أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR في تقريرٍ صادرٍ في شهر أيلول 2022 عن نقص حاد في التمويل، أوقفت على ضوئه دعمها لـ 63,883 أسرة سورية ابتداءً من كانون الثاني 2023. يأتي هذا النقص، بحسب المفوضية، نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة النزوح المتعلّقة بها، إضافةً إلى سيطرة طالبان عام 2021 على أفغانستان والفيضانات المدمرة التي ضربت في باكستان، وأخيراً الزلزال المفجع الذي ضرب تركيا.
فمن يحمي ويدعم اللاجئين/ات السوريين في ظلّ هذا التخلّي الدولي عنهم، لا سيّما في سياق تخاذل السلطات اللبنانية التي ما زالت تستخدم الخطابات العنصرية اتجاههم كوسيلة لصرف الانتباه عن المسؤوليات الداخلية للأزمة وفشل السلطة في إدارتها؟
وقد بدأنا نلمس وبشكل مباشر تداعيات توقّف هذا الدعم، حيث وصل إلى مرصد السكن بين 24 شباط و24 آذار 2023، 146 بلاغاً متعلّقاً بانتهاكات الحقوق السكنية، بينها 129 بلاغ، أي نسبة 88%، لأسر سورية بلّغت عن عدم قدرتها على دفع الإيجار و/أو عن كونها مهددّة بالإخلاء. وقد توزّعت البلاغات بين محافظة جبل لبنان (39.5%)، ثمّ البقاع (17%)، الشمال (16.2%)، بعلبك الهرمل (10.8%)، وعكار (7.7%)، وسجلت منطقة برج حمود والنبعة (17%) تليها مدينة طرابلس (9.3%) النسب الأعلى من البلاغات، وهي مناطق مهمّشة أصلاً، وتأوي حالياً السكان من ذوي الدخل المحدود والطبقة العاملة من جميع الجنسيات. وقد ذكر بعض منهم أن سبب هذه الهشاشة السكنيّة المستجدة هو توقّف الدعم الذي تتلقاه الأسر من المفوضية، والذي كان يساهم في تغطية الحدّ الأدنى من نفقات الأسر الأساسية، ومن بينها السكن.
مع اشتداد الأزمة الاقتصادية التي تُلقي بثقلها على اللبنانيين/ات وعلى الفئات الأكثر هشاشةً من اللاجئين/ات والمهاجرين/ات على حدٍّ سواء، يساهم قرار من هذا النوع في تدهورٍ إضافيّ في حياة الأسر السورية ويزيد من تهميشها، ويعرّضها إلى الفقر المدقع والعوز، ويهدد أمنها الغذائي والسكنيّ، ويعرّضها للمزيد من الاستغلال؛ مع العلم أنّ تسعة من 10 لاجئات\ين يعيشون أصلاً في فقر مدقع، وأنّ 96% منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي وهن\م غير قادرين على الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وفي ظل تغيّر العلاقات بين الدول وتبدّل الصراعات الإقليمية ليصبح أحدها أقلّ أهمية من غيرها بالنسبة للدول الكبرى، نشهد في الوقت عينه، كيف تنخفض قيمة حياة الناس وحقوقهن\م، في عين المنظمات الدولية.