مجلس الاستثناءات

تقرير حول قرارات "المجلس الأعلى للتنظيم المدني" 2019 - 2021

  1. المقدمة
    1. 1 المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها: لمحة عامة
  2. في ‌التوزيع الجغرافي
  3. في ‌الأنواع
    1. 3 طلبات الاستثناء من الأنظمة العامة
    2. 3 الطلبات المتعلّقة بالتصاميم التوجيهية
    3. 3 إبطال قرار المجلس الأعلى أو الاعتراض عليه
    4. 3 الطلبات الأخرى
      1. 3.4 بيان رأي بشأن قانون، مرسوم أو طلب وزير
      2. 3.4 إشغال أملاك عامة بحرية
  4. الخلاصة العامة

المقدمة

تحتلّ فكرة “غياب التخطيط” – وهي ما يستخدمه الفاعلون في النظام السياسي غالباً لإعادة التأكيد على “غياب الدولة” – كامل الصورة حينما يتمّ الحديث عن واقع المناطق والمدن في لبنان، كما تُستخدَم لتبرير التقاعس في إرساء سياسات عادلة. ممّا لا شك فيه، هناك نظام تخطيط قائم في لبنان، إلّا أنّه لا يضع في صلب رؤيته للأرض أيّ منظور إجتماعي أو اقتصادي أو بيئي، بل يراها بشكل مادي مجتزأ، واضعاً إياها بالتالي، في أيدي المتنفّذين. فبدل أن يكون التخطيط عملية اجتماعية وسياسية يتفاعل معها الأشخاص ويتأثّرون بها ويكون لهم تأثير عليها، أصبحت مجالاً نخبوياً، وأداةً مركزيةً لعمل الأحزاب الطائفية والسياسية والمستثمرين العقاريين، حيث ينوب هؤلاء عن المجتمع في تقرير ما سوف يجري في مناطقهم وعلى أراضيهم، وبالتالي في تقاسم الحصص وتوزيعها. فيتم استخدام الأدوات الكلاسيكية المتاحة في قوانين التنظيم المدني بشكل شائع من قبل جهات فاعلة، وبطريقة حزبية علنية أو لخدمة مصالح شخصية – وذلك في تناقض كامل مع مفهوم التخطيط كأداة يمكن من خلالها ترتيب الحاضر من أجل مستقبل الجميع. 

لذلك، وفي نهجٍ نقيض، يولي «استديو أشغال عامة» منذ تأسيسه، اهتماماً خاصاً بأطر التخطيط المديني وأنظمته والمؤسسات الراعية له، لا سيّما تأثيرها على المناطق اللبنانية وعلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وقد أعادت الأزمات الراهنة إلى الواجهة تساؤلات مصيرية حول النظُم التي ترعى الأراضي في لبنان، والسياسات والمفاهيم التي تنبثق عنها الممارسات السائدة1في هذا السياق، يراقب «مرصد سياسات الأرض» عمل المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى، الجهاز الرسمي والمسؤول الأوّل عن هذه العملية وهو المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى. من خلال ذلك، نضمن ألا يمرّ أي تدخّلٍ مكاني دون توثيق أو تعليق، ونسدّ الفجوة على صعيد الإقصاء الذي يستهدف الفئات المتأثّرة بالسياسات المتّبعة في إدارة الأراضي وتنظيمها.

وفي هذا الإطار، تشكّل المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى، الجهاز الرسمي والمسؤول الأوّل عن هذه العملية، وأحد أذرع الدولة الداعمة للتخطيط المديني بشكله التقني والمنحاز للمطوّرين العقاريين والطبقة المهيمنة. لهذا، استحصلنا على قرارات المجلس الأعلى للتنظيم المدني لفترة 2019، 2020 و2021، بالتعاون مع مبادرة غربال التي تقدمت بتاريخ 19/10/2021 بطلب رسمي للحصول على قرارات المجلس الأعلى للتنظيم المدني وذلك استناداً إلى مبدأ الشفافية والحق في الوصول إلى المعلومات. بلغ عدد القرارات الإجمالي لهذه السنوات 1460 قراراً، بينها 679 قرار لعام 2019 موّزعة على 42 جلسة، بينها 4 جلسات لم يكتمل فيها النصاب، 451 قرار لعام 2020 توّزعت على 29 جلسة، بينها جلسة واحدة لم يكتمل فيها النصاب، و330 قرار لعام 2021 موّزعة على 20 جلسة، بينها جلسة واحدة لم يكتمل فيها النصاب وجلسة واحدة لم نُزوّد بقراراتها. نقدّم في هذا التقرير تحليلاً هذه القرارات من حيث العدد، التوزّع الجغرافي والمضمون.

بشكلٍ عام، نستطيع أن نلاحظ تراجع عدد القرارات تدريجياً على مرّ السنوات الثلاث، نتيجة استفحال التداعيات الدراماتيكية للأزمة الاقتصادية والثقل الذي رمته أوّلاً على قطاع البناء. رغم أنّ هذا القطاع بالذات كانت قد بدأت معاناته قبل عام 2019، حيث شهد شيئاً من الركود كتمظهر للأزمة الدفينة القادمة، بعد أنّ استفاد على مرّ العقود السابقة من سياسات الريع العقاري وازدهار التوظيف في مشاريع البناء بكل الأحجام والأنواع وبالتالي من “المحتوى الفراغي للفقاعة العقارية”. كما يمكن الإشارة إلى أنّ عدد القرارات الصادرة، وبالتالي عدد الطلبات المعروضة أمام المجلس الأعلى للتنظيم المدني رغم تراجعها التدريجيّ، مرتفع نسبياً. 

نقدّم أولاً لمحة عامة عن المديرية ومجلسها، ثم نبدأ التقرير بتحليل التوزيع الجغرافي للطلبات المقدّمة أمام المجلس الأعلى للتنظيم المدني، إن على صعيد المحافظات أو على صعيد الأقضية، لنتعّمق بعدها بأنواع هذه الطلبات والقرارات الصادرة عن هذا المجلس. ومن خلال تحليل أنواع الطلبات المقدّمة أمام المجلس الأعلى للتنظيم المدني وأعدادها والقرارات التي اتّخذها، سنحاول قراءة الدور الحالي الذي يلعبه وهو دور مختلف تماماً عما يُفترض على هذا المجلس القيام به.

المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها: لمحة عامة 

تُعتبر اليوم المديرية العامة للتنظيم المدني التابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل، الإدارة الوحيدة في لبنان ضمن مؤسسات الدولة التي تُعنى بالشؤون المدينيّة، وهي تتولّى بشكلٍ أساسي وضع التصاميم التوجيهية والتفصيلية، وأنظمة المدن والقرى، وتنفيذها. تمّ إنشاء هذه المديرية عام 1962 ضمن وزارة التصميم، مع إصدار أوّل قانون للتنظيم المدنيّ. ضمن هيكلية المديريّة، يحضر “المجلس الأعلى” ليكون مجلساً إستشارياً يبدي رأيه بالمواضيع الكبرى، كقانون البناء وقانون التنظيم المدني والمشاريع الضخمة وغيرها. وقد كان إنشاء هذا المجلس حينذاك إستجابةً لإرادة فؤاد شهاب، الذي كان قد كلّف مؤسسة فرنسية لتضع «الخطة الشاملة للإنماء»، في إطار وزارة التصميم العام التي كانت قائمة منذ عام 1955. على مدى سنوات، لم تكن وزارة التصميم قادرة على وضع هذه الخطة، فأراد فؤاد شهاب إنشاء مجلس ضمن المديرية يتضمّن الكفاءات من خارج الإدارة، أي من غير الموظّفين. 

إلّا أنّه تمّ إلغاء وزارة التصميم في بداية عام 1977، وبعد الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، سعت الحكومة إلى إطلاق عملية إعادة بناء سريعة وأصدرت قانوناً جديداً للتنظيم المدني، جرى على أساسه تعديل هيكليّة المجلس الأعلى للتنظيم المدني، وأُدخل أعضاء جدد إليه لأسباب سياسية. فتحوّل المجلس إلى جهاز كبير – في ظلّ غياب وزارة التصميم – ضمن مديرية تابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل. 

يرأس المديرية العامة للتنظيم المدني اليوم مدير عام2إنّ المدراء العامون للمديرية العامة للتنظيم المدني هم من الفئة الأولى من موظّفي الدولة، ممّا يعني بأنّهم يحتاجون إلى تصويت ثلثي مجلس الوزراء لكي يتمّ تعيينهم. وهناك نوعان من التعيين: أصالة (تستمرّ مدى الحياة) ووكالة (مدّتها سنة واحدة). والأصالة تعني حصانة. ويتألّف المجلس الأعلى من مدير عام وأعضاء: مدراء عامين في وزاراتٍ متلفة3مدير عام وزارة العدل، مدير عام وزارة الداخلية، مدير عام الطرق والمباني في وزارة الأشغال العامة والنقل، مدير عام  الإسكان في وزارة الإسكان والتعاونيات، مدير عام وزارة الشؤون البلدية والقروية ومدير عام وزارة البيئة.، رئيس إدارة البرامج في مجلس الإنماء والإعمار، نقيبَي المهندسين في بيروت ومحافظة الشمال، و3 مجازين متخصصين4إن جميع أعضاء المجلس معيّنون حكماً، أي بصفتهم الإدارية، ما عدا الأعضاء الثلاثة الاختصاصيين الذين يعيّنون بمرسوم بناء على اقتراح وزير الأشغال العامة والنقل، ويعيّن عضو رديف لكل منهم ليحل محل العضو الأصيل في حال تغيّبه. في علم الإجتماع، هندسة تنظيم المدن وملم بحماية البيئة والهندسة المعمارية. 

