يستعرض هذا المشروع كيفية تعاطي السلطات مع طرابلس النهرية وطرابلس البحرية (أي المينا) كما يسميها أهلها، وتداعيات ذلك على حقوق الناس السكنية، لا سيّما في الأحياء غير الرسمية. ونغوص في أزمة هذه الأحياء من النواحي المدينية والسكنية والبيئية، كنتيجة مباشرة للسياسات والخطط التي اتبعتها الدولة اتجاه المدينة. فتبرز في المدينة عدة إشكاليات، منها سياسة تشجيع الشغور، تدهور البيئة العمرانية في الأحياء التاريخية كنتيجة مباشرة لتصنيفات أثرية لهذه الأحياء على حساب السكان وأمانهم، سوء إدارة المشاريع السكنية وفرض أدوات تخطيطية كمشروع الضم والفرز الذي يعرّض العديد من أهالي طرابلس لخطر التشرد أو للعيش بظروف سكنية رديئة.
الفيديو الأول – أزمة الشغور في طرابلس
بحسب أرقام إدارة الإحصاء المركزي التي نُشرت عام 2004، يتبيّن أن نسبة الشغور على صعيد الوحدات السكنية وسط طرابلس (تحديداً في منطقتي التلّ والزاهرية) تصل إلى 15%، مع وجود عددٍ مُلفت من المباني المهجورة بالكامل. لم يقُم المعنيّون (البلدية، نواب المدينة ومتنفّذوها، المديرية العامة للتنظيم المدني، مجلس الإنماء والإعمار ووزارة الثقافة) بتحمّل مسؤولياتهم أو القيام بأية محاولة جدّية لحلّ أزمة الشغور وتشجيع السكان على العودة. بل على العكس، اعتمد هؤلاء سياسة تشجيع الشغور لخدمة مصالح المتموّلين والسياسيين والطبقة الميسورة. إن عدم معالجة أزمة الشغور والمساهمة بتهجير أهل المدينة القديمة خدمةً لمصالح المستثمرين – تحت مسمّى «مكافحة الفقر» – هي إحدى عمليّات سلب الأرض في طرابلس.
للمزيد عن هذا الموضوع، قراءة المقال التالي على مجلة أشغال عامة: طرابلس «مدينة أثرية» على حساب سكانها
نص الفيديو
“مسرح الإنجا مبنى تراثي بمنطقة التل بطرابلس، من لمّا تعمّر سنة ١٩٠٦ شكّل جزء من المرافق ودور اللهو والفنادق والمقاهي وقاعات السينما يلي أنشئت بساحة التل وحوّلتها لملتقى ثقافي لأهالي المدينة والمحيط بعد الحرب، بقي المسرح مهمل وما بادرت البلدية لترميمه، واشترى النائب محمد كبارة العقار.. الخطة كانت: هدم المسرح لبناء Mall تجاري محلّو رُفض طلب الهدم بس الهدم تمّ بالأخير خلال اللي كان مفروض تكون عمليّة ترميم.. بحجّة إنّو المبنى “ما تحمّل” اليوم طرابلس هي مدينة عم تنمحى ذاكرتها الثقافية والاجتماعية وعم تِفضى من أهلها.. عبر خطة ممنهجة بتبلّش بإخراج السكان وبتنتهي بإحلال المستثمرين محلّهم
بِناءً على مسح أجريناه على ٤٧ مبنى بالمنطقة، 11 منهم مباني مصنّفة تراثية:
– من أصل ٤٧ مبنى في ١٦ مبنى خالي كليًا من السكان، و٥ غيرهم خاليين جزءيًّا
– من أصل ٢٧٠ شقّة في ٩١ شقّة فاضية ما حدا بيسكنها ولا بْيِشْغَلها مسرح الإنجا هو بس واحد من حالات وقضايا كتير، عم يتمّ فيها إهمال المباني وتشجيع الشغو وبالتالي فتح الطريق على خيارين يا امّا هيمنة المستثمرين يا اما انهيار المباني
هالشي عم يصير بالتوازي مع تنفيذ مشاريع ضم وفرز، استُحدثت عبرها أحياء سكنية شبه شاغرة.”
