هل يحتاج لبنان إلى سياسة ضبط إيجار؟

المقال الأول من ملف: نحو قانون شامل للحق في السكن، أوراق بحثية حول إصلاحات ضرورية

بحث وكتابة: ريان علاءالدين

تُعدّ سياسة ضبط الإيجار واحدة من أكثر السياسات التي تُهاجم والتي عُمل على إساءة فهمها من قبل الليبراليين والمحافظين على حدّ سواء. ويثير تعبير «التحكّم بالإيجارات» قلقاً، تحديداً عند الرأسماليين المروّجين للاقتصاد المبني على السوق الحرّة والتنافسية، ركيزته الحفاظ على حقوق الملكية الخاصة دون سواها من الأشكال المتعدّدة للملكية. بالتالي، أحد نتائج هذا التوجّه هو تسليع السكن، وفقدان قيمته الاجتماعية، وتدمير البيئة المبنية لإعادة إنتاج السلعة (الأرض) بهدف جني أقصى قدر ممكن من الأرباح.

إنّ المعركة حول طبيعة السكن ودوره في نظامنا الاقتصادي الاجتماعي الحَضَري مستمرة. وفي صلب هذه المعركة، تبرز سياسة ضبط الإيجار، كونها سياسة تقييدية لميكانيزمات السوق. نُفكّك في هذا المقال إذاً، المفاهيم السائدة حول سياسة ضبط الإيجار، ونناقش الحاجة إليها في لبنان اليوم، وذلك في سياق التوجّهات التاريخية المحلية للإيجار، وبالاعتماد على تجارب دول مختلفة. كما نتناول المعايير التي يجب مراعاتها عند وضع سياسة ضبط الإيجار، وكيفية هيكلة هذه السياسات لضمان استقرار السكن وحماية المستأجرين من الاستغلال.

سياسة ضبط الإيجار

منذ الحرب العالمية الأولى وفي أغلب بلدان العالم، تدخّلت الحكومات بشكل كبير في سوق الإسكان، محاولةً تصحيح إخفاقات السوق القائمة أو المتخيّلة، وفرضت جميعها تقريباً، في مرحلةٍ ما، ضوابط على الإيجارات. ولكن ما لبثت أن تخلّت عن هذه الضوابط، لنعود ونلاحظ، عودة العديد منها مؤخّراً إلى التحكّم بالايجارات. فعلى سبيل المثال، فُرضت قيود على تحديد الإيجارات في مدينَتي باريس وليون (فرنسا) في تموز 2019 وآذار 2020 على التوالي؛ وتم فرض قيود على زيادة الإيجارات على مستوى ولاية كاليفورنيا في الولايات المتّحدة الأميركية في كانون الثاني 2020 لتظلّ سارية حتى عام 2031؛ وفي برلين (ألمانيا) تم تجميد الإيجارات لمدة 5 سنوات ابتداءً من شباط 2020.1 Konstantin Kholodilin, «Long-Term, Multi Country Perspective on Rental Market Regulations», Housing Policy Debate, 04 Aug 2020

يُعتبر ضبط الإيجار أداة تقييدية هدفها حماية المستأجرين من أي زيادة مفاجئة أو مفرطة على الإيجار. وبما أن الإيجار يشكّل أحد أكبر نفقات الأسرة – حوالي 25٪ من دخل الأسرة ​​في البلدان المتقدمة وحوالي 30٪ في البلدان النامية بحسب أرقام البنك الدولي لعام 2021 – فإن الزيادات في الإيجار تؤثّر بشكل كبير على القدرة الشرائية للسكان. وقد نشأت عملية ضبط الإيجارات، كغيرها من أدوات تنظيم سوق السكن، خلال الحرب العالمية الأولى. ففي بداية الحرب، كانت الغالبية العظمى من سكان المناطق الحضرية في أوروبا وأمريكا الشمالية من المستأجرين. وقد حوّلتهم التعبئة الجماعية إلى قوّة كبيرة، أجبرت السلطات على احترام مصالحهم. ولذلك، لتجنّب الاضطرابات الاجتماعية، قامت الحكومات بتجميد أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية الأساسية، وشملت ضمنها إيجارات المساكن2Konstantin Kholodilin, «Long-Term, Multi Country Perspective on Rental Market Regulations», Housing Policy Debate, 04 Aug 2020. إلّا أن ما جرى لاحقاً هو أن العديد من الدول، كالولايات المتّحدة وبريطانيا، ابتعدت عن الدور الرعائي الذي لعبته، لتفسح المجال أمام سياسات نيوليبرالية تعيد هيكلة الاقتصاد، مع بدء إعطاء الأولوية للملكية الخاصة والترويج لتملّك المنازل كوسيلة‬ مضمونة للاستثمار على حساب الاستخدام الفعلي (مكان سكن أو عمل)، وترافق تعزيز الملكية الخاصة مع إضعاف تنظيم الإيجارات.

تبرز أهمية سياسة التحكّم بالإيجارات على عدّة مستويات، منها توفير السكن الميسور التكلفة وتأمين استدامته، والحماية من الإحلال الطبقي العمراني، وتعزيز ممارسات الإسكان العادل، والحدّ من التشرد، والاستقرار الاقتصادي، وجذب اليد العاملة، والمساواة الاجتماعية، والصحة العامة، وهي عوامل تستكمل إنتاج المدينة العادلة. ولكن لا بدّ أن يُطبّق هذا التوجّه ضمن سياسة سكنية أوسع لكي يكون عادلاً وفعّالاً، ليترافق مثلاً مع برامج للسكن الاجتماعي، وضرائب على الشغور، وإعادة تأهيل البيئة المبنية وغيرها. كما يجب أن تقترن هذه السياسة بعدد من التدابير، منها اتّباع معايير واضحة وشفافة لتحديد الحد الأقصى المسموح به للإيجار وزياداته، واعتماد توجّه شامل للسكن وإدارة الأرض، والقيام بالمراجعات وتعديلها بانتظام بناءً على الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتغيّرة، والتحكّم بالإيجار على أساس الدخل، كما وفرض صيانة العقارات.