لدى المجلس الأعلى للتنظيم المدني مَهام مُكمِّلة لأعمال المديرية، وهو مجلس مستقل يتّخذ القرارات قبل استصدار المراسيم اللازمة من مجلس الوزراء، وله سلطة الإقرار والموافقة على أي خطة رئيسية  قبل إحالتها إلى مجلس الوزراء. يجتمع هذا المجلس على مدار السنة5تعتبر اجتماعات المجلس قانونية إذا حضرها أكثر من نصف أعضائه، وتُتخذ القرارات بأكثرية أصوات الحاضرين، وعند التساوي يعتبر صوت الرئيس مرجّحاً. ويُعتبر العضو مستقيلاً حكماً إذا تغيّب دون عذر، هو شخصيا أو من ينتدبه، عن ثلاث جلسات متتالية. ويُصدر عدداً من القرارات بعد مناقشة المواضيع المدرجة على جدول أعمال كلّ جلسة، غير أنّ هذه القرارات لا تُنشر للعلن. 

نظراً إلى أنّ هذه القرارات تبقى خلف الأبواب المغلقة وبالتالي مجهولة من الجميع باستثناء حلقة ضيقة من السياسيين والتقنيين، فهناك في أغلب الأحيان استحالة لمعارضة هذه القرارات ومواجهتها، ممّا يجعل قراراتها واقعاً مفروضاً. بالتالي، سيتناول هذا التقرير، كما ذكرنا سابقاً، تحليلاً كمياً ونوعياً للطلبات المقدّمة للمجلس الأعلى للتنظيم المدني والقرارات الصادرة عنه، وهو ما سيظهر الدور الذي تلعبه هذه المؤسسة في السياق الأوسع لصنع السياسات في لبنان. 

في ‌التوزيع الجغرافي

من ناحية التوزيع الجغرافي لقرارات المجلس الأعلى للسنوات 2019-2021، ننظر أولاً في هذا التوزيع على صعيد المحافظات. حصدت محافظة جبل لبنان النسبة الأعلى من قرارات المجلس الأعلى للتنظيم المدني (٢٦%)، وقد تلتها محافظة الشمال (١٦%)، محافظة كسروان جبيل (١٥%) ومحافظة الجنوب (١٥%)، من ثمّ محافظة البقاع (٧%). كما نجد بعض القرارات غير المرتبطة بمناطق جغرافية وتطال كافة المناطق اللبنانية، وهي غالباً ما تتعلّق بتوضيح أو بيان الرأي بشأن قانون، مرسوم، قرار، أو نظام وتبلغ نسبتها (٢%) فقط6يجدر الإشارة هنا، أنّ التوّزع الجغرافيّ لعدد القرارات الصادرة عن المجلس مرتبط مباشرةً بالطلبات التي تقدّم أمامه والمناطق التي تطالها، وهو أمرٌ لا يحدده المجلس حيث أنّ البنود الموضوعة على جداول أعماله تقتصر على الطلبات المقدمّة أمامه إن كان من الأفراد أو البلديات أو الوزارات والمؤسسات العامة، إلخ.

إذا ما قارنّا حجم المحافظات ومساحتها بالنسبة إلى عدد القرارات التي تخصّها، نستطيع أن نرى التفاوت بين المحافظة والأخرى بشكلٍ ملحوظ. بالنسبة لمحافظة بيروت، والتي تُعتبر الأصغر حجماً، فنسبة القرارات التي طالتها مرتفعة نسبياً، وذلك بسبب كثرة طلبات الاستثناء لمشاريع كبرى من فنادق، مستشفيات، أبنية تابعة لمصارف (47% من مجمل القرارات التي طالت بيروت)، ضمنها أيضاً تراخيص لأبراج وأبنية مرتفعة يتخطّى ارتفاعها العلو المسموح به ولا يتماشى في أغلب الأحيان مع واقع الأبنية المحيطة (30.6% من مجمل القرارات التي طالت بيروت). كذلك، ترتفع نسبة القرارات في محافظة كسروان جبيل، وهي ثاني أصغر محافظة بعد بيروت، وكانت نسبة طلبات الاستثناء فيها مرتفعة أيضاً (49%)، وكذلك في محافظة الجنوب. في المقابل، تنخفض نسبة القرارات التي طالت محافظة بعلبك – الهرمل بشكلٍ ملحوظ، وهي المحافظة الأكبر من حيث المساحة. ومن الضروري هنا التنبّه لمحافظة جبل لبنان، التي ترتفع نسبة القرارات فيها بشكلٍ بارز، نسبةً لسائر المحافظات وخصوصاً محافظتي بعلبك – الهرمل ومحافظة البقاع، وتكبرها هذه الأخيرة حجماً.

أما على صعيد الأقضية، يظهر أيضاً التفاوت في التوزيع الجغرافي لقرارات المجلس الاعلى للتنظيم المدني، حتى في المحافظة ذاتها. فقد حصلت أقضية كسروان (155) ضمن محافظة كسروان جبيل، المتن (144) والشوف (104) ضمن محافظة جبل لبنان، صيدا (126) ضمن محافظة الجنوب على العدد الأكبر من القرارات. بينما نالت أقضية الهرمل (5)، مرجعيون (6)، راشيا (9)، حاصبيا (10) والضنية (11) العدد الأقلّ من هذه القرارات. كذلك إذا ما قارنّا مساحة القضاء بعدد القرارات الصادرة بشأنه، نجد أن عدد القرارات مرتفع بالنسبة لأقضية كسروان، المتن، صيدا والشوف، نسبةً لمساحة هذه الأقضية. في المقابل، يُعتبر عدد القرارات منخفض في قضاء بعلبك نسبةً لكونه القضاء الأوسع والتي تفوق مساحته على سبيل المثال مساحة محافظة جبل لبنان وكسروان جبيل معاً، والتي تبلغ عدد القرارات التي طالتها 605 قراراً، فيما بلغ عدد القرارات لقضاء بعلبك 59 قراراً، كما ينطبق هذا الوضع على قضائَي الهرمل وراشيا.

بشكلٍ عام يرتفع عدد القرارات التي تطال المناطق المتواجدة في الوسط وفي الأقضية الساحلية وحول المدن الرئيسية وضواحيها، بينما ينخفض العدد تدريجياً كلّما اتجهنا شمالاً وجنوباً وشرقاً نحو المناطق الداخلية والطرفية. وتتطابق المناطق الأكثر تنظيماً (على صعيد القضاء) بشكلٍ نسبيّ مع المناطق التي يطالها العدد الأعلى من القرارات. فالأقضية التي سجلت النسبة الأقلّ من القرارات تعتبر من الأقضية التي تسجّل النسبة الأقلّ من المساحة المنظّمة (الرسم رقم 3)70% منظّم في قضاء الهرمل طالته 0.3% من القرارات، 9.6% في قضاء مرجعيون طالته 0.4% من القرارات،  0% في قضاء راشيا طالته 0.6% من القرارات، 8.6% في قضاء حاصبيا طالته 0.7% من القرارات و0.06% في قضاء الضنية طالته 0.8% من القرارات. بينما تفوق نسبة المساحة المنظمّة في أقضية كسروان (طالته 10.3% من القرارات)، المتن (طالته 9.9% من القرارات)، الشوف (طالته 7.1% من القرارات) وصيدا (طالته 8.6% من القرارات) نسبة الـ 25%. يُظهر لنا هذا الترابط مجدداً أنّ المناطق غير المنظمّة ما زالت تخضع لإجراءات خاصة، تستجيب عادةً لمصالح فرديّة، بما يتناقض تماماً مع المصلحة العامة. 

من جهةٍ أخرى، تنخفض أيضاً نسبة القرارات التي تطال المناطق التي ترتفع فيها نسبة أملاك الدولة، بالأخصّ في قضاء بعلبك الذي يحوي النسبة الأكبر من أملاك الدولة الخصوصية (طالته 4% من القرارات وهي نسبة منخفضة مقارنةً بمساحته) ، قضاء راشيا والبقاع الغربي (طالته 2.6% من القرارات)، ما يؤكدّ أنّ هذه الأراضي تبقى خارج المضاربات العقارية. مما لا شكّ فيه أن التوّزع الجغرافيّ للطلبات وارتفاع نسبتها يرتبط بشكلٍ مباشر بحركة البناء الناشطة التي تطال بعض المناطق دون سواها على سبيل المثال محافظتي كسروان جبيل وجبل لبنان، ما يؤكده ارتفاع نسبة المعاملات المسجلة لدى نقابة المهندسين في بيروت وطرابلس (بناء، تعديل، إسكان، إضافة، تصريح،…) لهاتين المحافظتين (الرسم رقم 5)8مصدر المعلومات المتعلّقة بالمعاملات المسجلة لدى نقابة المهندسين في بيروت وطرابلس من  الموقع الالكتروني لنقابة المهندسين بيروت، تمّ الاسترداد من: تقارير سنوية لرخص البناء | نقابة المهندسين بيروت (oea.org.lb)، وذلك في ظلّ السياسة الاقتصادية الريعيّة ومنطق تسليع الأرض السائد الذي كرّس تاريخياً الوسط والمدن الساحلية مراكز استقطاب اقتصادي، في حين تفاقم إهمال المناطق الريفية والأطراف. 

