وفقًا لما جاء في مرسوم إنشائها، كان من المفترض أن تكون مهمات الهيئة العليا للإغاثة محصورة في فحوى اسمها تحديداً، أي «الإغاثة» و«القيام بالأعمال والأشغال التي تتّصف بطابع العجلة وبضرورة تأمين السلامة العامة للمواطنين وحاجاتهم الملحّة». إلّا أنّ السلطة استعملت الهيئة العليا كمظلّة وهمية لإنفاقاتها خارج الآليات الإدارية. توسّع مجال عملها لأمور غير طارئة، فأرست أشغال عديدة بطريقة التراضي تحت ذريعة السرعة وأنفقت المليارات على مشاريع هي من صلب عمل الوزارات. باتت اليوم تشبه إدارة من دون قانون، وتعمل على حساب عددٍ من الوزارات، إذ يطغى عليها الطابع الخدماتي والريعي على قاعدة المحاصصة، كما هو الحال في مجلسَي الإنماء والإعمار والجنوب، وصندوق المهجّرين.
الجهة التي تتبعها
رئاسة مجلس الوزراء
مكوّناتها
ممثلون عن وزراء الدفاع الوطني، والصحة العامة، والشؤون الاجتماعية، والداخلية، والشؤون المالية، والأشغال العامة، والموارد المائية والكهربائية، والإسكان، ثمانية أعضاء مُقرّرين فيها، بالإضافة إلى ممثّلين عن قوى الأمن والجيش، ومدراء عامّين الشؤون الاجتماعية، مجلس الجنوب، وصندوق المهجرين. وتنشأ لديها هيئة استشارية تضم مندوبين عن المنظمات والهيئات العالمية أو الاجنبية أو المحلية التي تقدم مساعدات الى لبنان، للتنسيق في ما بينها من جهة، ومع الهيئة العليا للإغاثة من جهة أخرى.
الوضع
قائمة
ما هي الهيئة العليا للإغاثة؟
أُنشئت الهيئة العليا للإغاثة عام 1976، خلال الحرب اللبنانية، كهيئة تنسيقيّة تابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية، بموجب مرسومٍ اشتراعي. وكان الهدف الأساسي من إنشائها تلبية الأمور الطارئة المتعلّقة بالإغاثة، والتي لا تتحمّل الانتظار والإجراءات البطيئة للوزارات والإدارات الرسمية، على أن يتمّ ذلك عبر الاستعانة بموظّفين من هذه الوزارات أو الإدارات العامة عند الحاجة.
تقرَّر أن يكون لدى الهيئة العليا هيئة استشاریة تضمّ مندوبین عن المنظّمات والھیئات العالمیة أو الأجنبیة أو المحلیة التي تُقدّم مساعدات الى لبنان، للتنسیق في ما بینھا من جھة، ومع الھیئة من جھة اخرى. وقد حُدّدت صلاحيات الهيئة العليا ومهماتها بقبول الهبات المُقدّمة إلى الدولة اللبنانية لإغاثة المتضرّرين، وضع الأنظمة اللازمة لتسلّم هذه الهبات، القيام بالأعمال الإعدادية – اللوجستية، بالإضافة إلى إجراء الإحصاءات وجمع المعلومات.
بعد انتهاء الحرب في عام 1990، وتحديداً بعد عدوان نيسان 1996 الإسرائيلي، أصدر رئيس مجلس الوزراء في حينها قراراً بنقل الهيئة إلى رئاسة مجلس الوزراء؛ وأصبح بموجبه رئيس المجلس رئيساً للهيئة، وممثلون عن الوزارات والإدارات، أعضاء.
اعتُبر هذا الإجراء مُخالفاً للقانون، إذ أن القرار لا يُلغي المرسوم الاشتراعي الصادر، كما أنه حوّل الهيئة التنسيقية إلى مجلس وزراء بديل، خصوصاً مع انضمام المزيد من الوزراء كأعضاء فيها، بعد استحداث وزارات التربية، البيئة، الاتصالات، وغيرها.
ما هي مَهامها؟
إنّ مهام الهيئة متشعّبة، وأُنشأت لتعمل وفقاً لاستراتيجية واضحة وضعتها لإدارة الأزمات والكوارث، تبدأ بمحاولة تلافي وقوعها، وصولاً إلى معالجتها والتعامل معها عند وقوعها. كما أُوكلت إليها مهام من الخطة الوطنية1على اثر الاحداث التي تتالت على لبنان كحرب تموز، وسقوط الطائرة الاثيوبية، وانهيارات الأبنية والانفجارات والاحداث الامنية والنزاعات المسلحة، تم تشكيل اللجنة الوطنية لوضع خطة طوارئ لمواجهة الكوارث على أنواعها بقرار من رئاسة مجلس الوزراء. لمواجهة الأزمات والكوارث، وهي عبارة عن مجموعة خطط تتضمّن كل ما يجب أن تقوم به مختلف الوزارات لمواجهة الكوارث، وتشمل مجالات عدّة كالإغاثة والحرائق، وانهيارات التربة، والتلوّث البيئي، والزلازل وغيرها. وهي أيضاً عضو في اللجنة المؤلّفة لإيجاد حلول للتلوّث الحاصل في مجرى نهر الليطاني.2إذ ساهمت في انشاء محطة التكرير الواقعة بين منطقتي سعدنايل وزحلة. الّا أنّ هذه المحطة وحدها ليست كافية اذا لم تتم معالجة هذا الموضوع برمته من كل جوانبه.
ومن أبرز مهامّ الهيئة:
- تتولّى جميع الأمور التي لها طابع الإغاثة، والمحالة إليها من مجلس الوزراء.
