التغيير المناخي والسكن:

الأحياء المهمشة هي الأكثر تأثرًا

بحث وكتابة: مايا سبع أعين وريان علاء الدين

تصميم البصريات: أسماء الغراوي

يَعِد التغيير المناخي بتغيير المواسم، ومناخ المناطق وأنماطه، حتى شكل الحياة التي نعرف. ونتيجةً لسيطرة النموذج الرأسمالي على الكوكب، ستؤثّر هذه التغييرات بالدرجة الأولى، على قدرة الناس على الوصول إلى الموارد وتأمين الأساسيات. وبالتالي، تعِدُنا الرأسمالية بالمزيد من الإقصاء والحصرية، فيما يمثّله أصحاب المليارات مثل إيلون ماسك وغيره، الباحثين عن تأمين الحياة للقلّة المتخمة خارج الكوكب، علّه يحترق دونهم.

بعيداً عن أحلام الفضاء، تتركّز التأثيرات الأولية للتغيير المناخي على أمور أساسية لاستمرارية الحياة، كتأمين الغذاء الصحي، والتواجد خارج مناطق الكوارث، والوصول إلى السكن الآمن.

وبينما تتساوى هذه الأمور بأهميتها بين الناس من كل المناطق والطبقات، إلّا أن الجماعات المفقّرة، والملوّنة، ودول الجنوب هي أكثر من سيتأثّر بها ومن سيتحمّل العبء الأكبر، على الرغم من مسؤولية دول الشمال والقلّة المتخمة الكاملة، بالتسبّب بالتغيير المناخي.
سنناقش في هذا النص نتيجة التغيير المناخي على الحق بالسكن، خاصة بالنسبة للجماعات والفئات الأكثر تهميشاً، وبالتالي، كيف تتلقّى مساكن المفقّرات\ين وأحياءهن\م تأثير التغيير المناخي بشكل غير متناسب مع مساهمتها بخلقه. كما سنبحث في تأثيره على الأحياء والمناطق غير الرسمية في لبنان.

تسبّبت العاصفة المطرية الأولى هذه السنة باجتياح المياه للشوارع والأحياء السكنية والمحال التجارية في العديد من المدن اللبنانية، ولاسيما في شمال البلاد، حيث تشكّلت السيول نتيجة فيضانات لمجاري الأنهار وقنوات تصريف المياه التي ما عادت تستوعب كمية المتساقطات الغزيرة التي انهمرت في فترات زمنية قصيرة ومتلاحقة.

في منطقة سهل عكار تحديداً، فاضت الخيم في ثلاثة مخيمات للاجئين السوريين (مخيمات الميدا في منطقة تل حياة، ومخيمين أصغر حجماً في منطقة عبرين) بالمياه بارتفاع نحو نصف متر، ما جعلها غير صالحة للسكن وأتلف مقتنيات سكانها وأمتعتهم. وفي ظل انعدام جهود الإغاثة والدعم، اضطر معظم ممن فقدوا خيمهم إمّا اللجوء لدى الأقارب أو المعارف، أو البحث عن مأوى في المباني القريبة للأرض المقام عليها المخيم، حيث احتموا في مستودعات داخل البناء إلى حين انحسار العاصفة1عن رئيس اتحاد البلديات في منطقة عكار، في حديث مع موقع الحرّة.

التأثير غير المتناسب للتغير المناخي على الحق في السكن

للتغيير المناخي وتبعاته من كوارث طبيعية،آثار هائلة على التمتع بالحق في السكن. فمن جهة يؤدّي التغيير المناخي إلى زيادة تواتر الظواهر الطبيعية وشدّتها، حيث توقّع الخبراء أن ارتفاع معدل الاحتباس الحراري العالمي بمقدار 1.1 درجة مئوية ، ممّايهدّد بحدوث موجات جفاف طويلة الأمد قد يسفر عنها تحول مناطق بأكملها من العالم إلى صحارى. وهو الأمر الذي سيجبر سكّانها للنزوح من المناطق الريفية بسبب فقدان سبل العيش والمياه العذبة اللازمة للزراعة والشرب، إلى المدن المكتظة بالفعل وغير القادرة على توفير السكن الملائم للجميع. كما قد يتسبب بتغيير كمية هطول الأمطار والمتساقطات وكثافتها. وهذا يعني المزيد العواصف الشديدة وطويلة الأمد وارتفاع خطر الفيضانات والأضرار الناجمة عنها من فقدان الممتلكات وتدمير المنازل والبنية التحتية، إضافةً إلى انقطاع الخدمات الأساسية2Towards a just transformation: climate crisis and the right to housing – Report of the Special Rapporteur on the right to adequate housing, Balakrishnan Rajagopal | OHCHR.

من جهة أخرى، فإن لزيادة وتيرة الظواهر البيئية وحدّتها أن تؤثر على قدرة الناس على تحمل آثارها والتعافي من الأضرار الناجمة عنها. و هذا صحيح بشكل خاص بالنسبة لسكّان الأحياء غير الرسمية وفقراء المناطق الحضرية الذين يعانون بالفعل من ظروف معيشية غير الملائمة:

ففي تقرير للفدرالية الدولية لمنظمات الصليب والهلال الأحمر3DISPLACEMENT IN A CHANGING CLIMATE، تبيّن أن الكوارث الطبيعية كانت المحرّك الأساسي النزوح الداخلي وفقدان الأفراد لمساكنهم خلال العقود الماضية، حيث يقدّر عدد المتضررين في سكنهم بسبب التغيير المناخي عالمياً بحوالي 30.7 مليون فرد (أي ما يعادل 3 أضعاف حجم النزوح والتهجير الناجم عن الحروب والنزاعات المسلّحة) خلال العام 2020 وحده.

ويلحظ التقرير بأنّ الضرر كان له تأثير غير متناسب على أفقر سكان العالم، حيث يمثّل التغير المناخي مخاطر إضافية لأولئك الذي يفتقرون الوصول للسكن المتين والآمن. فمن جهة، قد تؤدي كل كارثة مناخية إلى مفاقمة الهشاشات السكنية الموجودة لديهم، ومن جهة أخرى قد يكون التعافي من أضرار هذه الكوارث وتبعاتها أصعب بالنسبة لسكّان الأحياء غير الرسمية، بسبب ضعف وضعهم القانوني، ومحدودية فرص حصولهم على الخدمات الأساسية والحماية و الاستفادة من الإغاثة، خاصةً و أن معظم التدابير الحكومية لإدارة مخاطر الكوارث لا تراعي حقوق هذه المجتمعات المستضعفة، أو لا تعترف بها من الأساس بسبب الطابع غير الرسمي لمساكنها، الأمر الذي قد يدفع سكان هذه الأحياء الفقيرة إلى الوقوع في المزيد من الفقر والتهميش، والعزل عن النشاط الاجتماعي والاقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، فإن السكن في الأماكن التي تعتمد على السيارات، مع عدم وجود وسائل نقل عام – وهو الحال في أغلب الأحياء السكنية والمناطق المفقّرة البعيدة عن المركز- لا يؤدي فقط إلى زيادة تكلفة المعيشة بسبب تكاليف النقل الإضافية، بل يساهم بشكل رئيسي في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة.

كما تميل الحكومات إلى دفع ذوي الدخل المنخفض واللاجئات\ين والجماعات المهمّشة عامة، إلى المناطق التي تتعرّض -في الوضع الطبيعي وقبل مرحلة التغيير المناخي- إلى الفيضانات والعواصف والموجات الجفاف، كما في حالة الريدلاينينغ في الولايات المتّحدة. ممّا يعني بأن مناطقهم ستتعرّض للمزيد من هذه الكوارث نتيجة التغيير المناخي.

