من غير الممكن أن نتخيّل حرباً شاملة تُهجِّر خُمس السكان، تدمّر جنوب البلاد وشرقها وضاحيتها، وتستبيح الأراضي اللبنانية كاملةً، دون أن يكون لدينا مقاربة شاملة للإغاثة وتقديم المعونة وإيواء الناس، بالإضافة إلى خطة …
اعتمدت خطة الطوارئ الوطنية في معالجة التهجير القسري الواسع على توفير مراكز إيواء للنازحات/ين في مدارس واقعة في أماكن أكثر أماناً. إلّا أنه عند النظر إلى التوزيع الجغرافي لهذه المراكز، تبيّن أنّ هذا التوزيع غير المتكافئ على المناطق أدّى إلى ضغط غير متكافئ على البنى التحتية والخدمات، وعزز الانقسامات الاجتماعية/ المناطقية/ الدينية. كما أوضح الاكتظاظ في بعض المناطق والمراكز، ونقص الموارد، الحاجة الماسة لتوزيع بشكل أكثر عدلاً وفعالية.
منطلِقات من عرض واقع سوق الإيجارات الحالي وتحليل عيّنة من الوحدات السكنية المعروضة مؤخّراً للإيجار، نتساءل حول إمكانية إلغاء الإيجار كلياً في هذه المرحلة، بحيث لا يضطرّ النازحون الذين خسروا منازلهم ومصادر أرزاقهم وأعمالهم بسبب الحرب إلى استنفاذ ما تبقّى من مدّخراتهم لدفع الإيجارات، بل تتحمّل الدولة مسؤوليتها في تأمين الإيواء بشكلٍ مجانيّ لهم.
لأكثر من شهر، افترش حوالي 700 نازح سوري، فرّوا من قصف إسرائيل لجنوب لبنان، موقف سيارات في مدينة صيدا. ظلّوا عالقين فيه دون خيارات، وظلّ وضعهم معلّقاً حتى كان تدخّل صاحب العقار وتساؤلات حول حماية حقوق الملكية الفردية الدافع الوحيد أمام المسؤولين إلى اتخاذ إجراء – ليس لإيجاد حل، بل لإخلائهم، تاركين مصيرهم مجهولاً.
الحق في المدينة هو تطبيق لحق الوصول إلى السكن ومساحات المدينة، من خلال الاعتراف بأهمية الدور الاجتماعي للمكان. اليوم، يحاول عدد من النازحات\ين تطبيق مفهومي الحق في المدينة والسكن من خلال وضع اليد على مبنى مهجور في الحمرا. قبل حوالي شهر، أرسل مالك المبنى طلب إخلاء إلى المدعي العام، على ضوئه حضر الدرك لتنفيذ القرار. لم يحصل الإخلاء، إلّا أنّنا من خلال رواية التهديد، نريد أن نفتح نقاشاً جدياً وواقعياً حول وضع اليد، خاصة في زمن الحرب، والأولويات التي تدفع بها هذه المسألة، وموازين القوى التي تُظهّرها، خاصة وأن هذا المبنى ليس استثناء وأن ظاهرة وضع اليد واستخدام المباني الفارغة أصبحت ضرورة وواقعاً، خلال الحرب.
يُعيد موضوع المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر، “كل شيء يبدأ من المنزل”، تعريف “المنزل” على أنه أكثر من مجرد مكان للعيش؛ فهو قلب الثقافة والمجتمع والاستدامة. الجملة ملهمة – لكنها تتجاهل واقعنا. اليوم، …
استبعدت خطّة الطوارئ التي أقرّتها الحكومة اللبنانيّة استجابةً للعدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، النازحين من غير اللبنانيين، بالأخص اللاجئين السوريين، من الإسعاف والإغاثة ومن مراكز الإيواء. في هذا التقرير نستعرض مدرسة مي الرسميّة في طرابلس كنموذج عن مأساة سكن السوريين في الحرب، لتسليط الضوء على الحاجة الماسة إلى سياسات إيواء شاملة وحماية لجميع الجماعات النازحة.
