اقترحت مجموعة من نوّاب كتلة “لبنان القوي” قانون معجل مكرر لتعديل المادة الثالثة من القانون رقم 194 (حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها) المتعلّقة بأحكام منع التصرّف والبيوعات في مناطق المرفأ، الصيفي، المدوّر، والرميل. يضيف هذا الاقتراح استثناءً جديداً على أحكام المنع والتجميد التي شملت سابقاً المطورين العقاريين وشركة سوليدير، وهي حالة البيوعات الحاصلة بين الأصول (هم الأب والأم والجد والجدة وآبائهم) والفروع (هم الأبناء، والبنات، وأبناء البنين، وبنات البنين) حتى الدرجة الرابعة، أي بين الأقارب.
الملفت أن الاقتراح يشدد صراحةً ومن خلال الأسباب الموجبة على حماية “هوية” المنطقة، ممّا يؤكّد البعد الطائفي الذي يحمله، حفاظاً على “الهوية الطائفية” لبعض المناطق. يأتي هذا الاقتراح أيضاً ليسهّل عملية بيع العقارات، بالأخصّ للنافذين والمطورين العقاريين وذلك بعد انتهاء مدّة التجميد من خلال تحويل الملكيات من مشتركة إلى فردية. بذلك، يحمل تداعياتٍ مباشرة على أصحاب الحصص الضئيلة الذين سيجدون أنفسهم مجبرين على البيع، وعلى المستأجرين فيعرّضهم للإخلاء والتهجير، في ظلّ عدم تحقيق التعافي الكامل للمناطق المتضررة والأزمة الاقتصادية الخانقة التي نمرّ بها. أخيراً، يطرح توقيت الاقتراح من جهة، وصفة العجلة فيه من جهة أخرى، تساؤلاتٍ متعلقة بإمكانية ارتباطه بموعد الانتخابات النيابية القادمة، ممّا يظهر الاقتراح كجزء من تقديم الخدمات للناخبين من أصحاب الملكيات المشتركة في المناطق المتضررة.
باختصار، ما هو القانون المقترح؟
يرمي هذا القانون إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم ١٩٤/٢٠٢٠ “حماية المناطق المتضررة بنتيجة الإنفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها”، وهي المادة المتعلقة بتجميد بيع العقارات المبنية الواقعة في المناطق المتضرّرة جرّاء تفجير مرفأ بيروت بتاريخ ٤ آب ٢٠٢٠ لمدّة سنتين. يُضيف هذا التعديل على الاستثناءات الأساسية التي تضمنها القانون، استثناءً جديداً من أحكام المنع والتجميد وهو يطال البيوعات الحاصلة بين الأصول والفروع، حتى الدرجة الرابعة. بالتالي، يسمح القانون المقترح بانتقال الملكية بين الأصول (هم الأب والأم والجد والجدة وآبائهم) والفروع (هم الأبناء، والبنات، وأبناء البنين، وبنات البنين)، حتى الدرجة الرابعة. يطال هذا الاقتراح اذاً الملكيات المشتركة وهي منتشرة بغزارة في المناطق المتضررة.
ما هي الأسباب الموجبة التي يذكرها القانون؟
بما أنّ هدف القانون كان حماية هوية المنطقة المنكوبة جراء الانفجار، وتخفيف البيع وسط صدمة الانفجار ودمار المنطقة، ومنعاً لحصول بيوعات تحت الضغط؛
وبما أن حصول بيوعات بين الفروع والأصول لا تؤثر على روحية القانون؛
لذلك، نتقدّم من مجلسكم الموقر باقتراح قانون معجل مكرّر يهدف إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم ١٩٤ (حماية المناطق المتضررة بنتيجة الإنفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها).
أي نواب اقترحوا القانون؟
كتلة لبنان القوي، بالتحديد التيار الوطني الحر وحزب الطاشناق.
من دائرة بيروت الأولى (الأشرفية /الرميل/المدور/الصيفي) النائب نقولا صحناوي (الروم الكاثوليك، التيار الوطني الحر، كتلة لبنان القوي) والنائب ألكسندر ماطوسيان (أرمن أرثوذكس، حزب الطاشناق كتلة النواب الأرمن، كتلة لبنان القوي).