الفيديو الثاني – الترميم والأمان السكني في طرابلس والمينا
إن إهمال المباني القديمة – التراثية منها وغير التراثية – وبالتالي ازدياد خطر انهيارها، من الأمور الملحّة التي تهدّد الأمن السكني في طرابلس والمینا، بينما الإجراء الوحيد الذي تتّبعه البلديات اليوم هو توجيه الإنذارات بوجوب الترميم. أمّا المديرية العامة للتنظيم المدني، فتصنّف عدداً كبيراً من أحياء المدينة على أنها «تاريخية» وتفرض شروط ترميم تعجيزيّة ومكلفة في ظل غياب كامل لآليات للتمويل، مسهّلةً بذلك تدهور أحوال المباني وتهجير سكانها. أما في المناطق غير الرسمية، فتمنع البلديات أية محاولة لتحسين المساكن أو البنى التحتية بحجة أنّها بذلك قد تشرّع ما تسميه «العشوائيات» – فتبقى وصمة «غير الرسمي» معيقة لأي عملية صيانة وترميم. إن تهرّب السلطات الرسميّة من مسؤوليّاتها وترك أهالي طرابلس والمينا وحدهم بمواجهة مخاطر انهيار منازلهم، وبالتالي تحويل طرابلس لمدينة متداعية، هي واحدة من عمليّات سلب الأرض في طرابلس.
للمزيد عن هذا الموضوع، قراءة المقال التالي على مجلة أشغال عامة: السكان في مواجهة مشاريع الضم والفرز: حيّ التنك في الميناء مثالاً
نص الفيديو
“٢٠١٩: وقع سقف مبنى الفوال بحي الأندلس بالمینا على أخ وإختو وانقتلو هنّي ونايمين.
٢٠٢٠: انھار مبنى قدیم بشكل جزئي بحي الزاهرية بطرابلس.
٢٠٢١: انھارت شرفة مبنى سكني بمنطقة القبة وأدى هالإنهيار لمقتل إختين.
المباني القدیمة، التراثية والغير تراثية، بطرابلس والمینا معرضة لخطر الإنهيار بظل الإھمال المتعمّد یلي عم تتعرضلو المدینة.
وفق دراسة عملتها وزارة الثقافة سنة الـ ٢٠١٧: في أكتر من ٣٠٠ مبنى تراثي بطرابلس متصدّع ومعرّض للإنهيار. اليوم، بعد خمس سنين على هالدراسة، وبغياب الإحصاء الرسمي عن أوضاع المباني بشكل عام، خطر إنهيار المباني عم يزيد.
مين المسؤول عن هالأزمة؟
١) البلديات يللي بتكتفي بتوجيه الإنذارات بوجوب الترميم كإجراء وحيد.
٢) المديريّة العامّة للتنظيم المدني، يللي بتصنّف عدد كبير من أحياء المدينة “تاريخية” وبتفرض شروط ترميم تعجيزيّة ومكلفة بغياب آليات للتمويل.
خطر الإنهيار ما بينحصر بس بالمباني القديمة والتراثية بطرابلس، إنّما بيمتد كمان على المباني بالأحياء غير الرسميّة.. يلّي أساسًا نوعيّة البِنا فيها متردّية.
السلطات والبلديّات تاركة السكان بهالأحياء لوحدن بوجه خطر انهيار المباني والموت بحجّة عدم تشريع الأحياء غير الرسمية، وبتلاحق وبتمنع إدخال مواد البِنا على هالمناطق.
