مع اشتداد الأزمة الاقتصادية يستمر أصحاب المُلك برفع بدلات الإيجار بوتيرة جنونيّة، حتى وصل بعضهم إلى “دولرة” الإيجار، أي التأجير مقابل الدولار النقدي (“الطازج”) أو ما يعادله بالعملة الوطنية على سعر صرف السوق غير الرسمي. وكأن السكن اليوم أصبح محصوراً بمن يستطيعون الحصول على الدولار، دون الأغلبية الساحقة من المواطنات\ين اللواتي والذين ما زالوا يحصلون على معاشاتهم بالليرة اللبنانية.
ولم يكتفِ المالكون بذلك، بل ذهبوا إلى حد مضايقة المستأجرين وتهديدهم وترهيبهم، خاصة أولئك اللواتي والذين يرفضون دفع الأسعار الجديدة ويتمسّكون بتلك الموجودة في عقودهم. فلجأ المالكون إلى اتباع الأساليب غير القانونية وغير الأخلاقية لدفعهم على ترك المأجور، كمنع المستأجرين من الوصول إلى الخدمات، وعمدهم إلى قطع المياه والكهرباء.
وتكتمل المهزلة في حالة الشلل التي أصابت المخافر، بفعل الإضرابات وتوقّف الموظفين عن العمل، إذ أنّ المستأجر، لدى مراجعته للمخفر للاشتكاء عن سوء معاملة المؤجر له، واسترجاع حقّه البديهي بالحصول على الكهرباء والمياه في مأجوره، فيجابَه بالآليات غير مجدية. إذ يكون الجواب حينها إمّا أن النزاع مدني، وعليه بالتالي مراجعة القضاء المدني، علماً أن الدعاوى المدنية تستغرق الكثير من الوقت وتتطلّب تكاليف باهظة، أو يجري تبليغه بعدم وجود موظفين لتدوين الشكوى ويُطلب منه الرجوع لتقديمها في وقت لاحق.
يستمرّ مرصد السكن في مساندة السكان في نضالهم للدفاع عن حقوقهم السكنية، إذ تبلّغ المرصد خلال شهري كانون الأول والثاني، 34 بلاغاً عن حالات انتهاك للحق في السكن، تؤثّر على حوالي 155 فرداً، قدّم المرصد الدعم القانوني لحوالي 22 حالة منها، نعرض أبرزها في التقرير التالي:
1. المرصد يقدّم النصيحة والمشورة القانونية، لدعم المستأجر\ة في دفاعه عن حقوقه \ا السكنية
- قضية ريم: المالك يريد فسخ الإجارة دون أي وجه حق بهدف تأجير الشقة بالدولار
بعد مرور سبع أشهر على انتقالها للسكن في شقتها في منطقة الجعيتاوي، تبلّغت ريم من مؤجّرها أن بعض المستأجرين الأجانب أبدوا إهتماماً بالشقة، وبالتالي عليها إمّا الدفع بالدولار أو الإخلاء في مهلة أسبوعين.
تواصلت ريم مع المرصد للاستفسار عن مدى قانونية مطلب المؤجر، فهل يحق له زيادة الإيجار في هذه المرحلة من الإجارة؟ هل يحق له فرض دفع البدلات بالدولار؟
كان لريم مخاوف حول ثبات قانونية إشغالها للشقة أمام المحاكم، إذ استأجرتها بموجب اتفاق شفهي، مقابل أن تدفع مبلغ 2,500,000 ل.ل. بالشهر، وخشيت أن يقوم المؤجر بإبرام عقد مكتوب مع المستأجرين المحتملين، والتحجّج به لإخراجها من المأجور.
شرح لها المرصد أن غياب عقد إيجار مكتوب لا ينفي وجود علاقة تعاقدية تمنح المستأجر حقوقاً، وترتّب موجبات على المؤجر. ومن شأن عقد الإيجار الشفهي تأمين نفس الحماية القانونية التي يقدّمها العقد المكتوب للمستأجر، طالما يستطيع هذا الأخير إثبات بنود الإتفاق الشفهي. وهو أمر يمكن لريم تحقيقه عن طريق إبراز إيصالات الدفع وفواتير المياه والكهرباء التي في حيازتها. بالتالي، بموجب هذه الحماية القانونية التي تمتدّ لثلاث سنوات من تاريخ إبرام العقد، لا يحق للمؤجّر التعديل في شروط الإجارة، كزيادة بدل الإيجار، أو الفسخ دون سبب قانوني، وبجميع الأحوال لا يحق له أن يخرج المستأجر\ة دون الاستحصال على حكم بالإخلاء صادر من المحكمة المختصة.