في ‌الأنواع

تختلف الطلبات المقدّمة أمام المجلس الأعلى للتنظيم المدني من حيث المضمون. لكن بإمكاننا أن نلاحظ أولاً، الغياب التام لقرارات متعلّقة بتطبيق الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية الصادرة عام 2009 أو تنفيذها -وبالرغم من كون تنفيذ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية من أبرز مهام المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى- والتي قامت على مجموعة من الأهداف والقيَم، أهمّها الإنماء المتوازن للمناطق، ترشيد استغلال الموارد الطبيعية (لا سيّما المياه)، خفض مصاريف الدولة، تحسين الإنتاجية الاقتصادية، الإنعاش الاجتماعي، والمحافظة على البيئة. وقد كان من المفترض على رئيس المجلس الأعلى تشكيل لجنة تكون مهمتها متابعة تنفيذ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية وتطويرها، الأمر الذي لم يجرِ تنفيذه أبداً. وتقع مسؤولية هذا الإخفاق بالأخص على الرئيس الحالي للمجلس الأعلى، الياس الطويل الذي استلم مركزه عام 2010 وما زال فيه حتى اليوم. ما جرى هو عكس ما كان يجب أن يجري، فمنذ صدور الخطة الشاملة عام 2009 وحتّى عام 2018، تمّ تصديق 42 تصميمٍ توجيهيٍ وتفصيليٍ، وتمّ تعديل 69 منها، ولم تذكر سوى 5 منها الخطة الشاملة. أمّا باقي المراسيم فلم تستخدم حتى مفردات الخطة الشاملة، مثل الحديث عن شبكة المساحات طبيعية، ثروات طبيعية، مناطق زراعية ذات أهمية وطنية، مناطق معرضة لخطر تلوث المياه الجوفية، أو غيرها.

قمنا بتصنيف هذه الطلبات وفقاً لـ 9 أنواع أساسية، وهي: طلبات الاستثناء (43.3%)، تليها طلبات تصديق المخطط التوجيهي أو تعديله (13.4%)، رخص بناء خاضع لموافقة المجلس الأعلى (12.7%)، ضمّ عقار إلى الملك البلدي (8.5%)، طلبات أخرى (7.1%)، رخصة مؤسسة مصنفة ضمن منطقة غير منظمة (5%)، إبطال قرار المجلس الأعلى أو الاعتراض عليه (4%)، تصديق تخطيط أو تعديله أو إلغاؤه (4%)، وأخيراً توضيح قانون البناء/ قرار مجلس أعلى/ نظام بناء (2%)9يجدر الإشارة هنا، إلى أنّ بعض الطلبات تكرّرت لمرتين أو أكثر (حتى خمس مرّات) وذلك بحسب القرار المتخذ بشأنها والذي يُحتّم أحياناً عرضها لأكثر من مرّة أمام المجلس لأسباب متعدّدة (رفض الطلب، طلب تعديلات، الطلب من البلدية أو المهندس الحضور لعرض الملف، وغيرها)، كما يعود سبب طرح بعض الطلبات لمرات متكررة بعد رفضها في المرّة الأولى، إلى الضغوطات التي قد تمارس على أعضاء المجلس لتغيير رأيهم بشأنها. ويبلغ عدد هذه الطلبات 570 طلب من أصل 1460 طلب.. فنلاحظ أنّه وعلى مرّ السنين، احتلّت طلبات الإستثناء النسبة الأكبر من الطلبات المقدّمة أمام المجلس (38% سنة 2019، إلى 45% في 2020، ثمّ 52% في 2021) وهو ما يتعارض تماماً وبشكلٍ فاضح مع مفهوم التخطيط ومع المصلحة العامة. من جهةٍ أخرى وبالرغم من أنّ الطلبات المتعلّقة بالتصاميم التوجيهيّة (تصديق أو تعديل) تحتلّ المرتبة الثانية، إلّا أنّ نسبة تصديق التصاميم التوجيهية الجديدة تبقى منخفضة، وهو ما سنتناوله بالتفصيل لاحقاً، كون نسبة المناطق غير المنظّمة في لبنان مرتفعة. كذلك، استحصلت طلبات إبطال قرارات المجلس الأعلى أو الاعتراض عليها، على نسبة لافتة. 

وبينما نلاحظ التراجع الملموس للطالبات المقدّمة أمام المجلس الأعلى على اختلاف أنواعها بنسبة 51% بين 2019 و2021، نلاحظ أنّ فئة طلب الاستثناء وطلب رخص بناء خاضع لموافقة المجلس الأعلى، لم تتراجع بنسب مرتفعة كغيرها من الفئات، حيث تراجعت طلبات الاستثناء بنسبة 33% وطلبات رخص بناء خاضع لموافقة المجلس الأعلى بنسبة 20%، تاليها طلبات ضمّ عقار إلى الملك البلدي بنسبة 48%. بالمقابل تراجع العدد المتبقي من الفئات بنسبة تفوق الـ 50% (رخصة مؤسسة مصنّفة ضمن منطقة غير منظّمة 54%، توضيح قانون البناء/ قرار المجلس الأعلى/ نظام بناء 71%، تصديق، تعديل أو إلغاء تخطيط 74%، الطلبات الأخرى 79%، تصديق/ تعديل مخطط توجيهي 80%، إبطال قرار المجلس الأعلى أو الاعتراض عليه 93%). وبالرغم من تضاؤل عدد الطلبات المقدّمة أمام المجلس بين عامي 2019 و2021، بقيت نسبة الطلبات المتعلّقة بالاستثناءات مرتفعة، فهل يقتصر دور المجلس الأعلى اليوم على النظر في طلبات الاستثناءات والموافقة عليها في أغلب الأحيان؟

في ما يلي، سنتناول بشكلٍ مفصّل بعض الأنواع التي تحدثنا عنها بشكلٍ مقتضب فيما سبق. وقد وقع اختيارنا على الحالات ذات النسب المرتفعة، أو المنخفضة، تلك التي ترتبط بها إشكاليات، وهي طلبات الاستثناء، طلبات تصديق تصاميم توجيهيّة أو تعديلها، إبطال قرار المجلس الأعلى أو الاعتراض عليه، والطلبات الأخرى التي تشمل كافة الأنواع التي لم تتعدّى نسبتها الـ 1.5%.

طلبات الإستثناء من الأنظمة العامة

بشكلٍ عام، تبلغ نسبة طلبات الاستثناء على أنواعها 43% خلال هذه الفترة، وهي نسبة تكاد تعادل نصف الطلبات المعروضة أمام المجلس الأعلى للتنظيم المدني. يشمل هذا النوع، إلى جانب طلبات الاستثناء بشكلٍ عام والتي يبلغ عددها 430 طلباً، طلبات رخص بناء ضمن منطقة تحت الدرس (105)، إفراز ضمن منطقة تحت الدرس (23)، ورخص لمؤسسة مصنفة ضمن منطقة تحت الدرس (10)، على اعتبار أنّه يُمنع الحصول على رخص من أي نوع (بناء أو إفراز) في المناطق الموضوعة تحت الدرس لأنّها قد تتعارض مستقبلاً مع التصميم التوجيهي الذي سيتم اقتراحه للمنطقة. كما يضمّ طلبات تعديل تصنيف عقار أو مجموعة عقارات في مناطق منظّمة أو منظمة جزئياً (51)، والتي تُعتبر استثناءاً كونها تتطال عدداً محدوداً من العقارات التي يُطلب تعديل تصنيفها بشكلٍ يسمح بزيادة نسب الاستثمار فيها أو إلحاقها بمنطقة ارتفاقية أخرى، إضافةً إلى طلبات تسوية بناء (13). وقد عرضت 39% من هذه الطلبات لأكثر من مرّة (وصولاً إلى خمس مرّات) أمام المجلس الأعلى.

من ضمن الطلبات المقدّمة أمام المجلس الأعلى للتنظيم المدني المتعلقة بطلبات الاستثناء تمّ الموافقة على أكثر من نصف هذه الطلبات بنسبة بلغت 56%، بينها 29% تمّ الموافقة عليها من دون قيود و27% أتت الموافقة عليها ضمن شروط محددة. بالمقابل أتى جواب المجلس سلبياً بعدم الموافقة لنسبة 27% من الطلبات. أمّا النسبة المتبقية التي بلغت 17% فهي تشمل قرارات متفرقة، من طلب مستندات إضافية أو حضور البلدية أو المهندس لعرض الملف أو طلب إعادة النظر بالملف أو طلب رأي وزارة، بلدية، مديرية عامة، هيئة، وغيرها.

تشير كلّ هذه المعطيات إلى تزايد عدد الاستثناءات في قرارات المجلس الأعلى، وأغلبها قرارات تستثني عقاراً أو إفرازاً من النظام العام أو تسمح بزيادة عامل الاستثمار أو الاستثناء من العلو الحرّ، أو بتجاوز لطول الواجهة المسموح به، وتسمح بالاستثناء من شروط التكسية، من التراجعات، أو شروط عامة وخاصة أخرى. تبيّن الاستثناءات التي تقتصر معظمها على طلبات مالكي الأراضي المتموّلين والنافذين، إلى إخفاق في عملية التشريع، بحيث تناقض هذه العملية بشكل كامل مع مفهوم النظام العام أو التصاميم التوجيهية، فلا يتمّ التقيّد بهذه التصاميم والأنظمة كإطار تنظيميّ غير قابل للاستثناء، ويصبح منطق «الإستثناء عن القانون» أداةً تخطيطية رئيسية. فطغيان الاستثناءات على قرارات المجلس الأعلى، يدلّ على تحوّل دور المجلس إلى البحث عن مبرّرات لخروج مالكي الأراضي المتموّلين والنافذين، عن القانون. 