يُعتبر قطاع الإسكان أحد أكثر القطاعات المتأثّرة بالتغيير المناخي. تؤدي الكوارث المرتبطة بالمناخ إلى عدم استقرار الإسكان، ممّا يهدّد ما يُعرف بثروة الأجيال (ثروة الأجيال هي أي نوع من الأصول يمكن توريثه من جيلٍ إلى الجيل الذي يليه، وهي قادرة على حماية الأفراد والجماعات من الفقر، بتقديمها الأساسيات، كالمسكن). وتتفاقم العنصرية والطبقية في مجال الإسكان، لتسمح بدفع الجماعات الملوّنة والمفقّرة واللاجئة، بتحمّل العبء الأكبر من تأثيرات التغيير المناخي. كما تتفاقم ظاهرة الإحلال الطبقي العمراني الاخضر (Green Gentrification)4Green gentrification in European and North American cities | Nature Communications، والتي يتم من خلالها طرد الجماعات المهمّشة من قبل سكان أكثر ثراءاً يبحثون عن مواقع أكثر أماناً.
نتيجة لكل ذلك، فإن الوصول إلى السكن يصبح أكثر صعوبة، بسبب انحسار المناطق الآمنة من الكوارث الطبيعية، ممّا يضع المزيد من الضغط على المساكن الآمنة والمريحة، ويسمح لسوق العقارات برفع أسعارها أكثر.

الأقل مساهمة في التغيير المناخي هم الأكثر تضرراً منه

اليوم يعيش أكثر من نصف سكّان العالم في المدن. ويُتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى حوالي 70% مع حلول العام 2050.
وفي حين تُعتبر المدن مراكز قوة للنمو الاقتصادي، فإنها أيضا مسؤولة عن حوالي 70% من إجمالي انبعاثات الكربون العالمية، و عن أكثر من 60 % من استهلاك الموارد. كما و للنمو الحضري دور في تفاقم اللامساواة الاجتماعية حيث يؤدي التحضّر السريع، خاصةً وأن معظمه يحدث في المدن الصغيرة5Sustainable cities and communities، إلى توسّع رقعة الأحياء غير الرسمية والتجمعات العشوائية التي تتسم بالاكتظاظ، وعدم كفاية البنية التحتية، والمساكن غير اللائقة التي تفتقد الحيازة القانونية الكافية، والتي يفتقر قاطنيها الوصول على المياه النظيفة والصرف الصحي، والطرق والنقل وغيرها من الخدمات الأساسية. إذ يُقدر أنّ أكثر من مليار شخص، أو ما يعادل 1 من بين كل 4 من سكّان المدن عالمياً، يسكنون في التجمعات العشوائية أو الأحياء غير الرسمية6عن تقرير إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لأهداف التنمية المستدامة (2022). كما يشكّل التحضّر أحد أدوات تدمير الغطاء الأخضر للأرض، وبالتالي سبب تآكل المساحات القادرة على كبح جماح التغيير المناخي، والتي يتمّ استبدالها بغطاء إسمنتي-أسفلتي مقاوم للمياه، ممّا يشكّل بتراً في دورة المياه ويزيد من حرارة سطح الأرض.

وبينما تتمركز 85% من الأحياء الفقيرة في دول الجنوب، تشير الدراسات إلى أن 23 من أغنى البلدان، والتي تشكّل نسبة سكانها 14% فقط من إجمالي سكان العالم، أنتجت 60% من إجمالي انبعاثات الكربون في العالم منذ عام 1850، وكانت مسؤولة عن إنتاج حوالي 40 % من إجمالي انبعاثات الكربون السنوية خلال العقدين الماضيين7Oxfam, Climate wrongs and Human rights: Putting People at the Heart of climate change policy (2008):.

بالمقابل، فإن معظم النقاشات حول سبل مواجهة آثار التغيير المناخي، حتى تاريخه، تجري في هذه البلدان الغنية وللشركات الكبرى التأثير الأكبر فيها، دون ما يكون للدول والمجتمعات الأكثر فقراً فرصة جديّة للمشاركة. كما و أنّ معظم التوصيات والقرارات التي تصدر في هذا الإطار يتم رسمها وفق مقياس الدول الغنية ولمصالح الشركات الكبرى، في حين نادرا ما يُأخذ في عين الاعتبار المخاطر الإضافية للتغيير المناخي على المجتمعات الأكثر ضعفاً، وما هو مطلوب لتمكينها على الصمود أمام هذه المخاطر.ف يكون بالتالي أفقر سكان العالم، ممن ساهموا بالحد الأدنى في حدوث وتطوّر التغير المناخي، هم الأكثر عرضة لمخاطره.

ويُعتبر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالتغيير المناخي (COP 28) الذي عُقِدَ في دبي، أحد أكثر الأمثلة فجاجة على ذلك. فسلطان أحمد الجابر، وهو رئيس المؤتمر لسنة 2023، هو أيضاً يرأس الشركة النفطية العملاقة ADNOC. ومن الملفت أن عدد الحاضرين في هذا المؤتمر من لوبيات الوقود الأحفوري، شكّل ضعف ممثّلي الحكومات.

هشاشات خاصة تضاعف مخاطر التغيير المناخي بالنسبة للمناطق غير الرسمية

كما ذكرنا سابقاً، مع تزايد الشعور بآثار التغيير المناخي السلبية داخل المدن، يلتمس سكان الأحياء الفقيرة وغير الرسمية تأثيرات مضاعفة ومخاطر إضافية.  وقد حاولت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيير المناخي تحديد السبب وراء تأثيرات التغيير المناخي فيما يخص السكن غير الرسمي ، وخلصت إلى تداخُل عدّة عوامل تفاقم الهشاشة القائمة لهذه المساكن، منها8Intergovernmental panel on climate change, Special Report: Global Warming of 15°C, 2018:

  • هشاشات ترتبط بالموقع

غالباً ما تنشأ المناطق  غير الرسمية على أراضٍ غير مرغوبة ورخيصة أو غير قابلة للاستغلال تجارياً. وفي معظم الأحيان، تقع هذه المناطقعلى أطراف المدن على أراضٍ تفتقر إلى البنى التحتية والخدمات الأساسية، ما يُفاقم آثار التغيير المناخي، ويحد من إمكانية التدخل عند حدوث الكوارث. ذلك لأن التوسع العمراني السريع و قلة خيارات السكن المعقولة  يؤدّيان إلى حصر اختيارات السكن للفئات الأكثر هشاشة ،بالأراضي  المتاحة بغض النظر عن المخاطر المحيطة بها. فنجد أن معظم المناطق غير الرسمية تقع على أراضٍ هامشية معرّضة للتلوث، للفيضانات، أو لارتفاع مستوى سطح البحر، أو للانهيارات الأرضية، أو بالقرب من الطرق السريعة أو مطامر النفايات وما إلى ذلك. و تؤدي  المواقع  المحفوفة بالمخاطر إلى صعوبة تحسين بعض المناطق غير الرسمية أو ارتفاع تكلفة تحسينها. ففي ريو دي جانيرو (البرازيل) مثلًا، تسيطر المناطق غير الرسمية على ثلث المناطق شديدة الانحدار المحيطة بالمدينة، ما يجعلها تتعرّض بشكلٍ متكرّرٍ للفيضانات والانهيارات الأرضية. في عام 1988، تمّ إنفاق حوالي مليار دولار لتغطية الأضرار الناتجة عن السيول في ذلك العام. ورأى مسؤولون في البنك الدولي أن هذا يشكّل تحدّياً أمام تحسين مناطق ريو غير الرسمية9The Slum Upgrading Myth, Urban Studies , August 1999, Vol. 36, No. 9, pp. 1523-1534.

