المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها الأعلى

الجهة التي تتبعها

وزارة الأشغال العامّة والنّقل

مكوّناتها

يرأس المديرية العامة للتنظيم المدني مدير عامّ1إنّ المدراء العامون للمديرية العامة للتنظيم المدني هم من الفئة الأولى من موظّفي الدولة، ممّا يعني بأنّهم يحتاجون إلى تصويت ثلثي مجلس الوزراء لكي يتمّ تعيينهم. وهناك نوعان من التعيين: أصالة (تستمرّ مدى الحياة) ووكالة (مدّتها سنة واحدة). والأصالة تعني حصانة. وتتألّف من مصلحة دروس التنظيم المدني ومصلحة المشاريع البلديّة ودائرة أمانة سر المجلس الاعلى للتنظيم المدني ودائرة المعلوماتية والتوثيق ودوائر التنظيم المدني في مراكز المحافظات والأقضية2كل قضاء أو قضائين لديه مهندس يتابع فيه الملفات والدراسات. ورئيس الدائرة هو من يقرّر عدد المهندسين للأقضية، وهو تدبير داخلي. والمهندسين هم من الاختصاصات التالية: المعمارية، المدنية، التنظيم المدني، المساحة، والمعلوماتية وإداريين. وفي المناطق، علاقتهم المباشرة مع القائم مقام والمحافظ (يعني السلطات التنفيذية). باستثناء بيروت وطرابلس حيث البلدية لديها جهازها الفني الخاص.

أما المجلس الأعلى تحديداً، فهو مكوّن من المدير العام والأعضاء3تعتبر اجتماعات المجلس قانونية إذا حضرها أكثر من نصف أعضائه، وتُتخذ القرارات بأكثرية أصوات الحاضرين، وعند التساوي يعتبر صوت الرئيس مرجّحاً. ويُعتبر العضو مستقيلاً حكماً إذا تغيّب دون عذر، هو شخصيا أو من ينتدبه، عن ثلاث جلسات متتالية.: المدراء العامون لوزارة العدل، الداخلية، للطرق والمباني في وزارة الأشغال العامة والنقل4لا يوجد مسؤولية مباشرة لوزير الأشغال العامة والنقل إلا بتكليف من يقوم مقام العضو المستقيل (أو الغائب) من بين موظفي الفئة الثانية، على الأقل في الوزارة التي ينتمي إليها العضو المستقيل وبعد موافقة الوزير المختص. كما لا يوجد أي وصاية له على أعمال المجلس، فهو ليس تابعاً لوزارة الأشغال العامة، وبالتالي لا يمتلك الوزير صلاحية تعطيل اجتماعاته.، للإسكان في وزارة الإسكان والتعاونيات، لوزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة البيئة)، ممثلين من عدة مؤسسات: رئيس إدارة البرامج في مجلس الانماء والاعمار، نقيبي المهندسين في بيروت ومحافظة الشمال/ ٣ مجازين متخصصين5إن جميع أعضاء المجلس معينون حكماً، أي بصفتهم الإدارية، ما عدا الأعضاء الثلاثة الاختصاصيين الذين يعيّنون بمرسوم بناء على اقتراح وزير الأشغال العامة والنقل، ويعيّن عضو رديف لكل منهم ليحل محل العضو الأصيل في حال تغيّبه. في: علم الاجتماع، هندسة تنظيم المدن وملم بحماية البيئة والهندسة المعمارية. 

الوضع

قائمة

ما هي المديرية العامة للتنظيم المدني وما هو مجلسها الأعلى؟

هي مديرية تابعة لوزارة الأشغال العامة والنقل، وتتولّى بشكل أساسي وضع التصاميم التوجيهية والتفصيلية، وأنظمة المدن والقرى، وتنفيذها. ترسم التصاميم التوجيهية النطاق العام لترتيب الأراضي وتحدّد الاتجاهات الأساسية لتنظيم منطقة ما. أما التصاميم التفصيلية، فهي تحدّد القواعد المفصّلة لاستعمال الأراضي وشروطها. 

