تطوّرت المدن الكبرى في لبنان على مدار قرن من الزمان في ظل الجهد المستمر لطبقتها العاملة، لمهجّريها، لاجئيها وجماعاتها المهمّشة ومثابرتها. هن\م اللواتي والذين قاموا بدور فعّال في تشكيل النسيج الحضري للمدن والمناطق، كبناة، وجيران ومستأجرين وأصحاب منازل وواضعي يد؛ ومنظّمي مجتمعات محلية، وفاعلين سياسيين، وسكان. ومع ذلك، فإن الخطاب الرسمي والروايات التاريخية تعزو هذا الدور التحويلي بشكل شبه حصري إلى قلّة قليلة تشكّلها الطبقات العليا في المجتمع والتقنيين، من مخطّطي الدولة والمهندسين المعماريين والسياسيين والمطورين، وهم تاريخياً ليسوا فقط من أصحاب المال والسلطة والامتيازات، بل من الذكور أيضاً. في المقابل، يبدو أن الجماعات المهمّشة، إن وُجِدت في السردية، فهي تتعرّض للنقد بسبب ما يُقال أنّه المدن التي تبدو فوضوية وغير مخطّطة وغير شرعية نتيجة انتهاك القوانين وأنظمة التخطيط.
على الرغم من أنّها المجموعة الأكثر تضرّراً من غياب دعم الدولة، خاصة نتيجة جهد الأخيرة في التخلّي عن مسؤوليتها فيما يخصّ القضايا الاجتماعية والسياسية، بالإضافة إلى تجاوزات سوق تكاد لا تخضع للتنظيم – مسترشدة بعمليات السوق الحرة المختلفة عبر تاريخ لبنان الحديث، بدايةً من المضاربات العقارية إلى الإحلال العمراني الطبقي، وغياب ديناميكيات التعافي من الكوارث – يتم تجاهل دور المجتمعات المهمّشة إلى حد كبير.
ومع ذلك، فإن تأثير جهود الجماعات المهمّشة وصمودها في تشكيل المساحات الحضرية هائل، بحيث تركت هذه الجماعات التي تعيش في أحياء غير رسمية، أثراً دائماً على نمو المدن والمناطق، وهي مسألة لا تزال، مع ذلك، غير معترف بها أو تُعرَض بشكل مشوّه.
على هذا النحو، يسعى هذا المشروع إلى تسليط الضوء على الدور الأساسي للجماعات المهمّشة في تشكيل النسيج الحضري للمدن اللبنانية، من خلال إنتاج خرائط المدن التي تكشف عن التأثير غير المعترف به لعمليات تشكيل الفضاء الحضري غير الرسمي وتصوّره.
نرسم هنا خرائط للأحياء غير الرسمية في طرابلس وبيروت وصيدا وصور، ونقدّم روايات تاريخية عن مسار إنتاجها. من خلال القيام بذلك، نهدف إلى الكشف عن أصول وتطوّر هذه الأحياء التي غالباً ما تكون غير مسمّاة وغير معترف بها في خرائط المدينة الرسمية. من خلال تصوّر الديناميكيات المكانية والاستفادة من تقنيات رسم الخرائط المتقدّمة، نوضّح أيضاً العلاقات المعقدة بين الأحياء غير الرسمية ومحيطها الحضري، ممّا يوفر رؤى جديدة للتطور الحضري.
من خلال الكشف عن المخطط غير الرسمي للمدن في لبنان، فإننا نزيل احتكار الدولة والمخططين للتخطيط باعتبارهم الهيئات الطبيعية الوحيدة المكلّفة به، ونوفّر أساساً متيناً لاقتراحات السياسة المستقبلية القائمة على التعلّم من ممارسات الناس في صناعة المدن.