لا نستطيع أن نعرف الخلفيات وراء كل الطلبات المقدّمة أمام المجلس، بما أن المحاضر التي زُوّدنا بها لا تحوي معلومات عن الجهة (تحديد مالك العقار إن كان فرداً أو شركة، أو جهة أخرى) التي تقدّمت بالطلب أو أيّ معلومات أخرى تسمح لنا بتكوين آراءٍ حول المشاريع ومخاطرها وتأثيراتها على الصعيد البيئيّ، الاجتماعي، العمراني التراثي، وغيرها. وعندما تحقّقنا من بعض هذه الإستثناءات، وجدنا أنّها كانت بهدف تمرير مشاريع لصالح المتموّلين والشركات العقارية وبعض الجهات السياسية. بمعنى أن المجلس الأعلى اتّخذ موقفاً فاعلاً، منحازاً وداعماً لعمليات التطوير العمرانيّ. بذا، يصبح المجلس الأعلى للتنظيم المدني أداةً لتثبيت هيمنة قلّّةٍ من المستثمرين وممثّلي السلطة على السكّان، وتحكٌمهم بإمكانية تواصل الناس مع بيئاتهم الطبيعية والاجتماعية والثقافية. ممّا يؤدّي عمليّاً إلى نتائج مدمّرة للبيئة المبنية بشكل يتعارض مع الصالح العام.

ويمكن هنا التطرّق إلى حالة هي خير مثال عمّا ذكرناه سابقاً، وهو طلب استثناء إفراز في بلدة إهمج، قضاء جبيل. عُرض هذا الطلب للمرّة الأولى أمام المجلس الأعلى بتاريخ 22/12/2020 (الجلسة رقم 20 وهي الأخيرة من عام 2021)، وقد وضع بعدها لأكثر من مرّة على جدول أعمال المجلس. في التفاصيل، يقوم المشروع على ضمّ العقار رقم 2650 وخلافه، بمساحة إجمالية تبلغ 134,340م²، وفرز العقارات إلى 76 قسم مع اعتماد نظام إفراز (1200م²، 22م×22م)، علماً أنّ المنطقة غير منظّمة. طالب أوّل قرار للمجلس بشأن هذا المشروع بتعديله إذ أنّه يتعارض مع توصيات الخطَّة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، والتي صنَّفت المنطقة التي يقع فيها هذا العقار منطقة تواصل أحراج (N3)10المناطق التي تلعب دوراً رئيسياً في تأمين التواصل الطبيعي بين السلاسل الجبلية والمواقع الطبيعية، حيث ينبغي إعطاء الأولوية للنطاق الطبيعي من خلال اعتماد عوامل استثمار متدنية، وعلى أن يكون الإفراز بغاية البناء في هذه المناطق بالتواصل مع القرى، ما عدا المشاريع السياحيَّة التي يجدر أن تقترن بدراسة إدماج.، كما يُعتمَد عامل الاستثمار السطحي 5% والعام 10% مع مساحة إفراز 5000 م² للعقارات المُصنَّفة (N3-B) بحسب قرار المجلس الأعلى 22/2019. 

عُرض المشروع المعدَّل مجدداً أمام المجلس الأعلى عام 2022 لأكثر من مرة، وصدر القرار رقم (7/2022) بالسماح باعتماد مساحة إفراز 1200م² وعامل إستثمار عام (0,20) لكامل العقارات، رغم اعتراض عدد من أعضاء المجلس ومن ضمنهم نقيب المهندسين في بيروت المهندس عارف ياسين، حيث يُعتبر هذا القرار مخالفة فاضحة وخرقاً واضحاً للقرار رقم 22/2019، كما لتوصيات الخطَّة الشاملة. فُرضت شروط إضافية على المشروع بموجب هذا القرار، منها المحافظة على طابعه السياحي وتقديم مخطط توجيهي للمشروع. لكنّ ذلك لم يوقف المستثمر عند حدّه،  بحيث امتنع عن تقديم مخطط توجيهي لتبيان أثر المشروع على المنظورات الطبيعية، بل وراح يطالب باستثناءات جديدة لجهة تحديد نظام البناء في الأقسام السياحية بـ (30%، 0.60 بارتفاع 9 م). 

أدّى عدم الالتزام بالشروط المطلوبة والإصرار على المطالبة باستثناءات إضافية إلى صدور قرار أكثري بعدم الموافقة على المشروع (قرار رقم 16/2022 بتاريخ 31-8-2022) على الرغم من رغبة بعض أعضاء المجلس الأعلى بتمرير المشروع وأبرزهم رئيس المجلس الأعلى للتنظيم المدني بالتكليف المهندس إلياس الطويل. أُدرج الطلب مجدداً ضمن جدول أعمال المجلس بعد جلستين من صدور قرار عدم الموافقة، رغم اعتراض العديد من الأعضاء ورفضهم حضور الجلسات. وأخيراً، أُعيد فتح ملف طلب إهمج. خلال هذا النقاش، نشأ خلاف بين الحاضرين انسحب بموجبه ثلاث أعضاء ومن ضمنهم نقيب المهندسين في بيروت، وفقدت الجلسة نصابها. غير أنّ الحاضرين أصروا على استكمال النقاش بمن حضر، على الرغم من عدم قانونية ذلك، واتخذوا قراراً بمنح موافقة مشروطة للمشروع بالصيغة التي عرضت في تلك الجلسة، إذا استحصل المشروع على موافقة وزارة السياحة وإذا أُرفق به خريطة تركيز المباني. حاول بعدها رئيس المجلس الأعلى الاستحصال على إمضاء أحد الأعضاء الذين انسحبوا، ولو بعدم الموافقة، وذلك لاستكمال النصاب الذي يمرّر القرار ولا يعرّضه للطعن القانوني، لكنّه لم ينجح. لا يمنع هذا الواقع م

ن عرض المشروع مرّة أخرى أمام المجلس إنمّا بصيغة مختلفة. ويُذكر هنا، أنَ المشروع مملوك من أحد المصارف وأولاد أحد الوزراء السابقين ومن قياديين حزبيين11المدن – مشروع تدميري بإهمج مرفوض مرات ثلاث.. وسياسيون يحاولون تمريره! (almodon.com)

يُبيّن هذا الواقع كيفية استعمال أدوات تنظيمية كالضم والفرز لصالح المستثمرين العقاريين على حساب البيئة وعلى حساب المناطق وسكانها، دون النظر إلى التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لمثل هذه المشاريع. ويُشكلّ هذا المشروع مثالاً بسيطاً عمّا قد ينتج عن تلاقي المصالح الاستثمارية والسياسية ومؤسسات الدولة لتصبح أداةً لخدمة النفوذ ومشاريع التطوير المدمّرة للبيئة، المبنية وغير المبنية منها، المستغِلّة لثروات الشعب والتي تدرّ بالربح على القلة المهيمنة.

الطلبات المتعلّقة بالتصاميم التوجيهية

بلغت نسبة طلبات تصديق التصاميم التوجيهية (أي تصاميم توجيهية لمناطق غير منظمّة سابقاً) أقلّ من 1% وهي نسبة ضئيلة جداً، بينما كانت نسبة تعديل المخططات التوجيهية القائمة 13%. يُذكر هنا، بأننا لم نستطع أن نطّلع على التصاميم التوجيهية الجديدة أو المعدّلة بحدّ ذاتها، بل فقط على محاضر القرارات المتعلّقة بها، ما يمنعنا في أغلب الأحيان أن نكوّن رأياً واضحاً تجاهها في ظلّ غياب المعطيات الكاملة حولها، كما يمنعنا ذلك من أن نجزم ما إذا كانت هذه التصاميم تتعارض مع الخطّة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، ومن أن نعرف في مصلحة من تصبّ هذه التعديلات وما هي تبعاتها العمرانية، والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.

تُعتبر إذاً نسبة تصديق التصاميم التوجيهية الجديدة نسبة منخفضة جداً، فقد تناست المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها، إحدى مهامها الأساسية وهي وضع تصاميم وأنظمة المدن والقرى اللبنانية وتنفيذها. كما تناست الدور الأساسي للأنظمة التوجيهية والتصاميم، بأن تكون وسيلةً لتنظيم الحياة المشتركة والتفاوض بين المصالح المختلفة، وتغاضت عن حقيقة أنّ لها «غرض اجتماعي» في التعامل مع قضايا العمران والبيئة التي تمسّ حياتنا جميعاً بصورة يومية وعلى مستوى طويل المدى. لا بل تحوّلت هذه التصاميم، في بعض الأحيان، إلى أداةٍ لبسط السيطرة السياسية للمتنفّذين والزعماء للضغط على الناس.

فإذا كانت التصاميم التوجيهية والأنظمة التفصيلية التي تضعها المديرية والمجلس هي التي تحدّد وجهة استعمال الأرض وشروط البناء على ضوء المصلحة العامة، من الغريب أن تصل نسبة المناطق غير المنظّمة في لبنان إلى 85% من مساحة الأراضي اللبنانية، وهي نسبة عالية جداً من الأراضي التي تتعرّض إلى إهمال اعتباطي. 

