بيان بشأن مسؤولية الدولة في مواجهة مفاعيل الحرب

صادر عن المفكرة القانونية – استوديو أشغال عامة – مبادرة سياسات الغد

في ظلّ العدوان الإسرائيليّ الذي دمّر مدننا وقرانا بلا هوادة، تتفاقم أزمة الدّولة في تقاعسِها عن الوفاء بمسؤوليّاتها تجاه النازحين والمستهدفين، مما يشكّل فضيحة لا يمكن التغاضي عنها. ما يقرب من مليون نازح غالبيتهم يعيشون في ظروف قاسية ومن دون أدنى مقوّمات العيش الكريم، بينما تظل الدولة عاجزة عن التحرّك، رغم امتلاكها موارد كبيرة ومهمة، أبرزها 5.7 مليار دولار مودعة في مصرف لبنان، تُستخدم فقط للحفاظ على استقرار نقدي زائف. وفي الوقت الذي تتعرض فيه القرى والمدن للتدمير الشامل، يُترك الناس تحت الأنقاض، من دون أيّ معدّات إنقاذ أساسية، مثل الجرافات والآليات الثقيلة التي يمكن أن تنقذ الأرواح وتنتشل الجثث. هذا الإهمال الفاضح، رغم توفّر الإمكانيات، يُعتبر خيانة واضحة لواجبات الدولة تجاه شعبها الدستورية والقانونية، ويزيد من معاناة الفقر والبؤس. 

بدلاً من توجيه هذه الموارد لمعالجة الأزمة الإنسانية العاجلة، قررت الدولة تخصيص 200 مليون دولار من احتياطيات مصرف لبنان لرفع سقف السحوبات النقدية، وهو قرار لا يخدم إلا البنوك التي تتهرب من التزاماتها تجاه المودعين. هذا القرار يعكس خللاً خطيرًا في أولويات الدولة، حيث تفضل حماية المؤسسات المالية على حساب الشعب الذي يعاني من آثار العدوان الإسرائيلي، في وقت تواصل فيه البنوك التهرّب من مسؤولياتها تجاه المودعين. 

وعلى نقيض هذا الإهمال الرسمي، شهدنا تضامنًا شعبيًا ملهمًا، حيث أظهر المواطنون إرادة قوية لتنظيم جهود الإغاثة والإنقاذ، رغم محدوديّة الموارد. هذه الروح الوطنية تمثل قوة عظيمة يجب على الدولة دعمها وتنظيمها لضمان وصول المساعدات إلى المتضررين. تجاهل هذه الجهود الشعبية يُعد إهدارًا لفرصة توحيد الصف الوطني في مواجهة هذا التحدي المشترك.

وفي حين تنتظر الدولة المساعدات من دول تساهم في تمويل العدوان على شعبنا، فإن هذا التناقض الفاضح لا يعمق الفجوة بين القيادة والشعب فحسب، بل يكشف عن تواطؤ مُدان وغير مبرر في إدارة هذه الأزمة. استمرار هذا النهج الظالم لا يمكن تفسيره إلا كإهمالٍ متعمّد وتخلٍّ عن المسؤوليّة، وهو يفاقم المعاناة ويزيد من تدهور أوضاع المواطنين.
لقد حان وقت اتّخاذ القرارات الحاسمة. نطالب السلطات العامة باتخاذ إجراءات فورية من أجل:

  • مراجعة خطّة الطّوارئ واستكمالها على ضوء تطوّر الأوضاع الحربيّة وتفاقم الكارثة الإنسانية والماديّة ومخاطرها، وذلك انطلاقا من واجبها الدستوري بضمان الكرامة الإنسانية لمواطنيها عملا بالمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي ضمنت لكل فرد حق التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وخصوصًا الحقّ في تأمين معيشته في حالات فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته.
  • إعداد مشروع قانون مستعجل بفتح اعتماد إضافي على الموازنة العام لسنة 2024 يخصّص أولا لإسعاف المدنيّين وضمان كرامتهم الإنسانية في كل أبعادها عملا بمسؤولية الدولة الدستورية والقانونية،
  • اتخاذ الخطوات الضرورية من خلال حشد موارد الدولة البشرية المتاحة لهذه الغاية وفتح أبواب التطوع المدني ضمن إطار الدفاع المدني، 
  • مناشدة جميع اللبنانيين على إظهار أعمق مشاعر التضامن والإخاء بما يضمّد أوجاعنا ويحصن وحدتنا الوطنية بعيدا عن أي فئوية أو استغلال سياسي.

تنتصر الدولة عندما تقف إلى جانب شعبها في مواجهة هذه المحنة.

السكن قضاء بيروت لبنان محافظة بيروت
 
 
 

الحرب الإسرائيلية 2023:

مصائر الأهالي ومسارات المواجهة في لبنان

يستعيد الجنوبيون في لبنان اليوم تجارب يوميات أليمة من قلب ذاكرتهن\م الجماعية المطبوعة بالحروب الإسرائيلية المتكرّرة.وهم كثيراً ما واجهوا تداعيات هذه الحروب وحدهم، لا لشيء إلّا نتيجة الفصل التاريخي الحاصل بين الجنوب\مناطق المواجهة …

عن الإخلاء في ظل الحرب حمايةً للملكية الخاصة: “أوتيل هيلدون” مثالاً

مرةً أخرى، نوّثق قصة مبناً مهجور، وهو "أوتيل هيلدون" في الروشة، حيث لجأ حوالي 600 نازح/ة نتيجة الحرب الإسرائيلية. في البداية، دخل النازحات/ون إلى الفندق بموافقة ابن المالكة، الذي ما لبث أن غيّر ...

النازحون السوريون، بين خطة طوارئ تستبعدهم ومفوضية تتجاهلهم

في وسط مدينة صيدا، استقرّت بعض العائلات السورية المهجرة من الجنوب في موقف سيارات بسبب استبعادها من خطة الطوارئ اللبنانية استجابةً للحرب. ففي ظلّ تقاذف المسؤولية بين البلدية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ...

الحق في المدينة والسكن خلال الحرب

من غير الممكن أن نتخيّل حرباً شاملة تُهجِّر خُمس السكان، تدمّر جنوب البلاد وشرقها وضاحيتها، وتستبيح الأراضي اللبنانية كاملةً، دون أن يكون لدينا مقاربة شاملة للإغاثة وتقديم المعونة وإيواء الناس، بالإضافة إلى خطة …