إنهيار مبنى جديد في طرابلس: من يحمي السكان؟

المصدر: إنهيار مبنى في حي ضهر المغر 26-6-2022

في طرابلس، تنهار المباني على رؤوس قاطنيها.
في عام ٢٠١٩، سقط مبنى الفوال في حي الأندلس في مدينة الميناء على رؤوس ساكنيه فمات أخ واخته.
وفي عام ٢٠٢٠، انهار مبنى قديم بشكل جزئي في حي الزاهرية في طرابلس.
وفي عام ٢٠٢١، سقطت شقيقتان ضحية انهيار شرفة مبنى سكني في منطقة القبة.
أما اليوم، ينهار مبنى سكني من ثلاث طوابق على العائلتين اللتين تسكنانه في محلّة ضهر المغر في منطقة القبّة. وفيما لا تزال أعمال رفع الأنقاض مستمرّة، توفّت جمانة، طفلة عمرها 5 سنوات، تأثّراً بجراحها.

هي حالات متكرّرة في أحياء طرابلس والميناء، سواءً تلك الشعبية منها حيث تكثر المباني القديمة والتاريخية الآيلة للسقوط والمأهولة بالسكان، أو الأحياء غير الرسمية حيث يسوء وضع المنازل وتتدهور نوعية البناء الرديئة أصلاً. وفق دراسة أجرتها وزارة الثقافة سنة ٢٠١٧، فإن عدد الأبنية التراثية المتصدّعة في طرابلس يفوق الثلاثمائة مبنى، تتفاوت حالتها بين الخطر المتوسط والمتقدّم والآيل للسقوط. ويُرجَّح أن “تكون الأخطار تزايدت بفعل مرور الزمن” فيما لا إحصاءات رسمية عن وضع المباني الأخرى، حيث يبدو واضحاً أن السكان من محدودي الدخل يعيشون، على نحوٍ متزايدٍ، في ظروفٍ هشةٍ ومليئةٍ بالمخاطر.

تتحمّل الجهات الرسمية، لا سيما البلدية، مسؤولية الحادثة، نتيجة الإهمال من ناحية الترميم والتدعيم، بحيث من واجبها فرض الترميم أو أخذه على عاتقها، وفق ما تحدده المادة 18 من قانون البناء، ومن ناحية تدهور البيئة المبنيّة في كافة الأحياء ومن ضمنها حي ضهر المغر الواقع في الجهة الشرقية من مدينة طرابلس القديمة على منحدرٍ يطلّ على نهر أبو علي.
هو جزء من منطقة القبة المرتفعة والتي تحتلّ مركزاً استراتيجياً هاماً، وتُعتبر نقطة وصل بين مناطق طرابلسية عدة عبر شبكة من الأدراج القديمة.
في العام 1957، قضى طوفان نهر أبو علي على جزء من واجهة الأحياء المطلة على النهر، من بينها ضهر المغر، وتسبّب بتشريد مئات العائلات التي انتقل بعضها إلى داخل المدينة القديمة، ولاحقاً إلى منطقة المنكوبين. كما كان الحي جزءاً من المواجهات العسكرية والاشتباكات العنيفة التي شهدتها طرابلس في السنين الأخيرة والتي تسبّبت بنزوح، أُضيف إلى معاناة سكّانه التاريخية.
اليوم، يضمّ الحي خليطاً من أهالي السويقة والقبة، و ترتفع نسبة الفقر فيه.

إن صلاحية المباني للسكن هي أحد معايير الحق في السكن التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي انضّم إليه لبنان عام 1972. حيث لا يكون السكن لائقاً إذا لم يضمن السلامة المادية للقاطنين، وكذلك الحماية من كل ما يهدّد الصحة ومن المخاطر البنيوية.
في الظروف العادية، وخلال الانهيار الاقتصادي بالأخص، لا يمكن أن تترك الدولة الأفراد ليكونوا مسؤولين عن حالة مبانيهم وأمانها. وبين المصاريف المتزايدة وتقلّص مجالات العمل وانعدام الدعم من الدولة، يصبح البحث عن مسكن آمن أكثر صعوبة، كل يوم. لذا، فإن تحمّل الدولة مسؤوليتها في حماية السكان من المخاطر المتعلّقة بالسلامة العامة والأبنية والبنى التحتية، يصبح ضرورياً كل يوم أيضاً.

السكن