لا يزال وقع الجريمة التي هزّت بشرّي في الشهر الأخير من العام 2020 حاضراً بقوّة لدى أهل البلدة، بعدما قُتل الشاب جوزيف طوق (29 عاماً) بأربع رصاصاتٍ على يد المشتبه به (م.ح) الذي يعمل ناطوراً في منزل عم الضحية، وهو سوري الجنسية. جريمةٌ كان من المتوقع أن تأخذ سياقاً مختلفاً عن واقعها، في بلدٍ لم يعرف يوماً سياقاً طبيعيّاً، قام على إثرها بعض الشبّان بالاعتداء على المقيمين من الجنسية السورية في بشرّي وحرق درّاجاتهم الناريّة واقتحام منازلهم وصولاً إلى إجبارهم على ترك البلدة، رجالاً ونساءً وأطفالاً.
نعيش لحظة إنسانية بامتياز. نلملم ما تبقى من حيواتنا وبيوتنا ومناطقنا، ونواجه حياة يومية متناثرة مشوهة مهشّمة، تبدو لوهلة وكأنّها مغطاة بغبار حرب طويلة وبإحساس بخسارة كبيرة، يعيد نفسه للمرة الألف.
فيما نحاول أن نُمنطِق ما نمرّ به، سرعان ما نعي أنّ المعاناة الفردية والجماعية التي نشهدها ليست عبثية ولا هي من عمل الطبيعة، وندرك معنى أن تُدمَّر مدينة وأن نستمرّ بالعيش فيها، تحت وطأة تجارب إعادة الإعمار الماضية والحالية.
تمرّ ذكرى الثورة المصرية في 25 يناير\كانون الأول، بعد تعاقب أربع حكومات حاولت كلٌّ منها - على مستوى شكل حكمها ومدى فعاليتها- ومنذ أول يومٍ لحكمها، أن تُنتج تغييرات توثّر على حياة المواطنات والمواطنين.
استهدفت مشاريع سوليدير، وعد في الضاحية الجنوبية ومخيّم نهر البارد إعادة إعمارٍ أحياء دمّرتها النزاعات المسلّحة التي وقعَت في لبنان السبعينات والثمانينات، وفي عامَي ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧ على التوالي.
هموم كثيرة تقضّ مضجع سكان الطريق الجديدة. فبعد تفجير كبير أودى بضحايا، ودمّر عدداً من الشقق، وأرعب أهل المنطقة، اختفت نتائج التفجير من الأخبار العاجلة والنشرات المسائية، لنشعر وكأن حياة سكّان هذه المنطقة عادت إلى طبيعتها. لكن التفجير يبدأ بعد حصوله. وأهل الطريق الجديدة مازالوا يحاولون لملمة ما تبقّى من بيوتهم بعد الحادثة التي لم تُعرف حتى اليوم أسبابها.
صدّق البرلمان في جلسته التشريعية في 30 أيلول 2020 قانون "حماية المناطق المتضررة بنتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعادة إعمارها". وتنشر هنا "المفكرة القانونية" و"أشغال عامة" الذي يقوم برصد اجراءات السلطة بشأن المناطق المتضررة، مقالاً مشتركاً لتقييم القانون نظراً إلى خطورة مضامينه وتأثيراتها الواسعة على إعادة تأهيل مدينة بيروت وتعافي أحيائها وحقوق المتضرّرين.
في ظل تلكؤ دام شهرين، قامت السلطات اللبنانية ببعض الإجراءات بشأن المناطق المتضررة من انفجار مرفأ بيروت. في سلسلة من النصوص النقدية، يُعلّق استوديو أشغال عامة على هذه الإجراءات، مدى جدواها، إشكالياتها، ودور الجهات الرسمية المعنية.