لقاءات دورية لعرض تطورات المشروع، كما سوف يتمّ خلق موقع وبريد إلكتروني، إلى جانب رقم هاتف (81582376) لتسهيل عملية التواصل، المراجعات، الإستعلامات والشكاوى.
فبغياب الأطر التنظيمية والتمثيلية (إن كان لجان الأحياء أو نقابات) تعكس حاجات السكان والتمثيل الحقيقيّ لهم، لجان تكون بمثابة منصة موحِّدة لاهتمامات الأحياء، مطالبها، احتياجاتها، آمالها وتطلّعات سكانها، يجدر إيلاء أهمية قصوى لضرورة العمل المباشر مع كافة السكان المتأثرين بهدف ضمان حقوقهم.
حاولنا من خلال هذا الدليل القصير تقديم لمحة عامة وأوليّة عن المشروع، حيث أن الوصول إلى المعلومات هو حقّ في أي نهج متعلّق بإعادة الإعمار وسياسة سكنية. كما حاولنا بشكلٍ مستمرّ أن نضع على الطاولة مخاوف السكان، همومهم المشتركة وأولوياتهم. في هذا الصدد، نشارك هنا بعض المستندات لدعم السكان المعنيين الذي يعيشون في المباني المستهدفة من خلال هذا المشروع لطرح الأسئلة المناسبة التي تساهم في الحفاظ على حقوقهم بشكلٍ عام وسكنهم بشكلٍ خاص (كتاب تعهّد ونصائح قانونية). وقد قام فريق عملنا الميداني خلال شهر كانون الثاني 2023 بزيارة المباني التي من الممكن أن يشملها المشروع وفقاً للائحة أوليّة غير نهائيّة حصلنا عليها، وقمنا بتوزيع نسخ ورقية عن التعهدّات على سكان المباني الذين كانوا موجودين في منازلهم أثناء زيارتنا. كذلك تمّت مشاركة هذه المستندات مع أعضاء تجمّع سكان الأحياء المتضررة من تفجير 4 آب لتكون متاحة لمن قد يحتاجها، علماً أنّ هذه المستندات ليس مرتبطة بهذا المشروع فقط بل يمكن استخدامها والاستفادة منها في أي مشروع إعادة تأهيل.
للحصول على نسخة عن التعهد المنظّم لعقود الإيجار القديم الضغط هنا. يمكن استخدام هذا الكتاب من قبل السكان ذوي عقود الإيجار القديم مع الشركة المرمِمة لحفظ حقوقهم وضمان عودتهم إلى بيوتهم.
للحصول على نسخة عن التعهد المنظّم لعقود الإيجار الحر الضغط هنا. يمكن استخدام هذا الكتاب من قبل السكان ذوي عقود الإيجار الحرّ مع الشركة المرمِمة لحفظ حقوقهم وضمان عودتهم إلى بيوتهم.
للاطّلاع على المذكرة القانونية الضغط هنا. تهدف هذه المذكرة لتعريف السكان المتأثرين من هذه المشاريع بحقوقهم وكيفية الدفاع عنها من خلال إرشادات واستشارات قانونية، وتسعى للضغط على الشركات المرممِة لاتباع مقاربة تأخذ بعين الاعتبار المكوّن الاجتماعي الاقتصادي لإعادة الإعمار.
كذلك، – وكما ذكرنا في مقالات وأبحاثٍ سابقة (كيف نحمي السكان المتضررين من تفجير مرفأ بيروت، إعادة إعمار في الرميل: هل تحيا الأحياء دون سكّانها؟، عن رؤية الشركات الأوروبية لإعادة إعمار مرفأ بيروت: الأولويات المطروحة وأولويات السكّان) – إن مشاريع إعادة التأهيل المتفرقة وغير المترابطة، بغياب سياسة أو رؤية شاملة تستفيد من دروس الماضي، وإطار عمل عادل لإعادة الإعمار، لن يُحقّق التعافي الاجتماعي والاقتصادي الذي نطمح إليه والعدالة التي نتوق إليها ونحاول أن نعمل نحوها. وبالتالي، فإنّ عملية إعادة تأهيل الأحياء المتضررة واستنهاضها، من الكرنتينا ومار مخايل والجميزة إلى الجعيتاوي هي صراع سياسي حقيقي، ونحن مازلنا بأمسّ الحاجة إلى رؤية وإطار شامل، بغض النظر عن الجهة التي سوف تُكلَّف للتنفيذ أو للتمويل.
المراجع
- 1Beirut Housing Rehabilitation And Cultural Creative Industries Recovery, “BERYT”
- 2الخميس في 16 حزيران 2022 والأربعاء في 12 تشرين الثاني 2022، في مار مخايل في مرآب مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، المدور، بيروت.