تم إنشاء المديرية ومجلسها الأعلى في عام 1962 عندما تمّ وضع أوّل قانون للتنظيم المُدني في لبنان، وقد أوكل إليها بموجب هذا القانون إعداد الأحكام العامة والخاصة من نصوص وتصاميم متعلّقة بالتنظيم المدني. وهي تضع، بصورة خاصة، تصاميم المدن والقرى وأنظمة تنظيمها، وكذلك تصاميم المناطق وتصنيفها، وتلاحق وتنسّق تنفيذها. 

وُضع هذا القانون حينذاك إستجابةً لإرادة فؤاد شهاب، بمساعدة القاضي في مجلس الشورى الفرنسي “لويس فوجير” ليسمّى باسمه لفترة من الزمن: “قانون فوجير”. 

من جهته، كان الرئيس فؤاد شهاب قد كلّف في بداية العام 1960 مؤسسة فرنسية (IRFED) لتضع «الخطة الشاملة للإنماء». بدأت المؤسسة بالقيام بالدراسات المبدئية والإحصاءات اللازمة، بالتنسيق مع وزارة التصميم العام التي كانت قائمة منذ العام 1955، وفي إطارها. 

على مدى سنوات، لم تكن وزارة التصميم قادرة على وضع هذه الخطة. وقد لخّص هذا الوضع أحد وزراء التصميم معتبراً أنّ “معدّل حياة الوزارة في لبنان هو ثمانية أشهر. منذ زمن الإستقلال، عاشت بعض الوزارات سنتين، ووزارات أخرى بضعة أيام، انّما كمعدل عام، فهو ثمانية أشهر”. إذاً، كان التوجّه حينذاك بإنشاء جهاز تكون مهمّته التصميم ويُعطى استقراراً كاملاً لسنوات، بحيث إذا تغيّرت الوزارة أو الحكومة أو تغيّر رئيس الجمهورية، تبقى المديرية ومعها عملية وضع الخطة الإنمائية.

وأراد فؤاد شهاب إنشاء مجلسٍ ضمن المديرية يتضمّن الكفاءات من خارج الإدارة، أي من غير الموظّفين. وتمّ بالفعل إنشاء هذا المجلس وضمّ مهندسين وذوي كفاءات فنية اعتُبروا من الأفضل في البلد.

في واقع الأمر، كان إنشاء هذا المجلس جزءاً من مرحلة نمو وبناء شكّل فيها العمران وتصوّر المدينة جزءاً من تجربة الحداثة في لبنان. خلالها، تمّ أيضاً وضع قانون البناء اللبناني الأول، وهو نسخةٌ محدّثة ومنقّحة عن قانون البناء الفرنسي المعتمد آنذاك. نفّذت هذه المهمة لجنةٌ مؤلفة من مهندسين معماريين عاشوا ودرسوا في أوروبا، في زمن سيادة النهج الحداثيّ للعمران هناك، فأتى القانون مشابهاً لرؤيتهم للحيّز المدينيّ والبناء، ما يضع قوانين تلك المرحلة في سياقٍ إستعماريّ حداثيّ، لا وليد التجربة المحلية ومفاهيمها6مروان غندور. فتمكّن عددٌ من المهندسين والمعماريين – من ذوي الصلاتٍ العائلية مع أشخاص نافذين في مؤسسات الدولة – من السيطرة على إنتاج البناء والعمران.

وتم إلغاء وزارة التصميم في بداية عام 1977، في نهاية حرب السنتين الأولى، عندما ساد الاعتقاد بأن الحرب اللبنانية انتهت. فاعتبروا أنه يجب إلغاء وزارة التصميم والبدء في المراحل المتقدمة من الخطة الإنمائية. بالرغم من ذلك، فقد بدا واضحاً بأن المشروع انتهى مع انتهاء ولاية الرئيس فؤاد شهاب.

أمّا بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، فقد سعت الحكومة بشكل رئيسيّ إلى عملية إعادة بناء سريعة وأصدرت قانوناً جديداً للتنظيم المدني، جرى على أساسه تعديل في هيكليّة المجلس الأعلى للتنظيم المدني، وأُدخل على أعضاء المجلس الأعلى ممثلين عن إدارات لا علاقة لها بهذا الشأن، لأسباب سياسية. فما لبث أن تحوّل إلى جهاز كبير، وتحوّل عمله إلى أداةٍ للأقوياء وأصبح مجالاً مركزياً لعمل الأحزاب الطائفية والسياسية والمطورين العقاريين الباحثين عن الربح.