من جهةٍ أخرى، ومن أصل 184 طلب متعلّق بتصاميم توجيهية12عادةً، تضع المديرية التصاميم التوجيهية وتعرضها على البلدية التي تبدي رأيها بالمشروع أو تقوم البلدية بتقديم طلب لتعديل تصميم توجيهي قائم، ثم يُعرض على المجلس الأعلى للموافقة عليه، وأخيراً يُعرض على مجلس الوزراء ويصدّق بمرسوم؛ وفي حال عدم تصديقه، يصبح قرار المجلس الأعلى مجرّداً من القيمة بعد مرور ثلاث سنوات عليه.، هناك 43 طلب -ما يعادل نسبة 23%- يخصّ مخططات متعلّقة بمناطق منظّمة بمراسيم، أعيد تنظيمها بموجب قرار للمجلس الأعلى أو أكثر لاحقاً دون صدور مرسوم جديد بشأنها، منها ما لم يمضِ عليه أكثر من ثلاث سنوات، ومنها مضى عليه أكثر، وتمّت إحالته من جديد أمام المجلس الأعلى وذلك بموجب القرار13بالنسبة للمخططات التوجيهية الصادرة بمراسيم التي صدر بشأنها قرار مجلس أعلى لم يمض عليه أكثر من ثلاث سنوات قرّر المجلس الأعلى إعادة إبلاغ البلديات المعنية بهذه المخططات بموجب المادة 11 من قانون التنظيم المدني ليُبنى على الشيء مقتضاه. أمّا بالنسبة للمخططات التوجيهية الصادرة بمراسيم والتي صدر بشأنها قرار المجلس الأعلى ويعود تاريخه إلى أكثر من ثلاث سنوات، فيجدر إحالتها جانب المديرية العامة للتنظيم المدني وإعادة دراستها وعرضها جانب المجلس الأعلى. المتخّذ في جلسة 28/2019 بتاريخ 24/7/2019. 

يبيّن هذا الواقع، إمكانية صدور قرارات للمجلس الأعلى بشأن تصاميم توجيهية، غير أنّنا نجد أنّ المراسيم المتعلّقة بهذا التصاميم لا تصدر خلال المهلة القانونية – ممّا يؤدي مبدئياً إلى إسقاط القرارات وتجريدها من أي مفعول – بينما يستمر أحياناً عمل بعض الإدارات بهذه القرارات بموجب أعراف مخالِفة للقانون. وبالتالي، نشهد وبشكل ممنهج، عملية تنظيمية عبثية ومعاكسة تماماً للمصلحة العامة. ومن شأن هذا الوضع أن يتيح لأصحاب المشاريع بإتمام مشاريعهم في غياب تام لأي ضوابط.

إبطال قرار المجلس الأعلى أو الاعتراض عليه

تشمل هذه الفئة الاعتراض على قرار المجلس الأعلى (32 قرار)، طلب إبطال قرار مجلس أعلى أو وقف تنفيذه (20 قرار)، ضمنها وقف تنفيذ المخطط التوجيهي. بالنسبة لقرارات وقف تنفيذ المخطط التوجيهي، فإنّ الطلبات الثلاث المقدّمة تتعلّق بالطلب ذاته: عُرض الطلب لثلاث مرّات أمام المجلس لوقف تنفيذ المخطط التوجيهي لمنطقة بشري – الأرز بشكلٍ جزئي بحيث يتمّ تعديل تصنيف عدد من العقارات يمنع فيها البناء، إلى عقارات صالحة قابلة للبناء بهدف إقامة “مشروع سياحي بيئي”.

أمّا فيما خصّ طلبات الاعتراض على قرار المجلس الأعلى، فغالباً ما يأتي الاعتراض من مالكي العقارات أو العقارات المجاورة من جهة، أو من البلدية والمخاتير من جهةٍ أخرى، وعادةً ما يكون سبب الاعتراض صدور تصميم توجيهي يخفّض الاستثمار. فبعد صدور أيّ تصميم توجيهيّ، هناك آلية اعتراض – فقط لمالكي الأراضي – عبر كتاب يُوجّه للمديرية. في المادة ١٧ من قانون التنظيم المُدني، يحقّ للمالك الاعتراض إذا تمّ تخفيض استثمار أرضه إلى صفر. تصل هذه الاعتراضات إلى دائرة التصاميم في المديرية ويحوّلها المهندس\ة إلى المجلس الأعلى، وهنا يتمّ تفعيل العلاقات والوسائط، بحيث يُزال تخفيض عامل الاستثمار عن أرض المالك الذي تربطه علاقة ما بالسلطة.  فإعطاء الحقّ بالاعتراض للمالكين دون غيرهم، يُعتبر إشكاليةً بحدّ ذاته.

أمّا بالنسبة لطلبات إبطال قرار المجلس الأعلى، فلا بدّ هنا من ذكر القرار المتعلّق ببلدة بدبهون في قضاء الكورة في الشمال، حيث يقع موقع مؤلّف بشكلٍ رئيسٍ من مقلع حجر جيريّ، وهو مقلعٌ يتّصل بمعمل شركة الترابة الوطنية على ساحل شكّا ويمتدّ على مساحة ١٠٥٧١٥٩ مترٍ مربعٍ من البلدة – أي ما يعادل ربع مساحة البلدة تقريباً. نظّم التصميم التوجيهي، الصادر من خلال قرار المجلس الأعلى للتنظيم المدني رقم 18/2011، بدبهون والبلدات المحيطة بها (زكرون، برغون، قلحات) لأول مرة في تاريخها، وتضمّن تصنيف منطقة القلع ومحيطها في البلدة على أنها “منطقة حماية”14بحسب مصدر في مديرية التنظيم المدني، فإن «منطقة حماية» لا تعني «محمية»، إذ لم يُمنع فيها إقامة مقالع أو منشآت. هي أصلاً منطقة تحوي مقلعاً، ولكن المديرية اعتبرت أن توسّع المقالع لا يمكن أن يستمرّ بهذه العشوائية، ومن الضروري أن تُفرض شروط بيئية للحدّ من التوّسع لأن المناطق الموازية للمقلع «تموت»، ولا يمكن أن تصبح كل أملاك الشركة مقالع. وذلك للحدّ من تأثير المقالع وتنظيم نطاق عملها وتوسّعها.

إلّا أن شركة الترابة الوطنية ادّعت على الدولة (وزارة الأشغال العامة والنقل) لدى مجلس الشورى لإبطال القرار. ومن دون أيّ مواكبةٍ إعلاميةٍ، جاء رد مجلس شورى الدولة في آب ٢٠١٦ بوقف تنفيذ القرار، وباتت بدبهون غير منظّمة مجدّداً. وقد استند قرار مجلس شورى الدولة إلى المادة 13 من قانون البناء لجهة مهلة تصديق المخطّط15  | أبعد من الإسمنت. وقد جاء ضمن قرارت المجلس الأعلى لسنة 2019، قرارين متعلقين بقضية بدبهون16كان المطلوب ضمن الجلسة رقم 6/2019 بتاريخ 6/2/2019، تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة رقم 2017/611-2018 تاريخ 2018/3/20 بعدم إدراج أي قيد على عقارات الشركة في بدبهون بالاستناد إلى قرار المجلس الأعلى رقم 18/2011، وقد جاء قرار المجلس الأعلى بالتريث لحين ورود رأي هيئة التشريع والإستشارات. أمّا في الجلسة رقم 17/2019 بتاريخ 8/5/2019، فقد صدر رأي هيئة التشريع والاستشارات رقم 2019/215 تاريخ 2019/3/19، وانتهى إلى أن صدور قرار عن مجلس شورى الدولة بإبطال النظام الملحوظ في منطقة غير منظمة يعيد المناطق إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور النظام الملحوظ دون إمكانية اعتماد النظام العام المحدد بالمحضر 2005/7 في ضوء نفاذ مهلة الثلاث سنوات على صدوره.، ولم يكن أمام المجلس الأعلى سوى التقيّد بالأحكام القضائية.

بالتالي، تطرح هذه الإشكالية أهمية التفكير بالأدوات القانونية والاقتصادية والتخطيطية التي يمكن استخدامها بغرض الحدّ من احتكار ملكية الأرض ومعالجة العلاقة المساحية بين المقلع والبلدة عبر الحدّ من توسّع المقلع، وذلك ضمن رؤيةٍ مرتبطةٍ بحاجات السكان وتطلّعاتهم كما السياق البيئي. 

الطلبات الأخرى

بالنسبة للطلبات الأخرى، فقد شملنا ضمنها كافة الطلبات التي لم تتعدّى نسبة كل منها الـ 1.5%، وهي تضمّ طلبات إفراز ضمن منطقة غير منظّمة (20)، إفراز ضمن منطقة منظّمة (13)، تصديق شروط في منطقة غير منظّمة أو تعديلها (18)، بيان رأي بشأن قانون، مرسوم أو طلب وزير (14)، وضع منطقة تحت الدرس (12)، شطب إشارة درس (9)، إشغال أملاك عامة بحرية (10)، وضع أو شطب إشارة إستملاك (4)، وتصديق أو إلغاء ضم وفرز عام (4). سنتناول في ما يلي نوعين من بين هذه الطلبات وهي طلبات بيان رأي بشأن قانون، مرسوم أو طلب وزير، وإشغال أملاك عامة بحرية.

