في أوائل القرن الماضي، كانت الأرض التي يقع عليها كامب هاجين اليوم على حدود مدينة بيروت، بموازاة النهر، أي في المنطقة التي لم يكن قد وصلها التمدّد العمراني للمدينة بعد. وكانت المنطقة ذاتها قد استقبلت قبلها، اللاجئات\ين الأرمن في مخيمات جديدة في الكرنتينا، كرم الزيتون، وبرج حمود المجاورة، ممّا يدلّ على نظرة السلطات لهذه المناطق حينها كهوامش، كأراضٍ بعيدة عن الناس، على حدود المدينة وخارجها.
ينتشر اليوم خطاب واسع ويطغى، مسوّقاً لخصخَصة الأملاك العامة كوسيلةٍ لإنقاذ الدولة من الإفلاس. هذه الأملاك هي جزء أساسي من محفظة أصول لبنان العامة، وقد تفوق قيمتها قيمة الأصول الأخرى مُجتمعة – كما هي الحال في معظم بلدان العالم، إلا أنها غير مفهومة بالشكل الكافي، بسبب عدم وجود نظام معلومات دقيق يحدّد بوضوح بيانات جميع هذه العقارات، بما في ذلك عددها، حدودها، مساحتها، ملكيتها، استخداماتها، وقيمتها السوقية. في مواجهة هذا الخطاب وخطر الخصخصة المُحدق، وبسبب الحاجة إلى إتاحة هذه البيانات للعموم، كان لا بدّ لنا من خوض بحث معمّق عن أملاك الدولة العقارية، الخصوصية منها والعمومية. يشكّل هذا البحث أداة أساسية لفتح نقاشٍ عام واستراتيجي ضدّ خصخَصة هذه الأملاك، ولإطلاق مسار يسعى إلى صون المجال العام. إعتماداً على نتائج البحث، نطمح إلى صوغ مطالبة مستنيرة ومواجِهة لخطاب السلطة، تُبيّن وترسّخ القيمة الاجتماعية لتلك الأملاك، وتشرح المعاني المتعدّدة للمجال المشترك.
سنة ١٩٧٦، انتقل خالد وعائلته إلى المساكن الشعبية التي شكّلت له ملجأً ومأوىً بعد هربه من مجزرة تلّ الزعتر. نمت عائلته مع الوقت وبغياب قدرته على شراء منزل ثانٍ، أُجبر على الانتقال مرةً أخرى الى خارج الحيّ. سكنت اكتمال مع زوجها الذي دفع بدلاً للحصول على منزل في المساكن الشعبية، كما أجرى تعديلات مختلفة على المنزل. تروي اكتمال كيف ازدادت الكثافة السكانية في الحيّ بشكل ملموس مع ارتفاع أعداد المساكن، نتيجة إضافات تدريجيّة وغير رسمية على المباني لاستيعاب زيادة حجم الأسر أو لاستقبال القادمين الجدد.
ينتشر اليوم خطاب واسع ويطغى، مسوّقاً لخصخَصة الأملاك العامة كوسيلةٍ لإنقاذ الدولة من الإفلاس. هذه الأملاك هي جزء أساسي من محفظة أصول لبنان العامة، وقد تفوق قيمتها قيمة الأصول الأخرى مُجتمعة – كما هي الحال في معظم بلدان العالم، إلا أنها غير مفهومة بالشكل الكافي، بسبب عدم وجود نظام معلومات دقيق يحدّد بوضوح بيانات جميع هذه العقارات، بما في ذلك عددها، حدودها، مساحتها، ملكيتها، استخداماتها، وقيمتها السوقية.
على الرغم من الدور الاقتصادي الذي نتوقّع أن تلعبه طرابلس بالنسبة لكامل شمال لبنان -دور نراه مرتقبٌ مثلاً في مقاربة كل من بعثة إيرفد والخطة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية- كونها المنفذ لسوريا الداخلية على الشاطئ الشرقي للمتوسط، تُظهِر معظم المناطق الطرابلسية غياب المدينة التاريخي عن خريطة اهتمام الدولة وخدماتها. وفيما شهدت طرابلس خططاً عديدة ومشاريع حاولت رسم رؤية حديثة للمدينة، إلا أن هذه الخطط ساهمت بإيصال المدينة إلى ما هي عليه اليوم.