نكاد ونحن نقرأ الأخبار عمّا يجري في الناقورة، نفقد الأمل من أن يبقى أي جزء من شاطئنا على ما هو عليه. نكاد نفقد الأمل بأن يكون شكل الشاطئ ومكوّناته، ورائحته ولون مائه، كما كانت عليه منذ آلاف السنين…أو منذ سنة مضت.
منذ أن تصدّى “الجنوبيون الخضر” لأعمال الجرف والتسوية غير القانونية على العقار 92 من شاطئ اسكندرونة – الناقورة، برزت المنطقة الى واجهة النقاش العام، بعد أن كانت منسيّة كباقي المناطق المحررة من الاحتلال الاسرائيلي. كان الضغط نحو إيقاف الأعمال على العقار 92 إيجابياً، لكن تبقى المسؤولية على عاتقنا جميعاً بمتابعتها بخطوات أخرى لحماية ساحل الناقورة، كمساحة طبيعية تمثّل آخر الشهود على ما كان عليه المنظر الطبيعي للشاطئ اللبناني، لا سيّما بعد اجتماع لجنة البيئة النيابية الذي انتهى بتبرئة وزارة الأشغال بعد أن كانت قد منحت مالك العقار 92 موافقة بردم البحر.
توصي الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية بالحفاظ على ساحل الناقورة، وتشدّد على دور وزارة البيئة والمديرية العامة للتنظيم المدني في إعداد قانون “مناطق الحمى الطبيعية”، وهي مناطق تكون فيها عملية الإنماء الإقتصادي والإجتماعي متوافقة مع متطلبات الحفاظ على البيئة، ومن ضمنها الناقورة، التي يفترض العمل سريعاً على حمايتها قبل أن يطالها الضغط الاستثماري والمصالح الشخصية.
إلّا أنّ هذه المنطقة الساحلية نفسها تم وضع قسم منها تحت الدرس، بقرار للمجلس الأعلى رقم 2018/13 وبطلب من وزير الأشغال (بكتابه رقم 201/ص تاريخ 2018/2/13 ) بهدف إعداد مخطط توجيهي وشبكة خدمات للمرفأ التجاري المنوي إقامته في المنطقة. يشكّل هذا التوجه تناقضاً مع توصيات الخطة الشاملة ومبدأ الإنماء الاقتصادي المنسجم مع البيئة وبالتالي خطراً على مستقبل هذا الساحل. والجدير بالذكر أنّ مصرف لبنان يملك عقارات عديدة في الناقورة – تشكل رافعةً للأملاك العامة وفرصةً لحماية هذه المنطقة بشكلها الحالي بعيداً عن مشاريع التطوير والتمدين.(النظر إلى الخريطة)
من الضروري اليوم، أن تلعب وزارة البيئة والمديرية العامة للتنظيم المدني، أدوارها في وقف التعدّي على البيئة الطبيعية في الناقورة، وفي اتّباع توصيات الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، وفي تحديد استخدام وشكل التنمية التي نحتاجها في هذه المنطقة، بما يخدم المصلحة العامة.