بيان رأي بشأن قانون، مرسوم أو طلب وزير

بلغ عدد الطلبات المتعلّقة ببيان رأي المجلس بشأن قانون، مرسوم، نظام أو طلب وزير 14 طلباً (ما يقلّ عن 1%). تُعتبر هذه النسبة منخفضة جدّاً، خصوصاً أنّ هذا الدور هو أحد أبرز الأدوار التي يجدر على المجلس القيام بها في ظلّ غياب وزارة التخطيط. تتعلّق هذه الطلبات بالمواضيع التالية: تنفيذ استملاك الأتوستراد الدائري، شروط البناء المستدام، تعديل نظام إشغال الأملاك العامة البحرية، حماية المواقع والأبنية التاريخية والأثرية، حماية القمم والشواطئ والأراضي الزراعية، إقتراح قانون إحداث محمية شاطئ العباسية، صلاحية البتّ بشروط محطات المحروقات، إلزامية استعمال الطاقة الشمسية في الأبنية، أحكام اللواقط الشمسية في الأبنية، النصوص التطبيقية لقانون المياه، تحديد شروط الصرف الصحي، وفرض ارتفاقات لتمرير منشآت عامة (تعديل قانون الاستملاك). 

بالنسبة لطلب بيان الرأي بشأن اقتراح مشروع قانون تنفيذ استملاك الأتوستراد الدائري، ففي مطلع عام 2019، اقترحَت القوات اللبنانية، ممثّلةً بثلاثةٍ من نوابها، مشروع قانونٍ يرمي إلى تنفيذ الاستملاكات المتعلّقة بـأتوستراد خلدة – الضبية – العقيبة وملحقاته، بهدف إحياء مشروع هذا الأتوستراد الذي سقط بمرور الزمن، عبر تسهيل تنفيذ استملاكاته التي كانت السبب الأوّل للحيلولة دون إتمامه17يقوم الإقتراح على تسديد التعويضات المُستحقة لأصحاب العقارات المستملكة المتعلقة بـأتوستراد (خلدة – الضبية – العقيبة) وملحقاته بنسبة 30% نقداً و70% تعويضاً عينياً يتمثّل بزيادة عامل الاستثمار للعقار في حال كان القسم المتبقي منه صالحاً للبناء، مع التقيّد بالغلاف والتراجعات، أو بموجب شهادات زيادة في عامل الإستثمار يمكن بيعها وفقاً لأصول تُحدّد بموجب مرسوم خاص.. عُرض هذا الاقتراح أمام المجلس الأعلى، وقد جاء قرار المجلس الأعلى بالموافقة المبدئية على مشروع القانون المقترح18جاء القرار بالموافقة بشرط أن لا يترتّب عن نقل الاستثمار من عقار إلى آخر زيادة في مساحة الأمتار المربعة موضوع الشهادات الإسمية وأن يكون كلا العقارين، المنقول منه والمنقول إليه، ضمن المنطقة الارتفاقية نفسها.، وذلك بعد إفادة ممثل مجلس الإنماء والإعمار في المجلس الأعلى، إبراهيم شحرور، بأنّ مجلس الإنماء والإعمار موافق على مشروع القانون19كما جاء في إفادة المهندس المكلّف بدراسة الملف أنّ تحديد الزيادة في الاستثمار السطحي من 10% إلى 20%، لا ينتج عنه تشويه في النسيج العمراني شرط عدم الاستفادة من مراسيم المخالفات الطفيفة.. وبالرغم من الآثار السيئة التي ستترتّب عن تنفيذ مشروع الأتوستراد الدائري المخطّط له منذ أكثر من ستين عاماً، من تعريض سكان بعض المناطق للتهجير وتقسيم بلدات وشلّها اقتصادياً وتدمير أحراج ومناطق طبيعيّة، إضافةً إلى تكبيد خزينة الدولة أكلافاً لا حاجة لها بها -وهو ما  كنّا قد تناولناه في تعليقنا السابق على هذا القانون- فقد وافق المجلس الأعلى للتنظيم المدني على اقتراح هذا القانون الذي يسهّل تنفيذ استملاكات الأتوستراد.

أمّا بالنسبة لتعديل نظام إشغال الأملاك العامة البحرية، وهو اقتراح مشروع مرسوم يرمي إلى تعديل نظام إشغال الأملاك العامة البحرية المصدق بالمرسوم 66/4810، وذلك لتوسيع مروحة وجهات الإشغال للعقارات المستفيدة (التجارية والزراعية بالإضافة إلى الصناعية والسياحية) المحددة بالمرسوم 66/4810، وتخفيض المساحة الدنيا للعقارات الصالحة وفقاً لوجهة استعمالها، والسماح بإشغال أملاك عامة بحرية حتّى وإن لم يكن المستدعي مالكاً لعقار متاخم، فلم يأت قرار المجلس الأعلى بخصوص هذا الاقتراح صارماً بالقدر اللازم لجهة حماية الأملاك العامة البحرية، حيث طلب إعادة النظر فيه مشترطاً الالتزام بالخطة الشاملة لتنظيم الأراضي في لبنان، وتنظيم خريطة تُبيّن الأقسام المسموح فيها بإشغال من الشاطئ مع الأخذ بتوجّهات الخطة الشاملة، وضمّ الأسباب الموجبة للتعديلات وجدول مقارنة مع المرسوم 66/4810 فقط. 

فيما خصّ شروط البناء المستدام، التي جاءت ضمن اقتراح مشروع مرسوم تطبيقي لأحكام المادة 66 من قانون موازنة العام 2019 (القانون رقم 144 تاريخ 2019/7/31)، الذي يقوم على استفادة الأبنية التي تتوفّر فيها شروط الاستدامة من حوافز20زيادة في الاستثمار العام بنسبة 25% في المناطق التي لا يتجاوز عدد الطوابق ضمنها 4 طوابق دون زيادة في عدد الطوابق/ وزيادة طابق واحد لا تتجاوز مساحته الطابق الاخير في المناطق التي يتجاوز عدد الطوابق المسموح ضمنها 4 طوابق.، فقد جاء قرار المجلس الأعلى بخصوصه بالإعادة إلى المديرية العامة للتنظيم المدني لمراسلة الوزارات المعنية بإعداد مشروع المرسوم. تمّ بعد ذلك إعداد هذا القانون، الذي اتّخذ “البناء المستدام” شعاراً وتبريراً له لبناء طابق إضافيّ، وهو ما يترتّب عنه نتائج كارثية على البيئة العمرانية والبنى التحتية وشبكات النقل، وقد تناولناه أيضاً في تعليقنا السابق على هذا القانون. عارضت نقابة المهندسين هذا المشروع بشدّة، في عهدَي جاد تابت وعارف ياسين، وذلك في اللجان النيابية وفي المجلس الأعلى، وتمكّنت من تجميده لفترة معيّنة رغم إجماع القوى السياسية في الدفاع عنه. بالرغم من كلّ هذه المحاولات، فقد تمّ تمرير هذا القانون الكارثيّ في المجلس النيابي سنة 2021.

يُذكر هنا، أنّ صلاحية المجلس الأعلى للتنظيم المدني حُدّدت بـ “إبداء الرأي”، وهي بالتالي ملزِمة للإدارة فقط، إنّما غير ملزِمة للدولة، إذ بإمكان مجلس النواب أو الوزراء تعديل أي مشروع كما يحلو له والبتّ به.  بذا، إذا أصبحت هذه القرارات متاحة وعلنية، يمكن استخدامها كوسيلة للضغط وأداةً بيد الناشطين، وسائل الإعلام والجماعات المحلية المتأثرة، بهدف معارضة القوانين ذات الآثار السلبية على البيئة العمرانية. من هنا نعود ونشدّد على أهمية مبدأ الشفافية والحقّ في الوصول للمعلومات. 

إشغال أملاك عامة بحرية

بلغ عدد الطلبات المتعلّقة بإشغال الأملاك العامة البحرية 11 طلباً، علماً أنّه تمّ عرض إثنين من هذه الطلبات مرّات متكررة أمام المجلس (4 مرّات لطلب إشغال أملاك عامة بحرية في بيروت، ومرتين لطلب إشغال أملاك عامة بحرية في الغازية في صيدا). بالتالي، طالت هذه الطلبات 6 مناطق ضمن أربع أقضية وهي (1) منطقة عين المريسة (بيروت)، (2) الأملاك البحرية من منطقة الأرتيزانا حتى الحمام العسكري (بيروت)، (3) الغازية (صيدا)، (4) وطى سلام (كسروان)، (5) طبرجا – كفرياسين (كسروان)، (6) أنفة (الكورة).