من دائرة جبل لبنان الرابعة (الشوف/عاليه): النائب ماريو عون (الموارنة، التيار الوطني الحر كتلة ضمانة الجبل، كتلة لبنان القوي) والنائب فريد البستاني (الموارنة، مستقل كتلة ضمانة الجبل، كتلة لبنان القوي).
من دائرة جبل لبنان الثانية (المتن): النائب إدي معلوف (الروم الكاثوليك، التيار الوطني الحر، كتلة لبنان القوي).
ما هو السياق العام للقانون؟
في تشرين الأوّل ٢٠٢٠، أصدر مجلس النوّاب قانون “حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها” (القانون رقم ١٩٤/٢٠٢٠). تضمّن هذا القانون بنداً يمنع التصرّف وانتقال الملكية في منطقة المرفأ، الصيفي، المدوّر والرميل العقارية، لمدّة سنتين وذلك للحماية من الغبن والاستغلال الذي قد يطال المالكين، كما ومن أيّ عيب قد يشوب الإرادة أو يعطّلها من جرّاء الانهيار النفسي والاقتصادي والوطني الذي أحدثه التفجير، وقد استثنى منها الشركات العقارية وشركة سوليدير. رغم أنّ هذه المناطق لم تتعافى كاملةً من آثار التفجير، وما زالت ترزح تحت نير الضغط النفسي والمادي، يأتي اقتراح قانون معجل مكرر ليضيف استثناء الأصول والفروع حتى الدرجة الرابعة أي الأقارب أصحاب الملكيات المشتركة على اعتبار أنّ حصول بيوعات بين الفروع والأصول لا تؤثر على روحية القانون لجهة حصول بيوعات تحت الضغط وتغيير “هوية” المنطقة المنكوبة.
نوع القانون
اقتراح قانون معجل مكرر
الفاعلون
مالكو العقارات ذات الملكية المشتركة في منطقة المرفأ، الصيفي، المدوّر والرميل العقارية، كتلة لبنان القوي، نواب دائرة بيروت الأولى، سكان المناطق المتضررة من تفجير ٤ آب.
المناطق المتأثرة
مالكو العقارات ذات الملكية المشتركة في منطقة المرفأ، الصيفي، المدوّر والرميل العقارية، كتلة لبنان القوي، نواب دائرة بيروت الأولى، سكان المناطق المتضررة من تفجير ٤ آب.
لتحميل القانون
في تشرين الأوّل ٢٠٢٠، أصدر مجلس النوّاب قانون “حماية المناطق المتضررة نتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها” (القانون رقم ١٩٤/٢٠٢٠). تضمّن القانون بنوداً عديدة كنّا قد تناولناها سابقاً من خلال عدّة مقالات، منها “ملاحظات حول قانون حماية المناطق المتضررة ودعم إعادة إعمارها: تشجيع الاحتكار العقاري باسم الطائفية” ومن خلال دليل “كيف نحمي سكّان المناطق المتضررة من تفجير مرفأ بيروت في ٤ آب وندعم إعادة تأهيلها؟”، وبيّنا مخاطرها على حياة الناس وإمكانية عودتهم وضمان عملية تعافٍ حقيقية للأحياء المتضررة. نسلّط الضوء في ما يلي، على البند المتعلّق بتجميد البيوعات للعقارات المبنية الواقعة ضمن المناطق المتضررة من جراء تفجير المرفأ لمدّة سنتين، وهو البند الذي يطرح اقتراح القانون المعجّل المكرّر، موضوع تعليقنا، تعديله.