في لبنان، لا أرقام رسمية ودقيقة حول عدد سكان  المناطق غير الرسمية. لكن وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يتعرض ٧٠ ألف لاجئ يسكنون في مناطق غير رسمية لمخاطر نتيجة التغيير المناخي، ويعيش ٣٣ ألف منهن\م في مناطق معرضة للفيضانات، و٣٥ ألف منهم يعيشون على ارتفاعات عالية فوق 1100 متر وسيواجهون البرد الشديد10المعلومات مأخوذة من خريطة أنتجتها وحدة إدارة المعلومات المشتركة بين الوكالات التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سنة ٢٠١٩.

  • هشاشات ترتبط بنوع البناء وشكله

تفتقد المساكن غير الرسمية إلى مقومات تأمين الحماية ضد البرد القارس ودرجات الحرارة المرتفعة والضجة والرياح القوية، كون معظمها مبنية من مواد هشة معاد استخدامها مثل الورق المقوى أو الصفائح الحديدية أو الطين أو القماش المشمع، وغيرها من مواد البناء التي يسهل للمفقّري المناطق الحضرية الوصول إليها وتحمّل تكلفتها.

من جهة أخرى وبسبب عدم توفّر خيارات الوصول إلى السكن، غالباُ ما تنشأ بعض الأحياء غير الرسمية وتتمدّد ضمن رقعة أرض ضيقة ومحدودة. مثال ذلك في لبنان هو حي السلّم، والذي بسبب الكثافة السكّانية وعدم توفر المساكن الشاغرة، لجأ سكّانه إلى دفعه للتمدّد عموديًا دون دعم تقني، ما أنتج أبنية غير مستقرة ووحدات سكنية لا تراعي شروط الأمان، ولا تحمي من عوامل الطقس، ولا تسمح بوصول النور ، خاصة إلى الطوابق السفلية. وتُعاني غالبية المباني في الحي من سوء نوعية مواد البناء المستخدمة في معظم المنشآت القائمة، التي بُنيت من دون رقابة أو متابعة من جانب متخصصين، ومن دون الالتزام في كثير من الأحيان بالمواصفات والمعايير المُفترضة في عملية البناء11حي السلم: مملكة الفقر المهملة.

لذا، نجد أنفسنا أمام واقع من مستويين: ضعف بنية المباني في المناطق غير الرسمية، نتيجة هشاشة المواد المتوفّرة والرخيصة التي يستطيع السكان شراءها؛ وعدم قدرة السكان على الاستحصال على الدعم التقني الهندسي والقانوني لتدعيم بيوتهم وصيانتها، نتيجة غلاء هذه الخدمات والرُخَص أو امتناع مؤسسات الدولة عن تقديمها أصلاً، نتيجة اعتبارها أن هذه المناطق غير قانونية وبالتالي فهي غير موجودة (لأن أي تعاطي قانوني معها هو اعتراف ضمني بوجودها). وبالتالي، فإن التمدّد العمراني للمناطق غير الرسمية، يعني عامة، زيادة الضغط على البنى المُتهالكة أساساً، وبالتالي زيادة هشاشة هذه المناطق وتعريضها للمزيد من الضعف أمام الكوارث الطبيعية المتأتية عن التغيير المناخي.

  • هشاشات ترتبط بعدم توفير البنى التحتية وإتاحة الوصول للخدمات الأساسية

 في ظل غياب دور حكومي، مركزي أو محليّ، يعمل على تأمين حاجات أهل المنطقة وتنفيذ مشاريع ونشاطات إنمائية فيها، غالباً ما تفتقد البنى التحتية في الأحياء والتجمعات غير الرسمية للصيانة اللازمة. وهي الحالة العامة لأكثرية الأحياء غير الرسمية، خاصة وأن سكّانها لا يصوّتون في المنطقة التي تقع فيها مساكنهن\م، أو أنّهم عاملات وعمّال مهاجرون أو لاجئات\ين، ممّا يعني بأن نوّاب المنطقة وأعضاء بلديتها لا يهتمّون بتأمين الخدمات لهن\م لأنهم ليسوا ناخبين.  ويؤدّي تدهور البنى التحتية بدوره إلى تفاقم مخاطر تقلبات الطقس الشديدة. فقد يؤدي انسداد شبكة الصرف الصحي مثلاًإلى زيادة خطر وقوع الفيضانات أثناء المطر الشديد. ويشكّل غياب شبكة مياه صالحة سبباً أساسياً لشح المياه خلال الأيام العادية؛ وهو ما يضع عبئاً إضافياً على السكان، ويجعل الوضع خلال خاصة خلال فترات الحر والجفاف أصعب وأخطر. وقد تحدّ سوء حالة الطرقات العامّة والداخلية وعدم صلاحيتها للسير أو لاستخدام السيارات، من إمكانية تنقّل السكان ووصولهم إلى المراكز الطبية ومراكز الإغاثة في حالات الكوارث الطبيعية.

  • هشاشات ترتبط بانعدام أمن الحيازة القانوني

نشوء هذه الأحياء خارج نطاق ما يسمّى “النظامي” و “الرسمي” يفقد سكّانها أي ضمانات قانونية لحيازة مساكنهم، ما يضعهم عرضة للإخلاء في أي وقت كان. 

كما وأن هذه الأحياء والتجمعات التي يتم بناؤها خارج “النظام الرسمي”، نادراً ما يتم شملها في خطط الطوارئ وسياسات إعادة الإعمار ما يحجب عن السكان، في حال وقوع الكوارث المناخية، الإغاثة اللازمة والتعويض عن الضرر الذي لحق بمساكنهم، لعدم اعتراف القانون بأساس حقوقهم على هذه المساكن. 

هل تجعل مواقع المناطق غير الرسمية في لبنان قاطنيها أكثر عرضة للتغيير المناخي؟

تتواجد المناطق الحضرية المفقّرة على كافة الأراضي اللبنانية، وتُشكّل المناطق غير الرسمية أبرزها. وتصل نسبة سكان الأحياء غير الرسمية إلى 61.1% من النسبة الإجمالية لسكان المدن في لبنان12موئل الأمم المتحدة 2018، قاعدة بيانات الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة. وهي الأحياء التي أنتجتها – بجهد جماعي منها ودون دعم الدولة أو مساعدتها – الفئات الأقلّ دخلاً والأكثر استضعافاً، لأنّها لم تجد غيرها حلاً للوصول إلى السكن في المدينة.