فيما خصّ الطلب الذي طال الأملاك البحرية من منطقة الأرتيزانا حتى الحمام العسكري في بيروت، فقد كان يتعلّق بإجازة استعمال أجزاء من الأملاك العامة البحرية لبلدية بيروت، بغية تطوير واجهة بيروت البحرية وتأهيلها وتحسينها، من خلال توسيع الكورنيش البحري على جسور وممرات محمولة بأعمدة خرسانية فوق الأملاك البحرية من منطقة الأرتيزانا حتى الحمام العسكري. عُرض هذا المشروع أمام المجلس لأربع مرّات. في تفاصيل المشروع، تُعتبر الأملاك البحرية المطلوب إشغالها مواجهة للمنطقة الإرتفاقية التاسعة في بيروت، المُحظّر فيها البناء أو تغيير أو تعديل الوجه الطبيعي للأرض، وقد وُضعت هذه المنطقة تحت الدرس بقرار من المجلس الأعلى بطلب من بلدية بيروت. بالتالي يستوجب المشروع المقترح تعديل شروط المنطقة الإرتفاقية التاسعة. طُلب بدايةً من البلدية الحضور لعرض الملف، ثمّ تمّ إرجاء البتّ بالطلب بناءً لطلب رئيس بلدية بيروت وقد اقترن القرار في المرّة الثالث بعدم الموافقة على الطلب لتعارضه مع القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، إلى أنّ تمّ الموافقة على المشروع في المرّة الرابعة ضمن شروط21توسيع الرصيف والكورنيش البحري بشرط تأمين وصول العموم إلى الشاطئ دون أي ردم أو مسّ بالشاطئ أو تغيير معالمه وعدم الموافقة على أي ردم على الأملاك البحرية أو إقامة أية إنشاءات عليها على أن يتّم التقيّد بمراسيم تقييم الأثر البيئي واستكمال الإجراءات القانونية وفقاً للأصول..  

أمّا الطلب الذي يتعلّق بالغازية في صيدا، فقد جاء بناءً على كتاب مجلس الإنماء والإعمار للموافقة على إشغال أملاك عمومية بحرية بمساحة 41،105 م2 لزوم إنشاء المصب البحري لتصريف المياه المكررة في محطة تكرير الصرفند، وهو مشروع موضوع اتفاقية قرض بين الجمهورية اللبنانية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية. رُفض الطلب في المرّة الأولى، إلى أنّ عاد المجلس عن قراره في المرّة الثانية التي طُرح فيها هذا المشروع وذلك وفقاً للخريطة المرفقة، ومع التقيّد بشروط وزارة البيئة وبعد موافقة وزير البيئة على تقرير تقييم الأثر البيئي للمشروع، ووفقاً لإفادة المهندس المكلّف بدراسة الملف الذي اعتبر أنّ النظام المصدّق في المنطقة لا يمنع إشغال الأملاك العامة البحرية والمساحة المطلوب إشغالها مواجهة للمنطقة الصناعية في الغازية (I) المخصصة للمنشآت النفطية والمعامل الحرارية، والشاطئ المحاذي ليس من ضمن المواقع التي لديها خصائص بيئية متميزة وفقاً للخطة الشاملة، علماً أنّ المنطقة موضوع الطلب مصدّقة بالمرسوم 2016/4062 زراعية وفقاً للخطة الشاملة.

تُظهر هذه الأمثلة التي توّسعنا في الحديث عنها رضوخ المجلس الأعلى في نهاية الأمر، رغم جولاتٍ عديدة من الرفض. كذلك، وبغضّ النظر عن قرار المجلس بخصوص الطلبات المتعلّقة بإشغال الأملاك العامة البحرية إن كان بالموافقة أو الرفض، تشكلّ هذه الطلبات انتهاكاً للأملاك العامة البحرية، إن كان من خلال المشاريع السياحية الخاصة أو من خلال مشاريع قد تُعرّض البحر والأملاك المحيطة به للتلّوث، كمشاريع إنشاء مصبات بحرية لتصريف مياه الصرف الصحي، والتي نعلم أنّ أغلبها لا تخضع للتكرير اللازم في المحطات المتوقّفة عن العمل، أو حتّى من خلال المشاريع العامة التي تقترحها بلديات كبلدية بيروت لتطوير الواجهة البحرية وتأهيلها وتحسينها.

الخلاصة العامة

منذ إنشائه حتّى اليوم، تحوّل المجلس الأعلى للتنظيم المدني إلى حيّزٍ أساسيٍّ للهيمنة واستغلال الموارد. وهو يؤدّي دوراً أساسيّاً في دعم المقاربة التسليعية للبيئة المبنية وغير المبنية، المسيطرة على عمليات التطوير العمرانيّ، بحيث صار التنظيم المدني أداةً لتثبيت هيمنة قلٌةٍ من المستثمرين على السكّان، وتحكّمهم بإمكانية تواصل الناس مع بيئاتهم الطبيعيّة والإجتماعيّة والثقافيّة. فجهُل المديرية العامة للخطة الشاملة بشكلٍ فاضح، بالإضافة إلى كسلها في تنظيم المناطق، ونشاطها في إصدار الاستثناءات والقرارات العبثية، لا ينتج سوى زيادةً في عدم المساواة، وحماية لمصالح الطبقة الحاكمة وسلطتها، مع ما يرافق ذلك من تعطيل لحياتنا اليومية وتشويه لملامح محيطنا العمرانيّ والبيئيّ، وتدهور في حقوقنا السكنيّة، والاختفاء التدريجيّ للمساحات العامة والمساحات الطبيعية، وتفاقم التلوّث والتردي المستمرّ في الأوضاع البيئية، والتهميش المتواصل للمناطق الداخليّة والمناطق البعيدة عن المدن الرئيسية، وحرمان المواطنين من المشاركة في صناعة مستقبلهم، خاصةً على مستوى مناطقهم. ما الواقع العمراني في لبنان اليوم، إلّا تمظهرٌ للممارسات العمرانية والسياسات المكانية العبثية للسلطة السياسية، والتي تتحمّل فيها المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى جزءاً كبيراً من المسؤولية.