الإيجار في لبنان: سياق تاريخي

بعد عقود من سياسة ضبط الإيجار الشاملة، نظّمت الدولة بدايةً من العام ١٩٩٢ الإيجارت المعقودة حديثاً وفق قانون الموجبات والعقود، وحوّلت الوصول إلى السكن إلى عملية استثمارية، فيما حصرت تدخّلها في ضبط إيجارات العقود القديمة قبل 23/7/1992. كان لذلك تأثير كبير على -ما تم تسميتهم- المستأجرين القدامى والمستأجرين الجدد على حد سواء. فتحوّل عقد الإيجار القديم من عقد إجتماعي يحدّد علاقة الدولة بالمواطن، إلى وثيقة تفاوض عند الإخلاء – إذ تمّ فصله وعزله عن السبل التي استحدثها الدولة للوصول إلى السكن3قروض السكن للتملك، وعقد الاستثمار. في حين وجد المستأجرون الجدد أنفسهم في علاقة تأجيرية غير متوافقة، أنتجت غياب الاستقرار السكني، وقلقاً دائماً من عدم تجديد عقد الثلاث سنوات أو من ارتفاع قيمة الإيجار في ظل غياب الضوابط.

تاريخياً، تدخّلت الدولة اللبنانية لتضبط بدل الإيجار الذي يُحدّده السوق ولتُمدّد العمل بالعقود المُبرمة من خلال قوانين للإيجارات منذ عام ١٩٤١4يُمكن الاطلاع على جدول زمني يتضمن كافة قوانين وتشريعات السكن الصادرة في لبنان في جدول سياسات الأرض في لبنان، أي خلال الانتداب الفرنسي. كان هذا التدخّل تابعاً لنهج الدول الأوروبية في التعامل مع أزمة السكن التي خلّفتها الحرب العالمية الأولى. وفي الخمسينيات، بدأت أزمة سكن مزمنة في لبنان مع غياب سياسات إسكانية فاعلة، وازدياد مفاجئ لأعداد السكان في العاصمة وضواحيها . وفي منتصف السبعينيات، ازدادت الهجرة من الريف إلى المدينة، وبلغ عدد سكان بيروت نحو نصف سكان لبنان5في عام 1975، كان عدد سكان لبنان حوالي 3.3 مليون نسمة، وكان عدد سكان بيروت حوالي 1.7 مليون نسمة، أي ما يقرب من 52% من سكان لبنان بحسب ورقة بحثية لباتريك ويلر تحت عنوان Population shifts in war-torn Lebanon، إلّا أنه لم يكن هناك تطابق بين المساكن المتوفّرة ودخل الأسر، وهو ما أدّى إلى ظهور تجمّعات سكنية غير رسمية على أراضٍ خاصّة أو عامة كالمشاعات مثلاً. كان البناء غير الرسمي وسيلة البعض الوحيدة آنذاك للوصول إلى السكن والعيش في المدينة، حيث فرص العمل. أما اليوم، لم يعد البناء في أراضي المشاع أو بشكل غير رسمي متاحاً بالسهولة التي كان متاحاً بها سابقاً.

كان تدخّل الدولة لحل هذه الأزمات آنياً6أشغال عامة، « عن غياب سياسات الدولة الإسكانيّة، قوانين متفرّقة وتدابير مؤقّتة»، مايا سبع أعين، ٣ آب ٢٠٢١ ، وفشلت في رسم خطة إسكانية شاملة، ما أدّى إلى جنوح المؤسسات العامة والتشريعات بصورة متزايدة نحو خدمة مصالح نخبة اقتصادية تنشط في استثمار العقارات. من جهة أخرى، استمرّ العمل في قانون يضبط الإيجارات كوسيلة تتيح السكن وتحافظ عليه.

ونُظّمت عقود الإيجار منذ الأربعينيات حتى سنة ١٩٩٢ على مبدأ ضبط الإيجارات وفق ما يُسمّى الآن ب«قانون الإيجار القديم»، الذي هو نقيض التعاقد الحرّ المفعول به الآن للإيجارات الجديدة. بدايةً من الأربعينيات وحتى الـ1992، أصدرت الدولة أكثر من ٤٠ مرسوماً تُوازن من خلالها بين مصالح المستأجر والمالك، فيما خلقت استثناءات لتُشجّع على الاستثمار في البناء7بدايات، « سياسة الإخلاء: المستأجر القديم من مواطن إلى عقبة»، نادين بكداش، ربيع / صيف ٢٠١٤. أهمّ هذه الاستثناءات صدر عام ١٩٦٧ وطُبّق بين ١٩٦٩ و١٩٧٤ وحرّر إيجارات «المباني الفخمة» الموجودة والتي ستُبنى. أدّى ذلك إلى تشييد مبانٍ صُنفت جميعها بالفخمة، لهشاشة المعايير المتعلقة بالمصطلح والتي ارتكزت على ميَزات كانت قد أصبحت شائعة في السبعينيات كالماء الساخنة، المصعد، التدفئة المركزية، الحارس، أو علبة البريد إلخ. في عام ١٩٧٤، تمّ وضع نظام «الإيجار العادل»، وإنهاء مرحلة تحرير عقود إيجار الشقق الفخمة وتم شملها بنظام ضبط الإيجارات، وجرت إعادة احتساب قيمة الإيجار. ظلّ هذا النظام قائماً حتى عام ١٩٧٧ مع بدء الحرب الأهلية. ففي السبعينيات كان لبيروت أقّل نسبة تملّك مقارنة بالعواصم الأخرى في المنطقة، حيث كان ٧٧٪ من السكان مستأجرين و١٧٪ فقط مالكين8بدايات، « سياسة الإخلاء: المستأجر القديم من مواطن إلى عقبة»، نادين بكداش، ربيع / صيف ٢٠١٤. غير أن هذه الفترة شهدت ارتفاعاً لأسعار السلع وزيادةً في مشاريع البنى التحتية الضخمة9المطار، تطوير الطرقات، أجزاء من مرفأ بيروت.، حينها، كان بدل الإيجار يمثّل قسماً كبيراً من مدخول الطبقة الوسطى، وخلقت الحاجة إلى السكن بأسعار معقولة في سوق الإيجار نقاشاً عاماً مفتوحاً يتمّ تداوله في وسائل الإعلام، وتُقدَّم من خلاله العديد من الاقتراحات. على سبيل المثال، كان عدد الشقق الشاغرة في عام ١٩٧١ نحو عشرين ألفاً10 بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية.، حين اقترحت النقابات فرض نظام ضرائب يتم تطبيقه على المساكن الفارغة، وفيه تُحدّد بلدية بيروت مواقع الشقق الفارغة وتضمن تأجيرها في غضون سنة من إخلائها.

