بلدية بيروت تزيل خيم النازحين في الرملة البيضاء باستخدام القوة ودون ضمان البدائل

المصدر: حديث مع مصدر من بلدية بيروت وشهادات النازحين

“نحنا تهجّرنا من الرويس. ما عرفنا وين نروح، جينا هون عمرنا خيم وقعدنا. إجت الدولة، إخلوا! إجوا كسروا الخيم فوق راسنا، وقالوا روحوا دبروا حالكن بالكرنتينا. وين بدنا ندبّر حالنا بالكرنتينا؟ قال اللبنانية عم يستقبلوهن. اي انا لبناني، بس زوجتي فلسطينية، بتركها هون؟”

“ملتمين وحاملين أسلحة! على شو حاملين أسلحة؟ على مين؟ على الشعب المعتر مثلنا يللي هربان من القصف؟ كله سيارات دركية وأمن دولة، قالولي ما عنا حل تاني إلك، بدنا نفك الخيمة. رح ضلني قاعدة عالرصيف. مطر او مش مطر، شو بدي أساوي؟”

“قبل ما يشيل الخيمة، يقلنا وين بدنا نروح. صح أو لأ؟ انا إنسان، وأهلي إنسان. جايين من بلد (سريلانكا) فيه إنسان. نحنا مش زبالة.”

بهذه الكلمات1 مصدر الشهادات: تقرير ميغافون بعنوان “قوى الأمن تطرد النازحين من الرملة البيضا” من إعداد أحمد أبو سالم، صدر يوم الجمعة 1 تشرين الثاني وصف النازحون القاطنون على رصيف الرملة البيضاء تجربتهم مع “الدولة” صباح يوم الخميس 31 تشرين الأول، بعدما أقدمت القوى الأمنية على إزالة الخيم التي كان يسكن فيها أكثر من سبعين نازحاً، وقامت بتكسير بعضها وترهيب أصحابها باستخدام القوة المفرطة.

وكانت غرفة إدارة الكوارث والأزمات في محافظة بيروت قد أعلنت أنه “بناءً لتوجيهات وزير الداخليّة والبلديّات وسعي محافظ مدينة بيروت بالتعاون مع جمعية فرح العطاء” سوف يتم نقل النازحين الموجودين في الخيم على الكورنيش البحري لمدينة بيروت الى مركز إيواء جديد في منطقة الكرنتينا يسع ألف عائلة. وبحسب مصدر من بلدية بيروت، “كان قايل وزير الداخلية أنه لازم نحل هالمشكلة يللي عالطرقات والأرصفة”. على ضوء ذلك، قام فوج حرس بيروت بإجراء جردة بكل العائلات النازحة المتواجدة في الأملاك العامة من عين المريسة إلى الرملة البيضاء. وفقاً لقاعدة البيانات هذه، قام فوج حرس بيروت بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي في 25 تشرين الأول بنقل 400 نازح من الكورنيش البحري الى مركز الإيواء أعلاه، وأعلنوا أن المرحلة الثانية لتأمين بقية النازحين الموجودين على الكورنيش البحري سوف تستكمل خلال أيام قليلة الى حين تجهيز كامل المركز.

في 30 تشرين الأول، أي قبل يوم واحد من الإزالة، تم إبلاغ أصحاب الخيم في الرملة البيضاء بضرورة الإخلاء في اليوم التالي. ألّا أنّ خطط وزير الداخلية ومحافظ بيروت بنقل النازحين إلى الكرنتينا لم تشمل غير اللبنانيين ومكتومي القيد، على اعتبار أنّ “خطة الطوارئ الوطنية” تولي مسؤولية الاستجابة لحاجاتهم إلى منظمات الأمم المتحدة المختصة. وهو ما أكّد أيضاً عليه المصدر في البلدية، الذي قال أنه “بالاجتماع يللي صار بوزارة الداخلية من شهر، المفوضية قالت هيي رح تهتم فيهم”. بالنتيجة، تمت إزالة الخيم في الرملة البيضاء بشكل تعسفي باستخدام القوة والترهيب ودون ضمان البدائل، لينزحُوا مجدداً أو يكون مصيرهم التشرّد. فقد رجع صاحب الشهادة الأولى إلى الضاحية مع عائلته، معرضين أنفسهم للخطر. أما السيدة الثانية (مكتومة القيد) والفتاة السريلانكية، فقد افترشوا الأرض في حديقة الرملة البيضاء الموازية للكورنيش.

تتكرّر حوادث إخلاء النازحين من الأرصفة والشوارع، ويتمّ تبرير هذه الممارسات التعسفيّة على أنّها جزء من عملية إزالة “المخالفات والتعديات” على المُلك العام وأنّ المجموعات غير اللبنانية ليست مسؤولية الجهات الحكومية. تتعامل السلطة من خلال هذه الحجج – كما الممارسات التعسفية – كما وأن الوضع طبيعي جداً، وليس هناك حالة حرب وأزمة نزوح هائلة تتحمل جزءًا من مسؤوليتها السلطات العامة نفسها.