المراجع

  • 1
    في هذا السياق، يراقب «مرصد سياسات الأرض» عمل المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى، الجهاز الرسمي والمسؤول الأوّل عن هذه العملية وهو المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى. من خلال ذلك، نضمن ألا يمرّ أي تدخّلٍ مكاني دون توثيق أو تعليق، ونسدّ الفجوة على صعيد الإقصاء الذي يستهدف الفئات المتأثّرة بالسياسات المتّبعة في إدارة الأراضي وتنظيمها.
  • 2
    إنّ المدراء العامون للمديرية العامة للتنظيم المدني هم من الفئة الأولى من موظّفي الدولة، ممّا يعني بأنّهم يحتاجون إلى تصويت ثلثي مجلس الوزراء لكي يتمّ تعيينهم. وهناك نوعان من التعيين: أصالة (تستمرّ مدى الحياة) ووكالة (مدّتها سنة واحدة). والأصالة تعني حصانة.
  • 3
    مدير عام وزارة العدل، مدير عام وزارة الداخلية، مدير عام الطرق والمباني في وزارة الأشغال العامة والنقل، مدير عام  الإسكان في وزارة الإسكان والتعاونيات، مدير عام وزارة الشؤون البلدية والقروية ومدير عام وزارة البيئة.
  • 4
    إن جميع أعضاء المجلس معيّنون حكماً، أي بصفتهم الإدارية، ما عدا الأعضاء الثلاثة الاختصاصيين الذين يعيّنون بمرسوم بناء على اقتراح وزير الأشغال العامة والنقل، ويعيّن عضو رديف لكل منهم ليحل محل العضو الأصيل في حال تغيّبه.
  • 5
    تعتبر اجتماعات المجلس قانونية إذا حضرها أكثر من نصف أعضائه، وتُتخذ القرارات بأكثرية أصوات الحاضرين، وعند التساوي يعتبر صوت الرئيس مرجّحاً. ويُعتبر العضو مستقيلاً حكماً إذا تغيّب دون عذر، هو شخصيا أو من ينتدبه، عن ثلاث جلسات متتالية.
  • 6
    يجدر الإشارة هنا، أنّ التوّزع الجغرافيّ لعدد القرارات الصادرة عن المجلس مرتبط مباشرةً بالطلبات التي تقدّم أمامه والمناطق التي تطالها، وهو أمرٌ لا يحدده المجلس حيث أنّ البنود الموضوعة على جداول أعماله تقتصر على الطلبات المقدمّة أمامه إن كان من الأفراد أو البلديات أو الوزارات والمؤسسات العامة، إلخ.
  • 7
    0% منظّم في قضاء الهرمل طالته 0.3% من القرارات، 9.6% في قضاء مرجعيون طالته 0.4% من القرارات،  0% في قضاء راشيا طالته 0.6% من القرارات، 8.6% في قضاء حاصبيا طالته 0.7% من القرارات و0.06% في قضاء الضنية طالته 0.8% من القرارات. بينما تفوق نسبة المساحة المنظمّة في أقضية كسروان (طالته 10.3% من القرارات)، المتن (طالته 9.9% من القرارات)، الشوف (طالته 7.1% من القرارات) وصيدا (طالته 8.6% من القرارات) نسبة الـ 25%
  • 8
    مصدر المعلومات المتعلّقة بالمعاملات المسجلة لدى نقابة المهندسين في بيروت وطرابلس من  الموقع الالكتروني لنقابة المهندسين بيروت، تمّ الاسترداد من: تقارير سنوية لرخص البناء | نقابة المهندسين بيروت (oea.org.lb)
  • 9
    يجدر الإشارة هنا، إلى أنّ بعض الطلبات تكرّرت لمرتين أو أكثر (حتى خمس مرّات) وذلك بحسب القرار المتخذ بشأنها والذي يُحتّم أحياناً عرضها لأكثر من مرّة أمام المجلس لأسباب متعدّدة (رفض الطلب، طلب تعديلات، الطلب من البلدية أو المهندس الحضور لعرض الملف، وغيرها)، كما يعود سبب طرح بعض الطلبات لمرات متكررة بعد رفضها في المرّة الأولى، إلى الضغوطات التي قد تمارس على أعضاء المجلس لتغيير رأيهم بشأنها. ويبلغ عدد هذه الطلبات 570 طلب من أصل 1460 طلب.
  • 10
    المناطق التي تلعب دوراً رئيسياً في تأمين التواصل الطبيعي بين السلاسل الجبلية والمواقع الطبيعية، حيث ينبغي إعطاء الأولوية للنطاق الطبيعي من خلال اعتماد عوامل استثمار متدنية، وعلى أن يكون الإفراز بغاية البناء في هذه المناطق بالتواصل مع القرى، ما عدا المشاريع السياحيَّة التي يجدر أن تقترن بدراسة إدماج.
  • 11
  • 12
    عادةً، تضع المديرية التصاميم التوجيهية وتعرضها على البلدية التي تبدي رأيها بالمشروع أو تقوم البلدية بتقديم طلب لتعديل تصميم توجيهي قائم، ثم يُعرض على المجلس الأعلى للموافقة عليه، وأخيراً يُعرض على مجلس الوزراء ويصدّق بمرسوم؛ وفي حال عدم تصديقه، يصبح قرار المجلس الأعلى مجرّداً من القيمة بعد مرور ثلاث سنوات عليه.
  • 13
    بالنسبة للمخططات التوجيهية الصادرة بمراسيم التي صدر بشأنها قرار مجلس أعلى لم يمض عليه أكثر من ثلاث سنوات قرّر المجلس الأعلى إعادة إبلاغ البلديات المعنية بهذه المخططات بموجب المادة 11 من قانون التنظيم المدني ليُبنى على الشيء مقتضاه. أمّا بالنسبة للمخططات التوجيهية الصادرة بمراسيم والتي صدر بشأنها قرار المجلس الأعلى ويعود تاريخه إلى أكثر من ثلاث سنوات، فيجدر إحالتها جانب المديرية العامة للتنظيم المدني وإعادة دراستها وعرضها جانب المجلس الأعلى.
  • 14
    بحسب مصدر في مديرية التنظيم المدني، فإن «منطقة حماية» لا تعني «محمية»، إذ لم يُمنع فيها إقامة مقالع أو منشآت. هي أصلاً منطقة تحوي مقلعاً، ولكن المديرية اعتبرت أن توسّع المقالع لا يمكن أن يستمرّ بهذه العشوائية، ومن الضروري أن تُفرض شروط بيئية للحدّ من التوّسع لأن المناطق الموازية للمقلع «تموت»، ولا يمكن أن تصبح كل أملاك الشركة مقالع.
  • 15
  • 16
    كان المطلوب ضمن الجلسة رقم 6/2019 بتاريخ 6/2/2019، تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة رقم 2017/611-2018 تاريخ 2018/3/20 بعدم إدراج أي قيد على عقارات الشركة في بدبهون بالاستناد إلى قرار المجلس الأعلى رقم 18/2011، وقد جاء قرار المجلس الأعلى بالتريث لحين ورود رأي هيئة التشريع والإستشارات. أمّا في الجلسة رقم 17/2019 بتاريخ 8/5/2019، فقد صدر رأي هيئة التشريع والاستشارات رقم 2019/215 تاريخ 2019/3/19، وانتهى إلى أن صدور قرار عن مجلس شورى الدولة بإبطال النظام الملحوظ في منطقة غير منظمة يعيد المناطق إلى الحالة التي كانت عليها قبل صدور النظام الملحوظ دون إمكانية اعتماد النظام العام المحدد بالمحضر 2005/7 في ضوء نفاذ مهلة الثلاث سنوات على صدوره.
  • 17
    يقوم الإقتراح على تسديد التعويضات المُستحقة لأصحاب العقارات المستملكة المتعلقة بـأتوستراد (خلدة – الضبية – العقيبة) وملحقاته بنسبة 30% نقداً و70% تعويضاً عينياً يتمثّل بزيادة عامل الاستثمار للعقار في حال كان القسم المتبقي منه صالحاً للبناء، مع التقيّد بالغلاف والتراجعات، أو بموجب شهادات زيادة في عامل الإستثمار يمكن بيعها وفقاً لأصول تُحدّد بموجب مرسوم خاص.
  • 18
    جاء القرار بالموافقة بشرط أن لا يترتّب عن نقل الاستثمار من عقار إلى آخر زيادة في مساحة الأمتار المربعة موضوع الشهادات الإسمية وأن يكون كلا العقارين، المنقول منه والمنقول إليه، ضمن المنطقة الارتفاقية نفسها.
  • 19
    كما جاء في إفادة المهندس المكلّف بدراسة الملف أنّ تحديد الزيادة في الاستثمار السطحي من 10% إلى 20%، لا ينتج عنه تشويه في النسيج العمراني شرط عدم الاستفادة من مراسيم المخالفات الطفيفة.
  • 20
    زيادة في الاستثمار العام بنسبة 25% في المناطق التي لا يتجاوز عدد الطوابق ضمنها 4 طوابق دون زيادة في عدد الطوابق/ وزيادة طابق واحد لا تتجاوز مساحته الطابق الاخير في المناطق التي يتجاوز عدد الطوابق المسموح ضمنها 4 طوابق.
  • 21
    توسيع الرصيف والكورنيش البحري بشرط تأمين وصول العموم إلى الشاطئ دون أي ردم أو مسّ بالشاطئ أو تغيير معالمه وعدم الموافقة على أي ردم على الأملاك البحرية أو إقامة أية إنشاءات عليها على أن يتّم التقيّد بمراسيم تقييم الأثر البيئي واستكمال الإجراءات القانونية وفقاً للأصول.
إدارة الأراضي والتنظيم المدني لبنان
 
 
 

العمران في لبنان: التصاميم التوجيهية وتأثيرها على الحياة اليومية

خلال العقد الماضي، انخرط عددٌ كبيرٌ من الباحثين في دراسة العلاقة ما بين الجغرافيا والقانون، في محاولةٍ لتوضيح الروابط بين هذين المفهومين. في الواقع، إن المقارنة بين القانون والعمران قادرةٌ على أن تغيّر …

إطلاق مرصد سياسات الأرض:

أربع سنوات من تراكم اللامساواة

يدعوكن\م استديو أشغال عامة إلى مؤتمر إطلاق “مرصد سياسات الأرض”، منصة لإنتاج المعرفة النقديّة حول قضايا الأرض في لبنان، تهدف إلى تعزيز التنمية العادلة والمساواة في إطار صناعة السياسات. خلال أربع سنوات ومنذ …

كتلتا المستقبل والمقاومة تسهّلان البناء في المناطق الريفية من دون معالجة حاجات السكن

اقتراح قانون إعفاء بعض رخص البناء من الرسوم وفقًا لتصاميم نموذجية

أحيل الى لجان الادارة والعدل والمال والموازنة والاشغال العامة في 10/6/2020.

“استديو أشغال عامة” يطلق “مرصد سياسات الأرض”:

أربع سنوات من تراكم اللامساواة

أطلق “استديو أشغال عامة” “مرصد سياسات الأرض”، يوم الثلاثاء في 30 أيّار 2023، خلال مؤتمر في متحف بيت بيروت، تخلّله نقاش بمشاركة ممثلين عن “مبادرة غربال” و”المفكرة القانونية” وحوار مع معنيين/ات في عدد …

أبعد من الإسمنت

نحو رؤية تنموية بديلة لشكّا وبلدات الطوق

تحميل المنشور بحث وإنتاج: مونيكا بصبوص، تالا علاء الدين، عبير سقسوق، نادين بكداش.تصميم: عماد قعفرانيتعريب وتحرير لغوي: هاشم هاشمتعريب تقرير لجنة التحكيم: ساسين كوزلي هذا الكتاب نتاج مشروع بحثي أطلقه استديو أشغال عامة، …

القوات اللبنانية تحيي مشروع أوتوستراد يهدد السكان ويدمر الأحراج

اقتراح قانون يرمي إلى تنفيذ الاستملاكات المتعلقة بأوتوستراد (خلدة – الضبية – العقيبة) وملحقاته

أحيل إلى لجنتي المال والموازنة والأشغال العامة إلا أنه لم يدرس فيهما لغاية تاريخه.

طابق المرّ مجدّدًا: لا حلّ لأزمة السكن ومزيدٌ من المضاربة على أسعار الأراضي

إقتراح تعديل المادة 66 من القانون رقم 144 (قانون الموازنة)

مطروح على جدول أعمال مجلس النواب بتاريخ 07/12/2021.

سحابة “الكفور” السوداء:

كيف ينتج التنظيم المديني كارثة بيئية

في 24 آب 2023، استفاق سكان بلدة الكفور في النبطية، وقد خرجت رياح سوداء من معامل تذويب الإطارات في بلدتهم وغطّت أراضيهم، محاصيلهم، أشجارهم، شوارعهم، باحات منازلهم، بيوتهم، مؤنتهم وأجسادهم باللون الأسود. وخلال …

قطاع البناء في لبنان:

كيف يدمّر العمران النيوليبرالي البيئة

قد يبدو لنا أن لبنان أخذ الآثار الضارة1“الآثار الضارّة للتغيير المناخي” تعني التغييرات التي تطرأ على البيئة الطبيعية أو الحيوية من جراء التغيير المناخي والتي لها آثار ضارة كبيرة على تكوين النظم الايكولوجية …