أصدَرت الغرفة الاستثنائية الثانية في الجنوب في 28 آذار 2024 قراراً قضائياً حَكَم باسترداد 3 عقارات بمساحات شاسعة في بلدة الناقورة لمصلحة الدولة اللبنانية، لتعود «مرعى لأهالي قرية الناقورة» بعد أن كان أحد الأشخاص من مراكمي العقارات في المنطقة – جواد طاهر – قد اعتدى عليها عبر مسحها على اسمه بشكلٍ غير قانوني في العام 1984. يُعد هذا الحُكم بمثابة فوز كبير لقضية الحفاظ على الأراضي العامة والموارد الطبيعية وحمايتها في لبنان. فإنّ «المرعى» – وجمعُه «المراعي» – هو عبارة عن أرضٍ طبيعية تنبت فيها الأعشاب والنباتات المناسبة للرعي، أي التي يمكن لقطعان المواشي أن تقتات عليها. وتَظهر هذه التسمية في بيانات “أملاك الدولة” في وزارة المالية ضمن خانة “إسم المالك”، وربما تشكّل بمجرد وجودها دليلاً على العلاقة العضوية ما بين الناس والأرض.

إلّا أنّ متابعتنا لهذه القضية تدلّ على أنّه تمّ تسجيل 13 عقارٍ آخرين – بمساحة إجمالية تصل إلى مليون و215 ألف متراً مربعاً – بإسم جواد طاهر، في 22 آب 1984.

ما قصة العقارات الثلاثة التي صدر قرارٌ بشأنها، وما مصير العقارات الـ 13 الأخرى؟

في عام 1950 جرت أعمال تحديد وتحرير العقارات 232 و234 و363 في الناقورة، بإسم الدولة اللبنانية كمرعى لأهالي قرية الناقورة. وفي عام 1984، قام جواد طاهر، من دون وجه حقٍ، بمسح العقارات على إسمه. وكان طاهر قد خسر الدعوى بدايةً في وجه بلدية الناقورة، حين قضى الحكم الابتدائي ببطلان عملية التحديد والتحرير عام 1984، وإعادة الحال الى ما كانت عليه. إنما نتيجة استئناف طاهر للحكم الابتدائي، استمر تسجيل العقارات على إسمه حتى عام 2024، عندما صدر القرار القضائي الذي يكرّس حق الدولة اللبنانية في العقارات.

على صعيد موازٍ، تشير السجلات العقارية إلى أن جواد طاهر يملك أيضاً 13 عقاراً سُجّلت باسمه، جميعها في 22 آب 1984، أي خلال السنة ذاتها التي استحوذ فيها على العقارات الثلاثة. ويذكر أن هذه الأراضي بعلية، يُمكن تُزرع حبوباً وتصل مساحتها الإجمالية إلى مليون و215 ألف م2. وكانت بلدية الناقورة قد ادّعت ضد جواد طاهر في عام 2002 لإبطال تسجيل هذه العقارات بإسمه.

من الضروري اليوم أن يُستكمل العمل على هذا الملف ودعم الدعوى التي تقدّمت بها بلدية الناقورة بشأن العقارات الـ 13، وذلك لحماية الملك العام ووقف التعدّي على البيئة الطبيعية في الناقورة بما يخدم المصلحة العامة. يجدر التذكير بأنّ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية توصي بالحفاظ على أراضي الناقورة قبل أن يطالها الضغط الاستثماري والمصالح الشخصية، وتشدّد على دور وزارة البيئة والمديرية العامة للتنظيم المدني في هذا الصدد.