ما هي مَهامها؟

تتولّى المديرية العامة للتنظيم المدني مهام ومسؤوليّات عدّة، وتقوم بها من خلال ثلاث وسائل: الأدوات التنظيمية الإدارية، المكاتب الفنية الإقليمية وأخيراً المجلس الأعلى للتنظيم المدني. وهذه المهام هي التّالية:

  • تنفيذ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية 
  • وضع تصاميم وأنظمة المدن والقرى اللبنانية وتعديلها، وتحديد استخدامات الأراضي حسب الوضع الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي للمناطق.
  • تنفيذ تصاميم المدن والقرى وأنظمتها
  • تقديم الدراسات اللازمة لشبكة الطرق بالمناطق المختلفة بهدف توفير الوصلات داخل القرى وبين الطرق الإقليمية والدولية
  • مراقبة تنفيذ الخطط بالتعاون مع البلديات والوزارات التنفيذية والمحافظات والقضاء واتحاد البلديات.
  • دعم البلديات لوضع الدراسات اللازمة للمشاريع البلدية والإشراف على مرحلة التنفيذ 
  • الإشراف على أعمال مكاتبها الفنية ووحداتها في الأقاليم والمحافظات والمديريات، ومتابعة أعمالها. 
  • دراسة مشاريع المراسيم والقرارات الرامية إلى إنشاء الشركات العقارية واستملاك المناطق وعمليّات الضّم والفرز
  • إصدار رخص البناء  للبلديات التي ليس لديها مجلس بلدي أو قسم هندسي (وهذا يشمل معظم البلديات في لبنان باستثناء بيروت7وبلدية بيروت هي أكبر بلدية وعندها اجهزة ادارية وفنية متكاملة، والقانون أعطاها صلاحية دراسة رخص البناء كونها تملك هذه الاجهزة الفنية التي تملكها الدوائر الاخرى، مماثل لدوائر التنظيم المدني في المناطق. وطرابلس واتحاد بلديات جبيل وكسروان والمتن)
  • إنشاء نظام المقالع والكسارات
  • الإشراف على عمليات الإفراز
  • ضم الأراضي وفرزها في الأماكن الآهلة
  • تخمين القطع الجديدة
  • إصدار المراجعات ضد القرارات المتعلقة برخص البناء وبالإفراز

لدى المجلس الأعلى للتنظيم المدني بشكل خاص مَهام مُكمِّلة لأعمال المديرية، وهو مجلس مستقل يتّخذ القرارات قبل استصدار المراسيم اللازمة من مجلس الوزراء، وله سلطة الإقرار والموافقة على أي خطة رئيسية  قبل إحالتها إلى مجلس الوزراء. كما ليس عليه سلطة وصاية ولا صلاحيّة وزير، وذلك من أجل جعله قادراً على إنجاز مهامه بنجاح، ولكن حدّدت صلاحيّاته “بإبداء الرّأي”، الملزمة للإدارة فقط، انّما غير ملزمة للدّولة8تمّ الاستحصال على شرح من وزارة العدل أن من يبدي رأيه يكون غير ملزم.، اذ بامكان مجلس الوزراء تعديل أي مشروع كما يحلو له والبتّ به. الّا أنّ المجلس يتمتّع بصلاحية إلغاء مرسوم مجلس الوزراء بقراره للحفاظ على مناطق معيّنة.9فمثلاً إذا أتى قرار المجلس مغايراً لمرسوم نظام منطقة ما، يصبح هذا القرار ساري المفعول إذا الاستثمار أقلّ من ذلك في المرسوم. أمّا اذا القرار منح  استثمار أعلى من المذكور في المرسوم، لا يطبق إلّا حين يصبح مرسوماً من مجلس الوزراء.