تعريف الأحياء غير الرسمية
ابتداءً من سبعينيات القرن الماضي، شكّلت المناطق غير الرسمية محور الدراسات الحضرية، ولكن بقي الخبراء والباحثون والمسؤولون مختلفين حول تسميتها وتعريفها، كلّاً بالاستناد إلى رؤيته و/أو أجندته الخاصّة. فمصطلح “slum” الإشكالي، الذي ظهر باللغة الإنكليزية لأول مرة خلال عشرينات القرن التاسع عشر كجزء من لهجة لندن العامية، لم يخرج من التداول، وظلّ مُعتمداً من قبل وسائل الإعلام، والبنك الدولي، والمؤسسات التمويلية الكبرى، وحتى مؤسسات الأمم المتّحدة. وفي أوّل وأشهر فحص شامل للمناطق غير الرسمية على مستوى العالم1تقرير بعنوان “The Challenge of slums” نشره برنامج الأمم المتّحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) عام 2003.، استُعمل مصطلح “slum”، وعُرّفت المناطق غير الرسمية على أنها المناطق الحضرية التي يفتقر سكانها إلى واحد من الشروط التالية أو أكثر: مسكن يحمي من الظروف المناخية القاسية؛ مسكن بمساحة كافية للعيش، تناسب عدد الأفراد؛ سهولة الحصول على المياه الصالحة للشرب؛ صرف صحي مناسب؛ أمن حيازة يحمي من عمليات الإخلاء القسري. في المقابل، رأى البعض أنه من الأنسب اعتماد المصطلح اللاتيني “Informality”، الذي يعني عدم اتّباع الأطر الرسمية للوصول إلى الأرض والسكن، مستوحين الفكرة من الأنثروبولوجي كيث هارت2الذي استخدم مفهوم “القطاع اللا رسمي” للمرة الأولى عام 1973 أثناء عمله في أكرا، عاصمة غانا.. وعلى الرغم من هيمنة التعريفات المقتصرة على الصفات والخصائص المكانية/الفيزيقية والقانونية لهذه المناطق على الساحة العالمية، كتعريف الأمم المتحدة، لعبت الدراسات التي تناولت جوانب اقتصادية واجتماعية أعمق، دوراً هاماً في تشكيل التعريفات التي اعتمدتها الدول. في لبنان، لم تُصدر الدولة تعريفاً للمناطق غير الرسمية، بعكس ما فعلت مصر3عريف الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء: “المناطق التى أقيمت بالجهود الذاتية سواء على أراضى حائزيها أو على أراضى الدولة بدون تراخيص رسمية ولذا فهى تفتقر إلى الخدمات والمرافق الأساسية التى قد تمتنع عن توفيرها الجهات الرسمية نظراً لعدم قانونية هذه الوحدات”.، ودول عربية وإقليمية أخرى. بالمختصر، لم يتمّ اعتماد تعريف عالمي موحّد، أو تعبير متّفق عليه، للمناطق غير الرسمية حتى الآن. ويمكن تفسير ذلك ببساطة بأنّ هذه المناطق، على الرغم من تشابهها في العديد من الجوانب، تمتلك خصائص قانونية واجتماعية واقتصادية وعمرانية، وأسباباً لظهورها وانتشارها، تختلف باختلاف سياقها.
في إطار عملنا، نستخدم تعبير المناطق غير الرسمية، أيّ أنها أحياء حيث حيازة الأرض والوصول إلى السكن جرى بشكل غير رسمي. ونستند إلى مقاربتها كمساحة تجري فيها عمليات ديناميكية لا بدّ منها لإنتاج المدينة4نقول بأنها ديناميكية لأنّ العمران غير الرسمي يتحدّى أنظمة التخطيط المديني – أو الصناعة الرسمية لمساحة المدينة – نظراً لأن الوصول إلى الأرض – من خلاله – لا يقوم على ملكية الأرض أو المسكن، بل يتم تحديده من خلال المفاوضات وعمليات البناء العُرفية التي تأتي نتيجة العلاقات الاجتماعية، فضلاً عن انعكاس علاقات القوة المسيطرة.، وتشكّل في الوقت نفسه تحدّياً كبيراً تجدر معالجته ولا يمكن تجاهله، خاصّةً وأنها باتت تشكل جزءاً كبيراً من النسيج العمراني للمدن اللبنانية. فتقديرات العام 2018 أظهرت أن نسبة سكان المناطق غير الرسمية بلغت 61.1% من النسبة الإجمالية لسكان المدن في لبنان5قاعدة بيانات الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة 2018.، أي أن المناطق غير الرسمية باتت أكبر من المدينة، أو باتت هي المدينة.
