إثنوغرافيات الإنهيار، كباقي الوشم في ظاهر اليد

انقر على الصورة للانتقال الى المقال

في الرياضيات، تتناول الطوبولوجيا خصائص الشكل الهندسي التي يتمّ الحفاظ عليها تحت ضغط قوة كبيرة وتغييرات مستمرّة ناتجة عنها، كالتمدّد والالتواء والانحناء والتجعّد.
ما نمرّ به اليوم يجعلنا نتساءل عن تأثير الانهيار الاقتصادي علينا، بشكليه قريب المدى وبعيده، على المستويات الاجتماعية والمدينية\المكانية. كيف تصبح العلاقات تحت الضغط؟ كيف تتغيّر وتلتوي وتصبح مؤذية، أين تنقطع وأين تتمدّد لتسمح لنا كأفراد بالاستمرار بالعيش؟ وكيف تكون جزءاً من آليات الاستغلال، أو آليات البقاء والاستمرار؟ وآليات البقاء في الوضع الحالي، تُبنى خلال إحدى أقسى الظروف، في عزّ القحط، لذا فهي بالضرورة ذات استخدام فردي، ممّا يجعلها استغلالية وعنيفة لأنّها تنافسية وتسعى للنجاة الفردية، بل ولا تكون إلّا على حساب الجماعة.

إقرأ الإفتتاحية.

 

٠٢ كانون الأول ٢٠٢٢

تتّفق الأزمات الماليّة وغيرها في آثارها السلبيّة على استهلاك الطعام والموادّ الغذائيّة، خاصّة أنّ أسعارها تتأثّر بشكل كبير في ظلّ ارتفاع سعر صرف الدولار، أو من خلال إجراءات حكوميّة بزيادة التعرفة الجمركيّة على البضاعة المستوردة وبزيادة سعر المحروقات الذي ينعكس سلباً على كلّ عمليّات البيع والشراء في البلاد.

٠٢ كانون الأول ٢٠٢٢

تمرّ كل مدينة ومنطقة وحيّ بتجارب متشابهة فيما يخصّ انقطاع الكهرباء، لكنّها مختلفة من حيث التقنيات التي يستخدمها السكان لتأمين بديل. ففي غياب المسارات الرسمية التي خطّتها الدولة للحصول على الخدمات، تنشأ مسارات موازية، تحمل في تقاطعاتها الكثير من الاستغلال، ويصعب الوصول إليها لإفراطها في الاعتماد على علاقات القوة الموجودة -  ممّا يزيد من الإقصاءات الطبقية والمناطقية والطائفية والحزبية والجندرية وتلك التي تتعلّق بالأوضاع القانونية أو اختلاف الجنسيات- ولعدم وضوحها كونها غير علنية ولا يمكن معرفتها إلّا من خلال شبكة علاقات.

٠٢ كانون الأول ٢٠٢٢

يقول ڤالتر بنيامين: "سننتصر على الرأسماليّة بالمشي". فأمشي، ليس لأنّني أؤمن بنهاية الرأسماليّة -المتأخّرة منها أو غيرها- ولو أنني أرغب ذلك بشدّة، أو سيراً وراء أحلام التغيير، بل لأنّني مجبرة على المشي، والخيارات أمامي محدودة . أستطيع أن أقدّم تقريراً مفصّلاً لمن يسألني عن كيفيّة الذهاب إلى كنيسة مار مخايل "بدك ١٥ دقيقة مشي من المتحف لراس النبع، فوق الجسر بتاخد ڤان رقم ٤ بدو خمس دقايق بيوصل على الكنيسة، إلا إذا كان في عجقة سير، بس عالأغلب الصبح ما بكون فيه. حاولي قبل الستة ونص تمشي." لست فيلسوفةً ولا روحانيّة أو رياضيّة، أمشي لأنّني لا أملك خياراً، إمّا الوصول أو الطرد من العمل. لهذا عليّ أن أكون دقيقة وأحفظ، كآلة، عدد الدقائق والخطوات وربّما السيارات المارّة.