في هذا التقرير، يوّثق مرصد السكن مدى انتهاك الحق في السكن اللائق بالاستناد إلى المعايير والخصائص التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي المعنية برصد تطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والذي انضّم إليه لبنان عام 1972. وقمنا لهذه الغاية بإعادة تعريف هذه المعايير وتكييفها بما يتلاءم مع السياق الاجتماعي والثقافي المحلي ومع أشكال الانتهاكات الشائعة والممارسات التي تحكم قطاع الإسكان في لبنان.
عن البلاغات
بين آذار وأيّار 2022، تابع مرصد السكن 57 حالة تهديد بالسكن، طالت 239 شخصاً. تُظهر الأرقام أن معظم المبلّغين هم من العائلات (حوالي 87% من مجمل الحالات المبلّغة)، ويشكّل الأطفال دون الـ 18 حوالي 47% من مجمل المتأثّرين. أمّا الملفت، فهو العدد الكبير للأولاد الذين يعيشون بالقرب من مدارسهم والمعرضين لخطر فقدان هذا المقوّم الأساسي، نتيجة تهديدهم في مساكنهم (33 طفلاً). إذ أن هذا العامل سيدفع الأهالي للرضوخ لمطالب المؤجّر غير المحقّة لضمان بقاء أطفالهم بالقرب من مدارسهم، على الأقل حتى نهاية العام الدراسي. وفي حال الإخلاء، قد يضطرّ الأهالي تكبد مصاريف إضافية لتأمين مواصلات أولادهم إلى المدارس، ما سيؤثّر على مجمل نفقاتهم المخصّصة للسكن.
بالمقابل سجّل المستأجرون الأفراد حوالي 12% من مجمل الحالات المبلّغة، وتوزّعوا بين عاملات وعمّال وموظفين وطلاب جامعات. كما رصد المرصد 7 مسنات ومسنّين، شخص من ذوي الإحتياجات الخاصة، و3 أشخاص كويريات\ين من بين المتأثرين.
جغرافياً، جاءت أعلى نسب البلاغات من بيروت (24.6%)، وتحديداً من أحياء المدوّر 14% والمزرعة 7% والرميل 3.5%، ثمّ برج حمود (15.8%). وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأحياء تأوي حالياً السكان من ذوي الدخل المحدود والطبقة العاملة من جميع الجنسيات، وتعاني من ظروف معيشية وعمرانية سيئة. كما أنها تحوي النسبة الأكبر من بلاغات غير اللبنانيين.
تليها مدينة طرابلس التي جاء منها حوالي 12.3% من مجمل البلاغات، إذ تعاني هذه المدينة من عدّة مشاكل، كتدهور البيئة العمرانية وانهيار بعض المباني على رؤوس قاطنيها، وتردّي الأوضاع السكنية في الأحياء غير الرسمية، في ظل تجاهل المشاريع السكنية الشعبية التي كانت قد أنشأتها الدولة فيها. أمّا باقي البلاغات فتوزّعت على بيروت الكبرى ومحيطها (الشياح، فرن الشباك، سن الفيل، البوشرية، جديدة) ومن مدن أخرى (صور، النبطية، جونية و زحلة). وغيرها من المناطق اللبنانية (عكار، المرج، المنية، بعلبك، برقايل، درب السيم، البداوي، إيعات، جل الديب، كامد اللوز، خلدة، مجدليّا، وقب الياس).
اختلفت جنسيات المبلّغين من لبنانيين/ات إلى لاجئين/ات ومهاجرين/ات. سجّلت فئة اللاجئين\ات العدد الأكبر من المتأثرين/ات (28 شخص) يليهم حاملو/ات الجنسية اللبنانية (21 شخص) وأخيراً العاملات والعمال المهاجرين/ات (5 أشخاص). في التفاصيل، أتت 45.6% من البلاغات من الجنسية السورية، 36.8% من البلاغات من الجنسية اللبنانية، وباقي البلاغات من جنسيات متعددة، من أثيوبيا، الكاميرون، فلسطين، الولايات المتحدة، مصر، وساحل العاج.