أمّا لجهة فرض الدفع بالدولار، فلا يحق للمؤجّر عدم قبول العملة اللبنانية حسب المادة 192 من قانون النقد والتسليف، التي تنص على إلزامية قبول العملة اللبنانية كون الموضوع يمس بسيادة الدولة. وتطبّق على من يمتنع عن استلام الإيجار بالليرة اللبنانية عقوبة الحبس من 6 أشهر الى 3 سنوات وغرامة تتراوح من 500 ألف إلى 2 مليون ليرة.
متسلحةً بهذه المعلومات، حاولت ريم التفاهم مع المؤجر شخصياً، إنّما لم تُسفر المفاوضات عن أي نتيجة. فعادت واستشارت المرصد حول الخطوات التي يمكن أن تتّبعها لحفظ حقوقها، ونصحها المرصد بإيداع بدل الإيجار عند كاتب العدل كما ساعدها أحد محامي المرصد في صياغة المحضر.
عند تبلّغ المؤجر بتنظيم ريم لمحضر عرض وإيداع لدى كاتب العدل، بدء بمضايقتها لدفعها على ترك الشقة. فقطع عنها المياه والكهرباء، ودخل الشقة عنوةً وصار يشتمها ويهدّدها. قامت ريم بتسجيل إعتداءات المؤجر، وبمساعدة المحامي الذي صاغ لها النص، تقدّمت ريم بشكوى أمام المخفر بوجه مؤجرها.
الشكوى اليوم لا تزال عالقة أمام النيابة العامة، نظراً للإضرابات وتوقف الموظفين عن العمل في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة. مع ذلك، لا تزال ريم صامدة في شقتها، مدافعة عن حقوقها رغم إساءات المؤجر، والمرصد على استعداد تام لدعمها بأي خطوة تقرر إتخاذها.
- قضية زينة: المالك يفرض الدفع بالدولار رغم تحديد السعر بالليرة اللبنانية في عقد الإيجار
انتقلت زينة العام الماضي إلى شقة في المتن بموجب عقد إيجار خطي معقود على ثلاث سنوات، بقيمة 850000 ل ل بالشهر. مع بدء العام الجديد، بلّغها المالك بأنه يريد تقاضي الإيجار بالدولار ابتداءً من شهر كانون الثاني. لكن زينة وزوجها غير قادرين على تحمّل المبلغ المطلوب، وعندما حاولا الدفع على السعر القديم، رفض الوكيل استلام المبلغ فاتصلا بالمرصد لنيل المشورة القانونية.
بعد اطّلاع محامي المرصد على عقد الإيجار، تبين أنه محدّد بالليرة اللبنانية، ولا يحلّ أجله قبل تموز 2024. وعليه، أكدّ المحامي لزينة عدم وجوب تسديد أية زيادات على بدلات الإيجار، ونصحها بتنظيم محضر عرض وإيداع عند كاتب العدل في حال تعنّت المالك وإصراره على التقاضي بالدولار.
2. المرصد يتدخلّ للتفاوض مع المالك لصالح المستأجر
- قضية مارسيل: استغلال المالك سوء توثيق الإجارة لفرض زيادات سنوية على بدلات الإيجار
مرسيل يسكن شقة في الدكوانة مع زوجته وولديهما وفق عقد إيجار شفهي. انتقلت العائلة إلى الشقة منذ سنة تقريباً، لقربها من عمل الزوج ومدارس الأولاد. ورغم وعود المالك بتسجيل عقد الإيجار، ظل يتهرّب من الموضوع حتى لم يعد يستطيع إيجاد الحجج، فاقترح عبر محاميه التسجيل شرط فرض زيادة سنوية. فبعد تقاضيه مبلغ 850,000 ليرة شهرياً عن سنة 2021، تُحدّد بدلات الإيجار لسنة 2022 ب1,500,000 ل.ل.، و ب2,500,000 ل.ل. لسنة 2023.
تواصل مرسيل مع المرصد لنيل الإستشارة القانونية. فهو يعلم أن الإيجار يبقى ثابتاً لأول ثلاث سنوات، إنّما لا يملك سوى ورقة مكتوبة بخط اليد لإثبات طبيعة الإتفاق بينه وبين المالك.