بدأت نواة الأحياء غير الرسمية تتبلور في لبنان، تحديداً في المدن الكبرى كبيروت وطرابلس وصيدا وصور، قبل أربعينات القرن الماضي13 Bourgey, A & Pharès, J. 1973. ‘Les bidonvilles de l’agglomération de Beyrouth’ Revue de Géographie de Lyon vol 48, France. بفعل النزوح المتمثّل بموجات وصول الأرمن والسريان في العشرينات، ووصول اللاجئين الفلسطينيين بعد نكبة 1948. في بيروت تحديداً، ومع بداية الخمسينات، تزايدت موجات النزوح إلى المدينة وضواحيها، حيث كان النازحون الريفيون يبحثون عن خدمات وفرص عمل أفضل . وتمكّن بعضهم من الإقامة في مراكز المدن، في حين استقر العديد منهم في أطرافها، وبشكل رئيسي حول المناطق الصناعية في الضواحي الشمالية الشرقية للمدينة(برج حمّود، سد البوشرية إلخ.)14 Mona Fawaz, Urban Slums Reports: The case of Beirut, Lebanon, Understanding Slums: Case Studies for the Global Report 2003

فسكنوا المخيمات القائمة ومحيطها و أدّوا إلى توسّعها، كما سكنوا الأراضي الزراعية وغير المبنية في الضواحي البعيدة لبيروت. في ذلك الوقت، لم تجتذب الضواحي الجنوبية نفس المستوى من الصناعة، بل أقيم فيها مشاريع كبرى (نادي الغولف، والمدينة الرياضية، ومطار بيروت الدولي) ومنتجعات شاطئية فاخرة، أدّت إلى تصويرها كضاحية فاخرة تزدهر فيها الفورة العقارية. إلّأ أنه وبعد وقت قصير من عام 1975 ونتيجة الحرب الأهلية، تم إخلاء معظم سكان الأحياء الفقيرة المتواجدة داخل بيروت الإدارية وفي الضواحي الشمالية الشرقية من منازلهم وانتقل العديد منهم إلى الضواحي الجنوبية. فبنى هؤلاء منازل لهم على الأراضي الخاصّة والعامّة (مثال حيّ الزهراء)، أو استقرّوا بطريقة غير رسمية داخل الشاليهات على البحر (الجناح) أو في المباني الفارغة ( بئر حسن)15إستديو أشغال عامة، إخلاء جماعي في بئر حسن:الدولة تستمرّ بتجاهل المناطق غير الرسمية، كانون الثاني ٢٠٢٤. وأدّت أعدادهم، التي تفاقمت بسبب الهجرة الواسعة من الريف إلى المدن والتي أجّجها الاجتياحان الإسرائيليان (1978 و1982) والاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان (1978-2000)، إلى تحوّل معظم مساحات الضواحي الجنوبية لبيروت إلى أحياء فقيرة، كثيفة سكانياً، وغير رسمية16Mona Fawaz, Urban Slums Reports: The case of Beirut, Lebanon, Understanding Slums: Case Studies for the Global Report 2003. ومع نهاية الحرب، أدّت عمليات إعادة الإعمار التي ترافقت مع تضخم هائل في سوق الإسكان، الذي كان يعمل فقط لخدمة المطورين العقاريين والأغنياء، إلى حرمان الطبقات المنخفضة الدخل في لبنان من الوصول إلى المخزون السكني اللائق، ما دفعها إلى اللجوء للمناطق غير الرسمية للوصول إلى السكن. وبدايةً من عام 2011، شكّلت هذه المناطق بيئة حاضنة للنازحين الهاربين من الحرب في سوريا. فوفقاً لتقييم هشاشة اللاجئين السوريين في لبنان في عام 2018، استغل السوق غير الرسمي كل الفرص، بما في ذلك الأراضي الشاغرة والممتلكات غير السكنية، لإنتاج أشكال جديدة مختلفة من المساكن لاستضافة اللاجئين. أدّى ذلك إلى زيادة عدد السكان بشكل كبير داخل المناطق غير الرسمية التي احتضنت هؤلاء، حتى وصل في بعض المناطق إلى الضعف17يشير تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عام ٢٠١٤، أنه نتيجة النزوح السوري، زاد عدد السكان في تجمع الشبريحا قرب صور بنسبة ٢٠٧٪، وفي تجمع  تعلبايا-سعدنايل في البقاع بنسبة ١٠٥٪ ، وفي تجمّع جل البحر في صور بنسبة ٩٢٪ إلخ. . هذا وقد سكن عدد كبير منهم خارج هذه المناطق، في خيم ظهرت في مختلف المناطق اللبنانية، خاصةً على أراضٍ زراعية تم استئجارها، إما عبر جمعيات أو مباشرةً من قبل اللاجئين، وهي تستضيف ما يقارب الـ 19٪ من اللاجئين السوريين في لبنان18اليونيسف، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي 2018.

ولو نظرنا إلى خريطة المناطق غير الرسمية في بيروت، نرى أن معظمها يقع على أراضٍ هامشية، معرّضة للمخاطر. وفيما لا تواجه المناطق غير الرسمية نفس الأخطار، إلا أنها تشهد تحديات مختلفة متعلقة بالموقع، تزيد من استضعاف سكانها أمام التغيير المناخي. فلو اطّلعنا على تاريخ إنشاء أوّل تجمّعٍ سكنيٍّ غير رسميٍّ في بيروت، وهو الكرنتينا، نرى بأنه تَوسُّع لمخيم للاجئين الأرمن19بدايات، «عن المناطق المتضرّرة: ما كان وما سيبقى»، العدد ٢٧ – ٢٠٢٠ تم إنشاؤه على أرض اختارها الإستعمار الفرنسي آنذاك لقربها من المرفأ واحتوائها على مركز الحجر الصحي، الـquarantaine، كحل سريع حين وصل ما يقارب الـ١٠ آلاف لاجئ أرمني إليه. وكانت المنطقة تحتوي على مسلخ وهي قريبة من المرفأ ونشاطاته وتقع خارج المدينة، ما كان يجعلها غير مرغوبة بسبب بعدها عن الأحياء السكنية والروائح الكريهة للمسلخ وما قد تسبّبه من أمراض. وقد توسّعت المنطقة لاحقاً مع انتقال الأرمن من المخيّم ليسكنوا في مناطقَ مجاورة20مثل برج حمود، كرْم الزيتون والبدوي، فسكنَ الخيمَ التي بقيتْ في الكرنتينا لبنانيّون نازحون من الجنوب والبقاع، قدِموا للعمل في المدينة. كما سَكن فيها لاجئون فلسطينيّون وعمّالٌ مهاجرون لتصبح اليوم حياً شعبياً تسكنه طبقة عاملة نشطة، من مختلف الجنسيات والطوائف. وبعدها، تم إنشاء معمل لفرز النفايات فيها، ما ساهم في مضاعفة وصم سكان الحي وتهميشهم وربط سمعته وصورته برائحة القمامة. هذا وتتشارك مناطق غير رسمية أخرى في بيروت الواقع نفسه مع الكرنتينا، إذ تقع النبعة مثلاً قرب مطمر نفايات برج حمود، والأوزاعي قرب مطمر الكوستا برافا. وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة التي تتزايد سنوياً بسبب التغيير المناخي إلى زيادة تحلّل النفايات، ممّا يؤدي إلى انبعاث روائح كريهة أكثر قوة ،وانتشارها لمسافات أطول ،مماّ يمكن أن يؤثر على الصحة العامة، متسبّباً بمشاكل في الجهاز التنفسي والعيون والجلد لسكان هذه المناطق.

ويشكّل وقوع بعض هذه الأحياء على مقربة من البحر، سبباً إضافياً لهشاشتها، ذلك أنّ موقعها يجعلها معرّضة للفيضانات و لارتفاع مستوى سطح البحر والأمواج. وبسبب غياب خيارات السكن الميسّر، اضطر الناس إلى تشييد مبانٍ أكثر و أقرب من البحر. كما يؤثّر قربها من البحر على متانة مواد البناء وتعرّضها للصدأ، خاصة وأن العديد منها مبني من الصفائح المعدنية.نذكر مثلاً وجود منطقة الجناح بمحاذاة الشاطئ، ما يعرّض سكان المباني القريبة منه أو المبنية عليه، سنوياً، إلى الغرق وإلى انجراف الرمول من تحت القواعد الإسمنتية للمنازل. وتتكرّر أخبار غرق منازل السكان بمياه البحر وما يرافقه من خسائر مادية، في أكثر من منطقة غير رسمية، وينطبق الخطر ذاته على مباني الأوزاعي في ضواحي بيروت، وفي تجمّع جل البحر في صور، ومخيم الرشيدية في صور أيضاً، حيث انهار أحد المباني المؤلف من ثلاث طبقات في كانون الثاني٢٠٢٠21لاجئ نت، «البحر يدّمر منازل اللاجئين: سقوط منزل من ثلاث طبقات الرشيدية»، كانون الثاني، 2020.