لكن، في أوائل الثمانينيات انهارت العملة اللبنانية. عندها، حاولت الدولة إصدار قانون طوارئ سنة ١٩٨٣ لمعالجة تداعيات انهيار العملة على قيمة بدل الإيجار عبر زيادة البدل، لكنها جوبهت بردة فعل قوية من قبل النقابات والأحزاب ومجموعات نيابية والهيئات الشعبية في ظل غلاء المعيشة والوضع الاقتصادي الصعب11 بدايات، « سياسة الإخلاء: المستأجر القديم من مواطن إلى عقبة»، نادين بكداش، ربيع / صيف ٢٠١٤. ثمّ في عام ١٩٩٢، حاولت استبدال قانون الإيجارات الذي كان سارٍ حينها بقانون جديد، إلا أنّ الإضرابات عمّت المدن والمناطق رفضاً لذلك. لكن هذه المرة، نجحت الدولة بإصدار قانون جديد حصرت عبره سياسة ضبط الإيجارات، وضمنت أن عدد الوحدات «الإشكالية» (تلك التابعة لنظام تجميد الاجارات المعروف بقانون الإيجار القديم) لن يزيد، واعتمدت على الوقت كحل لا مفر منه. وبحسب نادين بكداش12مصمّمة بصريّة وباحثة مدينيّة، وعضو مؤسس في استديو أشغال عامة.، قام هذا التشريع بإخراج المستأجرين القدامى من عملية تصوّر المدينة وبناءها، وأفرغ العقد القانوني من معناه السياسي، فجمّد أسعار إيجاراتهم من جهة، وحرّرها لكافة العقود الجديدة. فأصبح المستأجرون القدامى في وضع يدافعون فيه عن حقوق خاصّة فئوية، في حين أن أزمة الوصول إلى السكن الملائم تشكّل حالة عامة لطالما كان المستأجرون المحرك الأساسي في فتح النقاش حولها13Nadine Bekdache,« Evicting Sovereignty : Lebanon’s housing tenants from citizens to obstacles», The Arab Studies Journal Vol. 23, No. 1 (Fall 2015), pp. 320.

حاجة لبنان اليوم لضبط الإيجار

اليوم، يواجه لبنان تحدّيات كبيرة في مجال الإيجار، ويعاني المستأجرون، الذين يشكلون 55% من عدد سكان العاصمة14السفير، «عدد العائلات المستأجرة يتعدى 180 ألفاً »، ١ أيار ٢٠١٤.، من عدم قدرتهم على مجاراة إرتفاع قيمة الإيجارات، أو إيجاد سكن لائق، إضافةً إلى تعرّضهم للعديد من الإجراءات المجحفة كالإخلاء التعسفي على سبيل المثال لا الحصر15 إستديو أشغال، مرصد السكن، التقرير الدوري، « كيف نقرأ تحوّلات السكن في ظلّ الأحداث العامة؟» ،كانون الأوّل ٢٠٢٢ – أيّار ٢٠٢٣. وأزمة الإيجار ليست وليدة اللحظة، أو ناتجة عن تدهور الوضع الاقتصادي حصراً، بل جاءت نتيجة تشريعات وإجراءات سكنية مجتزأة منذ الاستقلال، والتي تم ذكرها فيما سبق.

وبالرغم من ضرورة معرفة أعداد المستأجرين الدقيقة، تغيب أي بيانات رسمية واضحة ومستحدثة عن أعدادهم . إذ تنشُر وسائل الإعلام وبعض المقالات نقلاً عن وزارة المالية أو إدارة الإحصاء المركزي الأعداد نفسها منذ أكثر من 20 سنة، مع تغيير التواريخ. ونقلت صحيفة “السفير” في مقال نشرته في 1 أيار 2014، نتائج دراسة مسح المباني والمؤسسات الذي نشرته إدارة “الإحصاء المركزي” عام 2004، والذي تضمّن إجمالي عدد المساكن المستأجرة بعقد إيجار قديم في أحياء مدينة بيروت الإدارية وبقية المدن والمناطق، والبالغ 153361 مسكناً.