ممارسة الحق في المدينة
تربط بعض أدبيات نشوء المناطق غير الرسمية، ولجوء الناس إليها – تحديداً المفقّرين منهم – بممارسة هؤلاء “حقّهم في المدينة” في مواجهة الاستبعاد والتهميش. فيقول ديفيس أنهم بلجوئهم إلى المناطق غير الرسمية، يكون المفقّرون قد “أكّدوا بقضّهم وقضيضهم حقّهم في المدينة، حتى ولو كان هذا الحق يعني مجرّد كوخٍ على أطرافها”6Davis, M. (2006). Planet of Slums.. ويشير هنري لوفيفر، عالم الاجتماع الفرنسي، وأوّل من تحدّث عن الحق في المدينة عام 1968، أن للمجتمعات “الحريّة في إنتاج مدنها وإعادة إنتاجها”، وأن لها “الحق في تحديد ماهية المحيط والمساحة المدينية بنفسها، وشكلها وسبل استعمالها”7 Lefebvre, H. (1992). The production of space.، بما معناه أن الوافد\ة إلى المدينة وساكنها له\ا الحق في خلق مساحته\ا الخاصة، وإن كانت غير رسمية، لممارسة حقّه\ا في المدينة. ويتّخذ ديفيد هارفي في كتاباته موقفاً يعتبر فيه أن نشوء المناطق غير الرسمية هو بمثابة “مقاومة” أو “عمل مواجهة” ضدّ من سلب حقّ الناس في المدينة8Harvey, D. (1985). The Urbanization of Capital : Studies in the History and Theory of Capitalist Urbanization.. ومن المهمّ الإشارة إلى أنه على الرغم من اتّفاق بعض المفكّرين والباحثين مع موقف هارفي، إلّا أن بعضهم الآخر لا يرى في المناطق غير الرسمية سوى نتاج للسياسات الاقتصادية والسياسية غير العادلة. أمّا ديفيس، فيُعبّر عن موقف هارفي بشكلٍ آخر، معتبراً أن تشكّل المناطق غير الرسمية ليس مواجهة بقدر ما هو “دراما سياسية”، تستخدمها مثلاً الجماعات المتطرّفة أو الحكومات القومية الشعبية بمثابة اختبار طويل الأمد للإرادة والتحمّل ضدّ الجهاز القمعي للدولة9 Davis, M. (2006). Planet of Slums.. ويشير إلى أن ذلك حصل في أميركا اللاتينية من الستينيات إلى الثمانينيات (كالبيرو ونيكاراجوا وغيرها)، وكذلك في مصر وتركيا وجنوب أفريقيا في أوقاتٍ مختلفة. واستشهد لتوضيح فكرته بما كتبه فريق بحثي تابع لجامعة كاليفورنيا لوس أنجلس (UCLA) حول كراكاس، عاصمة فنزويلا، في السبعينيات، وفحواه أن “ليس من الجديد أن نسمع بمستوطنة غير رسمية تمّ بناؤها خلال الليل، وهدمها البوليس في صباح اليوم التالي، ثمّ بنيت ثانيةً في الليلة التالية، فدُمّرت مرّة أخرى وأُعيد بناؤها، إلى أن تعبت السلطات من المعركة”. في المقابل، تتصرّف العديد من حكومات دول العالم الثالث وكأن المناطق غير الرسمية حلّ عضوي لمشكلة تخزين الفائض البشري في البلد، بحيث أن وجودها يعفي الدولة من القيام ببعض مهامها الرئيسية، كتأمين المساكن الاجتماعية ووضع سياسات تخطيط حضري عادلة وملائمة.
ملاحظات منهجية
أولاً، تستند الخرائط المنتجة إلى إظهار الأحياء غير الرسمية على خرائط جوية للمدن الرئيسية: بيروت، طرابلس، صيدا وصور، ونطاقها الأوسع. مما يمكّن فهمها في علاقتها مع محيطها العمراني، وقرائتها وفقاً للمؤشرات التالية التي اعتبرناها أساسية لتشكيل مفهوم شامل لهذه الأحياء:
- إسم المنطقة غير الرسمية
- المرحلة الزمنية لنشوء الحيّ بعلاقتها مع سبب أو دافع النشوء. هنا، اعتمدنا التصنيفات الثلاث الذي طوّرتها كل من منى فواز وإيزابيل بيلين في تقرير حول الأحياء غير الرسمية في بيروت (2003) وأضفنا إليها تصنيف رابع وجدناه في المدن الأخرى:
1920- 1955: بدأت كمخيمات أو منطقة لإسكان اللاجئين
نشأت في هذه الفترة أقدم الأحياء غير الرسمية والتي ظهرت كمخيمات للاجئين، حيث أُنشئت مخيمات للأرمن والسريان في عشرينيات القرن الماضي، ثم للفلسطينيين ابتداءً من عام 1948 بمساعدة منظمات دولية. اليوم، لا تزال المخيمات الفلسطينية من أبرز الأحياء غير الرسمية في لبنان، بينما اندثرت معظم آثار المخيمات الأرمنية.
