سياسات الأرض في لبنان
جدول زمني
لقد أعادت الأزمات الراهنة إلى الواجهة تساؤلات مصيرية حول النظُم التي ترعى الأراضي في لبنان والسياسات والمفاهيم التي تنبثق عنها الممارسات السائدة. يتناول هذا القسم نشوء التخطيط المديني ومؤسساته، ومسار هذه المؤسسات. كما يستحضر حقبات تاريخية محورية في تشكيل بنية نظام المُلكية ونظام الأراضي في لبنان خلال المائة عام المنصرمة وعلاقتها مع التحوّلات الاجتماعية والسياسية الكبرى. عبر جداول زمنية، نستعرض أيضاً المسارات الموازية لتاريخ السياسات التي ترعى قطاعات محددة كالإسمنت، الزراعة، الأملاك العامة البحرية، السكن.
من خلال ذلك، نشير الى التمازج التاريخي بين سياسات الأرض من جهة وبناء الهوية الاقتصادية-السياسية من جهة أخرى. فقد برزت سياسات الأرض في حقبات عدة كأداةٍ لترسيخ نموذج الريع العقاري وفرصة لمراكمة الثروات وتثبيت سيطرة أفراد السلطة الحاكمة في المناطق. خلال مائة عام، كان التخطيط بالنسبة للسلطة الحاكمة أداةً للهيمنة على الناس والجغرافيا بدلاً من أن يكون إحدى وسائل تحقيق العدالة الاجتماعية وإدارة الموارد.
1839
صدور «التنظيمات» العثمانية، وهو نظام إصلاحات يفصل الأراضي عن شبكة الحقوًق التي كانت تحظر استغلالها تجاريا، وبذلك بدأ تغيير مفهوم الأرض وتنظيمها على أساس الملكّية الفردية.
1894
توسيع مرفأ بيروت وتحديثه ليصبح المعبر الوحيد بحر ًا إلى الداخل السوري لنقل واستيراد المنتوجات الأوروبية، وقد تزامن ذلك مع دخول بلاد الشام في النظام الرأسمالي.
1920
إعلان دولة لبنان الكبير
1921
تأسيس سجل عقاري حديث في لبنان وسوريا وإلغاء الأراضي المشاع وتفويض فرق المسح بدخول القرى وتحديث سندات الملكية كافة، مما أنتج بداية تغير علاقات الأفراد بالملكية.
1925
تعريف الأملاك العامة البحرية التي تشمل كل شاطئ البحر حتى أبعد مسافة يصل إليها الموج في الشتاء وشطوط الرمل والحصى، وهي ُمع ّدة بسبب طبيعتها للاستخدام العام ولا تباع ولا تكتسب ملكيتها مع مرور الزمن.
1929
تأسيس أول شركة لتصنيع الإسمنت في لبنان: «شركة الترابة اللبنانية» من قبل المطران أنطوان عريضة بالشراكة مع société d’entreprise etّ de réseaux électriques Paris. في العام 1932، حلت الشركة السويسرية HolderBank مكان الشركة الفرنسية.
1930
تحديد نظام الملكية «العقارية» وهو حق استعمال عقار ما والتمتع والتصرف به ضمن حدود القوانين والقرارات والأنظمة. وتتنوع هذه الحقوق بحسب نوع الملكية: ُملك أو أميري أو متروك مرفق أو متروك محمي أو موات.
1931
إنشاء معمل «شركة الترابة اللبنانية» لصناعة الإسمنت ضمن نطاق بلديات الهري وشكا وكفريا.
1935
بداية التشريع المتعلق بقطاع المقالع والكسارات مع صدور قانون استثمار المقالع والذي تغطي مواده كافة جوانب تنظيم القطاع.
1938
ارتفاع إنتاج الإسمنت -كان الإنتاج حوالي 49 ألف طن في العام 1938 وبلغ 100 ألف طن في العام 1940- وكان التصدير خاصة إلى الأسواق الفلسطينية.
1940
وضع قانون البناء اللبناني الأول، وهو نسخة محدثة ومنّقحة عن قانون البناء الفرنسي المعتمد آنذاك، فأتى القانون في سياق إستعماري حداثي، لا وليد التجربة المحلية ومفاهيمها.