توزّع عدد المساكن المستأجرة بعقد إيجار قديم   في بيروت الإدارية (43594 مسكناً)
(مصدر البيانات: دراسة مسح المباني والمؤسسات الذي نفّذته و نشرته إدارة “الإحصاء المركزي” عام 2004)
خريطة توزّع المستأجرين القدامى في أحياء بيروت الإدارية والأحياء الغير الرسمية في بيروت الكبرى.
(مصدر البيانات: دراسة مسح المباني والمؤسسات الذي نفّذته و نشرته إدارة “الإحصاء المركزي” عام 2004)

توزّع عدد المساكن المستأجرة  في الأقضية 
(مصدر البيانات: دراسة مسح المباني والمؤسسات الذي نفّذته و نشرته إدارة “الإحصاء المركزي” عام 2004)


أمّا منطقة جبل لبنان الجنوبي وتحديداً قضاءي الشوف وعاليه، فإنها لم ترُد في هذا الإحصاء، وهي تقدَّر بأكثر من عشرين ألف عقد إيجار قديم. وإذا أُضيف إلى الأرقام أعلاه، العقود غير المسجلة في البلديات أو المُصرّح عنها لأسباب تتعلّق بوجود مخالفات في الأبنية أو للتهرب من دفع الضرائب من قبل المالكين، والتي تقدّر بـ7 في المئة ، فإن العدد الإجمالي للعائلات المستأجرة على كامل الأراضي اللبنانية يزيد عن 180 ألفاً16السفير، «عدد العائلات المستأجرة يتعدى 180 ألفاً »، ١ أيار ٢٠١٤.، هذا دون ذكر أعداد المستأجرين الجدد الذين يفوق عددهم عدد المستأجرين القدامى.17النهار، «النهار تنشر أعداد المستأجرين وفق وزارة المال، القانون ينتظر مرسوم حساب أصحاب الدخل المحدود»، ١٦ حزيران ٢٠١٩

خريطة ورسم بياني للاشغال السكني في عيّنة من ٢٣٥٨ وحدة سكنية في أحد أحياء رأس بيروت، ويظهران أن ٤٦٤ وحدة سكنية هي ايجار قديم، فيما يبلغ عدد الوحدات السكنية يإيجار جديد ٤٨٩ وحدة. وإذا احتسبنا عدد الوحدات الفارغة الذي يشكّل ٤٦٤ وحدة، نستنتج أن المستأجرين يشكّلون أكثر من ٥٠ ٪ من سكان الحي.
( المصدر: نتائج ورشة عمل بحثية قام بها إستديو أشغال عامة سنة ٢٠١٧ نشرت في منشور راس بيروت مرويات عن السكن في المدينة )
خريطة الإخلاء في عيّنة من ٢٣٥٨ وحدة سكنية في أحد أحياء رأس بيروت، توثّق وجود ٤٢ مبنى خالٍ بالكامل، إضافةً إلى حالات إخلاء في ٢٧ مبنى، ٩ منهم بداعي الهدم، وعدد منها لم يهدم . إضافةً إلى ٨ مبان من أصل ٢٧ حيث حصل الإخلاء أو التهديد به بعد انتقال ملكية المبنى من مالكين قدامى إلى مستثمرين جدد.
( المصدر: نتائج ورشة عمل بحثية قام بها إستديو أشغال عامة سنة ٢٠١٧ نشرت في منشور راس بيروت مرويات عن السكن في المدينة )



تُظهر البيانات أعلاه إرتفاع عدد المستأجرين وتفاقم الهشاشات التي يتعرّضون لها. من ناحية، تدلّ دراسة استوديو أشغال عامة في منطقة رأس بيروت – على سبيل المثال لا الحصر- على أنّ الإيجار هو الوسيلة الأساسية للوصول إلى السكن، ومن ناحية أُخرى، على عمليات الإخلاء المستمرة18 لتفاصيل أكثر عن الهشاشات السكنية المختلفة يُمكنكم الاطّلاع على التقارير الدوريّة لمرصد السكن على هذا الرابط. إذاً، تبرز الحاجة المُلحّة لتفعيل سياسات فعّالة لضبط الإيجارات في لبنان.

وغالباً ما تُنفَّذ سياسات التحكّم بالإيجارات لمجموعة متنوعة من الأسباب، نذكر منها:

