في تسريب لوثيقة موجّهة للنيابة العامة التمييزية تحمل توقيع مدير الأمن العام، تريد الدولة اللبنانية أن تخبرنا بأن مرج بسري، نفسه ذاك الذي تريد أن تزيله، مهدّد من الغرباء. ففي خطوة غير مفاجئة إذا ما قرأنا الخطاب المحرّض للدولة اللبنانية على حَمَلة الجنسية السورية، أُعيد نشر وثيقة كانت قد صدرت عن الأمن العام خلال شهر تموز من عام 2021، تعلن فيها كشفها لعدد من التعدّيات التي تنبئ بإقامة مخيم للاجئين السوريين في مرج بسري.
بدايةً، نفت الحركة البيئية اللبنانية ما تتضمّنه هذه الوثيقة، مظهرةً أن أصحاب الأرض عادوا إليها لزرعها بعد فشل مشروع السد، تعاونهم في ذلك عائلات من الجنسية السورية.
هذا بالإضافة إلى أن الوثيقة ذكرت معلومة مفادها أن المخالفات\ين يحصلون على المساعدات من الجمعيات ومفوضية اللاجئين في تحريض إضافي ضدّهن\م وتبنّ كامل للسردية القائلة بأن الوضع الاقتصادي المعيشي للاجئين السوريين\ات اليوم هو أفضل بكثير من وضع اللبنانيات\ين.
إن المساعدات التي يحصل عليها اللاجئات\ين هي حق من حقوقهن\م، خاصة في واقع تخلّت فيه الدولة اللبنانية عن مسؤولية تأمين أبسط الخدمات وأكثرها أساسية. كما أن حصول اللاجئات\ين على المساعدات لا يجب أن ينسينا الحقوق التي لم يحصلوا عليها، وبالذات حقّ السكن. فمهما كانت جنسية الأشخاص الموجودات\ين على الأراضي اللبنانية، من حقهن\م أن يحصلوا على سكن آمن، بما يعني أن مسؤولية الدولة تأمين السكن للجميع.
لقد استرجع الناس المرج، ومن الطبيعي أن يعودوا إليه وأن تعود الزراعة والتسليق والرعي وغيرها، ممارسات تربط الناس بالأرض وتجعلهم\ن جزءً منها. اليوم، يكاد يخلو القطاع الزراعي من حاملات\ي الجنسية اللبنانية، بسبب تدمير الدولة الممنهج للقطاع. ممّا يعني بأن القطاع مازال صامداً بسبب العاملات والعمال السوريين، اللواتي والذين لولاهم، لم يكن لبنان ليستطيع أن يزرع أغلب منتجاته الزراعية وحبوبه وخضاره.
المزارعات والمزارعون، من أي جنسية كانوا، هنّ جزء لا يتجزّأ من حياة هذه الأرض، ومن مرج بسري ومن ديمومته.
من المعيب أن نرى الدولة تخلق شرخاً بين المرج وأهله مجدداً. اليوم، عدو المرج، وعدو البيئة وعدو الناس، هي الدولة اللبنانية.