هذا فضلاً عن وجود العديد من الأحياء غير الرسمية على مقربة من مجاري السيول أو إلى جانب الأنهار التي يزيد التغيير المناخي من إمكانية فيضانها ونقلها للأمراض . نذكر منها مثلاً مجمّع نهر الغدير، الذي نشأ في الثمانينات مع الحرب الإسرائيلية في الجنوب، وغلاء الإيجارات في بيروت، والذي ظلّ يتوسّع مع كل حرب شهدتها البلاد، حتى أصبح يحتوي على العديد من المباني المنشأة مباشرةً على ضفاف النهر. ويشكّّل النهر، الذي تصب فيه المياه المبتذلة من عاليه إلى بيروت، إضافةً إلى الأوساخ والردم والمواد الكيميائية والعضوية التي ترميها المصانع والمسالخ المنتشرة على طوله، خطراً على ما بين 10 آلاف و15 ألف نسمة يسكنون ٣٠٠٠ وحدة سكنية على ضفافه22دراسة لمجلس الإنماء والإعمار، 2005. إذ تنبعث من النهر روائح كريهة تخنق السكان وتتسبب بالأمراض مثل السرطانات والحساسية والربو والطفح الجلدي. هذا فضلاً عن الخسائر البشرية23وفاة طفل في طوفان نهر الغدير عام ٢٠١٣ والمادية التي تترتب على هؤلاء عندما يفيض بشكل شبه سنوي ويقتحم البيوت24المفكرة القانونية، «نهر الغدير يهدر بملوثاته وبعشوائية الدولة: رعب سكان النهر الذين دُفعوا لاستباحته» ، آب ٢٠١٩. وكما ذكرنا، ليس مجمّع نهر الغدير المنطقة غير الرسمية الوحيدة المهدّدة من الأنهار، إذ نذكر أيضاً دون حصر، مخيم نهر البارد، ومخيمات اللاجئات/ين السوريات/ين وغيرها من المساكن على ضفاف نهري الليطاني والكبير.

كما تقع معظم المناطق غير الرسمية إلى جانب أتوسترادات أو تخترقها طرق سريعة، أو تتجمّع قرب المطار. إن هذا القرب من هذا النوع من البنى التحتية، يخلق تحديات متعددة للسكان المقيمين في تلك المناطق. فإلى جانب التلوث الصوتي المتزايد نتيجة لحركة المركبات والطيارات، والتعرض لانبعاثاتها الضارة منعلى مدار الساعة، يعاني سكان هذه المناطق بشكل أكبر من آثار التغير المناخي. إذ يمتص الأسفلت والخرسانة الحرارة ويحفظونها، ممَا في حين تساهم انبعاثات المركبات، مثل ثاني أكسيد الكربون والجسيمات العالقة في الهواء، في ارتفاع أكبر لدرجات الحرارة المحيطة وتدهور جودة الهواء، مما يؤثر سلبًا على جودة حياة السكان وصحتهم في المناطق المحيطة. مع إعادة إعمار بيروت، كانت إحدى الاستراتيجيات الواضحة هي إنشاء الطرق السريعة، وقد دمّرت العديد منها أجزاء من المناطق غير الرسمية أو أدّت إلى تقسيمها إلى أجزاء منفصلة. نذكر على سبيل المثال لا الحصر، طريق المطار الذي فصل بين حي الزهراء والمناطق المجاورة لها، كصبرا وشاتيلا، أو الطريقان السريعان اللذان فصلا أحياء حي الزهراء المختلفة بعد تدمير أجزاء من المنطقة، أو طريق الأوزاعي، كذلك الأوتوستراد الذي يقع بالقرب من مخيم مار إلياس ، والجسر الذي يفصل بين النبعة وبرج حمود، وغيرها.

أبعد من بيروت، ومع كل عاصفة، تتوالى أخبار إنهيار لمنازل، خسائر مادية، وحتى وفيات، غالباً ما يتكبدها سكان هذه المناطق المهمشة. وأدّت الأمطار الطوفانية، التي انهمرت في ٢٥ كانون الأول ٢٠٢٣، إلى انجراف التربة في بلدة حميص – مزيارة في قضاء زغرتا وسقوطها على سطح غرفة واقعة على عند سفح الجبل، سطحها مصنوع من الإترنيت وتقطنها عائلة من النازحين السوريين، ما أدى إلى انهيار الغرفة، وسقوط ٤ ضحايا من الأطفال. وهذه السنة في ١٣ كانون الثاني ٢٠٢٤، أدّى طوفان النهر الكبير في عكار ، إلى غرق وتدمير ٣ مخيمات للنازحين السوريين في المنطقة بحسب رئيس اتحاد بلديات سهل عكار خالد خالد25الحرة، «الأمطار الغزيرة تغرق طرقات لبنان ومخيمات للاجئين السوريين»، كانون الثاني ٢٠٢٤. تُظهر هذه الكوارث المتكرّرة ، والتي ازدادت وتيرتها في السنوات الأخيرة، التأثيرات المدمّرة لتغيير المناخ على حياة الناس. فازدياد حدة العواصف وارتفاع درجات الحرارة وتغيّر أنماط هطول الأمطار وحدّتها أو حدّة موجات الجفاف، كلها عوامل تصعّب الحياة وتغيّر شكلها وتزيد من هشاشة البنى التحتية والمباني السكنية، وتُشير إلى تفاقم الكوارث الطبيعية التي كما رأينا سيكون سكان المناطق المهمّشة، غير الرسمية والخطرة بفعل مواقعها، الأكثر تأثّراً فيها.

كيف يُهدد التغيير المناخي مستقبل منطقة الأوزاعي غير الرسمية

تُبرهن منطقة الأوزاعي غير الرسمية، التي تقع بموازاة الشاطئ جنوب غرب بيروت، كيف يمكن لظروف منطقة غير رسمية وموقعها، أن يكونا محركاً للمخاطر. لهذه المنطقة تاريخ معقد، إذ شهدت تغيّرات كبيرة في ملكية أراضيها منذ الاستعمار الفرنسي. فبعد أن كانت أراضيها مصنّفة مشاعاً تحت الحكم العثماني، تحوّلت لأراضٍ عامة، ثم تملّكتبعض النخب البيروتية قسماً من أراضيها . أدّى ذلك إلى نزاعات على الملكية بين بلديات المنطقة ،وبينها و بين أصحاب الملكية الخاصة، وشجّع ذلك لاحقًا السكن العشوائي. ففي الخمسينيات، صدر حكم يقضي بأن هذه الأرض هي ملكية خاصة؛ وكرد فعل مضاد، شجّعت بلدية برج البراجنة السكن غير الرسمي في الأوزاعي26Batoul Hamza Yassin, Syrian Refugees As ‘agents’ Of Urban Transformation The Case Of Ouzaii.، ممّا دفع العمال الأجانب (السوريين) و النازحين الريفيين والحضريين (اللبنانيين) على الاستقرار في المنطقة. بعدها شهدت المنطقة موجات نزوح عدة، كان أولها خلال الحرب الأهلية (1975-1976) عندما نجا الأكراد والسوريون والفلسطينيون من المجازر في الكرنتينا وتل الزعتر و مخيمات النبعة، ثم موجات أتت بعد الغزو الإسرائيلي عام 1982 الذي تسبّب بنزوح حوالي مليون شخص لبناني من الجنوب وسهل البقاع؛ وأخيراً وبعد الأزمة السورية عام 2011 عندما وصل أكثر من مليون نازح سوري إلى الأراضي اللبنانية واستقر العديد منهم في الأوزاعي. وبفعل ازدياد عدد القادمين في مختلف هذه الفترات، توسّعت الرقعة المبنية للمنطقة، فبنى القادمون لأنفسهم بيوتاً، بعضها مسقوف بالتوتيا والإترنيت، واستُخدِم في بناء معظمها رمل البحر والماء المالح و الحديد الصدئ ما جعلها غير متوافقة مع معايير البناء27أبنية بنيت دون تراخيص، و بلا خرائط هندسية وتشكل خطراً على السلامة العامة، أو أبنية استحصلت على رخصة لطابق أو اثنين فصعدت 5 و6 طوابق إضافية أو أكثر، بحسب رئيس بلدية الغبيري. (مقال في جريدة الأخبار تحت عنوان بين زلزال وتسونامي: أبنية الأوزاعي «لن تصمد») .

