ينشر «مرصد السكن» التقرير القانوني الدوري الصادر عن لجنة المحامين للدفاع عن الحق في السكن التابعة للمرصد، والذي يتنوّع عمله بين تدخّلات القانونية (وهي 50 لفترة آذار-أيار2022)، تعدّدت بين إعطاء المشورة القانونية، تقديم الاستشارات القانونية، وإجراء التفاوض، في حالة 34 بلاغاً، ومبادرات الضغط وأعمال تبادل المعرفة القائمة على نشر المعرفة القانونية، وعقد الشراكات والتعاون مع منظّماتٍ أخرى تضمّ أقساماً قانونيةً مختصّة.
إنّ القانون الحالي للإيجارات لا يوفّر إطاراً شاملاً يرعى الحق في السكن، ولا تُعير روحيته بشكل عام أي اعتبار للسكن المستدام، ويتحيّز في تشجيع الاستثمار العقاري. مع ذلك، يشير توثيق «مرصد السكن» إلى انتهاك منهجي في مختلف الأحياء والمدن -ما لم يكن تجاهلاً عاماً- للحد الأدنى من الحماية القانونية التي أمّنها القانون، عندما كرّس حق المستأجر باستخدام المأجور لأول ثلاث سنوات من تاريخ إبرام العقد.
يستمرّ مرصد السكن في مساندة السكّان في نضالهم للدفاع عن حقوقهم السكنية. وقد تلقّى 57 بلاغاً خلال أشهر آذار، نيسان وأيار من عام 2022، تؤثّر على 239 شخصاً مهدّدين بسكنهم، من بينهم 113 طفلاً دون الـ 18، حوالي 29٪ منهم يعيشون في خطر فقدان قربهم من مدارسهم، نتيجة تهديد سكنهم. نعرض أبرز هذه البلاغات في التقرير التالي.
1- تقديم الدعم القانوني الملائم لكل حالة على حدة
أُحيل إلى لجنة المحامين 34 بلاغاً، توزّعت بين حالات جديدة (79.4%)، و حالات قديمة (20.6%) تتطلّب المزيد من المتابعة (57%) أو تواجه تهديداً جديداً (43%).
وقد اشتكى حوالي 56% من مجمل الحالات المبلّغة خلال أشهر آذار حتى أيار من عام 2022 من خرق المؤجّر لأحكام عقود الإيجار رغم عدم تخطّي مدّته الثلاث سنوات، و35% رغم عدم تخيطها مدّة السنة.
كما أن النسبة الأكبر من المبلغين (64%) اشتكت من رفع المؤجّر لقيمة الإيجار قبل انتهاء العقد، مع تكرّر هذا الأمر خلال السنة. وقد طُلِب من 36% من مجمل الحالات المبلّغة دفع البدلات بالدولار النقدي، أو وفق سعر صرف مغاير للسعر الرسمي.
فكانت تدخلات لجنة المحامين على الشكل التالي:
50% من التدخّلات أتت على شكل نصائح أوليّة يعطيها فريق الخط الساخن في المرصد، بعد الاطّلاع على الملف ومناقشة الحالة مع أحد محامي المرصد.
وليام وأحمد مثلاً، طالبان في إحدى الجامعات في بيروت، لم يكن قد مرّ على انتقالهما إلى المأجور مدّة 10 أشهر قبل أن يطالبهما المالك برفع الإيجار من مليوني ليرة لبنانية إلى 300 دولار. حينها، تم نصحهما بالتوجه لدى كاتب العدل وتنظيم محضر عرض وإيداع ببدلات الإيجار، وهو ما مكّنهما من إلزام مؤجّرهما التقيّد بالسعر الأصلي المتفق عليه.
أمّا سابين ورفاقها، فقد طلب المالك منهم ترك المأجور بعد حوالي 7 أشهر انتقالهم إليه، بحجة عدم ارتياح باقي المستأجرين في المبنى (بحسب المالك)، والذين هم بمعظمهم من العائلات، لسكن مجموعة من الشباب الطلاب والعمال في نفس المبنى. زوّدهم الفريق القانوني بنصائح وإرشادات حول كيفية التفاوض مع مؤجّرهم باستخدام أحكام القانون، وردّ خطر الإخلاء عنهم.
في المقابل، تطلّب حوالي 46% من الحالات تدخّل المحامين بشكل مباشر، إمّا لإعطاء الاستشارات القانونية (87%) أو إجراء التفاوض (4.3%)، أو متابعة الملف أمام الجهات القضائية (4.3%)، أو تقديم مؤازرة قانونية على الأرض (4.3%).
نذكر منها حالة نعمة، التي قررت وعائلتها الانتقال إلى منزل جديد بسبب رفع المالك المتكرّر للإيجار وعدم تمكّنهم من التوصل إلى حلّ معه. فقرر الأخير منع الإخلاء عن طريق حبس ممتلكات العائلة ورفع شكوى يتّهمهم فيها بالسرقة وتدمير الممتلكات. تدخّل عندها محامي اللجنة الذي ساعد نعمة في تقديم شكوى مضادة أمام المخفر، أسفرت عن مرافقة الدرك لهم إلى المأجور للإفراج عن أغراضهم.
18.5% من الإحالات الجديدة تطلّبت تدخّل المحامين أكثر من مرّة، بالإضافة إلى متابعة مستمرّة. في حين لم تبلِّغ الحالات الأخرى عن أي مستجدات أو تطوّرات في التهديدات التي تواجهها، أو تطلب تدخلاً قانونياً إضافياً بعد تلقي النصيحة القانونية الأولية من فريق عمل الخط الساخن. يضاف إليها بلاغٌ تمت إحالته إلى مساعدة قانونية خارجية نظراً لحاجته إلى متابعة أكثر تخصّصاً.