عبثية الممارسة ما بين الخطة الشاملة والتصاميم والاستثناءات والقرارات

عبر السنوات تناست المديرية العامة للتنظيم المدني ومجلسها، الدور الأساسي للأنظمة التوجهية والتصاميم، في أن تكون وسيلةً لتنظيم الحياة المشتركة وللتفاوض بين المصالح المختلفة. كما تناسوا حقيقة أنّ لهم «غرض اجتماعي» في التعامل مع قضايا العمران والبيئة التي تمسّ حياتنا جميعاً بصورة يومية. لا بل في بعض الأحيان تحوّلت هذه التصاميم إلى أداةٍ لبسط السيطرة السياسية والزعاماتية وللضغط على الناس.

فإذا كانت التصاميم التوجيهية والأنظمة التفصيلية التي تضعها المديرية والمجلس هي التي تحدّد وجهة استعمال الأرض وشروط البناء على ضوء المصلحة العامة، من الغريب أن تصل نسبة المناطق غير المنظّمة اليوم في لبنان إلى 85% من مساحة الأراضي اللبنانية، وهي نسبة عالية جداً تتعرّض إلى إهمال اعتباطي. على سبيل المثال، قمنا برصد 353 منطقة غير منظمة في لبنان صدر قرار بشأنها من قبل المجلس الأعلى. يكون هذا القرار مُلزماً عند منح ترخيص البناء خلال ثلاث سنوات، وبعدئذ يصدر مرسوم يصدّقه من قبل مجلس الوزراء. في جميع الحالات، نجد أنّ المراسيم لم تصدر خلال المهلة القانونية – ممّا يؤدي مبدئياً إلى إسقاط القرارات وتجريدها من أي مفعول – إنمّا يستمر عمل بعض الإدارات بهذه القرارات بموجب أعراف مخالِفة للقانون. وبالتالي، نشهد وبشكل ممنهج، عملية تنظيمية عبثية ومعاكسة تماماً للمصلحة العامة. ومن شأن هذا الوضع أن يتيح لأصحاب المشاريع بإتمام مشاريعهم في غياب تام لأي ضوابط.

وتتفاقم الاستثناءات في قرارات المجلس الأعلى، أيّ المراسيم التي تستثني عقاراً من النظام العام أو تسمح بزيادة عامل الاستثمار. تشير الاستثناءات التي تقتصر على طلبات وحاجات مالكي الأراضي المتموّلين والنافذين، الى إخفاق في عملية التشريع يتناقض بشكل كامل مع مفهوم النظام العام أو التصميم التوجيهي.   

أما فيما يتعلق بالخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية الصادرة عام 2009 والتي قامت على مجموعة من الأهداف والقيَم، أهمّها الإنماء المتوازن للمناطق، ترشيد استغلال الموارد الطبيعية (لا سيّما المياه)، خفض مصاريف الدولة، تحسين الإنتاجية الاقتصادية، الإنعاش الاجتماعي، والمحافظة على البيئة. كان على رئيس المجلس الأعلى تشكيل لجنة تكون مهمتها متابعة تنفيذ الخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية وتطويرها، الأمر الذي لم يجرِ أبداً. وتقع مسؤولية هذا الإخفاق بالأخص على الرئيس الحالي للمجلس الأعلى الياس الطويل الذي استلم مركزه عام 2010 وما زال حتى اليوم.

بل ما جرى هو معاكس لذلك. فمنذ صدور الخطة الشاملة، تم تصديق 42  تصميماً توجيهياً وتفصيلياً، وتم تعديل 69، ولم تذكر سوى 5 منها الخطة الشاملة. أمّا باقي المراسيم فلم تستخدم حتى مفردات الخطة الشاملة، مثل الحديث عن شبكة المساحات طبيعية، ثروات طبيعية، مناطق زراعية ذات أهمية وطنية، مناطق معرضة لخطر تلوث المياه الجوفية، أو غيرها.

وتُظهر مراجعة قانون التنظيم المُدنيّ غياب أي ذكر لمبدأ المُشاركة أو كلمة «إعلام». ففي حقبة صدور المرسوم التشريعي عام ١٩٨٣، كانت الحكومة تسعى بشكل رئيسيّ إلى إعادة بناء سريعة ما بعد الاجتياح الاسرائيلي، وهي كانت قد حصلت على تفويضٍ من قبل السلطة التشريعية لسن القوانين في بعض المواضيع. فغابت القاعدة القانونيّة للمشاركة التي تُشكّل اليوم أحد أسباب الفشل الذي نواجهه في المشاريع التنظيمية إمّا بشكل جزئيّ أو كليّ في أيّ مرحلة من مراحل التنفيذ. 