يُعاني سكان الأوزاعي البالغ عددهم نحو ٤٣ ألف نسمة28٧٠٪ لبنانيون من سهل البقاع وبعلبك، و ٢١٪ سوريون، أما الباقون فغالبيتهم من الجنسية الفلسطينية والأثيوبية والبنغالية بحسب  دراسة لشركة  Arch Consulting  أُجريت عام ٢٠١٧ ، من آثار التغيير المناخي بشكل متزايد. مع كل عام يمرّ، تزداد وتيرة ذوبان الصفائح الجليدية في القطبين، فيرتفع متوسط سطح البحر العالمي حوالي ٣٫٦ ملم. غير أن درجة حرارة البحر الأبيض المتوسط، الذي بُنيت الأوزاعي على شاطئه، ترتفع بشكل أسرع من المتوسط العالمي29بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ممّا يؤدي إلى تفاقم ارتفاع مستوى سطح البحر في المنطقة. ويؤدي هذا الأخير إلى تآكل الشاطئ، ويُحوّل المدّ الأرض تدريجياً إلى ما يشبه الاسفنجة، فتتسلّل إليها مياه البحر وتُهدّد البنية التحتية وأساسات المنازل، ممّا يُعرّضها لخطر الانهيار. ولقد شهدت منطقة الأوزاعي حتى سنة ٢٠١٨ تآكل حوالي ٢٣١ ألف م٢ من أراضيها30Tara Kanj, Ecological Synergies- The adaptive transformation of the Ouzai Coastal، كما تراجع حدود شاطئها بشكل ملحوظ.

غير أنّ ارتفاع مستوى سطح البحر ليس الخطر الوحيد الذي يُهدّد سكان منطقة الأوزاعي ومبانيها بسبب التغيير المناخي، إنّما يؤدي هذا الأخير إلى زيادة تواتر العواصف وشدّتها، وإلى تغييرات في أنماط الطقس، مثل زيادة هطول الأمطار وحدّتها ، وارتفاع موج البحر، مما يزيد من احتمال طوفان البحر وحدوث الفيضانات الساحلية الشديدة التي قد تغمر المنازل وتُهدد حياة السكان. كما يُمكن أن تُسبب الرياح القوية خلال العواصف المتزايدة أضرارًا جسيمة لمنازل الأوزاعي، ويزيد من خطورتها احتواؤها على أملاح البحر التي تتفاعل مع مواد البناء كالخرسانة وحجر الخفان، وتؤدي إلى تآكلها وتفتتها. يؤدي ذلك إلى تكوين شقوق في الخرسانة، وإلى تكوين فجوات في جدران المنازل. وتتفاعل أملاح البحر مع المعدن أيضاً، ممّا يُسبب تآكله وصدأه. يؤدي كل ذلك إلى جعل المنازل أقل مقاومة للرياح والعواصف ويُضعف بنيتها ممّا يجعلها أكثر عرضة للانهيار.

وعادةً ما يكون لسكان المناطق الحضرية الفقيرة خيارات عمل محدودة، فيعتمد معظمهم على وظائف غير رسمية مثل العمل الحر في القطاع غير المنظّم، أو في الخدمات المنزلية، أو في القطاعات ذات الأجور المنخفضة مثل البيع المتجول أو الزراعة و الصيد. تكون هذه الوظائف مياوِمة وغير مستقرة وغالبًا ما تكون غير مأمونة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والصحية. وتزيد التغيرات المناخية من الاضطرابات وتعزز التوترات الاقتصادية والاجتماعية على الأفراد والأسر المعتمدة على هذه الوظائف. فيؤثر التغيير المناخي بشكل كبير مثلاً على حياة وسبل عيش عدد كبير من سكان منطقة الأوزاعي الذين يعتمدون على صيد السمك كمصدر معيشتهم31يعمل في ميناء الأوزاعي 336 مركب صيد يعتاش منها حوالى ألف صيّاد يضاف إليهم العاملون في منشآت الميناء في صناعة المراكب وصيانة آلات الصيد( بحسب رئيس نقابة الصيادين في مرفأ الأوزاعي والمرافئ المجاورة له في حديث مع مركز الإتحاد للأخبار، ٦ كانون الثاني ٢٠٠٦ ).. إذ يؤدي ارتفاع درجات حرارة سطح البحر إلى تغيّرات في التنوع البيولوجي البحري وديناميات النظام البيئي، ما يؤدّي إلى تغيير مصادر غذاء الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، وأماكن عيشها وحركتها. كما يتعرّض الصيادون بشكل متزايد للمخاطر الناجمة عن التغييرات المناخية أثناء العواصف البحرية والظروف الجوية المتطرفة التي تعطّل عمليات الصيد والانتاج السمكي لفترات طويلة، وبالتالي تحرم السكان من مصدر رزقهم، في ظل غياب أي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية التي يجب أن تقدّمها الدولة لهن\م، خاصة وأن عملهم يأخذ شكل المياوَمة. هذا ويُعتبر تأثير العواصف البحرية على سلامة الصيادين والمراكب البحرية من أخطر الآثار، حيث يتعرّض الصيادون ومعداتهم ومراكبهم البحرية لخطر التلف والغرق والأذى الجسدي، نتيجة لقوة الرياح وارتفاع الأمواج خلال العواصف، فيما لا يحصلون على تغطية صحية لهم ولا على تأمين على معداتهم.

سوء نوعية المساكن يزيد من هشاشة المناطق غير الرسمية نتيجة التغيير المناخي

يؤدي التغيير المناخي مع ما يصحبه من أنماط جديدة في درجات الحرارة وهطول الأمطار، إلى تغيير صلاحية المساكن واستقرارها، في حين أن زيادة تواتر وشدة الكوارث الطبيعية ستؤدي إلى تعريض المناطق غير الرسمية ومبانيها لخطر أكبر. وعلى الرغم من وجود اختلافات واسعة في التأثيرات، فإن وجود مساكن ذاتية البناء، مشيّدة تدريجياً وعلى فترات، أو مبنية بمواد رخيصة ومنخفضة الجودة، أو دون خرائط هندسية أو صيانة -والتي تشكّل غالبية المساكن في المناطق غير الرسمية،- يؤدي إلى زيادة المخاطر والتأثيرات السلبية على حياة السكان مع التغيير المناخي.