تتوزّع الحالات المبلّغة بحسب نوع الوصول إلى السكن، فتغلب عليها الإيجارات الجديدة (89%)، ومعظمها اتفاقيات شفهية (65%)، مقابل 35% منها نُظّمَت بموجب عقود خطية. كما وثّق المرصد من ضمن البلاغات: تهديد مستأجر قديم، تهديد سكن من قبل مالك، تهديدات إخلاء في مخيمات لجوء، حالة سكن بالتسامح، حالة سكن مقابل عمل، وحالة احتلال مبنى للسكن.
بعض هذه الطرق للوصول للسكن، وخاصةً حالات السكن بالتسامح، والسكن مقابل عمل، تظهر اختلالاً في توازن القوة بين المستأجر والمالك، حيث يكون المستأجر تحت رحمة المالك تماماً، كما يمكن أن يفقد منزله وفقاً لرغبة ذلك الأخير.
حجم الإخلاء ونطاقه
تشكّل ممارسة الإخلاء القسري انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، لا سيما الحق في السكن اللائق، كونها تمسّ بأمن الأفراد السكني. وقد تتسبّب بتدهور حياة المهمشات\ين أو المستضعفات\ين في المجتمع، وتؤدّي إلى تركهم في فقر مدقع وعوز.
توّثق بلاغات مرصد السكن حجم الإخلاء ونطاقه وقد قمنا برصد 24 طلب إخلاء و4 حالات إخلاء منفّذة، وهو معدّل مشابه للمعدل الشهري الذي تلقيناه خلال العام الماضي، ما يدل على استمرار هذا التهديد بشكل منتظم.
في حين يتعرّض القسم الأكبر من المبلّغين إلى التهديدات الشفهية (75% من مجمل طلبات الإخلاء)، تلقّت نسبة 20.8% منهم إنذاراً مكتوباً، مقابل 4.2% فقط طُلب إخلاؤهم عن طريق رفع دعوى قضائية.
معظم طلبات الإخلاء كانت غير قانونية، إذ أن 30% منها قُدّمت قبل مرور ثلاث سنوات على عقد الإيجار المكتوب أو الشفهي، و50% منها رافقتها ممارسات تهدف إلى التخويف، من التعدي اللفظي، إلى التهديد بالعنف، وإرسال أشخاص للترهيب، واستقدام الدرك أو التهديد باستقدامهم، وقطع المياه والكهرباء.
من حالات الإخلاء ال4 الموثّقة، واحدة من الحالات المبلّغة فقط تمكّنت من البقاء في الحي نفسه بالقرب من علاقاتها الاجتماعية والاقتصادية. اضطرّت الحالات الأخرى إلى الانتقال خارج الحي، بينما اضطرت إحداها إلى الانتقال خارج بيروت.
وقد شدّد القانون الدولي على أنه ينبغي ألا تُسفر عمليات الإخلاء عن تشريد الأفراد أو تعريضهم لانتهاك حقوق أخرى من حقوق الإنسان. وفي حال عجز المتضررون عن تلبية احتياجاتهم بأنفسهم، حمّل الدولة المسؤولية لاتخاذ كل التدابير المناسبة، بأقصى ما هو متاح لها من موارد، لضمان توفير مسكن بديل ملائم لهم.
أمن الحيازة القانوني
يشكّل أمن الحيازة جزءاً لا يتجزأ من الحق في السكن اللائق، إذ ينبغي لكل فرد أن يتمتع بدرجةٍ من أمن الحيازة تضمن له\ا الحماية القانونية من الإخلاء القسري لمسكنه\ا، ومن المضايقات، وغير ذلك من التهديدات.
يضمن قانون الإيجارات اللبناني للمستأجر استمرارية الإيجارة لأول ثلاث سنوات متتالية من تاريخ إبرام العقد. كما ويفرض على المؤجّر ألا يتعرّض للمستأجر بشكل يحرمه من الانتفاع من المأجور، وأن يضمن عدم تعرّض الغير له خلال هذه الفترة.
إنّما بالرغم من أنّ هذا القانون يضمن أمن الحيازة للعقود الشفهية تماماً كالمكتوبة منها، يجد المستأجرون بعقود شفهية – والذين يشكّلون 65% من المبلّغين – أنفسهم في موقعِ ضُعف، لصعوبة إثبات شروط عقودهم وأحكامها، في غياب وثيقة مكتوبة تحدّدها بوضوح.
