يضع رئيس #المجلس_الأعلى_للتنظيم_المدني مجدّداً على جدول أعماله اليوم (19-10-2022) مشروع ضم وفرز في منطقة إهمج العقارية في قضاء جبيل للعقار 2650 وخلافه، بمساحة إجمالية تبلغ 134,340م²، ويُطلب بموجبه ضمّ وفرز العقارات إلى 76 قسم مع اعتماد نظام إفراز (1200م²، 22م×22م)، علماً أنّ المنطقة غير منظّمة.
طُرح هذا المشروع سابقاً في نهاية العام 2021 وطُلب تعديله إذ إنّه يتعارض مع توصيات الخطَّة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية، التي صنَّفت المنطقة التي يقع فيها هذا العقار منطقة تواصل أحراج (N3) أي ضمن المناطق التي تلعب دوراً رئيسياً في تأمين التواصل الطبيعي بين السلاسل الجبلية والمواقع الطبيعية، حيث ينبغي إعطاء الأولوية للنطاق الطبيعي من خلال اعتماد عوامل استثمار متدنية، وعلى أن يكون الافراز بغاية البناء في هذه المناطق بالتواصل مع القرى، ما عدا المشاريع السياحيَّة التي يجدر أن تقترن بدراسة إدماج. كما يُعتمَد عامل الاستثمار السطحي 5% والعام 10% مع مساحة إفراز 5000 م² للعقارات المُصنَّفة (N3-B) بحسب قرار المجلس الأعلى 22/2019.
عُرض المشروع المعدَّل مجدداً أمام المجلس الأعلى عام 2022 لأكثر من مرة، وصدر قرار رقم (7/2022) بالسماح باعتماد مساحة إفراز 1200م² وعامل إستثمار عام (0,20) لكامل العقارات، رغم اعتراض عدد من أعضاء المجلس ومن ضمنهم نقيب المهندسين في بيروت المهندس عارف ياسين. يُعتبر هذا القرار مخالفة فاضحة وخرقاً واضحاً للقرار رقم 22/2019، كما لتوصيات الخطَّة الشاملة.
فُرضت شروط إضافية على المشروع بموجب هذا القرار، منها المحافظة على طابعه السياحي وتقديم مخطط توجيهي للمشروع. لكنّ الأطماع الاستثمارية والنزعة لاستثمار كل شبر لمصلحة الريع العقاري لم تقف عند هذا الحدّ، حيث لم يقدم صاحب المشروع مخطط توجيهي لتبيان أثر المشروع على المنظورات الطبيعية، وراح يطالب باستثناءات جديدة لجهة تحديد نظام البناء في الأقسام السياحية بـ (30%، 0.60 بارتفاع 9 م).
أدّى عدم الالتزام بالشروط المطلوبة والإصرار على المطالبة باستثناءات إضافية إلى صدور قرار أكثري بعدم الموافقة على المشروع (القرار رقم (16/2022) بتاريخ 31-8-2022) على الرغم من رغبة بعض أعضاء المجلس الأعلى بتمرير المشروع وأبرزهم رئيس المجلس الأعلى للتنظيم المدني بالتكليف المهندس إلياس الطويل.
في سابقة مريبة، أُدرج الطلب مجدداً ضمن جدول أعمال المجلس بعد جلستين من صدور قرار عدم الموافقة، رغم اعتراض العديد من الأعضاء ورفضهم حضور الجلسات. يُبيّن هذا الواقع حجم الضغوطات والتدخلات التي تُمارَس على المجلس الأعلى للتنظيم المدني وأعضائه، لمنع المجلس من أداء دوره التنظيمي والتخطيطي لمصلحة تمرير الاستثناءات، واستعمال أدوات تنظيمية كالضم والفرز لصالح المستثمرين العقاريين على حساب البيئة وعلى حساب المناطق وسكانها، دون النظر إلى التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية لمثل هذه المشاريع.
يُشكلّ هذا المشروع مثالاً بسيطاً عن ما قد ينتج من التقاء المصالح الاستثمارية والسياسية للضغط على مؤسسات الدولة لتصبح مجرد أداة لخدمة النفوذ والمحاصصات، ولتسهيل مصالح “الأقوياء” على حساب “الضعفاء” وعلى حساب بيئتهن/م ومحيطن/هم المبني وغير المبني. فلا يجوز أن يمرّ هذا المشروع وغيره من المشاريع المماثلة مرور الكرام.