إنّ أي إجراء يهدف إلى إخلاء المساحات العامة من النازحات/ين لا يمكن بأي حال من الأحوال القيام به دون تقديم البدائل الملائمة والواقعية، ويشمل ذلك حلولاً ملموسة تتيح للنازحات/ين الاستقرار في مكان آخر دون أن يتم تعريضهم لمزيد من المخاطر أو الأضرار، أو لإخلاءٍ آخر.

وفي كل الحالات، لا يمكن استخدام القوة أو العنف أو التهديد أو الترهيب لتحقيق ذلك. بل يجب أن يتمّ ذلك من خلال التفاوض البنّاء والسعي إلى التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف، مع الأخذ في عين الاعتبار الظروف المعيشية الصعبة والقاهرة التي يعيشها هؤلاء النازحون/ات.

إنّ استخدام المساحات العامة في المدينة هو حقّ مكرّس. وقد ظهرت أهمية الدور الذي يمكن للمساحات العامة أن تلعبه ضمن “نظام وتنظيم الدفاع المدني” الذي تضمّن إنشاء الملاجئ ووضع جميع الباحات والأرصفة والحدائق العامة والخاصّة التي يرى الجهاز المركزي للدفاع المدني ضرورة وضعها بتصرفه ليبني فيها ملاجئ عامة للجميع، ودون تمييز، وذلك انطلاقاً من مبدأ عدم جواز التمييز في أعمال الدفاع المدنيّ، وعلى اعتبار أنّ الناس في حال الخطر جميعهم سواسية بمعزل عن اختلافاتهم.

في هذا الصدد، تم تسليم كتاب موقّع من عدد من الجمعيات والمنظمات بشأن إشغال النازحين/ات للمساحات العامة إلى رئيس بلدية بيروت عبد الله درويش ومحافظ بيروت مروان عبود ومنسق لجنة الطوارئ الحكومية الوزير ناصر ياسين، وذلك في 28 تشرين الأول، ولم نتلقى أيّ جواب حتى الآن.
توقيع الكتاب على هذا الرابط

المراجع:

  • 1
     مصدر الشهادات: تقرير ميغافون بعنوان “قوى الأمن تطرد النازحين من الرملة البيضا” من إعداد أحمد أبو سالم، صدر يوم الجمعة 1 تشرين الثاني
إدارة الأراضي والتنظيم المدني إعادة الإعمار والتعافي الرملة البيضاء قضاء بيروت لبنان محافظة بيروت
 
 
 

نداء بشأن إشغال النازحين المساحات العامة

مع توسع نطاق الحرب وزيادة موجات النزوح بشكلٍ متسارع، برز دور المساحات العامة المفتوحة كالشوارع، الحدائق، الساحات العامة، الكورنيش البحري، والشواطئ مع توّجه عدد كبير من النازحات/ين إليها في الفترات الأولى من النزوح …

النازحات\ون يعيدون الحياة إلى مبنى خالٍ في شارع جان دارك

فُتح مبنى خالِ في شارع جان دارك لاستقبال النازحين جرّاء الحرب الإسرائيلية. إلّا أن الإعلام ضجّ استنكاراً لما اعتبره تعدٍ على الأملاك الخاصة وحقوق كبار رجال الأعمال، بدلاً من الاحتفال بتحويل الشقق الفارغة ...

الحق في المدينة والسكن خلال الحرب

من غير الممكن أن نتخيّل حرباً شاملة تُهجِّر خُمس السكان، تدمّر جنوب البلاد وشرقها وضاحيتها، وتستبيح الأراضي اللبنانية كاملةً، دون أن يكون لدينا مقاربة شاملة للإغاثة وتقديم المعونة وإيواء الناس، بالإضافة إلى خطة …

عن النزوح إلى مبنى عبد الباقي في الحمرا: 

وضع اليد كأداة لاستعادة الدور الاجتماعي للمدينة

الحق في المدينة هو تطبيق لحق الوصول إلى السكن ومساحات المدينة، من خلال الاعتراف بأهمية الدور الاجتماعي للمكان. اليوم، يحاول عدد من النازحات\ين تطبيق مفهومي الحق في المدينة والسكن من خلال وضع اليد ...

لعبة تقاذف مسؤوليات الإيواء مسرحها موقف سيارات في صيدا

لأكثر من شهر، افترش حوالي 700 نازح سوري، فرّوا من قصف إسرائيل لجنوب لبنان، موقف سيارات في مدينة صيدا. ظلّوا عالقين فيه دون خيارات، وظلّ وضعهم معلّقاً حتى كان تدخّل صاحب العقار وتساؤلات ...