1950 – 1970: بدأت كمناطق سكنية للمهاجرين من الريف إلى المدينة (أو لمتضرري كوارث طبيعية)
تضمّ هذه الفترة الأحياء غير الرسمية التي نشأت في المدن نتيجة هجرة السكان من المناطق الريفية بحثاً عن فرص العمل. تطوّرت هذه الأحياء بطرق مختلفة، إما كامتداد مباشر لمخيمات اللاجئين، أو على أراضٍ زراعية في الضواحي، أو على أراضٍ ذات ملكية متنازع عليها. وتضمّ هذه الفترة أيضاً أحياءً نشأت نتيجة إسكان متضرّري كوارث طبيعية.
1975 – 1990: بدأت نتيجة الحرب اللبنانية
تضمّ هذه الفترة المناطق غير الرسمية التي نشأت خلال الحرب الأهلية اللبنانية حين سكن النازحون المباني والأحياء التي هُجِّرت لأسباب أمنية أو بنوا على أراضٍ خالية بطريقة غير رسمية. مع مرور الوقت، أصبحت هذه الأحياء تضم سكانًا متنوعين من نازحين ومهاجرين وعمال ذوي دخل منخفض، كما شهدت توسعًا في سوق الإيجارات غير الرسمي بسبب ندرة السكن الميسر خارجها.
1990 – 2024: بدأت نتيجة (هجرات متتالية بسبب) معارك متفرقّة
تضمّ هذه الفترة المناطق غير الرسمية التي نشأت نتيجة موجات نزوح متتالية بفعل المعارك المتفرقة التي حصلت بعد الحرب اللبنانية.
- ملكية الأرض التي نشأ عليها الحيّ
ملك عام
ملك خاص
عقارات عامة وخاصة
ملك وقف
يُمكن التفريق بين أنواع ملكية الأراضي في الخريطة من خلال الألوان، حيث يتم تخصيص لون مختلف لكل نوع من الملكية لتمييزها بوضوح.
- نوع الوصول إلى الأرض
يشير إلى الطريقة التي شغل بها الأفراد أو المجموعات الأراضي.
مخيم
تتضمّن هذه الفئة المخيمات التي أُنشئت لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين، وغالبًا ما تقع على أراضٍ مملوكة للدولة أو الأوقاف أو جمعيات خاصة. تخضع هذه المخيمات لإشراف جزئي أو كامل من جهات معنية، غالباً وكالة الأونروا ، التي تستأجر معظم أراضيها لمدة 99 سنة. ورغم وجود شكل من التنظيم، فإن سكان المخيمات لا يملكون حقوقًا رسمية في الأرض. في المراحل الأولى، كان يُسمح لهم بالبناء، لكن لاحقًا فُرضت قيود صارمة حدّت من إمكانية البناء أو الترميم. وبالرغم من اعتراف الدولة الرسمية بالمخيمات، إلا أنها لا تتدخل في تنظيمها عمرانياً، ولا تساهم في تحسين بنيتها التحتية أو تزويدها بالخدمات، معتبرة أنها خارج نطاق مسؤولياتها.
تجمّع
تتضمّن هذه الفئة التجمّعات الفلسطينية، أي المناطق السكنية التي يقطنها لاجئون فلسطينيون خارج نطاق المخيمات الرسمية، والتي لا تعترف بها الدولة أو الأونروا رسميًا، مما يجعلها خارج نطاق خدماتهما الأساسية. تقع معظم أراضي هذه التجمعات ضمن أملاك الدولة اللبنانية، مع وجود بعضها على أراضٍ خاصة، وقد تمّ السكن والبناء فيها بشكل غير رسمي. ويعيش سكان التجمعات في وضع غير مستقر، تحت تهديد دائم بالإزالة.