صورة من حي التنك – الميناء طرابلس، تظهر نوع المساكن المشيّدة في هذه المنطقة 
(مصدر الصورة: من عمل ميداني لاستديو أشغال عامة في حي التنك سنة ٢٠٢١ )
صورة من حي التنك – الميناء طرابلس، تظهر نوع الأسطح المستعملة 
(مصدر الصورة: شفيق مكاري – جريدة المدن)

وأحد أبرز الأمثلة على ذلك هو حي التنك في منطقة ميناء طرابلس. هو من أفقر الأحياء غير الرسمية في المدينة، تسكنه حوالي ـ١٣٠٠ عائلة32درج، «حيّ التنك في طرابلس…الحياة لا تمرّ من هنا»،٢٠٢١، ومعظم سقوف منازله من البلاستيك أو التنك. خلال أشهر الصيف الحارة، تمتص الأسطح المعدنية لمساكن الحي الحرارة وتحتفظ بها، ممّا يرفع درجات الحرارة داخلها بشكل كبير، ويُعزّز من مخاطر الجفاف والإجهاد الحراري، خاصة بين الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال والمرضى وكبار السن. وقد أدّى التغيير المناخي إلى موجات حرّ غير مسبوقة في السنوات السابقة، وبلغ متوسط درجة حرارة الأرض مستوى قياسي في تموز ٢٠٢٣. 33CNN, «The planet saw its hottest day on record this week. It’s a record that will be broken again and again», July 6, 2023هذا وتكون درجات الحرارة في المناطق الحضرية الفقيرة أعلى من غيرها في المنطقة الجغرافية ذاتها. فخلال موجة الحر التي ضربت نيروبي عام ٢٠١٥، على سبيل المثال، كانت درجات الحرارة في المناطق غير الرسمية أعلى بمقدار ٣ إلى ٥ درجات مئوية مقارنة بأجزاء أخرى من المدينة34Upgrading Informal Settlements for Climate Resilience, Locally Led Planning: A Guide for Building Climate Resilience in Urban Informal Settlements.. إضافةً إلى ذلك، يُعتبر التغيير المناخي المسؤول الأول عن موجات البرد القارس التي تضرب المناطق المعتدلة، ومنها لبنان الذي أصبح يتعرّض بشكل متزايد لمنخفضات جوية مصحوبة بكتل هوائية باردة وقطبية، مع ما يرافقها من صعوبة في تدفئة المنازل ، وخاصةً تلك المسقوفة بالتنك، كالموجودة في حي التنك . إذ تفتقر هياكلها إلى القدرة على الاحتفاظ بالدفء، مما يسمح بتسرّب البرودة إلى داخل المنازل، ويجعل الظروف المعيشية غير مريحة ويزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض مثل الزكام والتهاب الحلق.

أما بالنسبة لتأثير هطول الأمطار، فيذكر رئيس مصلحة الأرصاد الجوية المهندس مارك وهيبة أن التغيير المناخي أدّى إلى زيادة إجمالية للمتساقطات هذا العام بنسبة ٦٠٪، مقارنةً بالمعدلات العامة المعتادة في لبنان. وهذه النسبة الكبيرة لا تتساقط بوتيرة بطيئة على فترات طويلة لكي تستوعبها الطرقات35المركزية، «متساقطات الأمطار تخطّت الـ”عيانة”… أرقام غير مسبوقة»،  ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٣ .، أو لتمتصّها الأرض لتغذية الآبار الجوفية أو المخزون الجوفي من جهة، ومن جهة أخرى لتجنّب البلاد السيول والفيضانات وجرف التربة وغير ذلك. بل تتساقط الأمطار هذا العام بغزارة وبسرعة ضمن وقت محدود، ما يمنع الأرض من امتصاصها وتخزينها، فتصبّ كلها في البحر، ونشهد هذا النوع من الفيضانات والسيول كما هو اليوم على الطرقات، كما تؤدّي إلى انجراف التربة وهو ما يعني فقدان الطبقة الحية والغنية منها (الطبقة العُليا)، وتُفاقم خطر الانهيارات وسقوط الصخور. وتكون فترات تساقط الأمطار الغزيرة خطيرةً بشكل خاص على سكان الأحياء غير الرسمية الذين يعيشون في منازل التنك. فالأسقف غير كافية لتحمل الكميات الكبيرة من المياه، مما يؤدي إلى فيضانات داخل المنازل و إلى تلف ممتلكات سُكانها، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المنتقلة عن طريق المياه الملوثة.

نحو السكن العادل المقاوم للتغيير المناخي

إن إحقاق الحق في السكن في سياق أزمة المناخ يتطلّب من الدولة تطوير رؤية شاملة للتخطيط العادل والتنمية المتكاملة، على المستويين الوطني والمحلي. وهي خطة تعمل على استيعاب آثار التغيير المناخي والحد من مخاطرها، وتعتمد نهجاً قائماً على عدالة الوصول إلى الحقوق من خلال ضمان مشاركة السكان وأفراد المجتمع وتسهيل وصولهم إلى الخدمات، وعلى الأخص الفئات الأكثر استضعافاً منهم، بدايةً من مشاركتهن\م في رسم الخطط لمستقبل أحيائهم ومدنهم.

في هذا الصدد، إنّ تمكين الأحياء غير الرسمية للصمود في وجه مخاطر التغيير المناخي لا يمكن أن يقتصر على تحديث المباني على المستوى المادي لتستطيع التصدي للعوامل البيئية والتقلبات المناخية، دون أن يتناول الجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لقدرة سكان هذه الأحياء على الصمود، كما مقاربة الدولة لعدم قانونية هذه الأحياء.

يجدر أن تهدف التدخلات بشكل أساسي إلى تحسين ظروف السكن بشكل تدريجي من حيث الصلاحية، وأمن الحيازة، التنوع، وتحسين البيئة المبنية التي تضمّ المساحات العامة بشتى أنواعها، وتعزيز التنمية الاقتصادية وتوليد فرص العمل، وتسهيل الوصول إلى البنية التحتية الملائمة والمرافق والخدمات .

فمن جهة على الدولة التعرّف على المناطق غير الرسمية وإجراء الدراسات والإحصاءات لها، ومشاركة السكان في وضع خطة لتأهيل أحيائهم ومساكنهم وتكييفها ضد آثار التغيير المناخي، من خلال تدعيم الإنشاءات، وتوسيع البنية التحتية الرسمية وتحديثها، من شبكات المياه والصرف الصحي، والكهرباء، حتى الطرقات وغيرها.

من جهة أخرى على الدولة العمل على ضمان حيازة السكان لمساكنهم، وتأمين الوصول للمرافق والخدمات الأساسية (المدارس، دور الرعاية، والمؤسسات الصحية، المواصلات، إلخ)، وتعزيز التواصل بين الأحياء لتأمين الوصول إلى أسواق العمل الرسمية، والمرافق المدينية الأخرى.

ومن الضروري أن تترافق هذه التدخلات مع تحولات على الصعيد القانوني من شأنها أن تساهم في تأمين استقرار سكان المناطق غير الرسمية وتأمين جميع الحقوق اللازمة لهن\م للانخراط في المجتمع.

اليوم وغداً، تدفع الجماعات المهمّشة والمفقّرة ودول الجنوب الفاتورة الكاملة لتدمير الأرض من قبل السلطات والشركات الكبرى ودول الشمال، وهو ما يجب أن يتغيّر إذا اتّفقنا على أن النموذج المُستدام للحياة ككل، هو ذلك الذي يتعاطى بشكل عادل مع جميع الجماعات، خاصة المفقّرة منها.