التحوّلات الاجتماعية والسياسية
مؤسسات وإدارات
قوانين وتشريعات إدارة الأراضي
الأراضي الزراعية
قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات البناء
قوانين وتشريعات الأملاك البحرية
مؤسسات وإدارات خاصة بالسكن
قوانين وتشريعات السكن
استملاك، تعاونيات، بلديات
قررات مصرف لبنان، قروض، إسكان
1943
إستقلال لبنان
1944
صدور قانون الإيجارات في العام 1944 مددت من خلاله كافة العقود وحددت زيادات على البدلات. لحقه قوانين متفرقة لتمديد أحكامه حتى العام 1954 وتكريس زيادات او إنخفاض في البدلات وتحديد شروط الإخلاء.
1948
النكبة وتهجير الفلسطينيين إلى لبنان
1950
القطيعة الجمركية مع سوريا
1952
نجح لبنان في احتلال المركز الثامن عالميا في تصدير الليمون. وكانت سوريا المستورد الأول للإنتاج اللبناني على صعيد الكمية.
1953
تأسيس «شركة الترابة الوطنية» (السبع) لصناعة الإسمنت من قبل عائلات صحناوي وعسيلي وضومط، ضمن نطاق بلدية شكا.
1954
إقرار قانون بناء جديد يكثّف البناء عبر إزالة القيود التي كانت مفروضة على ارتفاع المبنى بفعل عمليةٍ حسابيةٍ لعوامل الاستثمار بحسب المنطقة، ضمن سياسةٍ أوسع تقوم على الإسترخاء والتهاون بإسم تشجيع الإقتصاد الحرّ.
1955
فيضان نهر أبو علي في طرابلس
1956
زلزال يضرب الشوف، جزين، صيدا وأجزاء من البقاع
1957
فيضان نهر أبو علي في طرابلس للمرة الثانية
1958
ثورة 1958
1959
إلغاء «المصلحة الوطنية للتعمير» وإنشاء «إدارة التعمير».
التحوّلات الاجتماعية والسياسية
مؤسسات وإدارات
قوانين وتشريعات إدارة الأراضي
الأراضي الزراعية
قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات البناء
قوانين وتشريعات الأملاك البحرية
مؤسسات وإدارات خاصة بالسكن
قوانين وتشريعات السكن
استملاك، تعاونيات، بلديات
قررات مصرف لبنان، قروض، إسكان
1960
المرحلة الشهابيّة واعتماد سياسةٍ جديدةٍ قامت على تقوية دور الدولة المركزية وتعزيز مؤسساتها.
1961
تمديد «قانون الإيجارات» دون أي زيادات.
1962
إقرار أول قانون للتنظيم المدني ويحدّد وضع تصاميم المدن والمناطق وخططها التنظيمية بحسب وجهة استعمال الأرض على ضوء المصلحة العامة.
1964
الترخيص لصالح شركة الترابة الوطنية بإشغال أملاك عامة بحرية في منطقة شكا.
1966
صدور مرسوم 4809 والذي يعتبر الشاطئ حيّزاً طبيعياً واحداً لا يتجزأ، وملكاً عاماً يحقّ للجميع الوصول إليه بحرّية. وقد رأى المرسوم القيمةَ الحقيقية للشاطئ في كونه معطى طبيعي.
1967
كانت شركة الترابة الوطنية بحاجة إلى التربة الحمراء، فبدأت أعمال الحفر في سهل الكورة الوسطى المنبسط حيث يتواجد حوالي مليوني شجرة زيتون.
1968
إنشاء «الاتّحاد الوطني للتسليف التعاوني».
1970
إنشاء مجلس الجنوب.
1971
إقرار قانون بناء جديد يزيل الشروط التي كانت مفروضة على ارتفاع المباني وبالطريقة ذاتها في كافة المناطق، ضارباً عرض الحائط خصوصيات الأرض والجغرافيا والمجتمع.
1972
تنظيم الشواطئ الشمالية.
1973
تنظيم الشواطئ الجنوبية.
1974
تنفيذ كافة قنوات ري القاسمية في الجنوب وتطويرها، ليصبح المشروع الأكبر في لبنان لناحية المساحة المرويّة وعدد الاشتراكات الزراعية.