بلّغ المرصد مارسيل بأنّ هذه الورقة المكتوبة تشكلّ عقداً مكتوباً صحيحاً يمكن الإحتجاج به أمام المحاكم، كونها مذيّلة بتوقيع طرفي الإتفاق. لكن المشكلة الأساسية تكمن بعدم حيازة مارسيل لأي إيصالات تثبت تسديده للبدلات الشهرية طيلة فترة إشغاله الشقة، وبوسع المالك، في حال وصول النزاع إلى المحكمة، الإدعّاء زوراً أنه لم يستلم بدلات الإيجار ومطالبته بتسديد كامل بدلات الإيجار المتراكمة منذ بدء الإشغال حتى تاريخه.
بعد التفاوض بين محامي المرصد والمحامي المالك، جرى الاتفاق على ما يلي: إنشاء عقد جديد يجدّد لثلاث سنوات، بقيمة 1.500.000 ل.ل. شهرياً (أراد المالك رفع بدلات الإيجار إلى مليوني ليرة لبنانية إنّما تمكن محامي المرصد من إقناعه بتخفيض المبلغ إلى 1.500.000 ل.ل)، على أن يجري التسديد بواسطة الـ دي أتش أل، كي يضمن المستأجر حصوله على إيصال مقابل كل دفعة يؤدّيها.
- قضية علاء: المالكين يعدّلون سعر صرف الدولار بشكل شهري
علاء وزوجته مسنان متقاعدان يشغلان شقتيهما في الجميّزة منذ أربع سنوات، وبموجب عقد إيجار سنوي بقيمة 6000$ أو 9,000,000 ل.ل.
في شهر أيلول الماضي، عند انقضاء أجل العقد، توافق طرفا العقد على التجديد، شرط الدفع على سعر 3900 ل.ل. بدل سعر الصرف الرسمي، أي ما يعادل ٢٤ مليون سنوياً.
إلّا أنّه ابتداءاً من شهر كانون الثاني، رفض المالكون قبض البدلات على هذا السعر، وطالبوا علاء وزوجته بدفع مبلغ 4 مليون شهرياً. فدخل محامي المرصد على الخط، وشرح للمالكين عدم قانونية مطلبهم، وضرورة التزامهم بشروط العقد الجديد الذين توافقوا عليه. ورغم عدولهم لأول فترة، عادوا وطالبوا بتسديد البدلات على سعر صرف 8000 ل.ل.، ما اضطر المستأجرين إلى إيداع بقية الأشهر المستحقة من العام 2022 عند كاتب العدل وإرفاق إفادة بسعر الصرف الرسمي بتاريخ الدفع، خاصة أن العقد يحدّد الدفع بالدولار “أو ما يعادله بالليرة اللبنانية”، دون تحديد سعر صرف معيّن، ما يعطي الأفضلية لسعر الصرف الرسمي.
تبلّغ المالكون بالعرض والإيداع، ومحامي المرصد يتابع القضية حالياً مع علاء، ليرى إذا كان المالكون سيوافقون على قبض بدلات الإيجار المودعة أم أنهم سيتقدّمون بدعوى بهذا الخصوص.
3. المرصد يمثّل المستأجر أمام القضاء
- قضية جواد: المالك يرفض الإعتراف بحق المستأجر المتضرّر من تفجير المرفأ بتمديد الإيجار لسنة بحكم القانون رقم 194/2020
اتصل جواد بالمرصد لأوّل مرّة في شهر تشرين الأول الماضي: إذ بلّغه المالك بنيّته إنهاء الإجارة مع حلول أجلها بشهر كانون الأول، أو التمديد في حال وافق جواد على تسديد البدلات بالدولار.
و كان جواد قد استأجر شقة في الأشرفية بموجب عقد إيجار حُدّدت مدته لسنة واحدة تنتهي في آخر كانون الأول 2019.
وبعد انقضاء السنة التأجيرية الأولى وافق المالك خطياً على تمديد الإيجار لسنتين إضافيتين تنتهي في كانون الأول 2021، علماً أن القانون يضمن لجواد حقّه بالتمديد لهاتين السنتين الإضافيتين، حتى ولو لم يوافق المالك على ذلك.