تهرّب السلطات الرسميّة من مسؤوليّاتها وترك أهالي طرابلس والمينا وحيدين إدّام مخاطر انهيار بيوتن، بيعني تحويل طرابلس لمدينة مهترءة، وهو عمليّة من عمليّات سلب الأرض.”
الفيديو الثالث – سوء إدارة المساكن الشعبيّة
نفايات من وقت إلى آخر. حالياً، تسكن المساكن مئات العائلات التي اضطرّت إلى اتّباع ترتيبات غير رسمية من أجل الاستحواذ على السكن فيه. تتغاضى البلدية، بالرغم من مناشدات أهالي الحي الدائمة، عن تقديم أي خدمات لسكان الحي من منطلق عدم رغبتها بتشريع وجود مخالفين للقانون، وتمنع السكان من صيانة مساكنهم وتحسينها وتتشدّد في منع إدخال مواد البناء إلى الحي. هذه الحالة ليست الوحيدة في لبنان. إذ بنت الدولة، بدايةً من الخمسينات حتى السبعينات، بعض المشاريع السكنية لإسكان ذوي الدخل المحدود في عدد من المناطق اللبنانية، كجزء من تدخّلاتها المُجتزأة في مجال السكن. مع الوقت، فقدت هذه المشاريع وظيفتها الأساسية في تأمين سكن لائق للعائلات كما كان مخططاً لها لتحلّ محلّها مساكن غير صالحة للسكن، يعيش فيها مَن تمّ تهميشهم اقتصادياً، وهم لا يملكون القدرة المادية لمغادرتها . إن إهمال الدولة للمشاريع السكنية وظروف السكان فيها، بحجة وجودهم غير القانوني، وعدم تحمل مسؤولياتها بتأمين مسكن لائق، هي عملية أُخرى من عمليات سلب الأرض في طرابلس.
للمزيد عن هذا الموضوع، قراءة المقال التالي على مجلة أشغال عامة: طرابلس: نكبة مشاريع إسكان غير مكتملة
نص الفيديو
“منطقة المساكن الشعبيّة بالمينا:
كثافة سكانيّة كبيرة، أزمة مياه، مشاكل إنشائيّة، أزمة نفايات ومجارير وانعدام للخصوصيّة.
هيدا وضع حيّ مُهمَل من قِبل بلديّة المينا والدولة، بحجّة وجود سكّانو بشكل غير رسمي على الأرض.
المساكن الشعبيّة بالأصل مشروع سكني بنيتو الدولة بالسبعينيّات على أراضي بتملكها، بهدف إسكان موظفي معرض طرابلس الدولي.
مع بداية الحرب الأهليّة سنة الـ ١٩٧٥ كان المشروع شبه خالص الا انو الدولة وقّفت العمل فيه وبقيت البيوت بلا توريق وطرش ودهان.
بسبب التردي الكبير لظروف السكن بالمدينة، والتهجير يللي سبّبتو الحرب، انتقلت عيل من المناطق اللي حوالين المساكن الشعبيّة، وعيل أخرى استدلّت على المنطقة من قرايب او معارف، وشغلت المساكن الفاضية وعاشت فيها. هالشي صار بلا تنظيم من قبل الدولة.
سنة ١٩٧٦: انتقل خالد مع عيلتو على المساكن يلي شكّلتلو ملجأ بعد هربه من مجزرة تل الزعتر. مع الوقت كبرت العيلة وتقسّم البيت يلي سكن فيه لغرف، بغياب قدرة خالد على شراء بيت تاني او الانتقال لبرّا الحيّ.
الكثافة السكانية ضلّت عم تكبر، والمساحات عم تصغر. وردّ الدولة الوحيد كان منع إدخال مواد بناء لإجراء تعديلات أو لبناء مساكن اضافية.. إلا بفترات معينة كخدمات انتخابيّة أو بحالات استثنائية خدمةً لعيل كبيرة أو أشخاص معروفين.