التحوّلات الاجتماعية والسياسية
مؤسسات وإدارات
قوانين وتشريعات إدارة الأراضي
الأراضي الزراعية
قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات البناء
قوانين وتشريعات الأملاك البحرية
مؤسسات وإدارات خاصة بالسكن
قوانين وتشريعات السكن
استملاك، تعاونيات، بلديات
قررات مصرف لبنان، قروض، إسكان
1977
إلغاء وزارة التصميم العام، وإنشاء مجلس الإنماء والإعمار ليحّل مكانها.
1978
غزو إسرائيل لجنوب لبنان
1980
إنشاء «الصندوق المستقل للإسكان» عُرف لاحقاً بـ«طابق المرّ».
1982
الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان وبيروت
1983
حرب الجبل
1984
انهيار العملة اللبنانية
1985
إلغاء «المؤسسة العامة للإسكان» وإعادة العمل بالمؤسسات الإسكانية التي ألغيت سابقاً.
1986
تشغيل معمل سبلين لصناعة الإسمنت ضمن نطاق بلدية سبلين في الشوف.
1990
إعلان نهاية الحرب اللبنانية
التحوّلات الاجتماعية والسياسية
مؤسسات وإدارات
قوانين وتشريعات إدارة الأراضي
الأراضي الزراعية
قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات البناء
قوانين وتشريعات الأملاك البحرية
مؤسسات وإدارات خاصة بالسكن
قوانين وتشريعات السكن
استملاك، تعاونيات، بلديات
قررات مصرف لبنان، قروض، إسكان
1991
زيادة رأسمال مصرف الإسكان.
1992
إقرار قانون بناء جديد يسهّل شروط عمل المستثمرين في العقارات ويزيد النسب المسموح فيها للبناء.
1993
منع الحكومة اللبنانية استيراد الإسمنت من الأسواق الخارجيّة، بذريعة حماية استثمارات مصانع الإسمنت في لبنان لزيادة قدراتها الإنتاجية، مما أدى إلى زيادة سعر طن الإسمنت بشكل متكرر.
1994
إنشاء مؤسسة «ايدال» وهي إطار حكومي للإستثمار العقاري في لبنان، من شأنه تقديم الحوافز للمستثمرين وخفض الضرائب على الاستثمار.
1995
إعطاء الدولة اللبنانية معمل إسمنت سبلين حق انتفاع استثنائي في منشآت مرفأ الجيّة الواقعة على بُعد خمسة كيلومترات من المعمل.
1996
الهجوم الإسرائيلي على لبنان
1998
تنفيذ اتفاقية »تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية« التي انضم إليها لبنان في العام .1985 تقوم االتفاقية بتحرير التبادل التجاري بين الدول العربية ّ من الرسوم والقيود المختلفة، مما سمح بدوره باستيراد زراعات ومنتوجات زراعية متعددة من دول أخرى إىل السوق المحلي.
1999
السماح للمصارف بتملّك عقارات استيفاءً لديون القروض المتعثرة.
2000
تحرير الجنوب
2001
إلغاء «وزارة الإسكان والتعاونيات».
2002
صدور قانون حماية البيئة الذي يمنع الإشغال الذي يعرقل الوصول الحر إلى الشواطئ ويُلزم حماية الشاطئ من أي مصدر تلوث.
2004
إصدار قانون بناء جديد ساهمت في كتابته جمعية أسّسها تجّار البناء ليلبّي احتياجاتهم الفورية في إنتاج أبنيةٍ أعلى وإستثمارها أكثر.
2005
بلغت الكلفة السنوية للتدهور الناتج عن الاستثمار العشوائي وغير السليم للمقالع في لبنان ما يقارب خمسة وعشرين مليار ليرة لبنانية.
2006
حرب إسرائيل على لبنان
2008
الأزمة المالية العالمية والفورة العقارية
2009
صدور «الخطّة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانيّة» التي تشكّل وثيقةً رئيسةً للتنمية المستدامة والتخطيط، وتهدف إلى توجيه الاستثمارات العامة الكبيرة مع الحرص على التنمية المتكاملة وترشيد استخدام الموارد.