  1.  توفير السكن الميسّر التكلفة: يقوم التحكّم في الإيجار بمنع الزيادات السريعة في قيمة الإيجارات التي يمكن أن تجعل السكن غير ميسور التكلفة بالنسبة للعديد من السكان. في لبنان، أظهرت نتائج دراسة سريعة19استديو أشغال عامة، «سوق الإيجار وسط الأزمة: توثيق الأسعار والشروط والتهديدات في عام ٢٠٢١ »، شباط ٢٠٢١ – شباط ٢٠٢٢. أجراها إستديو أشغال عامة عام ٢٠٢١، شملت ٩٥ وحدة سكنية في ٥٢ مبنى في مناطق مختلفة من بيروت، أن ما يقارب ٧٥٪ من الإيجارات تتجاوز قيمتها الحد الأدنى للأجور، وتتجاوز قيمة بعضها ضعفي أو ثلاثة أضعاف الحد الأدنى، في حين يتجاوز ٧٪ منها الحدّ الأدنى بعشرة أضعاف. كما تؤكّد أرقام مرصد السكن، بين آذار ٢٠٢٢ حتّى أيار  ٢٠٢٣ ، والتي درست المعطيات الناتجة عن ٢٦٢ بلاغاً وصل إلى المرصد  من مختلف المناطق اللبنانية، أنّ ٧٧.٥ ٪ من أصحاب البلاغات يعانون من انعدام القدرة على تحمّل التكاليف المتصاعدة المرتبطة بالسكن. وشاركت ١٧٥ حالة ضمن البلاغات المرصد، البيانات المتعلّقة بقيمة بدل الإيجار الذي يقع على عاتق المستأجر، مقارنةً بدخله الشهري. وقد تبيّن أنّ ٣٢٫٦ ٪ من هؤلاء ينفقون أكثر من ثلثي مدخولهم على السكن، و٤٨ ٪ منهم ينفق  أكثر من نصف مدخولهم. 
  2. تأمين الاستدامة: يمكن أن يوفّر التحكّم بالإيجار، إذا ترافق مع خطوات لمنع الإخلاء، إحساساً بالاستقرار للمستأجرين، مؤمّناً لهم إمكانية البقاء في منازلهم لفترات أطول، دون خوف من زيادات مفاجئة وكبيرة في الإيجار ودون قلقٍ من الإخلاء. وهذا يساهم في بناء مجتمعات أقوى وأكثر استقراراً، وأحياء صحية ومستقرّة. وتؤكّد أرقام مرصد السكن، في الفترة الزمنية نفسها، أي بين آذار ٢٠٢٢ حتّى أيار  ٢٠٢٣، أنّ ٦٥٪  من المبلّغين يشعرون بخطر فقدان مساكنهم بسبب غلاء تكلفتها. إضافةً إلى ذلك، وصل إلى المرصد ١٩١ حالة خلال هذه المدة، كان قد وُجّه إليها إنذارات بالإخلاء. كما وصلت ٣٧ حالة إلى حدّ الإخلاء الفعلي.
  3. الحماية من الإحلال العمراني الطبقي: في المناطق التي تتعرّض لمشاريع التحسين والتطوير الحضري، يمكن أن يكون التحكم في الإيجارات أداةً طويلة التأثير، لحماية السكان ذوي الدخل المنخفض من التهجير القسري الذي ينتج عن عدم قدرتهم على مجاراة النّمط الاستهلاكيّ الجديد في المنطقة. كما يساعد في الحفاظ على التنوع  الاجتماعي والثقافي والاقتصادي في هذه المناطق.
  4.  حماية المستهلك20لا نتبنّى هذا المصطلح لأنه يوحي بأن السكن/الإيجار سلعة يتمّ استهلاكها. ومع ذلك، استخدمناه في هذا السياق بالاستناد إلى الأدبيات التي تتطرّق لمواضيع السكن والإيجار، والتي تنظر إلى سياسات ضبط الإيجار في إطار حماية المستهلكين. يفترض هذا المنظور أنه، بشكل عام، يمكن اعتبار المالكين “مورّدين”، والمستأجرين الأفراد “مستهلكين” بموجب الأنظمة القائمة في العديد من البلدان.: يُعتبر التحكم بالإيجارات بمثابة شكل من أشكال حماية المستهلك، إذ  يضمن عدم تعرّض المستأجرين لزيادات تعسفية أو استغلالية في الإيجار، ويساعد في تحقيق التوازن في ديناميكيات القوة بين المالك والمستأجر. مع بداية الأزمة الإقتصادية في لبنان، وانخفاض قيمة العملة، وبسبب عدم وجود قيود على سوق الإيجار، كانت ردّة فعل المالكين فرض دفع الإيجار بالدولار الأميركي، الذي كان سعر صرفه في السوق يزداد يومياً حتى وصل  اليوم إلى ٦٠ ضعف ما كان عليه قبل الأزمة.  أدّى ذلك إلى ارتفاع قيمة الإيجار بشكل يفوق قدرة معظم السكان على تسديده، خاصةً وأن معظم مداخيلهم كانت لا زالت بالعملة اللبنانية.
  5.  الاستقرار الاقتصادي: يمكن أن يوفّر التحكّم بالإيجار درجةً من الاستقرار الاقتصادي للمستأجرين، ممّا يسمح لهم بوضع ميزانية أكثر فعالية لتلبية الاحتياجات الأخرى وتوفير المال. وهذا بدوره يمكن أن يكون له آثار إيجابية على الاقتصاد بشكل عام . وتؤكّد أرقام مرصد السكن، والتي  درست المعطيات الناتجة عن ٢٦٢ بلاغاً وصل إلى المرصد بين آذار ٢٠٢٢ حتّى أيار  ٢٠٢٣ ، أنّ ٣٥ ٪  من إجمالي المبلّغين اعتمدوا على أساليب غير ملائمة لهم لتأمين كلفة السكن، كالاستدانة أو طلب المساعدة لتأمين جزء أو كامل نفقات السكن (٢١.٤ ٪)، أو التخلّف عن دفع الإيجار لتأمين حاجات أخرى (٢٦ ٪). وبالتالي، أصبحت تكاليف السكن تُهدِّد القدرة المالية، الفردية أو الأُسرية، وتقوّض القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى.

أشكال ضبط الإيجار ودرجات تدخّل الدول

يُميّز الباحثون بين ضوابط الإيجار من الجيل الأول والثاني. فبعد الحرب العالمية الأولى، عمل الجيل الأوّل على الحد من الارتفاع السريع للإيجارات وتوفير السكن بأسعار معقولة للمواطنين عبر تجميد قيمة الإيجارات، وهو لا يزال مستخدماً في بعض البلدان. وعادةً ما كانت تتمتّع الحكومات وحدها بسلطة رفع قيمة الإيجار الأساسي أو تخفيضه كردّ فعل على الأزمات السياسية أو الاقتصادية. وقد خُفّضت قيمة الإيجار الأساسي، على سبيل المثال، في تشيلي عام 1925 كردّ فعل على إضراب المستأجرين21كان إضراب المستأجرين عام 1925 أحد أكبر الإضرابات في تاريخ تشيلي، وتسبب في تغييرات مهمة في قوانين الإيجار. بدأ الإضراب في مدينة سانتياغو في 11 أغسطس 1925،  نتيجة لارتفاع أسعار الإيجارات، والتفاقم الحاد لمشكلات البطالة والفقر، وانعدام العدالة الاجتماعية وسرعان ما انتشر إلى مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد. شارك في الإضراب مئات الآلاف من المستأجرين، وتسبّب في شلل العديد من المدن وطالب المتظاهرون بتخفيض أسعار الإيجارات، وتحسين ظروف المعيشة، ورفع الظلم الاجتماعي.، وفي إيطاليا بين عامي 1927 و 1934، وفي ألمانيا عام 1931 نتيجةً للكساد الكبير22الكساد الكبير هو مصطلح يطلق على الأزمة التي نتجت عن تدهور معدلات النمو الاقتصادي في معظم دول العالم عام 1929 وانتهت في ثلاثينيات القرن الماضي أو بداية أربعينيات القرن نفسه في أوقات مختلفة. كان هذا الكساد هو الأطول والأعمق والأكثر انتشاراً في القرن العشرين، وأعلنت خلاله عشرات المؤسسات المالية إفلاسها وأُغلقت العديد من المصانع، وكثرت أعداد العاطلين عن العمل وتوقف الإنتاج.، وفي بولندا عام 1935.