إهمال الدولة لمشاريع سكنيّة أنشأتها بحجّة سكن الناس فيها عبر آليات غير رسمية هو عمليّة من عمليّات سلب الأرض.”
الفيديو الرابع – الضم والفرز كأداة ضدّ السكان
نشأ “حي التنك” في طرابلس مع بداية الحرب الأهلية، وسكنه خليط من أهالي المينا وعكار والضنية، بنوا بيوتاً من التنك على عقارات وأراضٍ واسعة لم تكن ملكهم وكانت جزءاً ممّا يُعرف ببساتين الميناء. لم يعترض أحد على وجودهم حينها في ظل غياب المالكين. أما اليوم فيتعرّض سكان حي التنك لضربة موجعة بسبب الدعاوى القضائية التي رفعت ضدهم والأحكام بالإخلاء التي صدرت بحقهم، بعد فرض الدولة لمشروع الضم والفرز العام دون الرجوع إلى المالكين. كما يعيش السكان في ظروف سكنية وصحيّة متدهورة وسط منعهم من قبل بلدية المينا من إدخال مواد البناء لتأهيل مساكنهم وصيانتها، في حين تمتنع عن تأمين إمدادات الصرف الصحي وإدارة النفايات في الحي وتمنع الجمعيات من العمل الإغاثي والاجتماعي في الحي، بحجة أنّ السكان يحتلّون أراضي الغير وهي غير مسؤولة عن تأمين الخدمات ضمن أراضٍ ليست ملكها أو ملك الدولة. إن فتح منطقة البساتين على سوق المضاربة العقارية من قبل الدولة من خلال مشروع الضم والفرز، وتعريض عدد كبير من السكان للتهجير بدلاً من تحمّل الدولة مسؤولياتها في تأمين الخدمات والبنى التحتية، هي عملية من عمليات سلب الأرض في طرابلس.
للمزيد عن هذا الموضوع، قراءة المقال التالي على مجلة أشغال عامة: طرابلس «مدينة أثرية» على حساب سكانها
نص الفيديو
“حيّ التنك بالمينا هو واحد من أقدم الأحياء غير الرسمية بالمدينة، سكنوه الناس من خمسين سنة.
خلال عشرات السنين ولحدّ اليوم، أهلو، فوق ظروف السكن القاسية، مهدّدين طول الوقت بالتشرّد بسبب قرار ضم وفرز أراضي بساتين المينا. القرار صدر سنة ١٩٧٩، بشكل فوقي، بدون التشاور مع سكان المنطقة ومالكين الأراضي ولا استشارتن، وبدون الأخذ بعين الإعتبار سكن عدد كبير من العيل على هالأراضي.
بسبب هالمشروع، اليوم في ١٨٠ عيلة مهددة بالإخلاء. ومنها ساكنة على أراضي ملك الدولة، متل الحديقة والطرقات.
إم ضيا من أول الواصلات عالحي بعد ما تم إخلاءها من الحارة الجديدة. لما انتقلت كان الحيّ أشبه بمكب نفايات للمصانع والمعامل القريبة. الحيّ كبر مع ناس هربوا من المجازر والحرب أو بسبب عبء كلفة الإيجار بأحياء المدينة الأخرى.
وقت صدر قرار الضم والفرز بلّش تهديد السكّان – ومن بينهم إم ضيا – بالإخلاء من قبل مستثمرين اشتروا عقارات بالمشروع. تكاتف السكّان ومنعوا الإخلاءات الفردية معتبرين انو مصيرهم بيتحدد من خلال مشروع سكني اجتماعي.
مشاريع الضم والفرز هدفها تحوّل المينا وطرابلس لمدن سياحية استثمارية وبتعرّض السكان بشكل دائم للتهجير وللعيش بظروف سكنية غير لائقة. سلوك الدولة القائم على رؤى مستقبلية بتهمّش حاجات السكان اليومية هو عمليّة من عمليّات سلب الأرض. “