في المقابل، يمكن للمستأجرين بعقود مكتوبة، ونتيجة حيازتهم سند قانوني، التحجّج به أمام المحاكم وإلزام المؤجّرين بموجبه التقيّد بأحكام الإجارة التي تَوافق عليها الطرفان عند دخول العلاقة التأجيرية.
وبالفعل، فإن حوالي 34% من المبلّغين ليس بحوزتهم أي مستند مكتوب يُثبِت قانونية إشغالهم المأجور وشروطه. وعليه، تبيّن أن حوالي 62.5% من المبلّغين المستأجرين لا تشمل عقودهم مدّة زمنية واضحة، أو لا يمكن تحديد مدّة إجارتهم بوضوح.
أمّا فيما يخص العقود المكتوبة، فتشير الأرقام أنه من بين المبلّغين ال20 الحائزين على سندات إيجار مكتوبة، 4 منهم فقط سجّلوا عقودهم أمام البلدية و 3 سجّلوا عقودهم عند كاتب العدل. وفي حين أن عدم تسجيل العقد لا ينتقص من قانونية عقد الإيجار، إلّا أنها خطوة أساسية للمصادقة على العقد، ومنحه تاريخاً صحيحاً. كما أن وجود نسخة إضافية من سند الإيجار لدى إحدى الدوائر الرسمية يشكّل ضمانة للمستأجر لجهة إثبات وجود العقد وأحكامه في حال النزاع مع المؤجر.
بالإضافة إلى أن 56% من البلاغات لم تتخطَّ عقود إيجارهم الثلاث سنوات، و35% منها ما لم يتخطَّ السنة. فيما 64% من المبلّغين اشتكوا من رفع المؤجر لقيمة الإيجار رغم عدم انتهاء عقدهم، ومنهم من واجهوا زيادةً متكررةً لقيمة الإيجار خلال السنة. أمّا 36% من مجمل الحالات المبلّغة، فقد طُلب منهم دفع البدلات بالدولار النقدي، أو وفق سعر صرف مغاير للسعر الرسمي.
يشير كل ذلك إلى انتهاك واضح لقانون الإيجارات الذي، وبالرغم من تحيّزه الواضح في تشجيع الاستثمار العقاري بدل السكن المستدام، يضبط القيمة التأجيرية والحق في استخدام المأجور لمدة ثلاث سنوات. لكن يتمّ انتهاك الحد الأدنى من الحماية القانونية التي يؤمّنها هذا القانون، بشكل متكرّر ويومي.
صلاحية السكن
لا يكون السكن لائقاً إذا لم يضمن السلامة الجسدية أو يوفّر مساحة كافية، وحماية من المخاطر الهيكلية، ومن البرد والرطوبة والحر والمطر والريح وغيرها ممّا يهدّد الصحة.
من بين البلاغات التي وصلت للمرصد، تم توثيق 4 حالات لقاطنين يسكنون في أماكن غير مخصّصة للسكن، من بينهم آمنة وأولادها الخمسة الذين يشغلون غرفتين دون مسوّغ قانوني (إحتلال) في خان التماثيلي في الميناء. اتصلوا بالمرصد للتبليغ عن ضرر في السقف، وفجوة كبيرة فيه تسمح بتسرّب الهواء والمياه إلى غرفهم. تعتمد آمنة وعائلتها على ابنها البكر، البالغ من العمر 17 عاماً والذي يعمل في صيد السمك، وليس لديهم القدرة على استئجار مسكن.
كما وثّقنا واقع أن حوالي 38.6% من المبلّغين يسكنون في وحدات تعاني من النش، في حين 28% منهم يسكنون في وحدات مكتظّة، وحوالي 8.8% يسكنون في وحدات سكنية سيئة التهوئة ولا يدخلها النور.
وثّق المرصد حالة واحدة عن سكاّن يقطنون في مبنى غير آمن انشائياً، لكن حوالي 12.3% من المبلغين أعربوا عن مخاوف حول وجود مخاطر هيكلية في المباني التي يسكنوها. كما اشتكى 10.5% من المبلّغين من عدم سلامة الأقسام المشتركة التابعة للمباني التي يسكنونها. حوالي 5.3% من المبلّغين صرّحوا بأن الوحدة التي يسكنونها لا تحميهم من العوامل الخارجية كالطقس، والتلوث والأمراض، 3.5% منها كونها لا تزال متضرّرة من تفجير المرفأ، و1.8% منها بسبب تفشّي الحشرات والقوارض فيها.