إفراز غير رسمي
تتضمّن هذه الفئة المناطق غير الرسمية التي نشأت غالباً في ضواحي المدن على أراضٍ زراعية كبيرة، غير مُفرزة، اشترى فيها السكان قطع وبنوا عليها، بعد تقسيمها فيما بينهم دون اتباع الإجراءات الرسمية المطلوبة، ما جعل من غير المُمكن الحصول على رُخص بناء والبناء بشكل رسمي.
إضافات غير رسمية
تتضمن هذه الفئة المناطق غير الرسمية التي نشأت في الأصل كمشاريع سكنية لإيواء النازحين أو متضرّري الكوارث، والتي قام سكانها لاحقاً ببناء مساكن إضافية، أو إضافة طوابق أو غرف على مساكنهم بطرق غير رسمية.
وضع يد
يشير إلى إشغال أرض أو عقار دون وجود سند قانوني رسمي يثبت الملكية أو الحق في الاستخدام. يتم هذا الإشغال إما عن طريق الأفراد أو الجماعات، وغالبًا ما يكون نتيجة غياب خيارات سكنية بديلة، أو بسبب نزاعات قانونية حول الملكية، أو ظروف اجتماعية وسياسية مثل الحروب أو النزوح القسري. وتتضمّن هذه الفئة ثلاث أنواع مختلفة من وضع اليد أدت إلى نشوء مناطق غير رسمية:
1- وضع يد في أراضي خالية
تشمل المناطق الغير رسمية التي نشأت نتيجة إشغال أراضي الدولة أو أراضي الغير الخالية بطريقة غير رسمية.
2- وضع يد في مشاريع إسكان عام
تشمل مشاريع السكن العامة التي أنشأتها الدولة بهدف إيواء ذوي الدخل المنخفض أو متضرّري الكوارث، والتي تأخرت أو توقفت عن إتمام تنفيذها. وبسبب غياب البدائل السكنية والتأخر في توزيع الوحدات على المستفيدين المستحقين، تمّ السكن في هذه المشاريع بشكل غير رسمي. وقد أدّى ذلك في بعض الحالات إلى نشوب نزاعات قانونية ومحاولات إخلاء.
3-وضع يد في مبان مهجورة
تشمل المناطق الغير رسمية التي نشأت نتيجة السكن غير الرسمي داخل مبانٍ غير مأهولة أو التي تركها مالكوها بسبب النزاعات، الحروب، أو الهجرة.
- التصنيف الحالي للأرض في الخرائط الرسمية
زراعي
سكني
سكني/تجاري
سياحي
سكني/أثري
غير مصنّف
في الخريطة، تمّ تمثيل هذا التصنيف باستخدام رموز مختلفة، مما يتيح تمييز كل نوع من الاستخدامات بصريًا وفهم توزيعها الجغرافي بسهولة.
- مقاربة السلطات
تشير إلى كيفية تعامل الجهات الرسمية مع المناطق غير الرسمية. ورغم أن هذه المقاربة تشمل عدة مستويات من التدخل، مثل التهديد بالإزالة، التهديد بالإخلاء، بتر النسيج العمراني بسبب إنشاء بنى تحتية، مشاريع إعادة الإسكان، منع الترميم أو البناء، والعسكرة، فقد تم تبسيطها في الخريطة إلى خيارين/لونين فقط (مهدَّد أو غير مهدَّد) لضمان وضوح المعلومات وسهولة قراءتها بصريًا.
ثانياً، تشمل الخرائط نصوصاً مرفقة تبدأ ببطاقة تعريفية تتضمّن اسم المنطقة غير الرسمية، تاريخ نشوئها، النوع المفصّل للوصول إلى الأرض، أي تفاصيل إضافية عن الملكية كإسم الجهة المالكة إن وُجد، بالإضافة إلى المستويات المختلفة لمقاربة السلطات ووضع البناء الذي يشير إلى الحالة العمرانية لغالبية المباني داخل المنطقة. وتروي النصوص أسباب نشوء المنطقة غير الرسمية، وتطورها التاريخي، والوضع الحالي، إذا توفرت المعلومات، مثل المعلومات الديموغرافية، الوضع المعيشي والاقتصادي، الحيازة، جودة البنى التحتية والخدمات، والحوكمة.
