ربّما يكون أكثر تعريف دقيق لبيروت، وصفنا لها بأنّها مدينة مسلوبة، لا منذ الحرب الأهلية فقط، بل منذ الحقبة التي يُطلَق عليها اسم الحقبة الذهبية وانتشار سردية ازدهارها بفضل السياحة ودولارات المغتربين.
ولا يشفع لتلك الحقبة تغنّي الخطاب المهيمن بها، فالمدينة ليست بطاقة بريدية بهتت ألوانها، ولا هي مجموعة ذكرياتٍ انتقائية وجّهها شعور قومي يبحث عن ماضٍ جميلٍ ما.
ليست الثورات ولا الانتفاضات نقطة في الخط الزمني للشعوب، بل هي موجات تتتالى وتُبنى على ما جاء قبلها.
وليست المدينة موقعاً للأحداث فقط، بل هي خيوط تتداخل في الأحداث، توثّر عليها وتتأثّر بها.
في الذكرى الثانية لانتفاضة التاسع عشر من تشرين، نبحث في أركيولوجيا حركة الشارع والناس ورأس المال، علّنا نرسم منمنمات للمدينة التي نريد أن نبني والمجتمع الذي نريد أن نخلق والنظام الاقتصادي الذي نسعى إليه، والانهيار الذي نريد له نهاية.