جغرافياً، جاءت هذه البلاغات التي تشير إلى عدم صلاحية السكن بمعظمها من برج حمود والنبعة (36%)، ثم طرابلس (28%) ومعظمها من شارع أبي سمرا وحي التنك، وهي مناطق ذات ظروف معيشية وعمرانية سيئة، تأوي حالياً السكان من ذوي الدخل المحدود والطبقة العاملة من جميع الجنسيات.
تليها المناطق المتضررة من تفجير المرفأ في بيروت (24%) وتحديداً من المدوّر، الرميل والكرنتينا، ما يدل على تدهور الظروف السكنية في هذه المناطق، خاصة في ظل غياب التأهيل وأيّ سياسة متكاملة لتعافي المناطق المتضررة.
أمّا لجهة الفئة الاجتماعية للمبلّغين، فتُظهر الأرقام أن أكثرية الذين بلّغوا عن السكن في ظروف غير صحيّة هم معظمهم من اللاجئين (56%)، كما أن العديد منهم نساء دون شريك، يسكنّ وحدهنّ أو مع أولاد (32%). وهي فئات يتم استضعافها بشكل مستمرّ، بسبب فقدانها للامتيازات من رأس مال مالي أو اجتماعي وغيره، ممّا يؤدّي إلى هشاشتها، وإمكانية الضغط عليها للقبول بشروط سكنية غير آمنة أو صحية.
تُظهر هذه الأرقام كيف بات السكان -مع اشتداد الأزمة الاقتصادية- مستعدين للقبول بظروف سكنية أقل من آمنة، تماشياً مع قدراتهم المادية. هذا ويزداد تردّي وضع المساكن يوماً بعد يوم وبشكل عام، نتيجة صعوبة الترميم والتصليح في ظل الغلاء.
القدرة على تحمّل التكاليف
يجب ألّا تُهدِّد تكاليف السكن الميسّر المالية، الفردية أو الأُسرية، أو تقوّض القدرة على تلبية الاحتياجات الأساسية الأخرى (كالحصول على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية).
تُظهر البلاغات أن حوالي 66% من المبلّغين يشعرون بخطر فقدان مساكنهم بسبب غلاء تكلفتها. وحوالي 34% منهم لجأوا إلى اعتماد أساليب غير ملائمة لتأمين كلفة السكن كالاستدانة، أو التوقّف عن تأمين احتياجات أساسية أخرى، أو القبول بترتيبات سكنية غير لائقة، غير مناسبة لهم، أو غير آمنة. و من بين المستأجرين الذين بلّغوا عن مراكمة كسر في الإيجار، حوالي 36% منهم لديهم إيجار متراكم لأكثر من ثلاث أشهر.
من بين المبلّغين الذين وافقوا على الإفصاح عن دخلهم الشهري، تبيّن أن حوالي 30% منهم ينفقون أكثر من ثلث دخلهم على مصاريف السكن، و%30 ينفقون أكثر من النصف، انقسموا بين لبنانيين (50%) ولاجئين (50%).
معظم هذه الحالات أتت من طرابلس (42%)، من بينهم حسام، وهو خضرجي، انتقل إلى شقته في شارع أبي سمرا عام 2017 وفتح محلّه في الطابق الأرضي للمبنى. يعيل وحده عائلةً تتألّف من سبعِ أفراد، بمدخول غير ثابت، يتغيّر مع تغيّر المواسم، ليصل بأفضل أحواله إلى حد المليون وخمسمائة ليرة لبنانية شهرياً. كان الاتفاق الأصلي مع مالك الشقة أن يدفع حسام مبلغ 600 ألف شهرياً بدل الإيجار. لكن في بداية العام الحالي، رفع المؤجّر قيمة الإيجار إلى 750 ألف ليرة لبنانية، ومجدّداً بعد بضعة أشهر إلى 900 ألف ليرة لبنانية، ليطالبه اليوم بأن يدفع مبلغ 125$ بالدولار النقدي.
وتوزّعت باقي الحالات بين برج حمود (17%)، حيّ كامب هاجين في البدوي\مار مخايل (17%)، وغيرها من المناطق، حيث أصبح السكن بعيداً عن متناول عدد كبير من الأُسر في ظل الأزمة والغلاء، وفي غياب أي تدابير تنظّم قطاع الإسكان وتضبط أسعاره بما يتلاءم مع مداخيل الناس.