ألّا أنه إثر تفجير مرفأ بيروت، وقعت أضرار كبيرة في المأجور، وهو أمر ثابت من الكشف الذي أجرته اللجنة المكلّفة من قيادة الجيش والهيئة العليا للإغاثة. فأراد جواد معرفة إن كان يستفيد من قانون “حماية المناطق المتضررة” الذي نصّ على وجوب تمديد كافة عقود الإيجار السكنية وغير السكنية في الأبنية المتضرّرة. وبالفعل، أعلمه محامي المرصد أن عقده جرى تمديده بحكم القانون رقم 194/2020 وأصبح ينتهي بكانون الأول 2022.
اعترف المالك للوهلة الأولى بحق جواد في التمديد لسنة إضافية، إلا أنّه سرعان ما أرسل له كتاب إنذار يعلمه من خلاله بوجوب إخلاء المأجور وتسليم المفاتيح.
فرد جواد بكتاب صدر عن محامي المرصد يُعلم المالك فيه بأن مدة عقد الإيجار جرى تمديدها بحكم القانون رقم 194/2020 حتى تاريخ 12/2022.
بهدف دفع جواد إلى ترك المأجور، عمد عندها المالك إلى قطع المياه والتيار الكهربائي عن الشقة. بالمقابل، ساعد محامي المرصد جواد لتقديم شكوى بهذا الخصوص أمام النيابة العامة. وبعد استدعاء المالك إلى المخفر، تعهّد في المحضر بإعادة التيار الكهربائي والمياه إلى المأجور، إلّا أنه رفض الإفصاح عن مكان ساعة الكهرباء، ومنع جواد من الصعود إلى السطح للكشف على خزانات المياه الخاصة بالمأجور المتنازع عليه، والتي عمد المالك إلى إفراغها كلّما قام جواد بإعادة تعبئتها.
أخيراً، قرر المالك رفع دعوى بوجه جواد أمام قاضي الأمور المستعجلة لدفعه على الإخلاء. وعند تبلّغ جواد استحضار الدعوى، وكّل المرصد محامي للدفاع عنه.
4. المرصد يستمرّ بتقديم الدعم القانوني حتى بعد وقوع الإخلاء
رصد مرصد السكن خلال شهري كانون الأول والثاني حالتي إخلاء تعسفي، استمرّ في تقديم الدعم القانوني لها حتى بعد ترك المستأجرين شققهم:
- قضية صفاء: المالك يهدّد باحتجاز المستأجرة في المأجور إلى حين الإيفاء بكامل الدين
سكنت صفاء منزلها في منطقة الشويفات منذ عام 2014، بموجب عقد إيجار مكتوب تحدّدت قيمته ب600$ بالشهر أو ما يعادلها بالليرة اللبنانية. هي معلمة، وكانت تدفع الإيجار بانتظام إلى أن توقّفت المدرسة عن دفع راتبها. فتراكمت عليها بدلات الإيجار المكسورة. ورغم تلقّيها المال من عائلتها خارج لبنان، ما مكّنها من تسديد جزء كبير من دينها، إلّا أنه لا يزال على عاتقها ما يعادل 10 أشهر من بدلات الإيجار المكسورة. في شهر كانون الأول، طلب منها المالك دفع زيادة على الإيجار أو ترك المأجور، فقرّرت الانتقال إلى منزل آخر أصغر في الحي نفسه، مقابل مبلغ 600,000 ل.ل. بالشهر.
اتّصلت صفاء بالمرصد للإستعلام عن مدى قانونية لجوء مؤجرها القديم إلى إجبارها على توقيع تعهّد يفيد بعدم تركها المأجور قبل تسديد كامل دينها. أعلمها المرصد أن المالك لا يحقّ له احتجازها في المنزل إلى حين إيفاء الدين، وأن القانون حدّد الوسائل التي يتمكّن المالك من خلالها تحصيل دينه، كإقامة الدعوى المباشرة بوجه صفاء. وعند مواجهته بهذه المعلومة، تبيّن أن المالك لا يريد اللجوء إلى القضاء، وكان يستعمل موضوع التعهد لتخويف صفاء وإجبارها على الدفع.
أخيراً اتفق الطرفان على تقسيط الدين، فتقوم صفاء بتسديد مبلغ من المال كل شهر وبحسب قدرتها على الدفع، إلى حين تسديد كامل الدين.
- قضية ريان: الإخلاء بعد تهديد المالك بنقل فرشه إلى المأجور والسكن مع المستأجرين
منذ أربع سنوات، تعيش ريان مع زوجها وأولادهما الثمانية- يبلغ أكبرهم 18 سنة وأصغرهم سنة واحدة- في شقة صغيرة، في أحد أحياء برج حمود.