أما الضوابط من الجيل الثاني، والتي أُطلقَت في السبعينيات، فتُحدّد قيمة بدلات الإيجار بحرية إلى حد ما عند إبرام عقود جديدة، مع فرض حدود على معدّل ارتفاعها ضمن العقود الحالية. يُمكن أن يُعتمد مُعدّل زيادة أسعار الاستهلاك خلال العام السابق كحد أعلى لزيادة الإيجار، وهو ما تعتمده بلدان عدة ككولومبيا وجمهورية التشيك وفرنسا وإيطاليا وبولندا. ويمكن اعتماد سعر الفائدة على الرهن العقاري كما في سويسرا، أو مؤشر سندات الحكومة كما في البرازيل. وفي بعض الأحيان، حتى في ظل اعتماد ضوابط الإيجار من الجيل الثاني، يمكن أن تخضع قيمة الإيجار في العقود المبرمة حديثًا لقيود. فعلى سبيل المثال, منذ عام 2015، لا يمكن في المناطق التي تعاني من نقص حاد في المساكن في ألمانيا، أن تتجاوز قيمة الإيجار الجديد نسبة 10% من متوسط إيجار السوق للمساكن ذات الخصائص المشابهة في الحي نفسه.

تقسّم درجات تدخّل الدول في تنظيم إيجار المساكن إلى أربعة مراحل، تبدأ بـ «عدم التدخل»، حيث تكون مشاركة الدولة ضئيلة أو معدومة في تنظيم الإيجارات. تليها «تجميد الإيجارات»، حيث تقوم الدولة بتحديد حظر لزيادة الإيجار لفترة محدّدة بهدف حماية المستأجرين من الارتفاع المفاجئ والمفرط في الإيجارات خلال أوقات الصعوبات الاقتصادية أو الأزمات. المرحلة الثالثة، تجمع بين «تجميد الإيجارات» وعناصر من «نظام ضبط الإيجار»، وتفرض الدولة خلالها قواعد أو إرشادات محدّدة لزيادة الإيجارات، وحماية المستأجرين، ووضع شروط على المالكين لصيانة المنازل، والحفاظ عليها بمعايير معيّنة. تليها مرحلة «نظام ضبط الإيجارات» بحيث تُنشئ الدولة نظاماً رسمياً للتحكم في الإيجارات، يفرض لوائح صارمة على المساكن المستأجرة.

بشكلٍ عامٍ، عند النظر إلى أنظمة الإيجار من الجيل الثاني في عدة دول، وعلى الرغم من تباينها بين بلدٍ وآخر إلّا أنها تتوافق جميعاً على ضمان توفير إمكانية الوصول للسكن بتكاليف معقولة للجميع، كهدفٍ أساسي. ففي هولندا مثلاً، يُحدّد نظام الإيجار الحالي الحد الأقصى لقيمة الإيجار لكل مسكن شاغر، والحد الأقصى لزيادة الإيجار السنوي. ويعتمد الحد الأقصى لإيجار المسكن على ما يُعرف بنقاط الجودة والتي تعكس خصائص المسكن بشكل موضوعي، مثل مساحته ووسائل الراحة المتاحة فيه. وتُحدّد لجنة التأجير نقاط بيئة المسكن، مثل وجود المرافق التجارية ووسائل النقل العامة والمدارس، وغيرها. أمّا في فرنسا، ففي قطاع الإيجار الخاص غير المدعوم، تُحدَّد الإيجارات الأولية بحرّية لكن على أساس مساكن مرجعية في نفس المنطقة، اعتماداً على خصائص شبيهة لخصائص المساكن التي يجب تحديد إيجارها. وخلال مدة عقد الإيجار، تكون الزيادة السنوية على الإيجار مقيّدة بمؤشر INSEE للإيجار المرجعي، وهو مؤشر مُحتسب على أساس ثلاثة مؤشرات أخرى: مؤشّر أسعار المستهلك، ومؤشر تكاليف الصيانة والتجديد، ومؤشر تكاليف البناء. وعند انتهاء عقد الإيجار، يكون للمستأجر حق التجديد، ما لم يكن هناك سبب وجيه يمنع ذلك، مثل رغبة المالك في استخدام المسكن أو بيعه. أمّا في حال تجديد العقد، فيمكن للمؤجر اختيار قيمة جديدة للإيجار بالاستناد إلى المساكن المرجعية. وإذا لم يتّخذ المؤجر تلك المبادرة، تظلّ قيمة الإيجار السابقة سارية23Marietta Haffner , Marja Elsinga & Joris Hoekstra (2008) Rent Regulation: The Balance between Private Landlords and Tenants in Six European Countries, International Journal of Housing Policy, 8:2, 217-233 . وفي إسبانيا، أقرّ البرلمان تشريعاً جديداً عام ٢٠٢٣، ينظّم أسعار الإيجارات، ويفرض ضرائب على أصحاب المنازل الشاغرة، ويعرّف كبار الملاكين24يُعتبر المالك كبيراً، سواء أكان فرداً أو مؤسسة، إذا كان يملك ٥ عقارات أو أكثر ضمن الـ Stressed zone بعد أن كان العدد محدد بـ١٠ عقارات سابقاً. الذين تُفرض عليهم قيود أكثر صرامة. كما يُدخِل مفهوم “Stressed zone” في سوق العقارات لوصف المناطق أو الأحياء التي تستوفي مجموعة من الشروط المعينة25أن يكون متوسط أسعار الإيجار في المنطقة قد ارتفع بأكثر من ٥ ٪ من نسبة التضخم خلال السنوات الخمس الماضية أو أن يتجاوز متوسط أسعار الإيجار أكثر من ٣٠٪ من متوسط دخل الأسرة في المنطقة.، حيث يُحدّد حد أقصى لأسعار الإيجارات يعتمد على مؤشر مرجعي جديد يُحدّده المعهد الوطني للإحصاء (INE). بالإضافة إلى ذلك، يُشجّع التشريع على تقديم حوافز ضريبية وتخفيضات على قيمة الإيجارات طويلة الأمد، ويمنح مزيداً من الحوافز للشباب، أو في حال قام المستأجر بعمليات ترميم أو صيانة، فضلاً عن تدابير أخرى.26ينص القانون الجديد أيضاً على أن جميع الرسوم والنفقات العقارية وأتعاب الوكالات المتكبدة في استئجار المسكن يجب أن تُغطّى من قبل مالك العقار وليس المستأجر. كما ينصّ على وضع إجراءات صارمة لمنع عمليات الإخلاء، حيث قد تُمدّ هذه العملية لتصل إلى سنتين إذا رفض المستأجر الإخلاء، مع إمكانية استخدام أموال الحكومة المخصصة للسكن لتأمين سكن بديل.

