هموم كثيرة تقضّ مضجع سكان الطريق الجديدة. فبعد تفجير كبير أودى بضحايا، ودمّر عدداً من الشقق، وأرعب أهل المنطقة، اختفت نتائج التفجير من الأخبار العاجلة والنشرات المسائية، لنشعر وكأن حياة سكّان هذه المنطقة عادت إلى طبيعتها. لكن التفجير يبدأ بعد حصوله. وأهل الطريق الجديدة مازالوا يحاولون لملمة ما تبقّى من بيوتهم بعد الحادثة التي لم تُعرف حتى اليوم أسبابها.
في ظل تلكؤ دام شهرين، قامت السلطات اللبنانية ببعض الإجراءات بشأن المناطق المتضررة من انفجار مرفأ بيروت. في سلسلة من النصوص النقدية، يُعلّق استوديو أشغال عامة على هذه الإجراءات، مدى جدواها، إشكالياتها، ودور الجهات الرسمية المعنية.
من النادر أن يجد الناس نوّاباً يقفون إلى جانبهم في خضّم محنتهم وقهرهم. وهذا ما فعلته بولا يعقوبيان، نائبة بيروت، ليل الإثنين عندما أقدمت بلدية بيروت على إخلاء مبنى من سكّانه. فاستطاعت أن تمنع الإخلاء وتعيد الناس إلى بيوتهم. ولم تكن المهمّة سهلة، فقد استعانت بنقيب المحامين ملحم خلف، واستطاعا سوية، بوجودهما على الأرض ومن خلال علاقاتهما ردع شرطة البلدية.
يوم 16 أيار، استيقظنا في حيّ راس النبع على مشهد تطويق مبنيَين سكنيَين لم أكن أعرف شيئًا عنهما سوى تفاعلي مع الأولاد الذين كانوا يلعبون دومًا على الرصيف المقابِل لهما. يومها، سألتُ سكان الشارع عمّا يحدث، فجاء الجواب اكتشاف انتشار فيروس كورونا بين سكان أحد المبنيَين، وتحديدًا المبنى الأصغر حجمًا المكوّن من ثلاثة طوابق يقطنها عمالٌ من التابعية البنغلادشية. أما المبنى الثاني الأكبر حجمًا الواقع على نفس العقار، فيتكوّن من ستة طوابق تقطنها عائلاتٌ سورية.
يوم ٢٣ تشرين الثاني - وفي ظلّ الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت مع انتفاضة ١٧ تشرين - تظاهر عددٌ كبيرٌ من الناشطات والناشطين في بلدة الناعمة الواقعة على ساحل الشوف، احتجاجًا على إقامة مشروعٍ استثماريٍ على شاطئ البلدة. المشروع الذي كان قيد الإنشاء والعائد لشركة جهاد العرب (شركة هبة العقارية ش.م.ل.) يغطّي حوالي ٧٠٠ متر من واجهة الناعمة البحرية، ويتضمّن أعمال ردمٍ للبحر وإنشاء مجمعٍ سياحي وسنسول.
استهدفت مشاريع سوليدير، وعد في الضاحية الجنوبية ومخيّم نهر البارد إعادة إعمارٍ أحياء دمّرتها النزاعات المسلّحة التي وقعَت في لبنان السبعينات والثمانينات، وفي عامَي ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧ على التوالي. وعلى الرغم من أن هذه الاحياء هي نتاج عقودٍ من التفاعلات الاجتماعية والاقتصادية المتعدّدة، فإنّ مشاريع إعادة الإعمار تُعيد إنتاج المنطقة بكاملها ضمن معطيات سياسيةٍ واجتماعيةٍ معاصرة، ما قد يقلِص تنوّع النقاشات والأطراف المؤثرة في عملية الإنتاج المديني لهذه الأحياء المستحدثة.
صدّق البرلمان في جلسته التشريعية في 30 أيلول 2020 قانون "حماية المناطق المتضررة بنتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها". وتنشر هنا "المفكرة القانونية" و"أشغال عامة" الذي يقوم برصد اجراءات السلطة بشأن المناطق المتضررة، مقالاً مشتركاً لتقييم القانون نظراً إلى خطورة مضامينه وتأثيراتها الواسعة على إعادة تأهيل مدينة بيروت وتعافي أحيائها وحقوق المتضرّرين.
*مقال لاستوديو أشغال عامة نُشر في العدد 25 من ملحق بناء السلام، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
منذ إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، تمّ إخلاء عشرات المباني في الأحياء المحيطة بالمرفأ. رحل السكان من جرّاء الأضرار والصدمة، كبارًا وصغارًا، ولدوا هنا أو استقروا مؤخرًا، مستأجرين ومالكين، لبنانيين ومهاجرين. وتصدّعت المحلات التجاريّة والمشاغل والمكاتب والمطاعم والحانات والمدارس وغيرها. كما قُطعت تمامًا الكهرباء والمياه في العديد من الأحياء المتضرّرة، وتصدّعت المباني وأصبح عدد منها غير قابل للسكن. ساهمت هذه العوامل في الرحيل السريع للسكان إلى خارج المنطقة.