توافُر الخدمات والمرافق العامة والبنى التحتية
لا يكون السكن لائقاً إذا كان القاطنون فيه يفتقرون إلى مياه الشرب، أو الصرف الصحي الملائم، أو الطاقة للطهي، أو التدفئة، أو الإنارة وضوء الشمس والتهوئة، أو وسائل تخزين الأغذية أو أساليب التخلص من النفايات.
وثّق المرصد من بين الحالات المبّلغة، أن حوالي 31.6% من السكان ليس لديهم إمكانية الوصول إلى الكهرباء أو أي مصدر طاقة آخر مثل الإشتراك أو المولّد.
فحوالي 28% من مجمل الحالات المبلّغة استغنوا كلياً عن مولدات الطاقة ويكتفون بكهرباء الدولة، إن توفّرت. 50% منهم لاجئين، بينما تتوزّع النسب المتبقية بين لبنانيين وعاملات مهاجرات.
كما أن حوالي 19.3% منهم صرّحوا بأنه لا تتوفّر لديهم الطاقة اللازمة للطهي والتدفئة والإنارة، و5.3% يفتقدون إلى التدفئة تماماً.
معظم المبلّغين ممن يعانون للوصول إلى الطاقة (56%) هم من اللاجئين، (بينما كان كل المبلّغين عن افتقادهم للتدفئة من اللاجئين) ، مقابل 32% من اللبنانيين و12% مهاجرين. جاءت هذه الحالات بمعظمها من أحياء ومناطق تعاني من ظروف معيشية وعمرانية سيئة، كمدينة طرابلس (32%)، برج حمود والنبعة (28%)، و20 % من البلاغات من المناطق المتضررة من تفجير المرفأ في بيروت.
وفي حالة المناطق المتضررة، كان ملفتاً عدد الحالات التي صدرت عن حيّ كامب هاجين في البدوي\مار مخايل، والذي نشأ بالأساس كمشروع اجتماعي يهدف إلى تأمين السكن الميسّر للفئات الاجتماعية المفقّرة، والذي بات سكانه اليوم يفتقدون لأدنى مقوّمات الحياة الكريمة. فمن أصل مجمل الحالات المبلّغة من كامب هاجين، 50% منهم اشتكوا من صعوبات في الوصول إلى الكهرباء، بحيث تصل الكهرباء لأقل من 8 ساعات إلى مساكن 37.5% منهم، بينما 25% منهم لا يتضمّن سكنهم اشتراك مولّد.
7% من المبلغين لا تتوفّر ليس لديهم مياه صحية أو نظيفة، و7% تنقطع عنهم المياه لفترات طويلة، في حين 8% من المبلّغين يعتمدون على التعبئة من مراكز خاصة لبيع المياه، كوسيلة أساسية للحصول على الماء؛ وصولاً إلى تصريح بعض المبلّغين عن افتقادهم التجهيزات اللازمة لتخزين المأكولات أو طهيها (1.75%)، فيما يفتقد البعض إلى الأثاث البسيط (1.75%).
تُظهر هذه الأرقام مدى تدهور الخدمات الأساسية والبنى التحتية نتيجة الانهيار الاقتصادي، وصولاً إلى افتقاد بعض المنازل الحد الأدنى من المقومات التي تجعلها قابلة للسكن.
الموقع
يفترض السكن اللائق ألا يكون معزولاً عن فرص العمل، وخدمات الرعاية الصحية، والمدارس، ومراكز رعاية الأطفال، وغيرها من المرافق الاجتماعية، وألا يكون في مناطق ملوثة أو خطيرة.
وصل المرصد تبليغات عن أفراد يسكنون في مناطق قريبة من مصادر ملوّثة (17.5% من المبلّغين)، 80% منها أتت من أحياء في برج حمود، نظراً لقرب هذه الأحياء من المطمر.
كما وصلنا تبليغات من أفرادٍ يسكنون بعيداً عن مكان عملهم (14%)، وأفراد يسكنون في مناطق لا تتوفّر قربها وسائل النقل (1.75%)، كما أفراد لا تتوافر خدمة الاستشفاء في محيط موقع سكنهم (1.75%)، وعائلات لا تتواجد مدارس في محيط موقع سكنها (2.38%).