2011
الثورة السورية
2012
مشروع قانون «الإيجار التملكيّ».
2014
وصول عدد اللاجئين السوريين في لبنان إلى المليون
2017
تعديل قانون الإيجارات.
2018
السماح للمصارف بالاستفادة من دعم من مصرف لبنان مقابل القروض السكنية بالليرة اللبنانية.
2019
انطلاق انتفاضة 17 تشرين والانهيار المالي
2020
إعلان حالة الطوارئ الصحية وحالة تعبئة عامة في جميع المناطق اللبنانية
التحوّلات الاجتماعية والسياسية
مؤسسات وإدارات
قوانين وتشريعات إدارة الأراضي
الأراضي الزراعية
قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات قطاع الإسمنت
قوانين وتشريعات البناء
قوانين وتشريعات الأملاك البحرية
مؤسسات وإدارات خاصة بالسكن
قوانين وتشريعات السكن
استملاك، تعاونيات، بلديات
قررات مصرف لبنان، قروض، إسكان
خاتمة: نحو تبني الناس للقيمة الاجتماعية للأرض
قامت الدولة اللبنانية على تبنّي مبدأ التخطيط المدني عبر قوانين ومؤسساتٍ أُنشئت منذ عهد الاستقلال، وفي ذلك قبولٌ لمبدأ تقدّم الحق العام على المصالح الخاصة. فوضع الضوابط والتوجيهات لتنظيم عمليات البناء واستخدامات الأراضي هو اعترافٌ ضمنيٌ بوجود حقٍ عامٍ متقدّمٍ على أيّ عقارٍ خاص، وهو جزءٌ من القيمة الاجتماعية المشتركة للأرض، والمكرّسة في قانون التنظيم المدني عبر مبادئ المصلحة العامة أو الهوية المشتركة التي يجب أن تُراعى. ويعود ذلك إلى أنّ الأرض تتميّز بخصوصية محتواها ودلالاتها، ولا يمكن تصنيفها كأيّ سلعةٍ تقليدية، فهي ببساطةٍ مكان العيش ومصدر الحياة. إلّا أنّ التسلسل التاريخي الذي عرضه المقال يشير إلى أنّ تبنّي أنظمة الإنتداب الفرنسي للأرض والتوّجهات الاقتصادية الذي قام عليها لبنان، سعت بشكل ممنهج إلى تحويل الأرض إلى ملكيّةٍ "عقارية"، أيّ يعني دومًا تحويلها إلى سلعةٍ قابلةٍ للتبادل.
قد نجح النظام في دفعنا للقبول بالأرض كسِلعة، عبر أدوات عدة مثل تسمياته الشائعة للـ "السوق العقاري" "والملكية العقارية" وغيرها. وتركيز الخطاب العام الذي لطالما انصبّ على الفقرة "و" من الدستور اللبناني المتعلقة بحق الملكيّة الخاصة، مقابل تناسي فقرتين أساسيتين متعلقتين بفهم الأرض وإدارتها، لكونهما غير منحازتَين لمصالح الأقوياء في المجتمع: الفقرة "ج" "لبنان جمهوريةٌ ديموقراطيةٌ برلمانيةٌ، تقوم على احترام الحريات العامة (...) وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل." والفقرة "ز" حول "الإنماء المتوازن للمناطق ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً ركنٌ أساسي من أركان وحدة الدولة واستقرار النظام."
ويمثّل هذا دليلًا على تناحرٍ متصلٍ بميزان القوى الاجتماعي. وطالما أنّ هذا الميزان يميل إلى الطبقة الحاكمة، فسيأتي تفسير الدستور لصالحها دومًا. في واقع الأمر، حُرمَت الناس من المعرفة التي تخوّلها صياغة المطالب الحقوقية، فبات مبدأ الأرض كقيمة اجتماعية ذات جذور تاريخية مجتمعية بمثابة عباراتٍ جوفاء مدفونةٍ في نصوصٍ مسلوخةٍ عن الواقع اليومي للناس. في النتيجة، يتطلّب تغيير هذا الواقع إحداث ثورة على التنظيم المدني والفهم العام للأرض، وذلك ممكن حصراً عندما يكون الناس في صلب هذه العملية.