تضع المديرية التصاميم التوجيهية وتعرضها على البلدية التي تبدي رأيها بالمشروع، ثم يُعرض على المجلس الأعلى، وأخيراً يُعرض على مجلس الوزراء ويصدّق بمرسوم؛ وفي حال عدم تصديقه، يصبح قرار المجلس الأعلى مجرّداً من القيمة بعد مرور ثلاث سنوات عليه. خلال هذه العملية، يجب أخذ موافقة المجلس البلدي فيما يتعلّق بالتصاميم التوجيهية العامة ضمن نطاق البلدية. كما يتوجّب على المجالس البلدية أن تبدي رأيها في التصاميم والأنظمة خلال مهلة شهر من تاريخ عرضها عليها وفي حال انقضاء هذه المدة من دون إبداء الرأي، تُعتبر بأنها وافقت عليها. بناءً على هذه النصوص، تُشارك المجالس البلدية حُكماً في عملية اتخاذ القرار، وبإمكانها إبداء رأيها في التصاميم والأنظمة، علماً بأنّ مهلة الشهر المُحددة قانونياً قصيرة جداً. فإنه من مهمة المجالس البلدية – أي المنتخبين المحليّين – أن تضمن تمثيل المستوى المحلي ومصالح سكانها في الإجراءات المتعلقة بإعداد التصاميم والأنظمة. لكنّنا نعلم بأن من النادر أن يكون سكّان مناطق البلديات هم ناخبي مجالسهن\م، أو أن يكون أصحاب النفوس من القرى والمدن هم أيضاً سكّانها.

بالتالي، تمثّل البلديات «السلالة الذكورية التابعة للذين كانوا هناك سنة ١٩٣٢. وهم، بغالبيتهم العظمى، لا يعيشون هناك، لكنهم يصوتون هناك، وتجمعهم ملكية الأراضي. وبالتالي البلديات فعلياً هي نقابة تمثّل مالكي الأراضي» بحسب تعبير الوزير السابق شربل نحاس. بناءً على قدرة البلديات المحدودة على تمثيل كافة سكانها، لا يمكننا اعتبار استشارة المجلس البلديّ من الإجراءات التشاركيّة. 

بالإضافة إلى أن قانون التنظيم المدني خالٍ تماماً من أي فقرة تتعلّق بأخذ رأي الناس أو مشاركتهم بأخذ القرار. بل على العكس، ففي العقد الذي توّقعه المديرية مع المكاتب الاستشارية التي تقوم بالتصاميم، يُمنع أن يتم مناقشة التصميم مع العامة أو إعطاء أي معلومات إلى حين تقديم الدراسة إلى المديرية. ويصبح النقاش داخلياً بين المهندس والمديرية والبلدية، أو بين السمسار والمالك الكبير والزعيم وبعض التقنيين (…)، وبحسب أحد موظّفي المديرية، “منوصل لنتيجة أنه منعرف التاجر شو بده، منعرف البنك شو بده، منعرف البلدية شو بدها، بس ما منعرف الناس شو بدها. ولا مرة حدا سألهم شو رأيهم.”

أما بعد صدور التصميم، أصبح هناك آلية اعتراض – فقط لمالكي الأراضي – عبر كتاب يُوجّه للمديرية. في المادة ١٧ من قانون التنظيم المُدني، يحق للمالك الاعتراض إذا تم تخفيض استثمار أرضه إلى صفر. جميع الاعتراضات الموجّهة للمجلس الأعلى عادةً تكون بسبب تخفيض الاستثمار. تصل إلى دائرة التصاميم في المديرية ويحوّلها المهندس إلى المجلس الأعلى، وهنا يتمّ تفعيل العلاقات والوسائط، بحيث يُزال تخفيض عامل الاستثمار عن أرض المالك الذي تربطه علاقة بزعيم ما؟