بعد أن تضرّر زوجها جسدياً من تفجير المرفأ، صار يعمل بالمياومة مقابل أجر غير ثابت. تعتاش العائلة بشكل أساسي من المساعدات التي تتلقّاها من برنامج الأمم المتحدة.
كانت ريان تستأجر شقّتها من المالك بموجب عقد شفهي، تَحدّد بقيمة 565,000 ل.ل. في الشهر. إلا أنه ابتداءً من شهر أيلول الماضي، بدأ المالك بفرض الزيادات على الإيجار بشكل متكرّر وغير مقبول، فرفع الإيجار أولاً إلى 600,000 ل.ل.، ومن ثمّ بدأ يطالب بمبلغ مليون ليرة شهرياً. وبعد أن تكفلّت إحدى الجمعيات بمساعدة ريان بالإيجار المتراكم عليها، صار المالك يطالبها بدفع مبلغ 1,500,000 ل.ل. شهرياً، كما تخلّى عن دفع تكاليف المياه والكهرباء والإنترنت، التي كان يتحمّلها سابقاً.
أبلغت ريان المالك عدم قدرتها على تحمّل هذه الزيادة، وحاولت التفاهم معه على سعر معقول للإيجار، لكنه رفض الإستماع إليها، معتبراً أن المبلغ الذي يطلبه زهيد بالنسبة لأسعار السوق خلال هذه الفترة، خاصة وأنّ أحد المستأجرين في المبنى أبدى استعداده لدفع الإيجار بالدولار “الطازج”. ثم عَمَد المالك إلى قطع الكهرباء والإنترنت عن المأجور، وراح يتعرّض لريّان يوميّاً، فيحضر إلى الشقة ويصرخ بوجهها، ويترك لها الرسائل المسيئة على هاتفها حيث يهدّدها بالإخلاء وبأنه قادر على استعادة الشقة حتى لو تطلّب الأمر منه أن ينقل أثاثه و يقيم معهم في الشقة رغماً عنهم.اتّصلت ريان بالمرصد بناءً على نصيحة إحدى الجمعيات التي كانت تكفلها. حينها، كان المالك قد أعلَمَها أنّه استأجر شاحنة لنقل أغراض العائلة خارج الشقة، وأنه سيحضر في الساعة السابعة مساءً من الليلة ذاتها إمّا ليقبض البدلات حسب السعر الجديد، أو للانتقال إلى الشقة بعد طرد ريان وعائلتها. كانت ريان قد أمّنت مبلغ مليون ليرة ونصف ودفعته للمالك تحت الضغط، قبل أن يتسنى لمحامي المرصد التدخّل لمساندتها. ورغم عدول المالك عن قراره بإخلاء العائلة، إلّا أنّه رفض إعادة إيصال الكهرباء إلى المأجور قبل استلام مبلغ 500,000 ل.ل. إضافي.
اقترح محامي المرصد التفاوض مع المالك وتقديم شكوى بحقه أمام النيابة العامة، لكن ريان كانت قد قرّرت ترك الشقة في آخر شهر كانون الثاني، بحيث أنّها لم تعد تتحمّل إساءاته وتهديداته، وخوفاً منها على الصحّة النفسية أولادها الذين أرهبهم المالك.
وبعد انتقالها إلى شقة جديدة في الحي ذاته، ظلّت ريان على تواصل مع المرصد لطلب المشورة القانونية، والاستفسار عن كيفية صون حقوقها السكنية في مأجورها الجديد.
مرصد السّكن هو أداةٌ سكنيةٌ مجتمعيةٌ طوّرها استوديو أشغال عامة لحماية وتحسين حقوق السّكن في لبنان. يستخدم هذه الأداة سكّانٌ من مختلف الجماعات المهمّشة للإبلاغ عن ظروفهن\م السّكنية الصعبة أو ما يواجههن\م من تهديداتٍ بالإخلاء. استجابةً لتلك البلاغات، يوفّر استوديو أشغال عامة دعماً قانونياً واجتماعياً لكلّ حالةٍ وفق الحاجة، ويحشد المستأجرات\ين حول التحدّيات المشتركة، كما يرصد أنماط المظالم السّكنية من أجل التضامن لتحقيق الإصلاحات اللازمة.
للإبلاغ عن ظروفٍ سكنيةٍ صعبةٍ أو حالات تهديدٍ بالإخلاء، يمكن الاتصال بنا على الرقم 023 017 81 961 + أو عبر الواتساب أو مراسلتنا على info@housingmonitor.org