بلدية بيروت و بروباغاندا حملات التنظيف: إستعراضات انتخابية بدلاً من حلول جذرية لأزمة النفايات
أقامت بلدية بيروت حملة تنظيف الأحد في 7-11-2021 تحت شعار “تعوا كلنا ننحني لبيروت” بحيث أفادت دائرة العلاقات العامة في البلدية عن مشاركة 1200 متطوع/ة من الجمعيات ومن موظفي البلدية وفوجي الإطفاء والحرس.
تأتي هذه الحملة بمشهد متكرر تعتزم بلدية بيروت من خلاله تصوير حملات التنظيف كعمل مشترك يجمع الجمعيات والأهالي وتقدّمها على أنها حل، بينما تلعب هذه الحملات في الحقيقة دوراً فاعلاً في ترقيع نتائج الأزمة المتمثلة بغياب سياسات مدينية مستدامة مرتبطة بجمع النفايات ومعالجتها.
لأول وهلة، لا شائبة في الصورة المنمقة المتمثلة بالجمعيات والمواطنين/ات المندفعين لخدمة مدينتهم ولكن بالعمق هناك إشكالية كبرى متمثلة بغياب سياسات واضحة. فحبذا لو كانت هذه النفايات تفرز من المصدر وتضع البلدية مجهودها في برامج التوعية وجدولة جمع النفايات ومعالجتها وتخفيف الكميات المرسلة للمطامر، مفعّلة عمل مصلحة النظافة في البلدية بدلاً من أن يكون التنظيف والجمع رهينة لشركات خاصة. لو تحمّلت الدولة و البلديات مسؤوليتها في هذا الحقل وغيره، لما كانت تجمّعت النفايات في الأحياء أصلاً، ولا كنّا احتجنا لحملات نظافة. تماماّ كما لم نكن لنحتاج للمتطوعات\ين ولا للجمعيات ولا للمبادرات الفردية في الأحياء المتضرّرة من تفجير المرفأ، لا على مستوى إزالة الركام، ولا إعادة الإعمار.
لطالما عانى سكان بيروت من تكدّس النفايات منذ بداية أزمة النفايات في ال2015 وما زالوا، لأن الإستراتيجية المعتمدة من الدولة تقتصر على توسيع المطامر الموجودة وإنشاء مطامر ومحارق إضافية دون دراسة للأثر البيئي، ودون مساءلة الجدوى البيئية للمطامر والمحارق بدلاً من الفرز من المصدر وتوجيه الإنتاج والاستهلاك نحو استخدامٍ أقل للمواد غير العضوية.
وتتلخص مقاربة البلدية تتلخص بتلزيم أعمال التنظيف وجمع النفايات من جهة ومعالجة النفايات من جهة أخرى عبر مناقصتين منفصلتين من دون رؤية شاملة تحدّد الوسائل التوعوية والبنى التحتية والآليات اللازمة لإدارة الأزمة وتحويل النفايات من عبء مالي إلى مورد مالي.
هذه الحملات المترافقة مع تغطية إعلامية، تأتي مع قرب الإستحقاق الإنتخابي البلدي ومع الانهيار الاقتصادي وواقع غياب الدولة. فتحاول البلدية أن تصوّر هذه الحملات كتأدية لواجباتها المتمثلة بالمحافظة على نظافة المدينة وتعتزم اللجوء إلى الحلول المجتزأة بدل وضع خطط واضحة ومستدامة في هذا المجال. كما يغيب مبدأ العدالة مع تركيز بعض الحملات على أحياء وشوارع دون الأخرى بحسب أولويات المجلس البلدي وتركز الأصوات، خوفاً من المحاسبة لاحقاً في الإستحقاقات القادمة وتأتي هذه الحملة مع إقرار المجلس البلدي الأسبوع الماضي لوضع سُلف مالية – بلغت مليار ليرة – بتصرّف المحافظ، والتساؤل إذا ما كانت هذه الأموال استخدمت في تمويل حملة نتيجتها آنية وانتخابية، لتستمر معاناة السكان مع تكدّس النفايات من دون حلول مستدامة.