في استغلال لجريمة مقتل أحد عناصر فوج حرس بيروت في الجميزة، أطلق عدد من نواب بيروت تطبيقاً للتبليغ عن اللاجئين السوريين في بيروت، آملين تعميمه على باقي المناطق، في مبادرة لتحويل المواطنين إلى مخبرين للدولة البوليسية، وتأليبهم على بعضهم البعض، في إطار الحملة التمييزية الممنهجة للدولة اللبنانية. وقد عمل النواب على نشر التطبيق تلقائياً عبر تطبيق الواتساب لأكثر من 30 ألف مواطن\ة، سعياً منهم لتعميمه.
وتتصاعد حدّة هذه الحملة كل حين، خاصة بسبب التحريض الذي تقوم به المؤسسات الإعلامية، التي شدّدت هذه المرّة على حادثة الجميزة، مشيطنة المتّهم. وقد تحدّث الإعلام بشكل كبير عن كونه سورياً، محوّلاً الجريمة إلى سمة جماعية للاجئين السوريين جميعاً، كما تدخّل في تفاصيل حياته الخاصة والحميمة، قائلاً بأنه مثلي، وهو ما لا يمتّ بصلة لا للتحقيق ولا للجريمة. بالإضافة لذلك، لم يسائل الإعلام النظام الحالي الذي يجعل الأفقر -مهما كانت جنسيته\ا- تحت رحمة قوى الأمن.
وقد أطلق النائب غسان حاصباني – كتلة القوات اللبنانية – التطبيق عبر مؤتمر صحفي، من خلال مبادرة “كل مواطن خفير”، حيث شدّد حاصباني على “تكاثر المخالفات، منها مخالفات لقانون الإيجار والعمل والسير والدفاع وإجراءات الصحة العامة”، في محاولة مستمرة لنهب اللاجئات\ين ممّا تبقّى من حقوقهم الأساسية. وتبدو هذه المخالفات سوريالية، خاصة إذا ما نظرنا إلى خروقات عقود الإيجار كمثال. ففي حين يضمن قانون الإيجارات اللبناني للمستأجر استمرارية الإيجار لأول ثلاث سنوات متتالية من تاريخ إبرام العقد، ويفرض على المؤجّر ألا يتعرّض للمستأجر بشكل يحرمه من الانتفاع من المأجور، وأن يضمن عدم تعرّض الغير له خلال هذه الفترة، يحرضّ النواب المواطنات\ين على مخالفة القانون، في الوقت الذي يقوم فيه الملّاك اللبنانيين بخرق القانون والتعدي على الحقوق السكنية للمستأجرين. وبالرغم من أنّ القانون يضمن أمن الحيازة للعقود الشفهية تماماً كالمكتوبة منها، يجد المستأجرون السوريون أنفسهم في هشاشة بسبب أوضاعهن\م القانونية والإجتماعية، بفعل انتهاء المدّة المسموح بها لإقامتهن\م وعدم تمكّنهن\م من تأمين الأوراق والمبالغ اللازمة لتجديدها. نتيجة لذلك، يتعرضون لشتى أنواع الممارسات المسيئة وغير القانونية في الإخلاء، خوفاً من ردة فعل المالك أو من قيامه بإبلاغ السلطات عنهم.
يفخر النواب بمبادرتهم لتحويل “كل مواطن خفير” -الذي يشكّل خرقاً لحقوق الإنسان إن لناحية طلب التطبيق تصوير الأشخاص أو لناحية البلاغات أو لناحية التعدّي على الحق بالسكن- تحت حجّة بناء الدولة، في الوقت الذي تنهار فيه مؤسسات الدولة التعليمية، الاجتماعية، والخدمات ككلّ. وهو ما يعني بأن هذه المبادرة ليست سوى تحويل للعلاقة بين المواطن\ة والدولة، إلى علاقة مخابراتية، يسعى المواطن\ة من خلالها إلى تقديم الطاعة من خلال التجسّس على جيرانه\ا وأهله\ا وأصدقائه\ا. كما يوجّه العلاقات الاجتماعية باتّجاه مؤذٍ لتصبح علاقات مراقبة وتبليغ وتخلق جواً من غياب الثقة والشك بين الناس.
يشكّل هذا التطبيق جزءاً من الحملة التي تنظّمها السلطة لحرمان اللاجئات\ين السوريات\ين من حقوقهن\م، بالإضافة إلى سياسات وممارسات للضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى وطنهم. ومنذ نيسان الماضي، أدّت هذه الحملة إلى تصاعدٍ في الحملات الأمنية التعسفية ومداهمة أماكن إقامة اللاجئين السوريين في مناطق لبنانية متعدّدة، ممّا أدّى إلى الاعتقال التعسفي والترحيل القسري للعديد من اللاجئين، متسبّبةً بانعدام كامل لأمنهن\م السكني.