تصحيح المفاهيم المغلوطة من أجل ضمان حقوق المستأجرين

أخيراً، أزمة السكن في لبنان معقّدة ولها جذور تاريخية واقتصادية. ولحل هذه الأزمة، هناك حاجة إلى حلول طويلة المدى، تعتمد على وجود إطار قانوني يتّبع نهجاً شمولياً.

يبرز بوضوح أن سياسات ضبط الإيجار تشكّل أدوات حيوية وركيزة أساسية في السياسة العامة، وبالتالي يمكن أن تشكّل جزءً جريئاً وواقعياً من الحلّ، حيث تلعب دوراً بارزاً في ضمان حقوق الأفراد في الوصول إلى سكن ملائم يكون متاحاً بتكلفة معقولة. في هذا السياق، تظهر أهمية تصحيح التصوّرات المغلوطة المُشَيطِنة لضبط الإيجار، ركيزة الرأسماليين الاقتصادية، والتي وضعوها بشكل مُتعمّد حول ضبط الإيجار، لتصويره تهديداً لمصالح الأغلبية. يؤدّي تحرير الإيجار إلى تسريع ارتفاع تكلفة السكن، وتقليل قيمته الاجتماعية، ويُساهم في تدهور البيئة المبنية من أجل تحقيق أقصى قدر من الأرباح المالية، وبمُجابهته، يُمكن أن تلعب سياسات ضبط الإيجار دوراً أكثر فعالية في تحقيق التوازن بين حقوق المستأجرين والاستقرار الاقتصادي. ولعل أهم شيء هو أن تستند سياسات ضبط الإيجار إلى دراسات كمية ونوعية، وتحليلات اقتصادية واجتماعية لكافة عناصر وفئات المجتمع، وإلى مقاربة اجتماعية عادلة، تنحاز للأكثر استضعافاً وتسعى لتصحيح الضيم الحاصل، لتضع المصلحة العامة في المقام الأول وتؤكّد على القيمة الاجتماعية للمسكن.

المراجع:

