145 بلاغ لعمّال مهاجرين خلال أشهر نيسان وأيار وحزيران من العام 2020
ترسم هذه الخريطة التوزّع الجغراقي لمختلف الشكاوى على الخط الساخن لحركة مناهضة العنصرية، والتي أتت عبر شبكات الدوائر الاجتماعية التي عادةً ما تعمل الجمعية ضمنها، وتضمّ عائلاتٍ وعاملاتٍ وعمالٍ من جالياتٍ عربيةٍ وأجنبيةٍ لاجئةٍ أو مهاجرة، وتغطي بشكلٍ خاصٍ وعلى نطاقٍ واسعٍ مدينة بيروت وضواحيها. وقد انعكس ذلك على النطاق الجغرافي للحالات الـ 145 التي تركز معظمها ضمن منطقة بيروت الإدارية وضواحيها. مع أخذ ما تقدّم بعين الاعتبار، يمكن استخلاص الاستنتاجات حول التوّزع الجغرافي لعيّنة المبلغين، لما يحمله ذلك من دلالاتٍ بشأن واقع سكن العمال والمهاجرين في المدينة.
وتشير الخريطة أن المناطق التي يتوفّر فيها السكن للعمال والمهاجرين بكلفةٍ معقولةٍ تنقسم إلى ثلاث فئات:
أولًا، المناطق غير الرسمية التي تضمّ النسبة الأكبر من المبلغين عن حالات التهديد بالإخلاء (39%). في لبنان، تلاشت تاريخياً أيّة معالجات لإشكالات السكن والتي تعني الفئات الأكثر احتياجاً لدعم الدولة. وقد أسهم غياب سياسة وطنية للأرض المتاحة بأسعار معقولة، في انتشار واسع للمناطق غير الرسمية في كافة المدن اللبنانية
ثانيًا، الأحياء الواقعة ضمن منطقة بيروت الإدارية، حيث يقطن حوالي 20% من المبلغين. في حين خضعت أحياء بيروت الداخلية لمضارباتٍ عقاريةٍ شرسةٍ خلال العقود الفائتة، وتمّ هدم المباني فيها وتشريد نسبةٍ كبيرةٍ من سكّانها4، لا تزال المباني القديمة المنتشرة في أحياء بيروت تسمح بإبرام ترتيباتٍ سكنيةٍ متنوّعة. في الواقع، أدّت نسبة الشغور المرتفعة في هذه المباني القديمة (بفعل عمليات الإخلاء أو التهجير في الحرب) إلى بروز ظاهرة تقسيم الشقق إلى غرفٍ عدّة. يحبّذ المالكون بشكلٍ عامٍ تحويل عقاراتهم القديمة إلى غرفٍ تؤجّر لفئاتٍ اجتماعيةٍ مهمّشة، في ظلّ أوضاع سكنية غير لائقةٍ في كثيرٍ من الأحيان، وتفتقر إلى الخدمات الأساسية وأعمال الصيانة اللازمة. ولكن يبقى ذلك الخيار المفضّل لدى المالك، لا سيما أنّ تقسيم الشقق إلى غرفٍ يتيح له مضاعفة أرباحه، ولو عن طريق استغلال شريحةٍ هشةٍ من الناس تدفعهم حاجةٌ ملحةٌ إلى إيجاد مسكنٍ لهم داخل المدن على مقربةٍ من مكان العمل.
ثالثاً، الأحياء الشعبية المترامية على أطراف المدينة، كبرج حمود والدورة وغيرها من المناطق، حيث يتوزّع مكان سكن ما يقارب 17% من المبلغين. لا تخضع هذه الأحياء للمضاربة العقارية ويصعب هدم المباني فيها بسبب معالمها التاريخية المرتبطة باللاجئين الأرمن أو التصاميم التوجيهية التي ترعاها. وبالتالي، يكثر في هذه البقع الوصول إلى السكن من خلال إيجاراتٍ ميسّرة.
أما النسبة المتبقية – حوالي 21% – فيتركز مكان سكنها بشكلٍ متفرقٍ ضمن مناطق بعيدةٍ عن المدنية، وذلك بسبب تدني تكلفة الإيجار فيها مقارنةً بنوعية المساكن القريبة من مراكز العمل والحركة الاقتصادية في بيروت.