ثالثاً، في هذه المرحلة، ركّزنا على الأحياء غير الرسمية في النطاق الأوسع للمدن الرئيسية: بيروت، صيدا، صور، وطرابلس، بدلاً من الاعتماد على الحدود الإدارية. ورغم عدم وجود تعريف موحّد أو حدود واضحة لهذا النطاق الأوسع للمدن الأربع، إلا أننا حدّدناه بناءً على الامتداد العمراني المتواصل لطرابلس، صيدا، وصور بمساعدة خرائط موئل الأمم المتحدة. أما في بيروت، فقد حدّدنا نطاق المدينة الكبرى، من ضبية حتى خلدة، استناداً إلى الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية الصادرة عام 2009.
في هذا السياق، لم نشمل المباني المستقلة الذي تم وضع اليد عليها، إنما الأحياء \ المناطق.
رابعاً، لم نشمل الأحياء التي واجهت المحو أو الإبادة. ننوي إضافة هذه الأحياء في مرحلة لاحقة من المشروع من أجل إعادة بناء رواياتها والكشف عنها والحفاظ عليها.
خامساً، واجهنا تحدياً رئيسياً – واستحالة – في رسم حدود الأحياء أو نطاقها. إنّ سؤال أين يبدأ الحيّ وأين ينتهي يشكل تحدياً ليس فقط في الأحياء غير الرسمية، إنما الأحياء عموماً. لذا، قاربنا رسم الأحياء بصرياً بشكل لا يضع إطاراً جامداً للحي على الخريطة.
سادساً، ندرك في المشروع الطبيعة المتغيّرة للمناطق غير الرسمية، وننظر إليها باعتبارها جغرافيا آخذة في التوسع، إن كان من الناحية العمرانية أو الديموغرافية. كافة القراءات التاريخية أو المعلومات الحالية التي نقدّها ترتبط بمرحلة زمنية محددة ولا تدّعي أن تشكّل مرجعاً بيانياً، إنما أن تقدم إطاراً مفاهيمياً ومقاربة لهذه المساحات من منظور الحق في المدينة.
وأخيراً، فإن أحد العوائق الرئيسية أمام رسم خرائط الأحياء غير الرسمية هو ندرة المعلومات حول هذا الموضوع، وخاصة فيما يتعلق بالظروف الحالية. وكثيراً ما كان علينا الاعتماد على عمل ميداني محدود ومقابلات للحصول على معلوماتنا. على الرغم من الصعوبات التي نواجهها في إنشاء تصنيف موثوق، فإن التحليل الذي اقترحناه يحاول التوصل إلى فهم أوّلي موحد لهذه الأحياء في المدن الأربعة والذي نعتقد أنه مفيد لبدء نقاش حولها. وبالتالي ستظلّ الخريطة قابلة للتعديل، والنصوص قيد التطوير، وسيتم إضافة أيّ معلومات جديدة تدريجيًا مع توفّرها.
المراجع والمصادر
المراجع
بيروت
- Fawaz, M., & Peillen, I. (2003). The case of Beirut, Lebanon. In UN-Habitat (Ed.), Understanding slums: Case studies for the Global Report on Human Settlements. University College London & United Nations Human Settlements Programme.
- Charafeddine, W. (1991). L’Habitat illégal de la banlieue-sud de Beyrouth (pp. 227–238). In Reconstruire Beyrouth – Le pari sur le possible. Lyon, France: Maison de l’Orient.
- Directorate General of Urban Planning (1986). Schéma directeur de la région métropolitaine de Beyrouth.
- Clerc-Huybrechts, V. (2008). Les quartiers irréguliers de Beyrouth (1–). Presses de l’Ifpo.
- Clerc-Huybrechts, V. (2002). Les principes d’action de l’urbanisme, Le projet Élyssar face aux quartiers irréguliers de Beyrouth. (Thèse de doctorat, Université Paris VIII Vincennes-Saint Denis; Institut français d’urbanisme).
- Shawki Sinan, R. (2022). The urbanization of displacement in informal settlements: The case of Raml-al-Ali in Beirut.
- Farhat, Y. H. (2019). An investigation of processes of sectarian territorialization in Beirut: Bir Hassan as a case study.
- Beirut Urban Lab, & ACTED. (2021). Karm El Zeitoun urban snapshot.
- زريق، هـ.، شركاوي، هـ.، ومقدسي، ز. (2017). الأحياء المتشظية في بيروت، حرش القتيل: دراسة وتحليل
- UNICEF, UN-Habitat, UN Women, & Municipality of Beirut. (2012). Safe and friendly cities for all: Rapid profiling of seven poor neighborhoods in Beirut City.
