في 13 شباط 2024، أقرّ مجلس الوزراء الاستراتيجية الوطنية الأولى للحماية الاجتماعية، والتي اعتُبرت خطوة مهمّة نحو تخلّي لبنان عن نظام الحماية الاجتماعية المجزّأ والقائم على الامتيازات، واعتماد نظام قائم على الحقوق والإصلاح الشامل. وقد رعى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إطلاقها في حضور عدد من الوزراء والنواب والسفراء والمنسق المقيم للأمم المتحدة في لبنان.
تأتي هذه الاستراتيجية نتيجة تعهّد بدأته عام 2019، اللجنة المشتركة بين الوزارات المعنية بالسياسات الاجتماعية، بقيادة وزارة الشؤون الاجتماعية، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي وحكومة هولندا، وبدعم تقني من منظّمتَي العمل الدولية واليونيسيف، وذلك في سياق الالتزام ببعض ما تعهّد به لبنان عند توقيع إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار 3RF مع المجتمع الدولي.
تساعد الاستراتيجية على تقديم رؤية شاملة مؤلّفة من خمس ركائز وهي: المساعدة الاجتماعية، الضمان الاجتماعي، الرعاية الاجتماعية، فرص العمل للأكثر ضعفاً، والدعم المالي للوصول إلى الخدمات التعليمية والصحّية.
فيما ما خصّ الحقّ في السكن اللائق، فقد ورد ضمن الركيزة الأولى في التوجّه الإستراتيجي الثالث المتعلّق بـ “ربط المساعدات الإجتماعية بالخدمات والبرامج التكميلية التي تتصدّى لجوانب الضعف المتعددة الأبعاد”، المبادرة 3.4 التي تناولت الوصول إلى السكن الميسور التكلفة.
تضمّنت هذه المبادرة أهمية “ضمان وجود روابط فعلية بين المساعدات الاجتماعية والوصول إلى السكن الميسور التكلفة والشامل” وذلك من خلال الاستفادة من السياسات القائمة حالياً، كتعديل قانون تنظيم الإيجارات لإطلاق برامج حماية في مجال الإسكان.
بحسب الاستراتيجية، وعلى المدى القصير، يجدر تلبية الإحتياجات الأكثر إلحاحاً في مجال الإسكان عبر تقديم أشكال مختلفة من المساعدة، مثل المساعدات/القسائم التأجيرية، ومشاريع الإسكان الإجتماعي، وتعاونيات الإسكان، إلخ… وعلى المدى المتوسط، تذكر الخطة أنه يجدر اعتماد سياسة إسكان شاملة تنظّم سوق الإسكان بالكامل بهدف الاستجابة لاحتياجات الإسكان بالشكل الأمثل. كذلك، وكجزء من العملية الإصلاحية الشاملة لقطاع الإسكان والأراضي والعقارات، من المهم بحسب الخطة تحديث عمليات التسجيل ووضع الجردات، ورقمنة مستندات/صكوك الملكية، وتصميم وإنشاء قاعدة بيانات لقطاع الإسكان لرفد عملية صنع السياسات بالمعلومات الضرورية، وتطوير إطار قانوني متين.
تكمن أهمية هذه المادة ضمن الاستراتيجية أنّها أقرّت بضرورة اعتماد سياسة إسكان شاملة، لكنها لم تدخل في التفاصيل. من جهةٍ أخرى، وبشكلٍ عام، وعلى الرغم من أن الاستراتيجيّة التي صيغت في البداية كانت شاملة، إلا أنّ الاستراتيجية المعتمدة في شكلها الحالي تستبعد غير المواطنين/ات، ما يعيق حتماً الهدف العام المتمثّل في الحماية الاجتماعية الشامل. بكلّ الأحوال، نظراً لتاريخ لبنان الطويل من حيث عدم تنفيذ الخطط والتعهدات، وفي ظل غياب الإرادة السياسية، لا بد من وضع آلية مراقبة تتيح للناس والجهات المانحة متابعة تنفيذ البنود الإصلاحية.