ينشر مرصد السكن تقريره الدوري لشهري تموز وآب ٢٠٢١، حيث تابع ٤٠ حالة تهديد للسكن تؤثّر على ٢٠٦ شخص، من بينهم ٣ مسنين/ات، ٢٠ إمرأة تسكن لوحدها، ٨٩ طفل وطفلة و٤ أشخاص معوّقون/ات. مع هذا التقرير الذي يحلّل نوع هشاشة السكن التي تمّ التبليغ عنها وظروف الإخلاء والتهديد به، ننشر للمرة الأولى تقرير قانوني يفصّل المداخل القانونية والاستراتيجيات التفاوضية الذي يتبعها مرصد السكن للدفاع عن الحقوق السكنية. يبرز التقرير القانوني الحاجة لمقاربة متعددة الاختصاصات من قبل الحقوقيات/ين والمحاميات/ين لتثبيت حق السكن، كما الحاجة لقوانين جديدة تحمي وتعزّز هذا الحق.
٧٠٪ من البلاغات التي وصلت إلى مرصد السكن تمركزت في المناطق المتضررة حيث الشريحة الأكبر المهددة بسكنها هي اللاجئات/ين السوريات/ين ومن ثم اللبنانيات/ين، يتبعها عمّال وعاملات من جنسيات مختلفة.
بالرغم من وجود قانون ١٩٤/٢٠٢٠ «حماية المناطق المتضررة ودعم إعادة إعمارها» الذي يتضمّن مادة لتمديد الإيجارات في الأبنية المتضررة، يتعرّض المستأجرون لتهديدات بالإخلاء معظمها من مالكين صغار، بالإضافة إلى رصدنا ٦ تهديدات من مالكي عدة عقارات أو مستثمرين. ترتبط أسباب هذا التهديد بثلاث أمور أساسية: زيادة قيمة الإيجار من قبل المالكين خلال السنة التعاقدية، الامتناع عن تجديد العقود، وزيادة قيمة الإيجار بعد الترميم الذي تقوم به الجمعيات. كما يترافق مع هذا التهديد ممارسات تعسّفية كالتهديد بالإخلاء بالقوة، الدخول عنوة إلى المنزل، ممارسة العنصرية، وقطع الكهرباء والماء.
وتشير قصة ليال التي تسكن في منطقة الجميزة، إلى النتائج السلبية لتدخُّل الجمعيات التي قاربت الترميم من منطلق تقني، وغضّت النظر عن علاقة تحسين الشقق بالاستثمار العقاري وتداعيات ذلك على الحق في السكن. فقد حصلت ليال على ١٨ مليون كتعويض من الجيش، فأعطت المبلغ لمالك شقتها لكي يقوم بالترميم. إلا أنّ الأخير لم يقم بأي أعمال ترميم، بل أتت جمعية وتكفّلت بذلك. فما كان من المالك إلّا أن طالب برفع قيمة الإيجار ٦ أضعاف ما كان عليه.
من ناحية أخرى يُستخدم الترميم كأداة للإخلاء خاصة للمستأجرين القدامى. فخليل الذي توفي والده في الشقة خلال تفجير المرفأ، يسكن في مبنى مكوّن من ثلاث طوابق تحتوي على خمس شقق ومحال تجارية. قبل التفجير، تمّ استعمال شقتين منها للسكن من خلال تطبيق airbnb، وتمّ تأجير شقة بعقد إيجار جديد والاثنتين الباقيتين بإيجار قديم. حتى الآن لم يبادر المالك بالترميم وقد أصبحت ٣ من أصل ٥ شقق خالية. إلا أنّه أرسل إنذارات بالإخلاء بمهلة شهر واحد، بحجة ترميم المبنى. في إطار غياب ضمانات لعودة المستأجرين، قرّر هؤلاء البقاء والطعن بقانونية الإنذار.
نحن بحاجة لقوانين تحمي الحق بالسكن، وتمنع تهجير الناس، خاصة في إطار عملية إعادة الإعمار التي تهدّد بتغيير وجه الأحياء المتضررة من تفجير مرفأ بيروت ونسيجها الاجتماعي.