المراجع:

  • 1
    عن رئيس اتحاد البلديات في منطقة عكار، في حديث مع موقع الحرّة
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
  • 6
  • 7
    Oxfam, Climate wrongs and Human rights: Putting People at the Heart of climate change policy (2008):
  • 8
    Intergovernmental panel on climate change, Special Report: Global Warming of 15°C, 2018
  • 9
    The Slum Upgrading Myth, Urban Studies , August 1999, Vol. 36, No. 9, pp. 1523-1534
  • 10
    المعلومات مأخوذة من خريطة أنتجتها وحدة إدارة المعلومات المشتركة بين الوكالات التابعة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سنة ٢٠١٩
  • 11
  • 12
    موئل الأمم المتحدة 2018، قاعدة بيانات الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة
  • 13
     Bourgey, A & Pharès, J. 1973. ‘Les bidonvilles de l’agglomération de Beyrouth’ Revue de Géographie de Lyon vol 48, France.
  • 14
     Mona Fawaz, Urban Slums Reports: The case of Beirut, Lebanon, Understanding Slums: Case Studies for the Global Report 2003
  • 15
    إستديو أشغال عامة، إخلاء جماعي في بئر حسن:الدولة تستمرّ بتجاهل المناطق غير الرسمية، كانون الثاني ٢٠٢٤
  • 16
    Mona Fawaz, Urban Slums Reports: The case of Beirut, Lebanon, Understanding Slums: Case Studies for the Global Report 2003
  • 17
    يشير تقرير نشره برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية عام ٢٠١٤، أنه نتيجة النزوح السوري، زاد عدد السكان في تجمع الشبريحا قرب صور بنسبة ٢٠٧٪، وفي تجمع  تعلبايا-سعدنايل في البقاع بنسبة ١٠٥٪ ، وفي تجمّع جل البحر في صور بنسبة ٩٢٪ إلخ.
  • 18
    اليونيسف، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأغذية العالمي 2018
  • 19
    بدايات، «عن المناطق المتضرّرة: ما كان وما سيبقى»، العدد ٢٧ – ٢٠٢٠
  • 20
    مثل برج حمود، كرْم الزيتون والبدوي
  • 21
    لاجئ نت، «البحر يدّمر منازل اللاجئين: سقوط منزل من ثلاث طبقات الرشيدية»، كانون الثاني، 2020
  • 22
    دراسة لمجلس الإنماء والإعمار، 2005
  • 23
    وفاة طفل في طوفان نهر الغدير عام ٢٠١٣
  • 24
    المفكرة القانونية، «نهر الغدير يهدر بملوثاته وبعشوائية الدولة: رعب سكان النهر الذين دُفعوا لاستباحته» ، آب ٢٠١٩
  • 25
    الحرة، «الأمطار الغزيرة تغرق طرقات لبنان ومخيمات للاجئين السوريين»، كانون الثاني ٢٠٢٤
  • 26
    Batoul Hamza Yassin, Syrian Refugees As ‘agents’ Of Urban Transformation The Case Of Ouzaii
  • 27
    أبنية بنيت دون تراخيص، و بلا خرائط هندسية وتشكل خطراً على السلامة العامة، أو أبنية استحصلت على رخصة لطابق أو اثنين فصعدت 5 و6 طوابق إضافية أو أكثر، بحسب رئيس بلدية الغبيري. (مقال في جريدة الأخبار تحت عنوان بين زلزال وتسونامي: أبنية الأوزاعي «لن تصمد»)
  • 28
    ٧٠٪ لبنانيون من سهل البقاع وبعلبك، و ٢١٪ سوريون، أما الباقون فغالبيتهم من الجنسية الفلسطينية والأثيوبية والبنغالية بحسب  دراسة لشركة  Arch Consulting  أُجريت عام ٢٠١٧
  • 29
    بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)
  • 30
    Tara Kanj, Ecological Synergies- The adaptive transformation of the Ouzai Coastal
  • 31
    يعمل في ميناء الأوزاعي 336 مركب صيد يعتاش منها حوالى ألف صيّاد يضاف إليهم العاملون في منشآت الميناء في صناعة المراكب وصيانة آلات الصيد( بحسب رئيس نقابة الصيادين في مرفأ الأوزاعي والمرافئ المجاورة له في حديث مع مركز الإتحاد للأخبار، ٦ كانون الثاني ٢٠٠٦ ).
  • 32
    درج، «حيّ التنك في طرابلس…الحياة لا تمرّ من هنا»،٢٠٢١
  • 33
    CNN, «The planet saw its hottest day on record this week. It’s a record that will be broken again and again», July 6, 2023
  • 34
    Upgrading Informal Settlements for Climate Resilience, Locally Led Planning: A Guide for Building Climate Resilience in Urban Informal Settlements.
  • 35
    المركزية، «متساقطات الأمطار تخطّت الـ”عيانة”… أرقام غير مسبوقة»،  ٢٦ كانون الثاني ٢٠٢٣ .
 

مايا سبع أعين

باحثة قانونية ومتابعة لحالات الإخلاء

حازت مايا على شهادتها في القانون من الفرع الفرنسي لكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية. وبدأت مسيرتها مع استديو أشغال عامة كمتطوّعة في مشروع مرصد السكن، حيث كانت تساعد في البحث القانوني. وهي اليوم تشغل موقع باحثة قانونية، ويركّز بحثها على دراسة القوانين اللبنانية المرتبطة بالسكن للتأكّد من توافق الإطار القانوني المحلي مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، أو تعارضه معه. تلعب مايا أيضاً دور صلة الوصل بين مرصد السكن ولجنة المحامين للدفاع عن الحق بالسكن، بحيث تتولّى الإحالات القانونية، وتهتمّ بمتابعة المداخلات القانونية وتوثيقها ونتائجها.

 

ريان علاء الدين

باحثة

ريان مهندسة مدنية حاصلة على ماجستير أشغال عامة وتخطيط طرقات من الجامعة اللبنانية (2019)، وماجستير في الهندسة الجيوتقنية عبر برنامج مزدوج بين جامعة ليل في فرنسا والجامعة اللبنانية (2021).
باستخدام أدوات بحثية وميدانية متنوعة، تهتم بالتعرّف على ديناميكيات البيئة المدينية، وتفاعل هذهالبيئة مع الناس. كما يشمل عملها رصد تطوّر المتغيّرات والعوامل المدينية المختلفة ومراقبتها.

السكن الموارد الطبيعية لبنان
 
 
 

كيف يكون العمران مسألة عدالة مناخية

إنّ مواجهة التغيير المناخي غالباً ما تركّز على التحوّل إلى مصادر الطاقة المتجددة والحدّ من التلوّث الكربوني – وهما إجراءان ضروريان، إنما دون جدوى ما لم نعيد النظر في السُبل التي نستغلّ من …

الأحياء غير الرسمية: من هنا تبدأ المدينة العادلة

الجزء الثاني: مقاربات الدول في لبنان والعالم

قدّمنا في الجزء الأول من هذا المقال لمحة عن نشأة المناطق والأحياء غير الرسمية في لبنان ودول الجنوب العالمي، وتطرّقنا للنقاشات القائمة حولها. في هذا الجزء، نستعرض مقاربات الدولة اللبنانية لها منذ الاستقلال …

الأسباب الأساسية وراء الانهيار المتزايد للمباني

مقدمة1-الخلل في مرسوم السلامة العامة2-مبان مشيّدة في غياب أطر الرقابة3-الضبابية في مسؤوليات الصيانة والترميم4-هشاشة المباني في المناطق غير الرسمية في ظل تجاهلها5-البناء في مناطق معرضة للفيضانات والسيول6-إشكالية قوانين البناء وتصنيف المناطقخاتمة مقدمة في …