- UN-Habitat, & UNDP. (2014). Profiling deprivation.
- Lebanese Palestinian Dialogue Committee, Central Administration of statistics, Palestinian Central Bureau of Statistics (2018). The Population and Housing Census in Palestinian Camps and Gatherings – 2017, Key Findings Report.
- NRC, & Première Urgence. (2009). Needs assessment in the Palestinian gatherings of Lebanon.
- UNDP. (2022, June). Assessing vulnerabilities in Palestinian gatherings in Lebanon.
- Abou Rouphaël, C.(2022). واقع المخيمات الفلسطينية في لبنان: فصولٌ من الإقصاء والعزل. Public Works Studio.
- Alaeddine, T. (2024).الأحياء غير الرسمية: من هنا تبدأ المدينة العادلة. Public Works Studio.
- بيانات الأملاك العامة، مستخرجة من سجلات وزارة المالية لعام 2015
- أرشيف جريدة السفير
- أرشيف وزارة التصميم العام
- مقابلة مع وفاء شرف الدين أجريت في 31/1/2025
- صور جوية تاريخية لبيروت وضواحيها من الأعوام 1960، 1984، و1986
- UN HABITAT, Lebanon portal: Neighborhoods profiles.
- Beirut Urban Observatory, Urban informal settlement map.
- El Alam, T. (2014). Planning for Simultaneous Transience and Stability: Neighborhood Transformations in Nabaa, Beirut (Master’s thesis). Massachusetts Institute of Technology, Massachusetts, USA. Retrieved from the American University of Beirut.
- Habib, R. Mahfoud, Z. Fawaz,M. Basma, S.H. Yeretzian, J. (2009). Housing quality and ill health in a disadvantaged urban community. Public health.
- Clerc-Huybrechts, V. (n.d.). Beyrouth : l’influence du foncier et des plans d’urbanisme sur la formation des quartiers irréguliers de la banlieue sud. UMR 7136, CNRS – Université Paris VIII.
- مرواني، أ.، شمس، ف. (2022). “الأسوأ في كل شيء”… بانوراما التهميش في حيّ السلم. رصيف 22
- ناصر، ن. (2023). فلسطينيّو ضبيه: المخيّم يبيض ذهباً و”الأونروا”… محتالة. نداء الوطن
- Fawaz,M. Neoliberal Urbanity and the Right to the City: A View from Beirut’s Periphery. Institute of Social Studies
طرابلس
- سلسلة ورش عمل أجرها أستوديو أشغال عامة في مدينة طرابلس في تشرين الأول 2021 تحت عنوان “مساحة بحثية تشاركية لتفعيل الحق في المدينة والسكن في طرابلس”
- أبو روفايل، ك. (2022). طرابلس: نكبة مشاريع إسكان غير مكتملة. استوديو أشغال عامة
- أبو روفايل، ك. (2022). السكان في مواجهة مشاريع الضم والفرز: حيّ التنك في الميناء مثالاً. استوديو أشغال عامة
- علاء الدين، ت.، علاء الدين، ر.، سبع أعين، م. (2023). شرعية المساكن أم الحق بالسكن فيها؟ استوديو أشغال عامة
- صوما، ب. (2018). مقبرة “الغرباء” في طرابلس: ملعبٌ للأولاد، ملجأٌ للفقراء. درج ميديا
- الأسمر، ج. (2023). الزاهرية: مرجل الحياة المنوّعة في طرابلس اللبنانية تقارع الزوال. السفير العربي.
عبيد، م. (2020). في “حي الغرباء” الطرابلسي… أطفال يرسمون حياتهم بين المقابر. نداء الوطن - زوين، ف. (2022). مقبرة الغرباء في طرابلس لبنان: العيش بين الموتى. نون بوست
- غمراوي، ت. (2023). مستوطنة إفريقية في طرابلس. أساس ميديا
- بيانات الأملاك العامة، مستخرجة من سجلات وزارة المالية لعام 2015
- أرشيف جريدة السفير
- أرشيف وزارة التصميم العام
- Abdul Samad, O. (2021). An opportunity for affordable housing: The case of Al Qobbeh housing project (Tripoli Lebanon). American University of Beirut.