لم تكن جميع تدخّلات المرصد ناجحة. ففي حوالي 14.7% من الحالات المُحالة إلى اللجنة القانونية، فضّل المبلّغون عدم مواجهة المؤجّر، إمّا عبر الرضوخ للشروط الجديدة التي يفرضها، أو المساومة للوصول إلى حل وسطي بين ما يطلبه المؤجر، وما يحق لهم قانوناً. وذلك لأسباب تنوّعت بين ضعف الوضع المادي أو الاجتماعي للمستأجر أو هشاشته.
في حالة نوفل، أدّت مراكمة كسور في دفعات الإيجار إلى إضعاف موقعه في التفاوض مع المالك، الذي طلب منه ترك المأجور خلال مهلة شهر. كما في حالة نادين، التي فضّلت عدم التوجّه إلى المخفر وتقديم شكوى ضد مؤجرها المسيء، رغم تطمينات المحامي بمساندتها، وذلك لأنها أرملة وحيدة وتخشى من تعرّض المالك لبناتها القاصرات.
كما أنّ 10% من مجمل البلاغات احتاجت الإحالة فيها إلى دعم اجتماعي بالإضافة إلى الدعم القانوني.
انطلاقاً من ذلك، وبهدف تقديم دعم أفضل للبلاغات التي لا تكفي المداخلات القانونية لمعالجة كامل أشكال هشاشاتها، وبهدف حثّ السكان على الدفاع عن حقوقهم السكنية أمام الانتهاكات المستمرة لقوانين الإيجار، ترتئي لجنة المحامين للدفاع عن الحق في السكن ضرورة التدخل على مستوى أوسع وبشكل شامل أكثر.
2- تشكيل ضغط، بناء المعرفة، بناء تحالفات
دأبت لجنة المحامين للدفاع عن الحق في السكن على تطوير سلسلةٍ من التوصيات الداعمة للمستأجرين لتعريفهم بحقوقهم، ونشرتها عبر مذكّرة قانونية، تضمّنت نماذج لمستندات قانونية يمكن استخدامها؛ كشكاوى يمكن تقديمها أمام المخفر في حال التعرّض لممارسات تعسّفية، وطلب لتسجيل عقد الإيجار أمام البلدية يضم لائحة بالمستندات الأخرى التي يجب تقديمها مع الطلب.
واستجابةً لعدد البلاغات التي صرّحت عن عدم حيازتها لأي مستند قانوني يثبت إشغالها للمأجور(33.3% من مجمل الحالات المبلّغة للمرصد)، قامت اللجنة بتنظيم إيصال دفع نموذجي لبدلات الإيجار، ووضعُه في التداول تشجيعاً للمستأجرين على توثيق دفعاتهم، إثباتاً لوجود العلاقة التأجيرية.
ولدعم الحالات التي قرّرت الإخلاء أو تم إخلاؤها، والتي هي في طور البحث عن سكن بديل، ولضمان حقوقها السكنية منذ البداية، نظّمت اللجنة قائمةً بالتوصيات حول ما يجب التنبّه له قبل الدخول في علاقة تأجيريّة جديدة.
وبهدف تقديم دعم شاملٍ للحالات المبلّغة، بما يتجاوز نطاق اختصاص مرصد السكن، عمَدت لجنة المحامين إلى عقد الشراكات مع منظّماتٍ أخرى تضمّ أقساماً قانونيةً مختصّة لتبادل الخبرات، والتعاون وإنشاء نظامٍ للإحالات المتبادلة.
تسعى لجنة المحامين للدفاع عن الحق في السكن إلى توسيع المجالات المُتاحة والأدوات المُستَخدمة لإحقاق الحقّ بالسكن اللائق، وطرح التغييرات اللازمة للنموذج المهيمِن على أسلوب الدفاع القانوني عن حقوق السكن.
وتُدرك اللجنة ضرورة البحث عن الحلول في أطر متعدّدة الاختصاصات وبشكل شامل أكثر، وعليه تعمل على تطوير أدواتٍ واستراتيجياتٍ ترمي إلى دَمَقرطة الوصول إلى المعرفة القانونية، وتحسين الحقوق السكنية لسكان المدن والقرى، والتأثير في عمليات التقاضي والضغط من أجل إرساء سياسةٍ سكنيةٍ عادلة، كما تركّز على رصد القوانين وقرارات المحاكم المتّصلة بالحقوق السكنية، وتفسيرها.
قائمة بالتوصيات: الصورة المعنونة “كيف أحمي حقوقي
مرصد السّكن هو أداةٌ سكنيةٌ مجتمعيةٌ طوّرها استوديو أشغال عامة لحماية وتحسين حقوق السّكن في لبنان. يستخدم هذه الأداة سكّانٌ من مختلف الجماعات المهمّشة للإبلاغ عن ظروفهن\م السّكنية الصعبة أو ما يواجههن\م من تهديداتٍ بالإخلاء. استجابةً لتلك البلاغات، يوفّر استوديو أشغال عامة دعماً قانونياً واجتماعياً لكلّ حالةٍ وفق الحاجة، ويحشد المستأجرات\ين حول التحدّيات المشتركة، كما يرصد أنماط المظالم السّكنية من أجل التضامن لتحقيق الإصلاحات اللازمة.
للإبلاغ عن ظروفٍ سكنيةٍ صعبةٍ أو حالات تهديدٍ بالإخلاء، يمكن الاتصال بنا على الرقم