وَضع القانون رقم ١٩٤/٢٠٢٠، قيوداً على التصرّف وانتقال الملكية، بحجة حماية المناطق المتضررة من المضاربة العقارية، غير أنّه وبسبب الاستثناءات التي أوردَها، عزّز الاحتكارات بدلاً من الحدّ من المضاربات العقارية. بذريعة حماية الأفراد من الغبن، تم حصر عرض بيع العقارات في “المناطق المتضرّرة” بالمطورين العقاريين وشركة سوليدير وأصحاب العقارات الواقعة في منطقتها، مع ما لذلك من زيادة في الامتيازات التي تتمتّع بها هذه المجموعات في السوق العقارية وذلك منذ ثلاثة عقود، وتوسيعاً لقدرتها على التحكّم بالأسعار. كما ميّز القانون بين أصحاب العقارات المتضرّرة بحجّة حمايتهم من الغبن ومن شراء عقاراتهم بأبخس الأثمان، فلم يحمِ سوى مالكي العقارات في مناطق أربع وهي المرفأ، الصيفي، المدوّر، والرميل. أما الآخرون، كمالكي العقارات في منطقة الباشورة، فيستفيدون بموجب القانون بالحق في التعويض فقط. ومن هذه الزاوية، يكشف القانون عن بعد طائفي واضح، قوامه الحفاظ على “الهوية الطائفية” لبعض المناطق.
يأتي اقتراح القانون المعجّل المكرّر اليوم، ليضيف استثناءً جديداً من أحكام المنع والتجميد على جملة الاستثناءات التي تضمّنها القانون الأساسي. وهو يطال البيوعات الحاصلة بين الأصول والفروع. بالتالي، يسمح القانون المقترح بانتقال الملكية بين الأقارب، الأصول (هم الأب والأم والجد والجدة وآبائهم) والفروع (هم الأبناء، والبنات، وأبناء البنين، وبنات البنين)، حتى الدرجة الرابعة. يطال هذا الاقتراح اذاً، الملكيات المشتركة المنتشرة بغزارة في المناطق المتضررة.
اجتهد نواب من كتلة لبنان القوي في٣٠ كانون الأوّل ٢٠٢١ وقبل يوم من عيد رأس السنة، على تقديم مشروع قانون معجّل مكرّر يرمي إلى تعديل الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم ١٩٤/٢٠٢٠ (حماية المناطق المتضررة نتيجة الإنفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها) وتمنّوا على دولة رئيس مجلس النواب إدراجه على جدول أعمال أول جلسة تشريعية. لم يتكبدّ مَن طرح هذا القانون عناء تعليل صفة العجلة، بل اعتبر أن ما ورد في الأسباب الموجبة هو بمثابة المذكرة التي تبرّر صفة الاستعجال، رغم أنّ الأسباب الموجبة المذكورة، اذا أقرينا بها، لا تستوجب شيئاً من الاستعجال. بذلك، يطرح هذا الاستعجال والتوقيت الذي طُرح فيه اقتراح هذا القانون عدداً من التساؤلات.
ورد في الأسباب الموجبة لاقتراح القانون أنّ “هدف القانون كان حماية هوية المنطقة المنكوبة جراء الانفجار، وتخفيف البيع وسط صدمة الانفجار ودمار المنطقة، ومنعاً لحصول بيوعات تحت الضغط”، وأنّ “حصول بيوعات بين الفروع والأصول لا تؤثر على روحية القانون”. فمن جهة، تشدّد الأسباب الموجبة على حماية “هوية” المنطقة المنكوبة جراء التفجير، وهو ما يؤكدّ صراحةً أنّ الهدف الأساسي لتجميد البيوعات في القانون رقم ١٩٤/٢٠٢٠، ينمّ عن بُعد طائفي يسعى للحفاظ على “الهوية الطائفية” لبعض المناطق المتضررة دون سواها، كما ذكرنا سابقاً، إذ إنّ انتقال الملكيات بين الأقارب، لا يؤدي إلى تبدل في الديموغرافية الطائفية في المنطقة. فبحسب المفكرة القانونية، تتعارض الأسباب الموجبة هذه صراحةً مع ما كان الاجتهاد قد ذهب إليه من إدانة للطائفية العقارية، حيث كان قد صدر قرار عن اللجنة المتخصّصة بالتدقيق بصحّة البيوعات الحاصلة في المناطق المتضررة (المُنشأة بحسب القانون نفسه)، رفض ربط تجميد البيوع في المنطقة بالحفاظ على “لونها الطائفي”.