نتيجة هذا الإطار التشريعي الراهن، تتزايد سلطة “دوائر القرار” المُقتصرة على العلاقات الشخصية والتي تمهّد الطريق لبروز أشكال الفساد من المحسوبيّات والزبائنية. كما يؤدّي هذا الإطار إلى تعزيز الممارسة الإدارية التكنوقراطية البحتة، ممّا يتناسب تماماً مع إفساح المجال لسوء استخدام السلطة على المستوى المحلي. فيمكن اعتبار الإجراءات التي نصّ عليها قانون التنظيم المدني كمثال عن الديمقراطية التكنوقراطية والتمثيلية التي تعتمد على دور البلديات في التمثيل الصحيح، ممّا يؤدّيعمليّاً إلى نتائج مدمّرة للبيئة المبنية بشكل يتعارض مع مصالح الناس.

المراجع

  • 1
    إنّ المدراء العامون للمديرية العامة للتنظيم المدني هم من الفئة الأولى من موظّفي الدولة، ممّا يعني بأنّهم يحتاجون إلى تصويت ثلثي مجلس الوزراء لكي يتمّ تعيينهم. وهناك نوعان من التعيين: أصالة (تستمرّ مدى الحياة) ووكالة (مدّتها سنة واحدة). والأصالة تعني حصانة
  • 2
    كل قضاء أو قضائين لديه مهندس يتابع فيه الملفات والدراسات. ورئيس الدائرة هو من يقرّر عدد المهندسين للأقضية، وهو تدبير داخلي. والمهندسين هم من الاختصاصات التالية: المعمارية، المدنية، التنظيم المدني، المساحة، والمعلوماتية وإداريين. وفي المناطق، علاقتهم المباشرة مع القائم مقام والمحافظ (يعني السلطات التنفيذية). باستثناء بيروت وطرابلس حيث البلدية لديها جهازها الفني الخاص.
  • 3
    تعتبر اجتماعات المجلس قانونية إذا حضرها أكثر من نصف أعضائه، وتُتخذ القرارات بأكثرية أصوات الحاضرين، وعند التساوي يعتبر صوت الرئيس مرجّحاً. ويُعتبر العضو مستقيلاً حكماً إذا تغيّب دون عذر، هو شخصيا أو من ينتدبه، عن ثلاث جلسات متتالية.
  • 4
    لا يوجد مسؤولية مباشرة لوزير الأشغال العامة والنقل إلا بتكليف من يقوم مقام العضو المستقيل (أو الغائب) من بين موظفي الفئة الثانية، على الأقل في الوزارة التي ينتمي إليها العضو المستقيل وبعد موافقة الوزير المختص. كما لا يوجد أي وصاية له على أعمال المجلس، فهو ليس تابعاً لوزارة الأشغال العامة، وبالتالي لا يمتلك الوزير صلاحية تعطيل اجتماعاته.
  • 5
    إن جميع أعضاء المجلس معينون حكماً، أي بصفتهم الإدارية، ما عدا الأعضاء الثلاثة الاختصاصيين الذين يعيّنون بمرسوم بناء على اقتراح وزير الأشغال العامة والنقل، ويعيّن عضو رديف لكل منهم ليحل محل العضو الأصيل في حال تغيّبه.
  • 6
    مروان غندور
  • 7
    وبلدية بيروت هي أكبر بلدية وعندها اجهزة ادارية وفنية متكاملة، والقانون أعطاها صلاحية دراسة رخص البناء كونها تملك هذه الاجهزة الفنية التي تملكها الدوائر الاخرى، مماثل لدوائر التنظيم المدني في المناطق.
  • 8
    تمّ الاستحصال على شرح من وزارة العدل أن من يبدي رأيه يكون غير ملزم.
  • 9
    فمثلاً إذا أتى قرار المجلس مغايراً لمرسوم نظام منطقة ما، يصبح هذا القرار ساري المفعول إذا الاستثمار أقلّ من ذلك في المرسوم. أمّا اذا القرار منح  استثمار أعلى من المذكور في المرسوم، لا يطبق إلّا حين يصبح مرسوماً من مجلس الوزراء.