تعميم بلدية سن الفيل يحرم الأطفال السوريين حقّهم في التعليم

المصدر: التعميم الذي أصدرته بلدية سن الفيل بتاريخ 25 حزيران 2025

في 25 حزيران 2024، أصدرت بلدية سن الفيل تعميماً ينصّ على اتّخاذ إجراءات مرتبطة بتواجد اللاجئين السوريين في نطاقها.
هذا التعميم هو حلقة من سلسلة تعاميم تمييزية أصدرتها السلطات المحلية، بما في ذلك البلديات واتحادات البلديات والمحافظين، وهو جزء من حملة التحريض المستمرة على السوريات\ين التي تلت مقتل باسكال سليمان -أحد الشخصيات البارزة في حزب القوات اللبنانية- في نيسان الماضي.

فمنذ 9 نيسان 2024 حتى اليوم، رصدنا في استديو أشغال عامة صدور أكثر من 40 تعميماً يطال بلدات عديدة في كلّ من محافظة الشمال وعكار وجبل لبنان وكسروان-جبيل والنبطية. وتشير عملية الرصد المستمرة إلى تواصُل صدور تعاميم جديدة من هذا القبيل.
تطلب هذه التعاميم من أهالي البلدات الإبلاغ عن الأفراد السوريين المقيمين ضمن نطاق سلطة بلديتهم، والتحقق من أوراقهم الثبوتية، وتهدّدهم بالطرد والإخلاء دون مهل، أو بمهل قصيرة جدّاً. كما تفرض قيودًا على حركة السوريين وسكنهم وعملهم، وغالباً ما تتجاوز هذه القيود الصلاحيات القانونية للسلطات المحلية1لقراءة تفاصيل أكثر عن القيود المفروضة ومحتوى بعض التعاميم، الاطّلاع على تقرير: “السلطات المحليّة تعمّم اللاشرعية: رصد 15 تعميماً بخصوص السوريين بين 9 و24 نيسان 2024″..

بالرجوع إلى تعميم بلدية سن الفيل، فهو يتضمّن بندين. البند الأول يتشابه إلى حد كبير مع محتوى تعاميم البلدات الأخرى، حيث يفرض قيوداً على سكن اللاجئين السوريين، طالباً من جميع أصحاب العقارات في البلدة عدم تأجير عقاراتهم للأشخاص الأجانب، السوريين تحديداً، اللواتي والذين لا يحملون إقامة قانونية. إلا أن البند الثاني من التعميم يُعدّ إجراءً مستحدثاً ومثيراً للجدل، ولم يتم اعتماده من قِبل أي بلدية أخرى حتى الآن. يطالب هذا البند جميع المدارس الرسمية والخاصة في نطاق بلدية سن الفيل بعدم تسجيل التلاميذ الذين لا يحملون إقامة شرعية في مدارسهم، بحجة “الحفاظ على حقوق المواطن اللبناني”.

يضرب التعميم المذكور بمجمله عرض الحائط كافة المعاهدات الدولية والقوانين المرعية ويخالف حتى القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات وتحديداً القرار رقم 422/ص.م. الصادر بتاريخ 3/5/2023، حيث أن مراجعة قرارات الداخلية تُبيّن أن الهدف منها هو تنظيم وجود اللاجئين السوريين من خلال تعدادهم وتسجيلهم، من أجل تسوية أوضاعهم القانونية من خلال الاستحصال على إقامات من المديرية العامة للأمن العام وفقاً للأصول. لكن بلدية سن الفيل تمنح نفسها الحرية في تجاوز تعليمات وزير الداخلية، والتعدي فعلياً على صلاحيات وزارة التربية والتعليم العالي، من خلال طلب الحظر الكامل على تسجيل كافة التلاميذ السوريات\ين غير الحائزين على إقامات شرعية.

عملياً، تحول عدّة عقبات بين التلاميذ السوريات\ين وحقهم في التعليم، من بينها حصر تعليم اللاجئين بالقطاع الرسمي (مع استبعاد معظم اللاجئين من المدارس الخاصة بسبب رفض المدارس التعسفي لتسجيلهم أو بسبب عدم قدرة الأهل على تحمّل رسوم التسجيل الباهظة)، ومنع اندماجهم مع باقي التلاميذ عبر فرض الدوام الليلي، واشتراط الحيازة على إقامة سارية للتسجيل للامتحانات الرسمية، والتسجيل للتعليم الثانوي أو الرسمي، علماً أنه جرت العادة بأن يصدر مجلس الوزراء، في أواخر كل سنة دراسية، قراراً يعفي بموجبه التلاميذ السوريات\ين من تأمين المستندات المطلوبة، أي الإقامة، للتقدّم للامتحانات الرسمية.

وتقدر دراسة أجرتها منظمة هيومن رايتس ووتش عام 2022 أن 17% فقط من اللاجئين السوريين يحوزون على إقامات قانونية. علاوة على ذلك، فإن 71% ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً هن\م خارج التعليم، في حين أن أكثر من 30% لم يلتحقوا بالمدارس مطلقاً.
ومع صدور هذه التعاميم الجديدة التي تدعو إلى حرمان التلاميذ السوريات\ين من حقهم في التعليم بشكل كامل، لا يسعنا إلا التساؤل كيف من شأن مثل هذه التدابير التمييزية، التي تعمل بشكل أساسي على انتهاك أبسط حقوق اللاجئين السوريين، وتعميم السلطة للفوضى واللاشرعية، أن تكون المحرك لتنظيم اللجوء السوري على الأراضي اللبنانية.

المراجع:

السكن سن الفيل قضاء المتن لبنان محافظة جبل لبنان
 
 
 

السلطات المحليّة تعمّم اللاشرعية

رصد 15 تعميماً بخصوص السوريين بين 9 و24 نيسان 2024

بعد طلب الرئيس القبرصي من رئيسة المفوضية الأوروبية التوسط لدى السلطات اللبنانية كي توقف قوارب اللاجئين السوريين المتوجهة إلى قبرص، زارت أورسولا فون در لاين، رئيسة الإتحاد الأوروبي، بيروت الأسبوع الماضي برفقة الرئيس …

اقتراح القوات اللبنانية ضدّ اللاجئين والمهاجرات: منع التأجير أداة جديدة ضمن الحملة التحريضية

مع تصاعد الحملة الميليشياوية الواسعة التي تشنّها الدولة وأحزابها منذ فترة، لتهجير اللاجئات\ين السوريات\ين، بعد تجريمهم ورمي كل الاتهامات الممكنة عليهن\م، وفي 23 أيار 2024، تقدّم النائب ملحم رياشي، عضو تكتل الجمهورية القوية، …

بلدية بيصور تضيّق على سكن اللاجئات\ين من خلال ممارسات غير قانونية

بلدية أخرى تنضمّ إلى قائمة السلطات المحلية التي تتّخذ إجراءات تمييزية بحق اللاجئين السوريين، تطبيقاً لقرار وزير الداخلية الداعي للقيام بإحصاء الوجود السوري على الأراضي اللبنانية وتنظيمه. هذه المرة يأتي دور بلدية بيصور …

برج حمود بين التحريض الإعلامي وبيان البلدية وشهادات السكان

نتذكر جميعاً الفيديو الذي انتشر منذ حوالي الشهرين الذي يظهر مجموعة من اللبنانيين على دراجاتهم النارية، يوجّهون عبر مكبر صوت، “مهلة إنذار” للسوريين بإخلاء منطقة برج حمود، وهو ما انتشر بشكل واسع عبر …