من جهةٍ أخرى، أظهرت استمارة أجاب عليها حوالي ١٤٦ شخص من سكّان المناطق المتضرّرة بين ١٥ أيار و١٥ تموز ٢٠٢١، أن ٦٧ منهم لم يستطيعوا إنهاء ترمي بيوتهم وتصليحها بعد (أي ما يُعادل ٤٥،٨٩%)، ٧٤ انتهوا من التصليحات (٥٠،٦٨%)، ٤ منهم ربّما أنهوا الأعمال (٢،٧٤%)، و١ منهم دون جواب (٠،٦٨%). فيما، ذكرت دراسة نُشِرت في أواخر شهر تموز ٢٠٢١، بأن ٣٠% فقط من سكّان المناطق الأكثر تضرّراً عادوا إلى منازلهم بعد سنة على التفجير، إمّا لأن التصليحات التي تجعل البيوت آمنة للعودة ما زالت عالقة، أو لأن السكان يعانون من صدمة كبيرة جرّاء التفجير. ففي ظلّ عدم تحقيق التعافي الكامل للمناطق المتضررة، وعدم قدرة بعض المالكين على ترميم مبانيهم حتى الآن (أو رفضهم للترميم)، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمرّ بها لبنان، والتي كانت وطأتها مضاعفة على سكان المناطق المتضررة بعد تفجير مرفأ بيروت، وفي ظلّ استغلال البعض للأزمة الاقتصادية وحاجة أصحاب الأبنية للسيولة، فتمّ إغراؤهم ا وحملهم على بيع أملاكهم بأسعار بخسة واستثمار هذه الظروف لمصالح الشركات الكبرى والمطورين العقاريين، يتضاعف الضغط المباشر أو غير المباشر على المالكين للبيع، حتى إن كان ذلك بين الأقارب، ما يدحض الحجة الواهية الواردة في الأسباب الموجبة للقانون، لجهة أنّ البيوعات بين الفروع والأصول لا تؤدي لحصول بيوعات تحت الضغط.
موضوع انتقال الملكية بين الأصول والفروع ليس بالبساطة التي يتصوّرها من طرح اقتراح هذا القانون. لطالما طرحت ديناميات المنطقة من ناحية الورثة والملكيات المشتركة عدداً من الإشكاليات. ففي بحثٍ سابق لاستوديو أشغال عامة تناول منطقة مار مخايل في العام ٢٠١٧، في حيّ الروم على وجه الخصوص، وجدنا أن أغلبية المباني في المنطقة مملوكة من عدّة ورثة، يتشاركون أسهم عقارٍ واحد. في كثير من الأحيان، وخصوصاً في هذا الحيّ حيث السكان هم من أصحاب الدخل المحدود، من الصعب على المالكين المتعددين أن يفرزوا ملكهم وذلك بسبب ارتفاع رسوم الفرز. بذلك، من السهل على المستثمرين والمطوّرين العقاريين أن يقوموا بإقناع أحد المالكين على البيع، لا سيما أولئك الذين لا يسكنون في الملك نفسه، ممّا يُجبر المالكين الآخرين على البيع بالأخص إذا كانت حصّتهم في الملكية قليلة. كما أنّ العديد من المالكين القدامى يجدون في عملية البيع ربحاً مالياً بإمكانه أن يضمن شيخوختهم، في ظل غياب أيّ ضمانات أخرى من الدولة. نذكر هنا بعض الأمثلة التي تجسدُ هذه الإشكاليات.
على العقار رقم ٦٤١ في شارع مار مخايل، الذي كان يضمّ ثلاث مبانٍ صغيرةٍ سكنتها عائلات ستّ -أربعٌ منها بالإيجار القديم واثنتان كملّاك قدامى، بالإضافة إلى محل “غارو” في شارع الرئيسيّ- وبعد وفاة المالك الأساسي، تملّك العقار الورثة، وهم ١١ شخصاً، إثنان منهم فقط يقيمان في العقار. في العام ٢٠١١، قام مستثمرٌ بإسم “شركة ميكا لانج” بشراء أسهم المالكين غير القاطنين في المبنى، ما حاصر المالكَين القاطنَين، فإضطرا للبيع. أخلت الشركة السكّان تدريجيّاً وحضّرت لمشروعٍ كبير. لم يستطع السكان البقاء في الحيّ لإرتفاع أسعار السكن فيه، وانتقلوا إلى خارج بيروت. على عقار آخر يقع في شارع الخازنين ويضمّ مبنيين ، قد قام أحد المالكين القدامى بشراء كامل الأسهم في العقار، وتمّ إخلاء جميع القاطنين وثم عُرض العقار للبيع.