مع استمرار العدوان الإسرائيلي، يزداد النزوح في لبنان بشكل سريع، ممّا يؤدي إلى كثافة عالية في مراكز الإيواء الرسمية. العديد من النازحين مضطرون للبقاء في العراء أو في سياراتهم، بينما تبقى أملاك الدولة شاغرة. تشير بيانات وزارة المالية إلى وجود 1285 عقاراً ملك الدولة في بيروت، مما يوفر فرصة لإيواء النازحين إذا تم إدراجها في خطة الطوارئ. من بين هذه الأملاك، تعتبر محطة قطار مار مخايل موقعاً مناسباً، خصوصاً بعد تلقّي الحكومة مؤخراً هبة إيطالية بقيمة 3.15 مليون يورو لإعادة تأهيلها.
في وسط مدينة صيدا، استقرّت بعض العائلات السورية المهجرة من الجنوب في موقف سيارات بسبب استبعادها من خطة الطوارئ اللبنانية استجابةً للحرب. ففي ظلّ تقاذف المسؤولية بين البلدية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التي تقتصر استجابتها على توفير مواد الإغاثة الأساسية، يُترك العديد من اللاجئات/ين السوريات/ين النازحات/ين بلا مأوى. من هنا، نطالب المفوضية بتحمّل مسؤولياتها كاملةً تجاه اللاجئات/ين من خلال استحداث مراكز إيواء مخصصة لهم أو أن تكون في مقدّمة المطالبين بحق الوصول غير التمييزي للإيواء، أمام الحكومة اللبنانية.
أقدمت القوى الأمنية صباح الخميس 31 تشرين الأول على إزالة الخيم التي كان يسكنها أكثر من سبعين نازحاًً/ة في رملة البيضا، على أن يتم نقلهم إلى مركز إيواء جديد في منطقة الكرنتينا. ألّا أنّ خطط وزير الداخلية ومحافظ بيروت بنقل النازحين إلى الكرنتينا لم تشمل غير اللبنانيين ومكتومي القيد، على اعتبار أنّ “خطة الطوارئ الوطنية” تولي مسؤولية الاستجابة لحاجاتهم إلى منظمات الأمم المتحدة المختصة.
مرةً أخرى، نوّثق قصة مبناً مهجور، وهو “أوتيل هيلدون” في الروشة، حيث لجأ حوالي 600 نازح/ة نتيجة الحرب الإسرائيلية. في البداية، دخل النازحات/ون إلى الفندق بموافقة ابن المالكة، الذي ما لبث أن غيّر موقفه وطالب بإخلائهم. بالفعل، أُجبر النازحون/ات على إخلاء المبنى بالقوة، بحضور الجيش والمخابرات، وذلك دون توفير سكن بديل. تسلّط هذه القضية الضوء على الحاجة الملحّة لاستخدام المباني الشاغرة كحل مؤقت لإيواء النازحات/ين خلال الحرب، وضمان أن تتم أي عملية إخلاء وفقاً للإجراءات القانونية مع توفير بدائل مناسبة.
وصل العدد الإجمالي للنازحات/ين في تشرين الأوّل 2024 إلى أكثر من مليون وثلاثمائة ألف شخص، نتيجة الحرب الإسرائيلية. ورغم أن الحكومة اللبنانية كانت قد وافقت على “خطة طوارئ وطنية” في تشرين الثاني 2023، إلا أن تنفيذها وفعاليتها بقيتا موضع تساؤل، إذ افتقرت الخطة إلى نهج شامل وتصوّر واضح للمأوى اللائق، وتجاهلت حقوق الفئات المستضعفة. في ظلّ العدوان الإسرائيليّ المستمر الذي يدمّر مدننا وقرانا بلا هوادة، تتفاقم أزمة النزوح ويُعتبر الإهمال الفاضح من قبل الدولة – رغم توفّر الإمكانيات – خرقاً واضحاً لواجباتها الدستورية والقانونية، ويزيد من المعاناة والفقر والبؤس. بذا، نسلّط الضوء في هذا النص على الحاجة لأن تتّخذ الحكومة إجراءات فورية للتعامل مع قضية النزوح، وذلك عبر مراجعة خطّة الطوارئ واستكمالها، على ضوء تطوّر الأوضاع الحربيّة وتفاقم النزوح، وانطلاقاً من واجب الدولة الدستوري بضمان الحق في السكن.