في منتصف آذار من هذا العام، انتشر خبر إقفال وزارة السياحة عشرة منتزهات على ضفاف نهر الوزاني بالشمع الأحمر، تنفيذًا لقرار محكمة التمييز الغرفة الثالثة الصادر في تشرين الثاني من العام الماضي والقاضي بإقفال تلك المنتزهات إلى حين حصولها على تراخيص بالاستثمار.
جاء هذا القرار نتيجة مسار بدأ بشكوى رفعتها قوات اليونيفيل إلى الجيش اللبناني منذ عشر سنوات ضد طيور البط العائدة لأحد المنتزهات، والتي تسبح في المجرى قاطعة الخط الأزرق الذي يمر في وسطه.
بعد أقل من أسبوع، أصدر وزير السياحة وليد نصار تعليماته للجهات الرقابية في الوزارة بفض الأختام عن المنتزهات «بعد إتمام الإجراءات اللازمة من قبل أصحاب المؤسسات».
أثار هذا القرار موجة اعتراضات شعبية وسياسية، وصلت إلى حد تحرك رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اتصل بوزير السياحة واتفق معه على لقاء أصحاب المنتزهات، بالإضافة إلى تحرك نواب من كتلتَي «التنمية والتحرير» و«الوفاء للمقاومة» لحل الموضوع.
يظهر هذا المسار كيف تتعامل السلطة مع الملك العام باعتباره مادة للتجاذب السياسي، وكيف تُطوّع القانون في هذا الإطار، وليس حرصًا منها على الحفاظ على الأملاك العامة وإزالة التعديات عنها لاستخدامها ضمن غاياتها الاجتماعية والاقتصادية في ظل الانهيار.
وتبقى المشكلة الأساسية في سماح السلطة بإقامة استثناءات لإشغال أملاك عمومية من قبل كبار المستثمرين، في حين تركز على المشاريع الصغيرة للادعاء بأنها تطبّق القانون. وإن كانت الوزارة صادقة في نيتها تطبيق القانون، فلتبدأ بإزالة التعديات الكبرى التي تتجاوز مساحتها 5000 متر عن الأملاك العامة.
في هذا السياق، يمكن أن يشكّل ما حصل فرصة لإحياء النقاش حول الأملاك العامة والحق العام بشكل شامل، ولمحاسبة أجهزة الدولة التي لم تتحرك يومًا لإزالة التعديات الكبرى عن الأملاك العامة، مثل المنتجعات الشاطئية، في تقاعس تام عن أداء واجباتها في حماية الحق العام، خصوصًا خلال هذه المرحلة التي نشهد فيها انهيارًا على مختلف المستويات.