- قبول الھبات3لا تخضع الهبات الى أية ضرائب أو رسوم جمركية، مالية، بلدية أو مرفئية وغيرها. كما يحق للهيئة العليا أن تتحمّل نفقات نقل المواد التي ترد إلى لبنان لصالح المؤسسات العالمية، لكي توزّع على المتضررين. المُقدّمة إلى الدولة اللبنانية، على اختلاف أنواعھا، من الدول والھیئات والمنظّمات الدولیة والإقلیمیة والجهات المحلّیة والأشخاص المعنيّين والطبیعیین، لإغاثة المتضرّرین.
- وضع الأنظمة اللازمة والقيام بالأعمال الإعدادية واللوجستية لاستلام الهبات وتأمين نقلها ووضعها في المستودعات وتوزيعها.
- إقرار نظام مالي لأعمال الهيئة.
- إدارة شؤون الكوارث على مختلف أنواعها، وإجراء إحصاءات معيّنة، وجمع المعلومات المطلوبة في شأنها، وتأمين الأموال اللازمة لسير العمل.
- تعمل بالتنسيق مع الوزارات على سد بعض الثغرات المتعلّقة بعمل هذه الوزارات، بهدف تقديم المساعدة وإغاثة المواطنين في كل المجالات التي يحتاجونها، إنطلاقاً من توجيهات رئيس مجلس الوزراء الذي يشكّل القوة التنفيذية للهيئة، والمُطّلع بطبيعة الحال على كل هذه الأمور.
- الوقوف إلى جانب المواطنين وخاصة في المناطق المحرومة والمعوزة، حيث تقوم بما بات متعارفاً على تسميته بالإغاثة الانمائية.
- الكشف4عملية الكشف تقوم بها هيئة الإغاثة مع لجنة تابعة للجيش اللبناني على المباني والمزروعات5شراء المحاصيل أمر يتعلّق بمجلس الوزراء وبعض الوزارات التي وقع فيها ضرر، وإجراء عمليّة بدل إخلاء وبدل إيواء، لكي لا يُلقى المواطنون في الشارع، ومساعدتهم على إعادة تسوية أوضاعهم الاجتماعية التي تضرّرت جرّاء تضرّر مزروعاتهم.
كيف تحوّلت إلى أحد مزاريب الفساد؟
وفقًا لما جاء في مرسوم إنشائها، كان من المفترض أن تكون مهمات الهيئة العليا للإغاثة محصورة في فحوى اسمها تحديداً، أي «الإغاثة» و«القيام بالأعمال والأشغال التي تتّصف بطابع العجلة وبضرورة تأمين السلامة العامة للمواطنين وحاجاتهم الملحّة». إلّا أنّ السلطة استعملت الهيئة العليا كمظلّة وهمية لإنفاقاتها خارج الآليات الإدارية التي تتطلّب مناقصات، وموافقة ديوان المحاسبة، وإجراءات قانونية أخرى. توسّع مجال عملها لأمور غير طارئة، فأرست أشغال عديدة بطريقة التراضي تحت ذريعة السرعة التي لا تنتظر المناقصات، وبحجّة تحرير المشاريع من الروتين الإداري، وأنفقت المليارات على مشاريع هي من صلب عمل الوزارات (مثل مشاريع الاستملاك، وتأهيل وتزفيت الطرقات، حفر وتنظيف الآبار، تنفيذ شبكات الصرف الصحي، شراء مبيدات زراعية، ترميم المدارس، تنظيف الأنهر، تسديد نفقات الأسبوع الوطني للشجرة، وغيرها) لا بل تعدّت نفقاتها في بعض السنوات نفقات عدّة وزارات مُجتمعة.
في واقع الأمر، باتت الهيئة العليا للإغاثة تشبه إدارة من دون قانون، وتعمل على حساب عددٍ من الوزارات، إذ يطغى عليها الطابع الخدماتي والريعي على قاعدة المحاصصة، كما هو الحال في مجلسَي الإنماء والإعمار والجنوب، وصندوق المهجّرين.
تُنفق الهيئة على مشاريع تُحاك عقودها وتكاليفها مع تضخيمٍ للأرقام، احتساباً للسمسرات والرشاوى، وهي بالتالي أداة للسطو المقونَن على المال العام من قبل أطراف السلطة، فتؤمّن لهم الهيئة تدفّقاً خياليّاً للأموال بشكلٍ مستمرّ.
المراجع
- 1على اثر الاحداث التي تتالت على لبنان كحرب تموز، وسقوط الطائرة الاثيوبية، وانهيارات الأبنية والانفجارات والاحداث الامنية والنزاعات المسلحة، تم تشكيل اللجنة الوطنية لوضع خطة طوارئ لمواجهة الكوارث على أنواعها بقرار من رئاسة مجلس الوزراء.
- 2إذ ساهمت في انشاء محطة التكرير الواقعة بين منطقتي سعدنايل وزحلة. الّا أنّ هذه المحطة وحدها ليست كافية اذا لم تتم معالجة هذا الموضوع برمته من كل جوانبه.
- 3لا تخضع الهبات الى أية ضرائب أو رسوم جمركية، مالية، بلدية أو مرفئية وغيرها. كما يحق للهيئة العليا أن تتحمّل نفقات نقل المواد التي ترد إلى لبنان لصالح المؤسسات العالمية، لكي توزّع على المتضررين.
- 4عملية الكشف تقوم بها هيئة الإغاثة مع لجنة تابعة للجيش اللبناني
- 5شراء المحاصيل أمر يتعلّق بمجلس الوزراء وبعض الوزارات