بعد شهور على انهيار مبنى في ضهر المغر وجرح امرأة وقتل ابنتها، بالإضافة إلى أخبار عديدة عن تصدّع مبانٍ في المدينة وتهديدها لحياة السكان وللسلامة العامة، نظّمت نقابة المهندسين في طرابلس مؤتمراً حول هذه الأبنية، دون مشاركة الأهالي ودون تبليغهم بقرارات المؤتمر، وبتوصيات من قبل وزراء ونواب لم نعد نثق بهم نتيجة علاقة بنتها الدولة مع السكان في طرابلس بالذات. قراراتٌ وتوصيات لا نعلم إن كان سيتمّ متابعتها أم أنّها ستبقى كما ما سبقها، حبراً على ورق.
ففي 14 كانون الثاني 2023، نظّمت نقابة المهندسين في الشمال، بالتعاون مع اتحاد المهندسين العرب-لجنة السلامة العامة، مؤتمراً تحت عنوان “الأبنية المتصدّعة وخطرها على السلامة العامة” في مبنى نقابة المهندسين – طرابلس ، برعاية وحضور وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي. وقد خرج المؤتمر بتوصيات كانت نتيجة النقاش والمداخلات التي شارك فيها الهيئة العليا للإغاثة وبلدية طرابلس، ووزارة الثقافة، ونقابة المحامين، والحضور.
وتتمثّل أبرز التوصيات التي خرج بها المؤتمر، بتطوير خطة لترميم الأبنية المتصدّعة وتدعيمها. بالإضافة إلى تقسيم المناطق الأكثر حاجة للترميم والتدعيم إلى مربّعات ثم اختيار قطعة أرض كبيرة في طرابلس، من العقارات المتوفرة، وبناء بين ٥٠ و١٠٠ وحدة سكنية عليها بحيث تتلاءم وحجم كل مربع، ومن ثم نقل نفس عدد العائلات إلى هذه المساكن لحين إنجاز أعمال الترميم. ثم تعود العائلات وينقل غيرها وهكذا حتى الانتهاء من الترميم. وأخيراً أقرّ المؤتمر ضرورة إطلاق عملية مسح الأبنية المتصدعة في المدينة والتي تشكل خطراً على السلامة العامة، بالتعاون بين البلدية والنقابة.
من الضروري الإشارة إلى إهمال الدولة التاريخي للبيئة العمرانية في طرابلس، وأمانها وسلامة سكانها. وقد كانت معالجتها القاصرة للموضوع على مدى عقود، من خلال مبادرات حكومية ناقصة ترمي بسكان الأحياء المتضرّرة من الكوارث والمعارك، في مساكن مؤقتة، ثم اعتبارهم غير شرعيين من قِبل الدولة ذاتها التي نقلتهم.
لا شكّ بأنّ هناك ضرورة لتنظيم هكذا مؤتمرات تعالج الموضوع ببُعده العام وتنظر إلى الملف بشكل شامل وعلمي. لكنّ المقاربة الحالية للسلطة – من نقابة وبلدية وغيرهما- تبقى بعيدة عن تحقيق أي نتائج فعليّة. فالدعوة إلى هذا المؤتمر كانت محصورة بما يٌعرًف بالخبراء التقنيين، من مهندسات/ين وفعاليات، بينما أقصت السكان وأهل الأحياء، وهم المعنيات\ون المباشرون بالموضوع. مع العلم أنّه وعلى إثر انهيار مبنى في ضهر المغر في تموز 2022، أُطلقت عريضة بعنوان “البلدية كانت تعلم: عن مسؤوليات الجهات الرسمية بعد انهيار مبنى في طرابلس “، تُحمّل المسؤوليات للسلطات المعنية وتطالب بحل شامل وخطوات فعلية تجاه هذا الملف. وقد نشأت بالتزامن مع هذه العريضة لجنة من المتضررات/ين والناشطات/ين في طرابلس تحت إسم “لجنة الحق بالسكن في طرابلس”، وتعمل على إيصال صوت المتضررين/ات وإشراكهن/م في أي خطة محتملة يتم وضعها من قبل الجهات المعنية لمعالجة هذه القضية.
يأتي هذا المؤتمر اليوم ليؤكّد المسؤوليات التي ذكرتها العريضة سابقاً، وتبقى توصياته في إطار خطوات أولية، بعيدة عن أي خطة شاملة وتنسيق فعلي بين مختلف الجهات المعنية. في المقابل، يجدر بالنقابة أن تكون المحرك الأساسي نحو بداية الحل عبر التشبيك مع المتضررات/ين في أحياء طرابلس، وأن تبادر عملياً بالمسح الشامل للمباني في هذه الأحياء وتتابع وضع المعطيات العلمية وخلاصات هذا المسح على طاولة تجمع فيها ممثلات/ين عن المتضررات/ين والجهات المعنية، لصياغة خطة عمليّة تساهم في استباق الكوارث التي قد تحدث في المستقبل القريب.
لقراءة العريضة وتوقيعها، الرابط التالي: https://forms.gle/TxHxU3RUR36bcT3w9