- UN-Habitat, & UNDP. (2014). Profiling deprivation
صيدا
- تم إعداد الملخص التاريخي لجزء كبير من أحياء صيدا استناداً لبحث غير منشور أجراه مروان غندور في 2013، في إطار استديو تعليمي في الجامعة الأميركية في بيروت مع بالتعاون مع منى فواز، وأجرت البحث الميداني عبير سقسوق، وتنسيق البيانات سلوى الصباغ. تمّ ترجمة مضمون هذا البحث من الإنكليزية.
- الزلزال الذي لم يكن ماذا لو ضرب زلزال الخمسينات لبنان السنة الماضية؟. استوديو أشغال عامة.
- علاء الدين، ر. (2022). الأراضي المخصّصة للسكن: كان للدولة مشاريع سكنية. استوديو أشغال عامة.
- علاء الدين، ت.، علاء الدين، ر.، سبع أعين، م. (2023). شرعية المساكن أم الحق بالسكن فيها؟ استوديو أشغال عامة.
- Ghandour,M.(2013). Who is ‘Ain al-Hilweh?. Jadaliyya
- UN-Habitat, & UNDP. (2014). Profiling deprivation.
- UNDP. (2023). Participatory neighborhood improvement plan in Taamir Saida.
- Population and Housing Census in Palestinian Camps and Gatherings in Lebanon 2017
- NRC, & Première Urgence. (2009). Needs assessment in the Palestinian gatherings of Lebanon.
- بيانات الأملاك العامة، مستخرجة من سجلات وزارة المالية لعام 2015.
- الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية
- مؤسسة الدراسات الفلسطينية
- أرشيف جريدة السفير
- أرشيف وزارة التصميم العام
صور
- مرصد سياسات الأرض. (2023). توزّع أملاك الدولة العقارية في صور، برج الشمالي، العباسية. استوديو أشغال عامة
- استوديو أشغال عامة. (2018). الأرض لمن يزرعها: أصحاب الحقوق في الشبريحا. المفكرة القانونية
- ورش عمل أجرها أستوديو أشغال عامة في مدينة صور في شباط 2025 تحت عنوان “كيف تكون عملية إعادة الإعمار شاملة وعادلة؟”.
- مجموعة الدكتافون. (2016). استراحة مخيّم: روايات من مخيم الرشيدية والبحر. جدليّة
- خليل، آ. (2015). سكان تجمّع جل البحر الفلسطيني: تبليغات بوجوب الإخلاء. الأخبار
- UN-Habitat, & UNDP. (2014). Profiling deprivation.
- Population and Housing Census in Palestinian Camps and Gatherings in Lebanon 2017
- NRC, & Première Urgence. (2009). Needs assessment in the Palestinian gatherings of Lebanon.
- بيانات الأملاك العامة، مستخرجة من سجلات وزارة المالية لعام 2015.
- الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية
- مؤسسة الدراسات الفلسطينية
- أرشيف جريدة السفير
- أرشيف وزارة التصميم العام
الهوامش
- 1تقرير بعنوان “The Challenge of slums” نشره برنامج الأمم المتّحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) عام 2003.
- 2الذي استخدم مفهوم “القطاع اللا رسمي” للمرة الأولى عام 1973 أثناء عمله في أكرا، عاصمة غانا.
- 3عريف الجهاز المركزي المصري للتعبئة العامة والإحصاء: “المناطق التى أقيمت بالجهود الذاتية سواء على أراضى حائزيها أو على أراضى الدولة بدون تراخيص رسمية ولذا فهى تفتقر إلى الخدمات والمرافق الأساسية التى قد تمتنع عن توفيرها الجهات الرسمية نظراً لعدم قانونية هذه الوحدات”.
- 4نقول بأنها ديناميكية لأنّ العمران غير الرسمي يتحدّى أنظمة التخطيط المديني – أو الصناعة الرسمية لمساحة المدينة – نظراً لأن الوصول إلى الأرض – من خلاله – لا يقوم على ملكية الأرض أو المسكن، بل يتم تحديده من خلال المفاوضات وعمليات البناء العُرفية التي تأتي نتيجة العلاقات الاجتماعية، فضلاً عن انعكاس علاقات القوة المسيطرة.
- 5قاعدة بيانات الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة 2018.
- 6Davis, M. (2006). Planet of Slums.
- 7Lefebvre, H. (1992). The production of space.
- 8Harvey, D. (1985). The Urbanization of Capital : Studies in the History and Theory of Capitalist Urbanization.
- 9Davis, M. (2006). Planet of Slums.