يُطرح على جدول أعمال جلسة مجلس النواب اليوم الثلاثاء 26 تموز 2022 إقتراح قانون معجّل مكرر تقدم به النائب فؤاد المخزومي في 21 تموز 2022 “إضافة مادة إلى قانون رقم 131/2019 المتعلق بحماية حرج بيروت” وتنص المادة السابعة المقترحة على “منع إدخال أي مواد قد تسبب بإحداث حرائق داخل الحرج (كالزجاج والألمنيوم) ومنع التدخين فيه، ومنع ال”بيكنيك” وحفلات الطهي، إضافة إلى تشديد الرقابة للتأكد من الالتزام بهذا المنع حرصاً على عدم حدوث أي حريق ناتج عن إهمال رواد الحرج، وزيادة الحرس الليلي للحؤول دون أعمال تخريبية.”
ويأتي هذا الطرح بعد إندلاع بعض الحرائق في الحرج مؤخراً، علماً أنّ هذا الحرج والذي يوصّف في الأسباب الموجبة لهذا القانون ب”المتنفس الوحيد لأهل بيروت” لا تتمّ إدارته بشكل يعزّز دوره كمساحة عامة لكافة سكان المدينة. فهو يُفتح تارةً ويغلق تارةً أو يكون الدخول إليه محصوراً بعدد من الأشخاص، بينما يُطرد منه أشخاصٌ آخرون. ويأتي اقتراح القانون هذا ليضع قيوداً إضافية على إستعمال هذه المساحة العامة. فبدل أن يشدد على ضرورة وضع خطة لإدارة هذا الحرج وحراسته وصيانته وتعشيبه وتخصيص مساحات معينة ملائمة لنشاطات قد تكون سبب في الحرائق كال”بيكنيك”، يلجأ الإقتراح إلى أسلوب القمع وتقييد النشاطات في المساحة العامة.
فما نفع المساحة العامة إذا قيّدت استعمالاتها؟
هذه الحرائق إذا نتجت عن شيء فهي ناتجة عن إهمال السلطات العامة والمحلية لدورها في الاهتمام بالمساحات العامة وحسن إدارتها بشكل يبقيها مفتوحة ويشجّع الناس على إستعمالها والإهتمام بها. لطالما تخاذلت السلطة عن ترسيخ القيمة الإجتماعية للمساحات العامة عبر إغلاقها وتسييجها وقضمها أو تدميرها؛ وبدل وضع خطة لزيادة المساحات الخضراء في مدينة إنعدمت فيها هذه المساحات، وفي زمن أصبحت هذه المساحات حاجةً ملحّة في ظل الانهيار الإقتصادي وجائحة كورونا، تسعى السلطة لتقليص نشاطات السكان فيها.
ليس الأمر بغريب على سلطة كانت حتى قبل الجائحة، تقفل الحرش – وهو أكبر مساحة عامة خضراء في بيروت – أمام العامّة، وتمتنع عن افتتاح المزيد من الحدائق خاصة في العاصمة المكتظة، وتتهاون في العناية بالحدائق الموجودة وبتوظيف حرّاس يعتنون بها.
إن الحدائق العامة حقّ لجميع السكان لا يمكن منعه أو تقويضه أو توجيهه بما يقمع الناس عن الاستمتاع بها والوصول إليها وممارسة النشاطات الاستجمامية أو الرياضية أو الاجتماعية أو حتى السياسية فيها. لذلك فهذا القانون وغيره من إجراءات القمع والتمييز والمنع التي تنتهجها السلطة تعتبر خرق لحق الناس في المدينة وفي مساحات تربطهم ببعضهم/ن وبمدينتهم/ن وتنسج علاقاتهم الإجتماعية اليومية.