وأخيراً، مثال آخر من شارع الخازنين، قام مطوّر عقاري وهو أحد الورثة في عقارٍ يحتوي مبنيين، بإقناع باقي الورثة بهدم المباني وتشييد مبنى جديد بالشراكة (development agreement) رغم أنّ بعضهم كان يسكن في المباني. كان الخيار مناسباً نظراً لعدد الورثة وعدم توّفر خيارات سكنية أخرى. تمت عملية الإخلاء وبدأ هدم المباني، وقد وعد المطوّر بتشييد بناء جديد على العقار حيث يحصل كل وريث وأولاده على شقة. وما زال هؤلاء حتى اليوم بالانتظار وأُجبروا على الانتقال إلى خارج بيروت.
هذه قصصٌ مختصرة لتعقيدات موضوع الملكيات المشتركة والميراث. وهي قصصٌ ستتفاقم في المناطق المتضررة في ضوء التفجير. فاقتراح القانون يحضر الأرضية الخصبة لشراء العقارات من قبل النافذين والمطورين العقاريين في المستقبل القريب، بعد انتهاء مدّة التجميد وذلك في ٢٢ تشرين الثاني ٢٠٢٢ على وجه التحديد، بحيث تصبح ملكية العقارات المبنية بيد عدد أقلّ من المالكين أو بيد مالك واحد وتتحوّل هذه الملكيات من مشتركة إلى فردية، ما يفاقم اللامساواة ويعزز احتكار النافذين للملكية وما يرافق ذلك من تداعياتٍ ذلك على الحقوق السكنية للجميع.
في هذا السياق أيضاً، يطال هذا القانون بشكلٍ مباشر أصحاب الحصص الصغيرة، لاسيما النساء منهم وذوي الدخل المحدود ومن لم يتمكّن من ترميم منزله في الملكيات المشتركة، ما يجعلهم أكثر هشاشةً و مهددون أكثر من أي وقت مضى بخسارة هذه الملكية ويعرضهم للاخلاء والتهجير، خصوصاً أنّ طريقة وصول هؤلاء إلى السكن الميسرّ في هذه المنطقة، كانت من خلال الملكيات المشتركة. كما سيكون لذلك تداعيات مباشرة على المستأجرين في هذه الأبنية، الذين سيتعرّضون بدورهم للطرد والتهجير، تمهيداً لحلول طبقة من ذوي الدخل الأكثر ارتفاعاً مكانهم، وسيؤثر ذلك أيضاً على النسيج العمراني التراثي في المناطق المتضرّرة من التفجير، وتحديداً الجمّيزة ومار مخايل.
بالطبع، كلّ هذه الإشكاليات المتعلّقة بالملكيات المشتركة في المنطقة المتضررة وتداعياتها على السكان من مالكين ومستأجرين ليست وليدة هذا الطرح، غير أنّ اقتراح القانون المعجلّ المكرر، يساهم في كلّ الأحوال بتسهيل وتسريع هذه الديناميات التي طالت المنطقة قبل التفجير وساهمت في تغيير ملامح هذه الأحياء وطابعها الاقتصادي والاجتماعي. هذه الأحياء التي شهدت عمليات نقل واسعة للملكية إلى الشركات العقارية وهدم المباني التراثية واستبدالها بناطحات سحاب في السابق، والتي لم تتعافى بعد من جروح التفجير. فلماذا هذا الاستعجال؟ هل هو مرتبط بالانتخابات النيابية القادمة، كنوع من تقديم الخدمات لناخبي المنطقة المتموّلين؟