- 3مهمة هذه اللجنة استشارية فقط وليست إشرافية.
- 4محافظ وبلدية بيروت، المديرية العامة للآثار ووزارة الثقافة، المؤسسة العامة للإسكان ووزارة الشؤون الاجتماعية، غرفة الطوارئ المتقدمة لمدينة بيروت (FER) والجيش اللبناني.
- 5برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان (UN-Habitat) ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (UNESCO).
- 6كمبادرة بيروت للتراث (BHI).
- 7تمّ توقيع عقد المحور الأوّل رسمياً في شهر آذار 2022.
- 8تمّ توقيع عقد المحور الثاني رسمياً في شهر تموز 2022.
- 9يضمّ فريق عمل الـ Un-Habitat، مهندسة مرممة: ناتالي شاهين، شريك منفّذ: (Implementing Partner) جمعية المقاصد، مكتب المحاماة: لِغاليس – كرم وشركاه (LEGALIS)، ومكتب الهندسة: عبد الواحد شهاب.
- 10سيتمّ العمل على جزء من المسح الاجتماعي والاقتصادي من خلال استشارة مفاتيح المنطقة كالمخاتير.
- 11يقع بعضها على شارع أرمينيا (مار مخايل).
- 12لا تستوفي الشروط الموضوعة من قبل البنك الدولي بخصوص المشروع.
- 13يتمّ التواصل مع كافة المالكين للوصول إلى 2400 سهم (في الملكيات المشتركة)، علماً أنّ العديد من المالكين هم خارج البلاد ويتمّ أحياناً التعاطي مع المحامين الموكلين عن المالكين. كما يتمّ جمع كافة الأوراق القانونية المتعلّقة بالمباني ما يمكّنهم من معرفة ما إذا كان هناك مشاكل قانونية متعلّقة بالمبنى (دعاوى قضائية).
- 14سيحدَّد بدل الإيجار بحسب مؤشر البدل الذي حُدد من قبل الـ UN بعد التفجير، مع احتساب عوامل التضخّم والتغيير بسعر الصرف الذي طرأ منذ تلك الفترة.
- 15ستشمل هذه العملية تحديد القضايا القانونية المتعلقة بحقوق الملكية في المباني المختارة، والتأكد من أن المستأجرين لديهم عقود إيجارات مناسبة والتأكد من فهم الطرفين للاتفاقيات القانونية، ومراجعة الحلول القانونية المتعلقة بالمستأجرين بناءً على القوانين والأنظمة اللبنانية. كذلك، سيتّم وضع اتفاقيات مع المالكين لمنع المضاربة العقارية.
- 16سوف تأخذ الاتفاقية بعين الاعتبار بعض الثغرات القانونية التي من الممكن أن تستخدم ضدّ المستأجر، على سبيل المثال، قانونياً يسقط حقّ المستأجر القديم في المنزل إذا ترك المنزل لمدة سنة بلا دفع بدل الإيجار أو ستة أشهر مع دفع بدل الإيجار.
- 17يمكن فرض هذه الشروط، حتّى في حال تغيّرت ملكية العقارات المستهدفة (بيع العقار أو في حال وفاة المالك وانتقال ملكية العقار إلى الورثة) من خلال تعهّد يمكن امضائه أمام كاتب عدل وتسجيل الإشارة في الدوائر العقارية.
- 18بحسب المستند الذي رفعه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية في لبنان (UN-Habitat) إلى البنك الدولي حول المشروع في 17 كانون الأوّل 2021، تجدونه على الرابط التالي: p176577_esmf_lmp-un-habitat_final_.pdf (unhabitat.org)
- 19إعطاء الأولوية للأسر الأشد فقراً والأكثر تضرراً من التفجير، على أنّ تراعى معايير الهشاشة الاجتماعية (وجود كبار السن، الأسر التي تعيلها نساء، الأشخاص ذوي الإعاقة، واللاجئين/ات، والمباني الواقعة في منطقة ذات ضعف اجتماعي) والضعف الاقتصادي (الأسر التي تتلقى دعم الإيجار، مستوى الدخل). سيعطي المشروع الأولوية للمباني التي يشغلها المستأجرون في الغالب.
- 20سيتمّ استثناء المباني المملوكة من القطاع العام، والمباني المستأجرة من القطاع العام، كما سيتمّ استثناء المباني ذات المشاكل المتعلّقة بحيازة وملكية العقار، والتي هناك مشاريع لبيعها، نقل ملكيتها، هدمها…
- 21سيعطي المشروع الأولوية للمباني الشاغرة وهي بالتالي الأكثر تضررًا التي باعتبارها غير آمنة للسكن. والمقصود هنا بالتحديد، المباني التي أصبحت شاغرة بعد التفجير.