كما أنّ إحدى البلاغات ألقت الضوء على تموقع سكنها ضمن مجمّع سكني مهمل يواجه مخاطر وشيكة بانهيار المباني. جاءت هذه الحالة من حي ضهر المغر الذي شهد تدهوراً في البيئة المبنية، ولم تخضع مبانيه لأي عمليات ترميم وتأهيل منذ عقود، فباتت متآكلة إلى حد الانهيار. يمكن قراءة المزيد عن هذه الحالة وعن تدخّل المرصد هنا.
الملاءمة من الناحية الاجتماعية والثقافية
يكون السكن لائقاً إذا احترم التعبير عن الهوية الثقافية والاندماج الاجتماعي.
عبّر 58% من المبلغين عن أنهم لم يستطيعوا نسج علاقات ودية مع المحيط، كما صرّح 42% منهم بأنهم غير قادرين على الانخراط في إطار تنظيمي محلي، لعدم وجود لجان مبنى أو حيّ أو عدم إمكانيتهم الانخراط في هذه اللجان بسبب وضعها.
في 5.3% من الحالات المبلّغة صرّح المتّصلون عن عدم شعورهم بالأمان في محيطهم لتعرّضهم للمضايقات، 71% منهم أمّهات دون شركاء، 80% منهم لاجئات و20% مهاجرات.
71.4% من مجمل هذه البلاغات صدرت عن لاجئين، مقابل 14.3% صدرت عن مهاجرين، و14.3% عن لبنانيات\ين يتعرّضون للتمييز بسبب هويتهن\م الجندرية.
بينما ينصّ القانون الدولي على ضرورة ضمان الوصول للسكن بعيداً عن أي نوع من التمييز في المعاملة، يتم استضعاف بعض الأفراد بسبب خلفياتهن\م الاجتماعية، الثقافية، أو الدينية المختلفة وافتقادهن\م للامتيازات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، بشكل يسهّل استغلال هشاشاتهن/م لفرض شروط سكن غير لائقة أو آمنة، عدا كونهن/م أكثر عرضة للمضايقة والضغوطات المعنوية من قبل محيطهن/م أو مؤجرهن/م لدفعهم على الإخلاء.
نذكر حالة ميسا، وهي عاملة مهاجرة من الكامرون، سكنت في صربا لحوالي ثلاث سنوات قبل أن يبدأ جارها بمضايقتها، والاعتداء عليها وعلى حرمة منزلها (إذ كسر نافذة غرفة نومها مرتين). حاول المالك بدايةً حماية ميسا وإبعاد الجار المسيء عنها. إنما بعدما تكتّل باقي الجيران ضدها للدفاع عنه (كونهم ينتمون إلى نفس الفئة الاجتماعية)، عدل المالك عن قراره، وطلب منها أن تغادر. لم تعد ميسا تشعر بالأمان في الحي، حيث أحسّت بأنّها مرفوضة لأنها مختلفة، وقرّرت الانتقال للعيش مع أختها في حي آخر، حتى تجد سكناً بديلاً.و قد يتردّد أيضاً أفراد هذه المجموعات عن التبليغ عن انتهاك حقوقهم السكنية نظراً لاحتمال تعرّضهن\م للتمييز في المعاملة من قبل الجهات الأمنية والقضائية. فعند متابعة البلاغات التي تصل المرصد، نلاحظ أن المستأجرين اللاجئين أو المهاجرين، أو النساء في وضع هش، أو الأفراد من الكويريات\ين، يفضّلون عدم تدخّل المرصد مباشرةً مع المالك، وعدم استخدام الأدوات القانونية -كتقديم شكاوى ضد المضايقات والاعتداءات- ويكتفون بطلب النصائح لإجراء التفاوض بأنفسهن/م أو الإخلاء بدون المواجهة.
يعمل مرصد السكن على توثيق حالات تهديد السكن، وبناء تضامن جماعي ودعم الحق في السكن للجميع دون تمييز، كما يضغط نحو سياسات سكنية دامجة.
بلّغ/ي عن انتهاك حقك بالسكن الآمن واللائق والمستدام عبر على الرقم 81017023، أو عبر البريد الالكتروني: info@housingmonitor.org.