  • 1
     Konstantin Kholodilin, «Long-Term, Multi Country Perspective on Rental Market Regulations», Housing Policy Debate, 04 Aug 2020
  • 2
    Konstantin Kholodilin, «Long-Term, Multi Country Perspective on Rental Market Regulations», Housing Policy Debate, 04 Aug 2020
  • 3
    قروض السكن للتملك، وعقد الاستثمار
  • 4
    يُمكن الاطلاع على جدول زمني يتضمن كافة قوانين وتشريعات السكن الصادرة في لبنان في جدول سياسات الأرض في لبنان
  • 5
    في عام 1975، كان عدد سكان لبنان حوالي 3.3 مليون نسمة، وكان عدد سكان بيروت حوالي 1.7 مليون نسمة، أي ما يقرب من 52% من سكان لبنان بحسب ورقة بحثية لباتريك ويلر تحت عنوان Population shifts in war-torn Lebanon
  • 6
    أشغال عامة، « عن غياب سياسات الدولة الإسكانيّة، قوانين متفرّقة وتدابير مؤقّتة»، مايا سبع أعين، ٣ آب ٢٠٢١ 
  • 7
    بدايات، « سياسة الإخلاء: المستأجر القديم من مواطن إلى عقبة»، نادين بكداش، ربيع / صيف ٢٠١٤
  • 8
    بدايات، « سياسة الإخلاء: المستأجر القديم من مواطن إلى عقبة»، نادين بكداش، ربيع / صيف ٢٠١٤
  • 9
    المطار، تطوير الطرقات، أجزاء من مرفأ بيروت.
  • 10
     بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية اللبنانية.
  • 11
     بدايات، « سياسة الإخلاء: المستأجر القديم من مواطن إلى عقبة»، نادين بكداش، ربيع / صيف ٢٠١٤
  • 12
    مصمّمة بصريّة وباحثة مدينيّة، وعضو مؤسس في استديو أشغال عامة.
  • 13
    Nadine Bekdache,« Evicting Sovereignty : Lebanon’s housing tenants from citizens to obstacles», The Arab Studies Journal Vol. 23, No. 1 (Fall 2015), pp. 320
  • 14
    السفير، «عدد العائلات المستأجرة يتعدى 180 ألفاً »، ١ أيار ٢٠١٤.
  • 15
     إستديو أشغال، مرصد السكن، التقرير الدوري، « كيف نقرأ تحوّلات السكن في ظلّ الأحداث العامة؟» ،كانون الأوّل ٢٠٢٢ – أيّار ٢٠٢٣
  • 16
    السفير، «عدد العائلات المستأجرة يتعدى 180 ألفاً »، ١ أيار ٢٠١٤.
  • 17
    النهار، «النهار تنشر أعداد المستأجرين وفق وزارة المال، القانون ينتظر مرسوم حساب أصحاب الدخل المحدود»، ١٦ حزيران ٢٠١٩
  • 18
     لتفاصيل أكثر عن الهشاشات السكنية المختلفة يُمكنكم الاطّلاع على التقارير الدوريّة لمرصد السكن على هذا الرابط
  • 19
    استديو أشغال عامة، «سوق الإيجار وسط الأزمة: توثيق الأسعار والشروط والتهديدات في عام ٢٠٢١ »، شباط ٢٠٢١ – شباط ٢٠٢٢.
  • 20
    لا نتبنّى هذا المصطلح لأنه يوحي بأن السكن/الإيجار سلعة يتمّ استهلاكها. ومع ذلك، استخدمناه في هذا السياق بالاستناد إلى الأدبيات التي تتطرّق لمواضيع السكن والإيجار، والتي تنظر إلى سياسات ضبط الإيجار في إطار حماية المستهلكين. يفترض هذا المنظور أنه، بشكل عام، يمكن اعتبار المالكين “مورّدين”، والمستأجرين الأفراد “مستهلكين” بموجب الأنظمة القائمة في العديد من البلدان.
  • 21
    كان إضراب المستأجرين عام 1925 أحد أكبر الإضرابات في تاريخ تشيلي، وتسبب في تغييرات مهمة في قوانين الإيجار. بدأ الإضراب في مدينة سانتياغو في 11 أغسطس 1925،  نتيجة لارتفاع أسعار الإيجارات، والتفاقم الحاد لمشكلات البطالة والفقر، وانعدام العدالة الاجتماعية وسرعان ما انتشر إلى مدن أخرى في جميع أنحاء البلاد. شارك في الإضراب مئات الآلاف من المستأجرين، وتسبّب في شلل العديد من المدن وطالب المتظاهرون بتخفيض أسعار الإيجارات، وتحسين ظروف المعيشة، ورفع الظلم الاجتماعي.
  • 22
    الكساد الكبير هو مصطلح يطلق على الأزمة التي نتجت عن تدهور معدلات النمو الاقتصادي في معظم دول العالم عام 1929 وانتهت في ثلاثينيات القرن الماضي أو بداية أربعينيات القرن نفسه في أوقات مختلفة. كان هذا الكساد هو الأطول والأعمق والأكثر انتشاراً في القرن العشرين، وأعلنت خلاله عشرات المؤسسات المالية إفلاسها وأُغلقت العديد من المصانع، وكثرت أعداد العاطلين عن العمل وتوقف الإنتاج.
  • 23
    Marietta Haffner , Marja Elsinga & Joris Hoekstra (2008) Rent Regulation: The Balance between Private Landlords and Tenants in Six European Countries, International Journal of Housing Policy, 8:2, 217-233 
  • 24
    يُعتبر المالك كبيراً، سواء أكان فرداً أو مؤسسة، إذا كان يملك ٥ عقارات أو أكثر ضمن الـ Stressed zone بعد أن كان العدد محدد بـ١٠ عقارات سابقاً.
  • 25
    أن يكون متوسط أسعار الإيجار في المنطقة قد ارتفع بأكثر من ٥ ٪ من نسبة التضخم خلال السنوات الخمس الماضية أو أن يتجاوز متوسط أسعار الإيجار أكثر من ٣٠٪ من متوسط دخل الأسرة في المنطقة.
  • 26
    ينص القانون الجديد أيضاً على أن جميع الرسوم والنفقات العقارية وأتعاب الوكالات المتكبدة في استئجار المسكن يجب أن تُغطّى من قبل مالك العقار وليس المستأجر. كما ينصّ على وضع إجراءات صارمة لمنع عمليات الإخلاء، حيث قد تُمدّ هذه العملية لتصل إلى سنتين إذا رفض المستأجر الإخلاء، مع إمكانية استخدام أموال الحكومة المخصصة للسكن لتأمين سكن بديل.
السكن لبنان
 
 
 

حماية المستأجرين في صلب استعادة مدينة قابلة للحياة

منذ إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، تمّ إخلاء عشرات المباني في الأحياء المحيطة بالمرفأ. رحل السكان من جرّاء الأضرار والصدمة، كبارًا وصغارًا، ولدوا هنا أو استقروا مؤخرًا، مستأجرين ومالكين، لبنانيين ومهاجرين.

كيف ندافع عن حقوقنا كمستأجرين/ات في ظل قانون الإيجارات الحالي؟

يعتمد قانون الإيجارات الحالي على قانون الموجبات والعقود الصادر عام ١٩٣٢، والذي يتضمن مواد (٥٣٣ حتى ٦٢٣) تشمل كل أنواع الإيجارات، دون تخصيص للإيجار السكني. في العام ١٩٩٢، تم إقرار القانون ١٥٩ الذي …

نحو قانون شامل للحق في السكن

أوراق بحثية حول إصلاحات ضرورية

غالباً ما تتردّد إشكالات السكن والإسكان في الخطاب العام اللبنانيّ منذ فترة الاستقلال على الأقل. لكنّها ازدادت حضوراً في العقود القليلة الماضية، بفعل مضاربات السوق التي تعمل في سياق يفتقر تماماً إلى سياسات …

 كيف تكون ضرائب الأرض والملكية في لبنان عادلة؟

يعدّ النظام الضريبي عنصراً أساسياً في العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، حيث يوافق الناس على دفع الضرائب مقابل التزام الدولة بضمان حسن سير عمل المجتمع. في دولة الرعاية، يرتكز العقد الاجتماعي على مبدأ …