استديو أشغال عامة ينظّم اللقاء الثاني عن مبادرات العودة والتعافي بعد الحرب الإسرائيلية: أشكال وتصورات العودة

نظّم “استديو أشغال عامة”، بالتعاون مع “تعاونية كبكوب”، الاجتماع الثاني عن التعافي وإعادة الإعمار بعنوان “أشكال وتصوّرات العودة” في المؤسسة العربية للصورة، أريسكو بالاس، الحمرا – بيروت. أتى الاجتماع ضمن اللقاءات الشهرية المفتوحة وغير الرسمية التي ينظّمها “استديو أشغال عامة”، تشديدًا على ضرورة التلاقي والنقاش في قضية الإعمار والتعافي بعد العدوان الإسرائيلي المستمر ومواصلة النقاش العام وتعزيزه في هذه القضية.

استُهلّ اللقاء بكلمة للباحثة في “استديو أشغال عامة”، يارا عبد الخالق، عرضت فيها توثيق الاستديو للاعتداءات الإسرائيلية على البيوت الجاهزة في القرى الحدودية واستهداف أي إمكانية للعودة إلى تلك البلدات. كما تطرّقت إلى أن حتى النازحين من المناطق غير الحدودية يعانون من إشكالية ارتفاع أسعار الإيجارات وهم غير قادرين على العودة إلى مناطقهم المتضررة بعد، في ظل غياب أي ضوابط رسمية تمنع الاستغلال.

وأشارت عبد الخالق إلى المبادرات الجارية لإعادة الإعمار، لافتةً إلى غياب أي تمويل داخلي واضح، في وقت لم تعلن فيه الدولة بعد عن أي رؤية أو خطة رسمية للإعمار أو مصادر تمويله. وأوضحت أن الجهود الحالية تعتمد على مبادرات رسمية محدودة، كالمساعدات المالية الفردية ومسح الأضرار وتوزيع البيوت الجاهزة ووضع خطة استراتيجية زراعية للإغاثة. وشددت على أن “الإعفاءات المالية وحدها، على أهميتها، لا تكفي من دون خارطة طريق شاملة لإعادة الإعمار”.

ثم تناول اللقاء تجارب حية من مبادرات محلية واجتماعية نشأت في ظل غياب الدولة وتأخر الاستجابة الرسمية لحاجات الناس. واستعرض “استديو أشغال عامة” الورش واللقاءات التي ينظّمها في المناطق المتضرّرة، مثل صور وكفركلا وبعلبك، بمشاركة الأهالي كجزء أساسي من عملية التخطيط.

كما قدّمت “الحركة الزراعية” عرضًا لتجربتها في دعم المزارعين قبل الحرب عبر زراعة الزيتون، وخلال الحرب من خلال حملة “للأرض، للجنوب”، التي نفّذها متطوعون شباب عبر توزيع شتول محلية وبذور بلدية، بالإضافة إلى حملة “معًا لزيتون لبنان” التي عكست تضامنًا وتكافلًا محليين واسعين.

وتحدّثت مبادرة تضامنية غير ممأسسة عن عملها خلال الحرب، لاسيما في فتح مركز لجوء في قضاء المتن ودعم عائلات وأفراد من البلدات الحدودية. ولا تزال المبادرة مستمرة في مساندة بعض النازحين من خلال المساهمة في تغطية إيجاراتهم.

أما “المبادرة الوطنية للتصدي لنتائج العدوان الإسرائيلي” فقدّمت تجربتها في التنسيق بين الأكاديميا والنقابات والبلديات، استنادًا إلى سلسلة تجارب سابقة في الترميم وإعادة الإعمار. وأضاءت على أهمية إنتاج خطاب بديل والعمل على ملفات قطاعية طويلة الأمد، مشيرةً إلى أنها أطلقت مسارات نموذجية بالتعاون مع البلديات، وخصوصًا في النبطية والخيام وبليدا.

وتناول المشاركون/ات في اللقاء المفتوح المشهد الحالي من الاستهدافات الممنهجة للمدنيين وتجارب العودة الجارية في بعض البلدات من دون أي تمويل رسمي، حيث الاعتماد على المبادرات الفردية أو المجتمعية. كما عبّر الحاضرون عن خيبة أمل كبيرة من غياب دور الدولة، مشددين على أهمية أن تبقى المبادرات شعبية ومنبثقة من الناس، لا أن تكون محصورة فقط بالمنظمات أو الخبراء.

وأكد عدد من المشاركين على أهمية الإصغاء لأصوات الناس ومشاعرهم وذكرياتهم وتجاربهم مع العودة، مشددين على أن الدعم النفسي لا يقل أهمية عن الدعم المادي، حيث يجب توفير مساحات حقيقية تُمكّن الناس من التعبير العاطفي عن واقعهم، لا الاكتفاء بالمقاربات التقنية.

إعادة الإعمار والتعافي لبنان